الفساد الأخلاقي جريمة المثلية والشذوذ
لفضيلة الشيخ عبدالناصر بليح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله..
يقول الله تعالي :"قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ"(الأعراف/33).
عباد الله :"حديثنا إليكم اليوم عن جريمة اللواط التي تناولها القرآن الكريم في ثلاث عشر موضعاً في إحدي عشر سورة وهي :سور الأعراف، وهود، والحجر، والأنبياء،والفرقان،والشعراء،والنمل،والعنكبوت، والصافات،والقمر،والتحريم..
جماعة الإسلام:" واللواط أو المثلية أوالشذوذ الجنسي كما يطلقون عليها اليوم؟ هو الإتصال الجنسي بين ذكرين ، وهو نوع من أنواع الممارسات الجنسية الشاذَّه التي تسبب أضراراً بالغة الخطورة على الفرد والمجتمع.
وتاريخ هذا الإنحراف الخُلقي بدأ لأول مرة في قوم لُوط و لم يكن الناس يفعلون ذلك من قبل ، ويَدُّلُ على ذلك قوله تعالى :"وَلُوطًاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ"(الأعراف/81,80).
أيها الناس :"والمُعلِّمُ الأول لهذه الفاحشة ولهذا الإنحراف الخطير هو إبليس"لعنه الله"،فقد رَوى في تفسير قوله تعالي:"إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ"
"إِنَّ إِبْلِيسَ أَتَاهُمْ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ فِيهِ تَأْنِيثٌ،عَلَيْهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ ، فَجَاءَ إِلَى شَبَابٍ مِنْهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقَعُوا بِهِ ،فَلَوْ طَلَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَقَعَ بِهِمْ هولَأَبَوْا عَلَيْهِ،لَكِنْ طَلَبَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَقَعُوا بِهِ،فَلَمَّا وَقَعُوا بِهِ الْتَذُّوهُ ، ثُمَّ ذَهَبَ عَنْهُمْ وَ تَرَكَهُمْ ، فَأَحَالَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ" .
و لقد بعث الله عَزَّ و جَلَّ إلى هؤلاء القوم نبيه لُوط عليه السَّلام، لكنهم كذَّبوه وأصرّوا على إرتكاب الفاحشة و اللواط حتى أنزل الله عليهم العذاب ."وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ"(الأعراف/84).
وقال تعالي:" فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ"(النمل/56).
وتلك قاعدة ثابتة دائماً الطاهر الشريف لايستطيع العيش مع الفاسدين فيحاولون إخراجه مادام يصر علي الطهارة ..
عباد الله :"وكما تعددت أيات القرآن تندد بتلك الجريمة النكراء فقد جاءت الأحاديث الصحيحة متضافرة من تحريم الفواحش بكل أنواعها يقول صلى الله عليه وسلم :"إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه"
(البخاري ومسلم).
وقال صلى الله عليه وسلم :"ملعون من عمل بعمل قوم لوط"(صحيح الجامع). وقال صلى الله عليه وسلم:"من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به"(الترمذي) , وفي رواية:"أحصنا أو لم يحصن".
جماعة الإسلام :"واللواط عمل تنفر منه الطباع المستقيمة أشد نفرة حتي الحيوانات تنفر منه" لأن هذه الفعلة الشنيعة مخالفة وتعطيل للفطرة التي فطرالله الناس عليها فلماكانت هذه المفسدة فيها عكس الفطرة وقلباً لنظامها التي خلقها الله عليه .. قلب الله سبحانه ديارهم عليهم فجعل عاليها سافلها وجمع عليهم من أنواع العقوبات مالم يجمعه علي أحد..
فزيادة علي أن قلب الله عليهم ديارهم خسف بهم ورجمهم بحجارة من السماء وأهلك هذه القرية المعروفة بقرية سدوم الواقعة في طريق مطروق بين الحجاز والشام وتعرف الآن ببحيرة لوط أوالبحر الميت حيث صارهذا المكان أخفض وأعمق مكان علي وجه الأرض وامتلأ بالماء الأسن الذي لاحياة فيه ولامكان فيه لكائن حي ليظل أية متجددة مع الزمن تشير إلي بشاعة صنيع قوم لوط وتحذر من سلوك مسلكهم .
ومن ذلك ما ذكره ابن كثير في تفسيره :"أَخَذَ جبريلُ قَوْمَ لُوطٍ مِنْ سَرْحهم وَدُورِهِمْ، حَمَلَهُمْ بِمَوَاشِيهِمْ وَأَمْتِعَتِهِمْ، وَرَفَعَهُمْ حَتَّى سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ نُباح كِلَابِهِمْ ثُمَّ أَكْفَأَهُمْ، وَقَالَ وَكَانَ حَمَلَهُمْ عَلَى خَوَافِي جَنَاحِهِ الْأَيْمَنِ". اهـ.
وقال ولما كان أمر اللواط عظيماً وخطيراً فقد جاء ت عقوبته غليظة قوية ، فقد أمر أبو بكر الصديق رضي الله عنه بحرق لوطي في عهده، وكذلك أحرقهم هشام ابن الوليد ، وخالد القسري بالعراق،ورجم بن الزبير أربعة في لواط قد أحصنوا وجلد ثلاثة لم يحصنوا"( ابن كثير).
وسئل بن عباس:ماحداللوطي؟قال:"يُنظرأعلى بيت في القرية فُيرمى منكساً ثم يتبع بالحجارة.
وقال الفضيل بن عياض:"لوأن لوطياً اغتسل بكل قطرة من الماء لقي الله غير طاهر".
