recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة إدمان السوشيال ميديا خراب للبيوت ودمارللعقول الشيخ عبدالناصربليح

 إِدْمَانُ السُوشَيال مِيديا خَرابٌ للْبُيُوتَ ودَمارُللعُقولِ



استبدل الكلام بالكتابة واللسان بالأصابع 

 ثورة في التواصل قد غيرت الأخلاق والسلوك

إدمان السوشيال ميديا تخريب للبيوت وتدميرللعقول 

الاستخدام الخاطيء للتكونولجيا نكران وجحود لنعم الله 


  الحمد لله رب العالمين  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ جعل مراقبته من الإحسان فوق الإسلام والإيمان: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك،

 وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ القائل:" اللهم صلاة وسلاما  عليك ياسيدي يارسول الله  

أما بعد:فيقول الله تعالي:" مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"(ق:18).

 ويقول  الله تعالي:"  الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"( يس: 65).

 اليوم نطبع على أفواه المشركين فلا ينطقون، وتُكلِّمنا أيديهم بما بطشت به، وتشهد أرجلهم بما سعت إليه في الدنيا، وكسبت من الآثام

وإنكم تسألون يوم القيامة عما قلتم وما عملتم، فكم من قائل قولاً أنكره، وكم من عامل عملاً جحده، فتشهد الأركان بالأقوال والأعمال "الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ"(يس:65).

عباد الله :" حديثنا إليكم اليوم عن إِدْمَانُ السوشيال مديا

مواقع التواصل السوشيال مدياالتي خربت بيوت ودمرت عقول وضللت شباب وفتيات وضيعت أوقات والوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك  بسبب الفيس بوك وتويتر ومواقع الإنحلال الجنسي والعقلي حدث الطلاق والخلع  وتشردت أظفال صعار لاذنب لهم  .

استبدل الكلام بالكتابة واللسان بالأصابع 

أيها الناس: كان اللسان من قبل ينطق كثيراً، وكان العلماء والوعاظ يحذرون من فلتات اللسان وآفاته؛ حتى ألفت الكتب في التحذير منه، ونظمت الأشعار لبيان خطورته، وسيقت النصوص المعظمة لشأنه، واستحضر الناس فيه  قول المولي عزوجل:"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ۗ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ   وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ"(إبراهيم/24-26)

وقوله تعالي:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا   يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"(الأحزاب/70-71).

قول النبي صلي الله عليه وسلم :"وَهَلْ يُكِبُّ النَّاسَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟"(الترمذي والنسائي).

وقوله صلي الله عليه وسلم : "إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ"( مسلم).



 هذا في الزمن الذي كان فيه اللسان ملك البيان، لا تنافسه فيه إلا الكتابة والإشارة وهما قليلتان، أما اليوم فإن كثيرا من النطق قد تحول من اللسان إلى الأصابع، فصارت أصابع بعض الناس تتحدث أكثر من ألسنتهم بما فتح الله تعالى على البشر من علوم الاتصال والتواصل الاجتماعي المجاني. 

 ثورة في التواصل قد غيرت الأخلاق والسلوك

عباد الله :" إنها ثورة في التواصل قد غيرت الأخلاق والسلوك وأنماط التعامل بين الناس، حتى قلبت حياتهم رأسا على عقب.

 فالبيوت الحية بحديث أهلها صمتت كأنها خالية من أهلها، ومنتديات الناس للحديث والمؤانسة اتخذ الناس بدلا عنها مقاهٍ مظلمة كأنها مقابر، 

