recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة | اغتنام الوقت في القران الكريم والسنة | لفضيلة الشيخ عبدالناصر بليح




اغتنام الوقت في القران الكريم والسنة

الحَمْدُ للهِ الَّذِي بنعمته تتم الصالحات ، وأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَه،وأشهدُ أنَّ سيدَنَا محمَّداً عبْدُ اللهِ ورسولُهُ قال وما ينطق عن الهوي:"نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ"(البخاري). اللهمَّ صَلّاةِ وسَلِّامْاً عليك ياسيدي يارسول الله .

 أمَّا بعدُ فياجماعة الإسلام :"يقول الله تعالي :"وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا"(الفرقان/ 62).

 

عبادَ اللهِ حديثنا إليكم اليوم عن أغتنام الوقت في القرآن والسنة ..

إنَّ الوقتَ هُوَ حياةُ الإنسانِ، وهوَ مِنْ أعظمِ نِعَمِ اللهِ علينَا، ومَا مضَى منْهُ لاَ يعودُ ولاَ يُعَوَّضُ،وكل يوم يمر عليك ياابن أدم قرب لقدمك من باب القبر

دنياكَ ساعاتٌ سِراع الزوال *** وإنَّما العُقبى خلود المآل 

فهل تَبيـــع الخُلديا غافــلاً *** وتشتري دنيا المُنى والضّلال 

يامَن نسِيتَ الناريوم الحساب***وعِفَتَ أن تشربَ ماءالمتَاب

أخافُ إن هبَّت رياح الردى *** عليكَ أن يَأنَفَ مِنكَ التراب 

 لذلكَ حثَّنَا دينُنَا العظيمُ علَى اغتنامِ الوقت  والحرصِ علَى الاستفادةِ منْهُ واستثمارِهِ فيمَا يَعْنِينَا وينفعُنَا فِي الدُّنيا والآخرةِ، وكمايقال :"علَى العاقلِ أنْ يكونَ لهُ ثلاثُ ساعاتٍ: ساعةٌ يناجِي فيهَا ربَّهُ، وساعةٌ يُحاسِبُ فيهَا نفسَهُ، وساعةٌ يخلُو فيهَا لحاجتِهِ مِنَ المطعمِ والمشربِ "(تفسير القرطبي 20/25).

دَقَّاتُ قَلْبِ الْمَرْءِ قائلةٌ لهُ ***إنَّ الحياةَ دقائقٌ وثوانِي

فينبغِي للمسلِمِ أنْ يقضِيَ عمرَهُ فِي إصلاحِ أمورِ معاشِهِ، وإتقانِ عملِهِ، والْتِزَامِ أوامرِ ربِّهِ حتَّى تتحقَّقَ لهُ السعادةُ فِي الدُّنيا والفوزُ فِي الآخرةِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضيَ اللهُ عنهُ: أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ؟ قال صلى الله عليه وسلم :"مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ"(الترمذي)..فحذاري أن يطول بك العمر وتبارز الله بالمعاصي ,ولاتبادره بالتوبة..

أيُّهَا المسلمونَ:" إنَّ الإسلامَ يدعُونَا إلَى اغتنامِ الوقتِ فيمَا يعودُ علينَا بالفائدةِ مِنْ خيْرَيِ الدُّنيَا والآخرةِ؛ لذلكَ جعلَ لكُلِّ عملٍ وقتاً، ولكلِّ عبادةٍ زمناً ليعرفنا قيمة الوقت ، فلما تحدث عن الصلاة قال :" إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًامَوْقُوتًا"(النساء/103). ولما تحدث عن الصيام قال :"شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ"(البقرة/185). ولما تحدث عن الزكاة قال :" وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ"(الأنعام/141). ولما تحدث عن الحج قال :"الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ" ليعرفنا قيمة الوقت ..

فالمسلمُ مسؤولٌ عَنْ كلِّ عملٍ يقومُ بهِ، وعَنْ كلِّ ساعةٍ يقضِيهَا، وعَنْ كلِّ كلمةٍ يتكلَّمُ بِهَا؛ فإذَا اشتغَلَ الْمَرْءُ بِمَا لاَ ينْفعُهُ، وأنفَقَ وقتَهُ فِي غيرِ مَا يُرضِي ربَّهُ، وتدخَّلَ فِي شؤونِ غيرهِ فقَدْ لَغَا وصرَفَهُ ذلكَ عَنْ أداءِ واجباتِهِ، والقيامِ بمسؤولياتِهِ، وعرَّضَهُ للسُّؤالِ يومَ القيامةِ عَنْ ضياعِ عمُرِهِ فيمَا لاَ فائدةَ فيهِ، قال صلي الله عليه وسلم :" لاتزول قدم عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع منها عمره فيما افناه وشبابه فيماأبلاه .."(صحيح).

عباد الله:" ولأهميةِ الوقتِ فقَدْ أقسَمَ اللهُ تعالَى بأوقاتٍ كثيرةٍ كالفجرِ والصبحِ والضحَى والليلِ.  وقدْ أقسمَ بالعصرِ علَى خسارَةِ مَنْ لَمْ يملأْ عمرَهُ بطاعتِهِ سبحانه ،فقالَ تعالَى:" وَالْعَصْرِ  إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"(العصر/1-3).