وجمهور الأمة يري قتل الفاعل والمفعول به لأنه ليس في المعاصي مفسدة أعظم من هذه المفسدة وهي تلي مفسدة الكفر وربما كانت أعظم مفسدة من القتل والزنا, وقتل المفعول به خير له من وطئه فإنه إذا وطئه فقد قتله قتلاً لايرجي الحياة معه , قتل فيه روح الرجولة إلي الأبد وهو علي كل حال مقتول .
وقال بعض العلماء :"إذا علا الذكر الذكر هربت الملائكة،وعجت وصاحت الأرض إلى ربها،ونزل سخط الجبار جل جلاله عليهم،وغشيتهم اللعنة،وحفت بهم الشياطين،واستأذنت الأرض ربها أن تخسف بهم ، وثقل العرش على حملته ، وكبّرت الملائكة ، واستعرت الجحيم. (روضة المحبين 378 لابن قيم الجوزية).
عباد الله:" ومن العجب!!أن الذين أثبتوا أن اللواط يسبب أمراضاً عضال هم أنفسهم الذين استباحوا عمل قوم لوط وسموه بغير مسماه سموه"المثليين" زواج الرجل من الرجل والمرأة من المرأة , والفرق بينهم وبين قوم لوط أن الغرب يعتبر هذه القاذورات حضارة وديمقراطية وحرية وتلك مقومات النظام العالمي الجديد الذي يريد حمل الناس عليها في أقطار الدنيا وجعلوا له راية وعلماً وأعلنوا بها ,
يقول صلى الله عليه وسلم:"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يلعنوا بها،إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا"(ابن ماجه).
عباد الله:" أما تعلم أن فعل اللواط، شرٌ ونكير، وفسادٌ كبير، وكبيرةٌ من كبائر الذنوب! أما تعلم أنه كشف حال، وسوء مآل، وداءٌ عُضال، وقبح أفعال!أما تعلم أن اللواط جريمة شنيعة وفاحشة قبيحة، ورذيلة مذمومة ، وفعلة منكوسة ،وفطرة مطموسة وفاعلها ملعون مجرم فاسق مركوب ، وممارسها منكوبٌ استحق العذاب على عظيم جرمه ، وجسيم فعله ، إنه عيبٌ دونه سائر العيوب ،
تذوب من أجلها القلوب، فعلٌ مسبوب ، ووضعٌ مقلوب ، وفاعلٌ ملعون، ومفعولٌ به مغضوب، إنه خلقٌ فاسد وعرضٌ ممزق، وكرامةٌ معدومة ، إنه زهريٌ وإيدز، سيلانٌ وسرطانٌ ذو ألوان، قذارةٌ دونها كل القاذورات، إنه خللٌ في توازن العقل، وضعف شديد في الإرادة، وانعكاسٌ نفسي ، وانعدام عضلاتٍ للمستقيم، بل إنه فعل لم تفعله الكلاب ولا البغال والحمير، ولاالقردة ولاالخنازير، فكيف يفعله الأدمي الذي ركب الله فيه العقل والشهوة ليصاب بالأمراض الفتاكة بعد فترة.
عباد الله:"أقول ماسمعتم وأستغفرالله العظيم لي ولكم..
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعد
فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول الفساد الأخلاقي وهذه الجريمة النكراء اللواط والتي لها عقوبة عجيبة غريبة في الدنيا وفي القبر وفي الآخرة تختلف عن عقوبة بقية الفواحش والكبائر بسبب عظيم الجرم، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى . فقد جمع على مرتكبيها بين عمي الأبصار ، وخسف الديار، والقذف بالأحجار ، ودخول النار ، وقال محذراً لمن عمل عملهم ما حل بهم من العذاب الشديد :"وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ "(هود/89).
أيها المسلم :"
ما هو موقفك حينما يناديك الله بين الخلائق أجمعين وأنت فاعلٌ للواط ، ثم يفضحك بين الخلق أجمعين . بل ما هو موقفك حينما يرسل الله عليك ملك الموت وأنت فاعل للواط . لماذا أصبح بعض الشباب صحبتهم من أجل الغرام واللواط ؟ لماذا أصبح سخيف العقل، عديمُ الهمة والحياء من الله ؟
أيها المبتلي تُب إلي الله :"وقد يقول من ابتلاه الله بهذا البلاء :"كيف أتوب وكيف أقلع وأندم؟وكل صديقٌ يهددني، ويعرف عني القبائح والرذائل ، والكل يضايقني من كل حدبٍ وجهة؟.
والجواب هو :"مهما هددّت من أصدقائك من كلامٍ وصور، ومهما بلغت شهرتك، ومهما بلغت فضائحك عنان السماء فأنت رجل،والرجل قوي العزيمة والإرادة ، وباب التوبة مفتوح، والآيات والأحاديث تدل على أن الله غفورٌ رحيم فإذا تبت سوف تبدّل سيئاتك إلى حسنات،ويحبك الله ويرضى عنك بعد أن غضب عليك .
وتبدّل أوصافك بالمحاسن والأوصاف الحميدة بدلاً من الأوصاف السيئة ، وسوف يعرف الناس توبتك بعدما علموا شهرتك. وفي الأثر:"إذا تاب العبد أنسى الله الحفظة ذنوبه و أنسى ذلك جوارحه و معالمه من الأرض حتى يلقى الله و ليس عليه شاهد من الله بذنب"(السيوطي). فبادر عبد الله بالتوبة الآن قبل أن يدركك الموت .
اللهم تب علينا لنتوب اللهم طهر قلوبنا وحصن فروجنا واغفر ذنوبنا يارب العالمين ..
عباد الله:"أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم و قوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة..