جريمة الرشوة وخطرها على الفرد والمجتمع
معنى الرشوة.
لماذا نتكلم عن جريمة الرِّشوة؟
أنواع الرشوة وحكمها في الإسلام.
من أسباب الرِّشوة.
من الآثار المدمرة للرشوة
للفرد والمجتمع.
من الطرق العلاجية للرشوة.
الخطبة الأولى :الحمد لله على نعمة
الإسلام ونشهد أن لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد
وبعد فحديثى معكم بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: جريمة الرشوة وخطرها على
الفرد والمجتمع
أولاً : معنى الرشوة :
(1)رشا موظَّفًا: أعطاه رِشْوة، وهي ما
يُعطى بدون حق لقضاء مصلحة أو إحقاق باطل أو إبطال حق "رشا الشاهد حتى لا
يقول الحقيقة"».(2) ارتشى مالاً من فلان: أخذه منه على سبيل الرّشوة»
(3)استرشى الشَّخصُ فلانًا: طلب منه مالاً
بدون حقّ لإنجاز عمله "استرشَى الموظفُ صاحبَ المعاملة".«معجم اللغة
العربية المعاصرة» (٢/ 897).
ثانياً :لماذا نتكلم عن جريمة الرِّشوة؟
-إن الرِّشوة داء من أخطر الأدواء فتكًا
بالمجتمعات؛ ذلك لأنها لا تَشيع في مُجتمع إلا تداعت أركانه، وهبط مستواه الخُلقي
إلى الحضيض، وسيطرت فيه المادة الجشعة على الحكام والمحكومين، فيصبح صاحب الحق في
قلق؛ لأنه لا يمكنه الحصول على حقه إلا إذا قدم جُعلًا للحصول عليه، ولا ترى صاحب
ظلامة يطمع في رفع ظلامته عنه إلا أن يرشو مَن له قدرة على رفعها، وقد يبلغ الأمر
بالمرتشي إلى أن يُجادل الراشي في مقدار الرِّشوة، وربما كان ذلك جهرًا، بلا حياء
ولا خجل، ولا تسأل عما ينتج عنها من الأضرار التي لا تعد ولا تحصى؛ مِن ضياع الكرامة،
وهضم الحقوق، وقبر النبوغ، وتلاشي الجد في العمل، واضمحلال الغيرة على أداء
الواجب، وترك العاملين، كل ذلك يذهب، ولا تجد له أثرًا، ويحل مكانه الخمول والضعف،
والغش والخيانة، وتصاب مصالح الأمة بالشلل، وعقول النابغين بالعقم، ومواهب
المفكرين بالجمود، وعزائم المجدين وهمهم بالخَوَر والفتور، وأي خير يرجى من يوم
يكون مقياس الكفاءة فيهم ما يتقرب المرؤوس به من قرابين، وأي ثمرة من عمل لا يُوصل
إليه إلا بالرِّشوة والمطامع (موارد الظمآن لعبدالعزيز السلمان (3 / 577)
ثالثاً :أنواع الرشوة وحكمها في الإسلام :
=النوع الأول كالقضاء له بشىء لا
يستحقه، أو بظلم أحد لا يستحق الظلم، والثانى كحصوله على حقه ويحتاج إلى دفع شىء
للتعجيل به وعدم التسويف فيه أو محاولة منعه، وكدفع ظلم عنه لا يمكن إلا بما يقدم
لمن يستطيع دفع هذا الظلم.والرشوة فى النوع الأول حرام لأن الممنوع شرعا أو عقلا
حرام، وكل ما يُوصل إلى الحرام فهو حرام، سواء كان ذلك بين الأفراد بعضهم مع بعض،
أم بين الأفراد ومن بيدهم سلطان قضائى أو تنفيذى، وذلك من أجل أن ينال هذا الشىء
الحرام من الأول بالحكم ومن الثانى بالتنفيذ، قال تعالى وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ
أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188)البقرة ، وقال تعالى:
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا
تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)النساء.وورد فى
السنة عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ
وَالمُرْتَشِيَ فِي الحُكْمِ» رواه أبو داود والترمذى، وقال: حسن صحيح.وعن أبى
هريرة قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشى والمرتشى والرائش، يعنى الذى
يسعى بينهما، رواه الترمذى وحسَّنه، وابن حبان فى صحيحه والحاكم، والرائش. يعنى
الذى يسعى بينهما، رواه الترمذى وحسَّنه، وابن حبان فى صحيحه والحاكم، وجاء فى بعض
الروايات: والمرتشى فى الحكم وفيه حديثابْنَ اللُّتْبِيَّةِ الذى كان يعمل لرسول
اللَّه صلى الله عليه وسلم على الصدقات ورجع بالصدقات وبهدايا، فغضب الرسول وقال
" هلا قعد فى بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته "؟نص الحديث «عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ:
اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا عَلَى
صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ
حَاسَبَهُ، قَالَ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ
وَأُمِّكَ، حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا» ثُمَّ خَطَبَنَا،
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ،
فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلَّانِي
اللَّهُ، فَيَأْتِي فَيَقُولُ: هَذَا مَالُكُمْ وَهَذَا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي،
أَفَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ،
وَاللَّهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ إِلَّا لَقِيَ
اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَلَأَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ لَقِيَ
اللَّهَ يَحْمِلُ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً
تَيْعَرُ " ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ حَتَّى رُئِيَ بَيَاضُ إِبْطِهِ، يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» بَصْرَ عَيْنِي وَسَمْعَ أُذُنِي» «صحيح
البخاري»(٦٩٧٩ )صحيح مسلم (١٨٣٢).
