recent
أخبار عاجلة

الإنصاف في حل مسائل الميراث

  



الإنصاف في حل مسائل الميراث

هل توافق علي أن تتساوي المرأة بالرجل في الميراث؟

ظهرت في الأونة الأخيرة أصوات تطالب بمساواة الرجل بالمرأة في الميراث بدعوي تأثير المساواة في الميراث بين الرّجل والمرأة على مكانة المرأة الفرديّة والاجتماعيّة والاقتصادية حيث عللوا وجود نسبة الفقر أغلبيتها من النساء، وأغلبية الثروات ملكًا للرجال، وقالوا لو تحققت المساواة في الميراث، سوف تنقلب كل موازين القوى ، والعلاقات داخل الأسرة ومكانة المرأة والعدالة الاجتماعيّة..

  وقالوا بأن الإسلام ظلم المرأة في الميراث وفي غيره، وهم يعلمون علم اليقين بأن الإسلام حرّر المرأة من قيود الجاهليّة ، وأعطاها حقوقها كاملة، بعد أن كانت مستعبدة محرومة من الحياة، وإن عاشت فهي مملوكة ومحرومة من الإرث، تباع وتشترى وكأنّها حيوان من الحيوانات، جاء الإسلام فأعطاها حقّ الحياة، وحقّ التّملّك وحقّ الإرث ،وحقّ التّعبير، وغير ذلك من الحقوق، وقد ساواها مع الرّجل في أمور كسب المال، والعمل والأجرة ، والذّمم الماليّة ، ولكن الثّروة المكتسبة بغير مشقّة وجهد لها فلسفة أخرى، ويمكن الرّدّ على هؤلاء المشكّكين بما يأتي:

وقالوا بأن القرآن كنصّ دينيّ يجب أن يُقرأ في إطار صيرورته التاريخيّة لا من خارجها، وبالتالي فإنّ ثبوت القرآن وصلوحيتَه الأبديّة راجعة إلى المقاصد التي يحملها لا للأحكام النصّيّة الواردة فيه ويريدون بذلك  الاحتكام للرأي وليس للشرع..الخ .

وفي حقيقة الأمر أن هذه نظرة قاصرة غير حقيقية فالله عز وجل  قد وزع الميراث بحكمته وعدله  فهؤلاء أناس قصرت عقولهم عن فهم كثير من مقاصد التشريع الإسلامي ، بل تجاهلوا النصوص القرآنية القطعية والواضحة التي لا تحتمل التأويل، فأصبحوا لايعرفون عن  الإسلام إلا اسمه، ولا من القرآن إلا رسمه".

فتقسيم الميراث لم يكن من اختراع الفقهاء أو العلماء كما يشيع هؤلاء، بل قسمه الله سبحانه وتعالى :"فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ"، وفي آية أخرى :"نَصِيبًا مَّفْرُوضًا"، حتى يغلق الباب على من يحاول أن يقسم على هواه في حقوق العباد.

قال  تعالى:"يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ  لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ  مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا"(النساء/11).

  والأصل في ذلك التقسيم لم يبنى على مسألة الجنس أو النوع، وإنما لارتباطها بمسؤوليات اجتماعية ..وتنحصر في  درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى دونما اعتبار لجنس الوارثين، وموقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال، و العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين، وهذا هو المعيار الوحيد الذي يثمر تفاوتاً بين الذكر والأنثى، لكنه تفـاوت لا يفـضي إلى أي ظـلم للأنثى أو انتقاص من إنصافها .. بل ربما كان العكس هو الصحيح وإذا رجعنا للفقه الإسلامي نجد أن المرأة ترث في أربع وثلاثين حالة، أربع حـالات منها  تـرث   نصف ما يرث الرجل و ثلاثون حالة المرأة ترث فيهـا مثل الـرجل أو أكثر منه أو ترث هي و لا يرث هو..

أي أن هذا التمييز ليس قاعدة ثابتة في كل حالات الميراث أنما هو في حالات خاصة ، بل ومحدودة ، من بين حالات الميراث بل أن قاعدة المواريث في الإسلام لا يرجع إلى معايير الذكورة والأنوثة بل أن هذا التمايز بين أنصبة الوارثين والوارثات في فلسفة الميراث الإسلامي إنما تحكمه 3ثلاثة  معايير  وهذه المعايير هي ،

أولاً:" درجة القرابة بين الوارث وبين الموروث فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب من الميراث وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب من الميراث ،