فهنا  موعظة بليغة للاهتداء فقداستثنى الله سبحانه طائفة من الناس من عاقبة الخسران، وهي الطائفة التي أقامت حياتها على أربعة أسس جليلة، وهي الإيمان بالله تعالى، وعمل الصالحات، والتواصي بالحق والتعاون على تحقيقه، والصبر في سبيل ذلك كله على مواجهة الصعاب والشهوات والأذى،

ولأهمية الوقت قال تعالى:"فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ. وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَارْغَب"(الشرح:7-8).،فأشار إلي أنه وقت الفراغ يبحث المسلم عن شيء نافع يفعله فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل 

وقال تعالى:"وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ"(الأعلى/17)،ليحثنا علي إدارك قيمة الآخرة وتقديرها حق قدرها، وهو الأمر الذي يتولد عنه استثمار الوقت في البحث عن الآليات التي تعمر دار الخلود. 

عباد الله:" وأهمية الوقت مقترنة بحقيقة لا ينكرها أحد وهي الموت، فبحلول الموت ينفذ الوقت لفعل الطاعات، قال  تعالى:"وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ. وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"(المنافقون/10-11)،

والآية الكريمة تبين خطر تأخير التوبة والتسويف، والاستعداد للرحيل، وتبين فضل الصدقة وعظم أثرها،   ولكن السؤال الذي يجب أن يرِد على النفس، ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو: على أي حال تموت؟!.

فكم من إنسان خرج يقود سيارته ورجع به محمولاً على الأكتاف، وكم من إنسان خرج من أهله يقول هيئوا لي طعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله ، وكم من إنسان لبس قيمصه وزر أزرته ولم يفكها إلا الغاسل يغسله، هذا أمر مشاهد بحوادث بغتة، فانظر الآن وفكِّر على أي حال تموت" "التسويف سيف يقطع المرء عن استغلال أنفاسه في طاعة ربه، فاحذر أن تكون من قتلاه وضحاياه".

"ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ويقدم فيه الأفضل فالأفضل من القول والعمل، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل "

 عباد الله:"وفي السنة النبوية وصايا شريفة من سيد المرسلين صلي الله عليه وسلم  لبيان فضل الوقت وأهميته، فيقول صلي الله عليه وسلم :"نِعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ"(البخاري)  وقالَ  صلى الله عليه وسلم :"اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ"(النسائي والحاكم).

فبالموت تنقطع الحياة، وبانقطاع الحياة تنقطع موارد العمل الصالح إلا من الحسنات الجارية، قال الحسن البصري : "الدنيا ثلاثة أيام :أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غداً فلعلّك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه".

عباد الله:"أقولُ قولِي هذَاوأستغفرُ اللهَ لِي ولكُمْ فاستغفرُوهُ.

 الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد: 

فياعباد الله:"  إن الوقت في الإسلام له أهمية عظيمة، واستثمار الوقت يجب أن يكون أهم أولويات المسلم في الحياة اليومية، فلا يضيعه في سبل لا تأتي عليه بالفائدة في الدنيا والآخرة، ولا يكرس الوقت فيما يلهيه عن ذكر الله تعالى والعبادات والطاعات، قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ"(المنافقون/9)، ويقول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم:"لَيْسَ يتحسر أهل الْجنَّة إِلَّا على سَاعَة مرت بهم لم يذكرُوا الله تَعَالَى فِيهَا"(صحيح الترغيب والترهيب) . أهل الجنة يتحسرون فمابالك بأهل النار؟

فيا أخي المسلم:"أنت الآن خيرٌ من أهل القبور، فأهل القبور ماتوا، فمنهم من أُخِذ فجأة، ومنهم العاصي الذي ما استطاع أن يتدارك نفسه، ومنهم المسوِّف، الذي يقول: أتوب اليوم أو أتوب غداً، فأنت الآن حي، تستطيع أن ترجع وتذكر ربك في كل سكنةٍ ونفس وحركة، فتدارك ما فاتك". فالمسلمُ يُنفِقُ وقتَهُ فِي فرْضٍ يؤدِّيهِ أَوْ حقٍّ وواجبٍ يقضِيهِ، أَوْ فِي تربيةِ أبنائِهِ ورعايةِ أهلِ بيتِهِ، أَوْ علمٍ يتعلمُهُ، أَوْ خيرٍ يفعلُهُ، أَوْ مريضٍ يعودُهُ، أو رَحِمٍ يصِلُهُ، أَوْ صديقٍ يزورُهُ، أومصلحة يقضيها متمثِّلاً أخلاقَ الصَّالِحينَ الَّذينَ أَثْنَى اللهُ سبحانَهُ عليهِمْ بقولِهِ :"إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ"(الأنبياء/ 90). فالمسلم الحق الذي يحرص علي اغتنامِ أوقاتِه، ويعرض عَنْ كُلِّ مَا لاَ يعنِيه،عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:"مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ"(الترمذي).

عباد الله :" وفي السنة النبوية مثال ومنهاج لكل مسلم حتى يقتدي به ويسير على أثره، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من أصبح منكم اليوم صائمًا ؟ قال أبو بكرٍ : أنا . قال فمن تبع منكم اليومَ جنازةً ؟ قال أبو بكرٍ : أنا . قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينًا ؟ قال أبو بكرٍ : أنا.قال:فمن عاد منكم اليومَ مريضًا ؟ قال أبو بكرٍ : أنا .فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ما اجتمَعْنَ في امرئٍ إلا دخل الجنَّةَ"(مسلم).نسأل الله الكريم الغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم، يارب العالمين- 

عبادالله:" أقول قولي هذا وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة.

google-playkhamsatmostaqltradent