=النوع الثانى :والرشوة فى النوع الثانى
رأى جماعة حرمتها لعموم الخبر الذى جاء فيه لَعْن الراشى والمرتشى والرائش، ونقله
الشوكانى عن الإمام المهدى، لكن قال آخرون، وهو قول معقول،: إن كان هذا الأمر فى
يد من لا سلطان له، وسيبذل جهدا متبرعا به غير واجب عليه، فإعطاء شىء فى مقابل
ذلك.حلال لا بأس به، وأخذ هذا الوسيط له لا بأس به أيضا،. فهو من باب الجعالة، أى
جعل عوض معلوم على عمل غير معلوم تفصيلا وإن كان معلوما إجمالا، كمن يقول: من رد
لى الشىء الضائع منى فله كذا، ومن بحث لى عن عمل طيب فله كذا أما إذا كان هذا
الأمر فى يد من له ولاية عليه، كرئيس مصلحة ينجز للشخص عملا هو من حقه، وتحت سلطان
هذا الرئيس، فإنَّ إعطاء شىء له لتسهيل الإجراءات للوصول إلى الحق جائز، لكن أخذ
الرئيس له حرام، لأن المفروض أنه يؤدى واجبه المشروع بدون وساطة أو مقابل ورأى
البعض أن إعطاءه حرام لأنه يساعده على الحرام.ومثل ذلك ما إذا كان ذو السلطان
ظالما ويريد الإنسان أن يدفع ظلمه عنه فيعطيه شيئا فذلك لا بأس به، وعلى الظالم
الإثم فى أخذه.وكل ذلك إذا كان فيه اتفاق سابق على العمل فى مقابل الرشوة، أما
إذا لم يكن اتفاق مشروط أو معروف عرفا، وبعد إنجاز المهمة المشروعة أعطاه صاحب
الحاجة شيئا فلا حرمة فيه.«فتاوى دار الإفتاء المصرية» (١٠/ 153)
رابعاً :من أسباب الرِّشوة:
يمكن أن نجمل أسباب الرِّشوة ودوافعها
فيما يلي:
أولًا: ضعف الشعور الديني لدى الراشي
والمرتشي:
-إن الذي يُقبِل على هذه الجريمة لو فكر
لحظة واحدة أنه مسلم قد رضي بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبسيدنا محمد نبيًّا،
لَمَا أخذ الرِّشوة، ألم يتدبر قول الله تعالى: قال تعالى : وَلَا تَأْكُلُوا
أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ
لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
(188)البقرة ،ألم يسمع ولو مرة واحدة :عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «لَعَنَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّاشِيَ وَالمُرْتَشِيَ فِي
الحُكْمِ» سنن الترمذي » (١٣٣٦)، صحيح الجامع (5093)
ثانيًا: انخفاض مستوى المعيشة:
-إذا رأى الشخص المنحرف نفسه في وظيفة
ذات دخلٍ صغير وأمامه أناس لهم دخلٌ كبير، أو رأى أصحاب المشاريع المختلفة كل يوم،
ثم قارن حياتهم المترفة بحياته - سوَّلت له نفسه أن يرتكب جريمة الرِّشوة؛ ليعوض
هذا النقص المادي الذي عنده، مع أنه شيء طبيعي أن يكون الناس بين فقير أو غني أو
متوسط، ولكن هذا الشخص المنحرف أقنع نفسه بأن الرِّشوة خير وسيلة للثراء السريع،
فيشتري سيارة فاخرة، أو يبني منزلًا، أو يتزوج من بنات الأثرياء، ولكن هذا المسكين
ينسى أن الكسب الحرام مهما طال عمره فهو ممحوق البركة، وإلى زوال، وهو من أهم
أسباب غضب الله عليه في الدنيا والآخرة؛ (جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن
الجنيدل صـ 16).