وحينما كانت الضوضاء تخرج من بيوت الأجداد والجدات في آخر الأسبوع حيث اجتماع الأولاد والأحفاد ذهبت هذه الحيوية والنشاط فيأتي كلُ واحد منهم يتأبط جهازه فيسلمون على بعض ثم يتخذ كل واحد منهم من كبير وصغير وذكر وأنثى زاوية من الغرفة أو المنزل فيعيش بجسده مع أهله، وأما روحه وعقله فمع من يحادث في جهازه، حتى إنه ليُكَلَّم فلا يسمع، ويُسأل فلا يجيب، ولا يتحرك من مكانه إلا بأن يتبرع أحدهم فيهزه أو يحول بيده بين بصره وجهازه، وربما غضب من ذلك فإن كان دعي إلى عشاء رفضه غضبا وهو جائع، وكم عطش من محادث وما علم أنه عطشان، وجاع ولم يدر أنه جوعان، ونال البرد من جسده ما نال ولم يعلم، فهو سادر في جهازه لا نائم ولا يقظان، ولا ذو عقل ولا سكران، يسمع ولا يسمع، ويشعر ولا يشعر، فحاله بين حالين. 

إنها وسائل أدت في كثير من الأحيان إلى العقوق، 

فالجدة تسأل ولا أحد يجيبها، وتتحدث ولا أحد ينصت لها، أخذتهم أجهزتهم عنها، حتى إذا شعرت أنه لا أحد ينصت لحديثها صمتت منكسرة من أقرب الناس إليها. 

ويكون الولد مع أمه أو أبيه لا يشاركه في مجلسه أحد غيره حتى إذا مضى وقت قليل على جلوسه أخرج جهازه ليشاركه معه في أمه أو أبيه، فينطق معه أو معها تارة، وينظر في جهازه تارة أخرى، ويحاول الجمع بينهما، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، حتى إذا أعياه التركيز اختار البر فأقفل جهازه، أو اختار العقوق فترك حديث أمه أو أبيه، أو تخلص من مأزقه بالاستئذان في الخروج، وما له من حاجة إلا أنه يريد أن يحادث بجهازه. ولو أنه أشرك أمه وأباه فيما يرى ويقرأ لسرهما بذلك، ولكنه لا يفعل ربما لأن ما يشاهده وما يقرؤه لا يسر ولا ينفع بل يضر ويحزن. 

والواجب على الولد إن كان بحضرة أحد أبويه أن يقفل جهازه، ويقبل بكليته عليه، ويصغي إليه، ولا ينشغل عنه، إلا إذا كان سيشركه فيما يقرأ ويشاهد، ويعلم محبته لذلك.

 ومن سوء أدب المجالس أن يشغل الجليس عن جليسه بمحادثة أو نحوها، فيترك آدميا أمامه ويقبل على جهاز في يده، إلا أن يستأذنه لأمر لا يحتمل التأخير. 

السوشيال مديا تخرب البيوت وتدمر العقول 

عباد الله :" إنها وسائل قربت الرجال من النساء، والشباب من الفتيات، فأوقعت في كثير من البيوت الريب والشكوك، وأوصلت كثيراً من الأزواج والزوجات إلى عتبة الطلاق بعد الخصام والشقاق، وفي عدد من الإحصاءات أن نسب الطلاق بين الزوجين قد ارتفعت ارتفاعاً مخيفاً بعد ثورة التواصل الاجتماعي. 

وكم من فتاة غُرر بها عن طريقها وهي التي لا تعرف للشر طريقاً، ولا للإثم سبيلاً، وليس في قلبها أي ريبة ولكن صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ"

يا عباد الله، تقول فتاة وهي مُطلَّقة:"  منذ سنتين وأم لثلاثة أطفال: "مواقع التواصل الاجتماعي دمرت بيتي، أثناء انشغالي بتربية أولادي وأعمال المنزل، كان زوجي منهمكًا بمواقع التواصل الاجتماعي التي سهَّلت له إقامة علاقات عاطفية مجهولة، وإهماله لي ولأولاده، وكانت النتيجة شرخًا كبيرًا في العلاقة الأسرية".

ويقول شاب: "إن مواقع التواصل أدت إلى تعاستي وخراب بيتي؛ حيث إن زوجتي كانت مدمنة هذه المواقع؛ ما جعلها تهمل زوجها وتربية أولادها وشؤون المنزل، وقد حذرتها أكثر من مرة، ولكنها تمادت في الانخراط والانشغال بمواقع التواصل، وأخيرًا حينما وجدت نفسي محاصرًا بالمشاكل ألقيت إليها ورقة الطلاق".

