الأفضل لصلاة الجنازة بالمسجد أم بالمقابر؟
الصلاة على الجنازة جائزة في أي مكان من الأرض لعموم قوله صلى الله عليه وسلم
"جُعلت لي الأرض مسجدًا فأينما أدركتك الصلاة فصَلِّ".
وفي رواية أخري :"جُعِلَتِ الأرضُ كُلُّها لي ولأمتي مَسْجِدًا وطَهُورًا فأينما أَدْرَكَتْ رجلًا
من أمتي الصلاةُ فعنده مَسْجِدُهُ وعنده طَهورُه" (البخاري).
لكن الخلاف هو في المكان الأفضل لها:"
الحنفية والمالكية قالوا بكراهتها في المسجد، واستدلُّوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم
:"من صلى على جِنازة في المسجد فلا شيء له"(أبو داود). وكما كرهوا الصلاة عليه
في المسجد كرهوا إدخاله ولو من غير صلاة..
والحنابلة أباحوها في المسجد إن لم يُخش تلويثه،وإلا حُرِّمت وحُرِّمَ إدخاله ولو لغير
الصلاة عليه، يقول ابن القيم :"ولم يكن من هدي رسول الله ـ صلى الله عليه
وسلم الراتب الصلاة على الميت في المسجد، وإنما كان يصلى على الجنازة خارج
المسجد إلا لعُذْر..
وربما صلى أحيانًا على الميت كما صلى على سُهيل بن بيضاء وأخيه وكلا الأمرين جائز،
والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد.
وقال الشافعية :"تندب الصلاة على الجِنازة في المسجد؛ لأنه خير بقاعِ الأرض لما روى
أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَمَرَتْ أَنْ يَمُرَّ بِجَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الْمَسْجِدِ ،فَتُصَلِّيَ
عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : مَا أَسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ ! مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ الْبَيْضَاءِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ"(مسلم).
وفي المغني لابن قدامة:"لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يُخَفْ تَلْوِيثُهُ ،
وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ , وَإِسْحَاقُ , وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُد "اهـ.
وقول أكثر العلماء المحدثين :"الصحيح أنه لا بأس بالصلاة على الميت في المسجد ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم صلى على سهل بن بيضاء في المسجد ".
وصلى الصحابة على أبي بكر وعمر في المسجد بدون إنكار من أحد؛ لأنها صلاة كسائر
الصلوات.
وقال بعضهم :" والسنة أن يصلي على الميت في موضع خاص بالجنائز ؛
خارج المسجد ، لما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ،خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَصَفَّ بِهِمْ ، وَكَبَّرَ أَرْبَعًا"
(البخاري).
أما الصلاة على الميت في المقبرة فكَرِهَهَا الْجمهور، وفي رواية لأحمد أنه لا بأس بها؛
لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على المرأة التي كانت تُنظف المسجد بعد أن دُفنت،
وصلى أبو هريرة على عائشة وسط قبور البقيع وحضر ذلك ابن عمر وغيره؛ لأن صلاة
الجنازة أساسها الدعاء للميت، وليست كالصلوات الأخرى ذات الركوع والسجود التي
يُتعبد بها إلى الله سبحانه "
حل الخلاف:
الصلاة علي الميت في المصلى، وفي المساجد، وإذا دعت الحاجةُ إلى الصلاة في
المقبرة فلا بأس؛ صلَّى النبيُّ صلي الله عليه وسلم في المقبرة على جنازةٍ،.
أما إذا كان يوم جمعة وهناك صلاة بمساجد الحي أو القرية والمسجد الذي به الجنازة
لايتسع للجميع فالصلاة عند المقابر أفضل لتعم الفائدة ويجتمع عليه جمع غفير من
الناس..
والرد علي الحنفية والمالكية الذين كرهوا الصلاة بالمساجد نقول لهم أنهم استدلوا
بحديث ضعيف ومُعارض لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وصحح بعضهم
هذا الحديث؛ لأنه جاء في بعض النسخ ولفظ أبي داود :"مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فِي
الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ". يعني من الوِزْر..
هذا والله تعالي أعلم