ثالثًا: الجشع والأنانية وضعف الشعور
الاجتماعي:
-إن المرتشي أناني، ومحب لنفسه فقط،
وليس لديه أي انتماء إلى مجتمعه الذي يعيش فيه؛ ولذا يقبل الرِّشوة دون أن يفكر في
مصير إخوانه الذين يعيشون ويتعاملون معه صباح مساء، ويعلم أن هذه الأموال التي
أخذها بغير حق كانت سببًا في ضياع أموال الدولة، وهضم حقوق كثير من الناس.
لقد تناسى هذا المنحرف ،«عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « الْمُسْلِمُ
أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ
التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ
امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ
عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ»» صحيح مسلم (٢٥٦٤)
خامساً :من الآثار المدمرة للرشوة
للفرد والمجتمع
:
إن للرشوة آثارًا خطيرة على الفرد
والمجتمع، منها مثلاً:
(١) هي مُغضبة للرّبّ، ومخالفة لسنّة
الرّسول صلّى الله عليه وسلّم ومجلبة للعذاب.
(٢) تسبّب الهلاك والخسران في الدّارين
«نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم» (١٠/ 4550)
(3)الرِّشوة تدمر الموارد المالية للدولة:
--كثيرًا ما يقوم أحد الناس بتقديم
الرِّشوة للحصول من الدولة على ترخيص بعمل مشروع ما، وغالبًا لا يكون لهذا المشروع
نفع حقيقي للمجتمع، وإنما هو فقط يجلب الربح الوفير لأصحابه، والحصول على ترخيص
لمثل هذه المشروعات التي لا فائدة منها للمجتمع يعني تدمير موارد الدولة المالية
التي تتمثل في توصيل المرافق والخدمات الأساسية لهذا المشروع، مثل تمهيد الطرق
والكهرباء والمياه وشتى الخدمات التي انقضت فيما لا يحقق نفعًا حقيقيًّا يعود
بالخير على المجتمع؛ (جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن الجنيدل صـ 11).
(4) الرِّشوة تدمر حياة أفراد المجتمع:
-كثيرًا ما يكون من آثار جريمة الرِّشوة
تدمير حياة أفراد المجتمع، فعندما تحدث الرِّشوة في إنتاج دواء أو غذاء فإن الأثر
يتجه مباشرة إلى تدمير صحة أفراد المجتمع، وقد يتعدى هذا الأثر إلى موت بعضهم،
ويظهر الأثر المدمر في المباني الكبيرة برشوة مهندسٍ مشرفٍ أو مشرفٍ عليها من قبل
الدولة أو أي شخص آخر، فتسقط على من فيها من السكان نتيجة مخالفة هذه المباني
لقواعد البناء السليم، وهذا مُشاهَد أمام أعيننا، وكم من منتجات مستوردة وهي فاسدة
دخلت إلى الأسواق نتيجة الرِّشوة!، فكانت وبالًا على حياة جميع أفراد المجتمع؛
(جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن الجنيدل صـ 12).
(5) الرِّشوة تدمر أخلاق أفراد المجتمع:-
-إن انتشار جريمة الرِّشوة في أي مجتمع
كفيل أن يدمر أخلاق أفراده، فينتشر الإهمال واللامبالاة والتسيُّب وضعف الولاء
والانتماء والإحباط في العمل، وكل ذلك يعتبر عقبة أمام إنجاز التنمية وما تتطلبه
من جهد بشري مكثف وأمين؛ (جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن الجنيدل صـ 13).