 وقد وفرت برامج التواصل خلوة بين الجنسين للحديث والتباسط ورفع الكلفة والمضي ساعات طوال في أحلام، وسهر ليال على أوهام؛ حتى تألفه ويألفها، فلا تقدر على مفارقته، وفي كثير من الحالات يضحك عليها بجميل الكلام، وإظهار الحفاوة والاهتمام، فتريه صورها لينحرها بها بعد أن يبتزها ويعذبها ويهلكها ويتلف أعصابها، 

وفي البيوت مآس لا يعلمها إلا الله تعالى، خفف الله تعالى عن أهلها، وأسبغ علينا وعلى المسلمين ستره. ويخلد الواحد إلى فراشه متعب يغالبه النوم، ولربما تكاسل عن الوضوء والوتر من شدة تعبه وغلبة نومه، فيطل طلة أخيرة على جهازه قبل النوم فيرى محادثة فيرد على صاحبها، ويظل يحادثه حتى منتصف الليل أو بزوغ الفجر ولم يشعر بتعبه ونومه، وقد بخل على ربه بركعة أو بثلاث ركعات. 

ويصحو النائم حين يصحو وأول حركة يقوم بها أن يلتقط جهازه لينظر من حادثه أثناء نومه، قبل أن يذكر الله تعالى، وقبل أن يقول أذكار الاستيقاظ من النوم وقد ينساها. 

بل قد فتنت وسائل التواصل الحديثة الناس في عباداتهم؛ فكثير من المعتكفين تمضي أكثر أوقاتهم في المحادثات؛ لتردهم عن كثير من القرآن والصلاة، وكم أمضى حجاج أيام الحج بالمحادثات فشغلتهم عن الدعاء في مواطنه الفاضلة، والتعبد في المشاعر المقدسة، 

ومن الناس من يسلم من الصلاة فلا يقول الأذكار إلا وهو يلتقط جهازه لينظر من حادثه أثناء صلاته، 

وكم من قارئ للقرآن أمسك عن القراءة واشتغل بالمحادثة ومصحفه في حجره.. 

وقد يؤذن المؤذن وهو في محادثة، وتقام الصلاة وهو لا زال في محادثته فتفوته صلاة الجماعة، وأمثال ذلك كثير.

 يعلمه الناس من أنفسهم أو ممن هم حولهم، حتى كانت هذه الوسائل سببا من أسباب الصد عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة، ومن وجد في نفسه شيئا من ذلك وجب عليه أن يهجر هذه الوسائل؛ لئلا يذهب عليه دينه بسببها. وبسبب الإدمان على هذه الأجهزة، وما فيها من سيل متدفق من المعلومات والمعارف والصور والمقاطع أعيد تشكيل عقليات الشباب والفتيات بعيداً عن والديهم وأسرهم ومعلميهم، فغلب على هذه العقليات التمرد والتفرد، والانعزالية والانطواء، وتثاقل الجلوس مع الأسرة، والسخط من كل شيء، حتى غدا إرضاء الوالدين لأولادهم من المهمات العسرة جدا رغم ما يغمرونهم به من المال والهدايا والهبات. وسادت بوسائل التواصل الاجتماعي أخلاق ليست سوية، وممارسات غير مرضية يفرغونها في نكت سامجة تشعل الحروب بين الذكر والأنثى، أو بين الطالب والمعلم أو بين مشجعي فريقين أو نحو ذلك، ولا يقع حدث إلا وازدحمت مواقع التواصل ووسائله بمقاطع ساخرة، أو تعليقات لاذعة، وقعها على أصحابها أشد من وقع السياط الحارة.

 وهي من أمضى الأسلحة في نشر الأكاذيب، وبث الأراجيف، واتهام الأبرياء، وقلب الحقائق، يكذب في خبر فيغرد به، أو يصنع صورة فينشرها وهي مزورة فتبلغ كذبته أو صورته الآفاق وقد يكون الدافع لذلك إضحاك الناس وقد جاء فيه قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ" ( أبو دواد).