ثانياً:" المعيارالثاني  للميراث هو :" موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال فالأجيال التي تستقبل الحياة وتستعد لتحمل أعبائها عادة ما يكون نصيبها أكبر من نصيب الأجيال التي تستبدر الحياة ذلك بغض النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات، فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه، بل وترث البنت أكثر من الأب حتى لو كانت رضيعة وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التي للابن والتي تنفرد البنت بنصفها ،وكذلك يرث الابن أكثر من الأب وكلاهما من الذكور ،كما سنري ولذلك لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين أنما حصره في هذه الحالة بالذات فقال في الآية الكريم " يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ  لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ "

والحكمة من التفاوت في هذه الحالة بالذات هو أنّ الله تعالى خلق كلّ شيء بحكمة، ويوزّع كلّ شيء بين خلقه بحكمة منه سبحانه أن الذكر مكلف بإعالة أنثى وهي زوجة مع أولادها بينما الأنثى أخت الذكر مع أولادها على الذكر المقترن بها اعالتها فهي مع هذا النقص في ميراثها أكثر حظا وامتيازا منه فميراثها مع إعفاءها من الإنفاق الواجب هو ذمة مالية خالصة ومدخرة لجبر الاستضعاف الأنثوي.

وأن الله تعالى كرّم المرأة؛ بأن جعل تكاليف الحياة على عاتق الرّجل من مهر الزّواج

 وباقي نفقاته ونفقة السّكن والنّفقة على نفسه وعلى الزّوجة وعلى الأبناء، والدّيات في

 العاقلة وغير ذلك من نفقات الحياة، فالمرأة لا تتحمّل أي نفقة من النّفقات السّالفة الذّكر،

 إنّما يتحمّلها الرّجل، فلذلك كرّم الله تعالى المرأة بأن جعلها تحتفظ بمالها لنفسها، بينما

 هيّأ من يتحمل أعباء الحياة الماديّة عنها، بالإنفاق عليها وعلى أبنائها، فمالها ينمو

 ويزداد، بينما مال الرّجل ينقص بالنّفقة على نفسه وعلى زوجته وعلى أبنائه، فهذه هي

 الحكمة الإلهيّة من اختلاف ميراث الذكر عن الأنثى في الشريعة، وهذا هو العدل

 والإنصاف الرّبانيّ بين الجنسين، حيث قال تعالى:"وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ"(فصلت/46).

 

والله عليمٌ بما كان وبما سيكون، حكيمٌ في توزيع الأرزاق على عباده، وهو يعلم بخفايا

 الأمور والعباد يعجزون عن ذلك لأنّ علم قاصرٌ عن علمه سبحانه، وإذا سلمنا بما يطلبه

 أصحاب هذه الدعوات بأن نساوي بين الرجل والمرأة في الميراث، فهل سيقبل هؤلاء أن

 ترفع من على الرجل نفقة زوجته وابنته وأخته وأمه- التي هي فرض عليه- حتى نحقق

 المساواه؟!

 قال تعالي:"الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ

 أَمْوَالِهِمْ"(النساء/34).

 

خاصة وأنهم يدعون أن مشاركة المرأة في الأنفاق الآن- وهي ليست ملتزمة شرعًا بذلك- هو أحد أسباب مطالبتهم بالمساواة في الميراث. وإن قبلوا بذلك .. ماذا سيكون مصير المرأة التي لا ميراث لها من أب أو زوج أو أم فقراء؟! 

هذا يجعلنا ندرك وبدون شك أن قسمة الله هي العدل، وأن أي تغيير في هذه القسمة بدعوى العدالة والمساواة هي في الحقيقة ستؤدي لا محالة إلى ظلم للمرأة وإهدارًا لحقوقها في حالات كثيرة لن يُضّر فيها إلا المرأة.

 وهذه هي  الحالات الأربع التي يرث فيها الرجل ضعف المرأة  :

1-   وجود البنت مع الإبن أي :"الأخت الشقيقة والأخت لأب مع إخوانها الذكور.وإن تعددوا،قال تعالي:"يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين "

2-   عند وجود الأب مع الأم ولا يوجد للمتوفى أولاد ولا زوجة لقوله تعالى" فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمة الثلث " فهنا يكون للأم الثلث يتبقى للأب الثلثان.

3-   الزوج والزوجة إذا مات الزوج فالزوجة ترث الربع إن لم يكن لها ولد واذا كان لها ولد ترث الثمن ، أما إذا ماتت الزوجة فيرث الزوج النصف اذا لم يكن له واذا كان له ولد فيرث الربع ، لقوله تعالى: " لكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد ،فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين". 

4-   وجود بنت الأبن مع ابن الإبن وإن تعددوا..فللذكر مثل حظ الأنثيين"

وإلي لقاء أخر بمشيئة الله تعالي  

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل

google-playkhamsatmostaqltradent