(6)الرِّشوة تؤدي إلى ضياع حقوق الدولة:-
-مِن المعلوم أن الدولة تعين بعض
الموظفين الذين يقومون بجمع الضرائب والحقوق المالية للدولة لدى المواطنين، فإذا
وصلت الرِّشوة إلى أحد هؤلاء الموظفين وقبِلها، فإن هذا يترتب عليه مجاملة صاحب
الرِّشوة بالباطل، ويؤدي هذا إلى ضياع أموال الدولة، وهذا مشاهد أمام أعيننا.
(جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن
الجنيدل صـ 12).
(7) الرِّشوة تُؤدي إلى تعيين موظفين غير
صالحين:
-إن بذل الرِّشوة للحصول على وظائف
ومناصب يؤدي إلى إسنادها إلى موظفين ليسوا أهلًا لها، وهذه خيانة لله ولرسوله
وللمسلمين، ويظهر هذا جليًّا عندما تعلن شركة عن مسابقة بشروط معينة، فيتقدم لها
أصحاب الكفاءات وغيرهم، وعندما تظهر النتيجة يصاب المجتهدون بخيبة الأمل؛ حيث
يجدون أن من هم أقل كفاءة منهم حصلوا على هذه الوظائف بالرِّشوة، ومن المعلوم أن
فاقد الشيء لا يعطيه؛ فهل ننتظر خيرًا ممن دفع رشوة للحصول على وظيفة أو عمل ليس
من حقه؟!
الحطبة الثانية
خامساً: من الطرق العلاجية للرشوة منها
مثلاً:
(1) التعزير بالمال:
-من المعلوم أن الإنسان يحب المال ويبذل
في سبيل الحصول عليه قصارى جهده، ومرتكب جريمة الرِّشوة لم يرتكبها إلا للحصول على
المال، فإذا أُخذ منه وفرضت عليه عقوبة مالية أخرى تتناسب مع حجم الرِّشوة، فإن
هذا فيه علاج حاسم للقضاء على هذه الجريمة، وسوف يكون مرتكب هذه الجريمة بما فرض
عليه من العقوبة المالية عبرةً لكل مَن تُسوِّل له نفسُه الإقدام على الرِّشوة؛
(جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن الجنيدل صـ 21).
(2) التعزير بالحبس:
-إذا رأى الحاكم أن الحبس قد يكون عقوبة
تعزيرية رادعة لمرتكب جريمة الرِّشوة، جاز له حبسه؛ لأن عقوبة الحبس مشروعة في
الإسلام؛ فقد اشترى عمر بن الخطاب دار صفوان بن أمية بأربعة آلاف درهم وسجن فيها
الحطيئة الشاعر المعروف، وضبيعًا التميمي، وسجن عثمانُ بنُ عفان ضابئ بن الحارث
وكان من لصوص بني تميم، وكذلك فعل علي بن أبي طالب، فإذا سُجن مرتكب جريمة
الرِّشوة وحُرم من حريته، حاسب نفسه داخل السجن، وكانت هذه عقوبة نفسية وجسدية،
وهي وسيلة رادعة لجريمة الرِّشوة.
(3) العزل من الوظيفة:
-يمكن لولي الأمر أن يعزل الموظف الذي
ارتكب جريمة الرِّشوة، مستغلًّا وظيفته للحصول على المال، حتى يكون عبرة لغيره من
الموظفين الذين اتبعوا طريق الشيطان للحصول على المال، وذلك بأكل أموال الناس
بالباطل، والعزل من الوظيفة قد فعله النبي صلى الله عليه وسلموالخلفاء الراشدون.إن
الموظف الذي جعَل الرِّشوة راية وشعارًا له يجب على وليِّ الأمر عزله واستبداله
برجل صالح يقوم بخدمة المسلمين على منهج الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛
(جريمة الرِّشوة لمحمد بن عبدالرحمن الجنيدل صـ 23).
(4)التشهير:يُقصَد بعقوبة التشهير:
-إعلام الناس بجريمة المتهم.إذا لم
ينزجر مَن ارتكب جريمة الرِّشوة ولم يستمع إلى النصيحة، فإن ولي الأمر يمكن له أن
يشهِّرَ به أمام الناس؛ زجرًا له ولأمثاله، وذلك عبر وسائل الإعلام المسموعة
والمرئية والمقروءة؛ فإن الإنسان بطبعه يخاف من التشهير أمام الناس، خاصة إذا كان
له زوجة وأولاد، أو كان من أبناء العائلات المعروفة في المجتمع، وهذه عقوبة معنوية
لها أثر كبير في القضاء على جريمة الرِّشوة.