 عباد الله :"الناقل للكذب أحد الكذابين، والراضي بالسخرية كالفاعل، 

فالحذر الحذر من اكتساب أوزار، وإذهاب حسنات بسبب هذه الوسائل، ويجب عدم الاستهانة بها؛ فإنها مورد بحر من الأوزار والآثام إن استخدمت في الشر كما أنها مجال رحب لكسب الحسنات إن استخدمت في الخير، ولم تضيع بسببها الواجبات.:"يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللَّهُ ونسوه"

  إنها الفتنة التي أخبر بها الصادق المصدوق .. 

هي الفتنة التي لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ️ كماجاء في الحديث الصحيح عن النبي - ﷺ - قـال: « ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته"( البخاري)

فتنة عامة تدخل البيوت ، أنها وسائل الإعلام الآن ووسائل الإنترنت .. تنقل هذه الشرور ، تدخلها على الناس في بيوتها .. أنت ما رحت إليها .. لكن هي دخلت عليك ، أنت على فراشك عندك هذا الصنم الذي بجنبك تحركه يجيبلك كل شر وكل بلاء

فتنةعمت المجتمعات، واقتحمت البيوت، ولم يسلم من غوائها إلا الأسر الفقيرة، فكان فقرها نعمة على شبابها وفتياتها، ومن العصمة أن يعجز المرء عن تحصيل ما يكون به إثمه وتلفه.

 إنه لا غناء لمواجهة هذه الفتنة التي عمت البيوت كلها عن زرع مراقبة الله تعالى ومحبته وتعظيمه، والخوف منه، ورجاء ما عنده، في نفوس الأبناء والبنات والزوجات والأخوات، وتعاهدهم بالموعظة والتذكير بين حين وآخر، وبأساليب متنوعة مشوقة، حتى يراقب كل واحد منهم نفسه، ويخاف الله تعالى أن يقارف إثما، وتوجيههم إلى استخدام التواصل الاجتماعي فيما ينفع ولا يضر، مع ملء أوقاتهم بما ينفعهم ويحد من عكوفهم على هذه الوسائل التي فتن الناس بها فافتتنوا.

 وهي من تقارب الزمن المذكور في أشراط الساعة؛ 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَقُوم السَّاعَةُ حَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْم، وَتَكْثُر الزَّلازِل، وَيَتَقَارَب الزَّمَان، وَتَظْهَر الْفِتَن، وَيَكْثُرَ الْهَرْج وهو الْقَتْل، الْقَتْل، وحَتَّى يَكْثُرَ فِيكم المال فَيَفِيض"( البخاري).

مِنْ علامات الساعة تقارب الزمان، وقد اختلف العلماء في معنى تقارب الزمان على أقوال كثيرة، وأقوى هذه الأقوال: أن تقارب الزمان يحتمل أن يكون المراد به التقارب الحِسِّي أو التقارب المعنوي. أما التقارب المعنوي، فمعناه ذهاب البركة من الوقت، وهذا قد وقع منذ عصر بعيد. 

فإنها قربت البعيد، وكسرت جميع الحواجز، وألغت الحدود؛ فيحادث الواحد من شاء في أي وقت شاء، وبأي أسلوب شاء، لا يرده عنه شيء، ولا يحول بينهما حائل. إنها فتنة من فتن العصر جعلت كثيراً من الناس يعيش بشخصيتين متنافرتين؛ فهو الوقور الحيي أمام الناس الذي لا يقول بلسانه فحشاً، ولا ينطق هجراً، ويخجل ويتصبب عرقاً إن سمع ما لا يليق، لكن هذه الشخصية الحيية تخلع الحياء إن كان الحديث بالأصابع، وكانت العين تتلقاه، فما استحى منه اللسان والأذن كسرته اليد والبصر، وما راقب الله تعالى من راقب الناس.

 قال سفيان الثّوريّ رحمه الله تعالى: "عليك بالمراقبة ممّن لا تخفى عليه خافية، وعليك بالرّجاء ممّن يملك الوفاء". 

وقال رجل للجنيد: "بم أستعين على غضّ البصر؟" فقال: "بعلمك أنّ نظر النّاظر إليك أسبق من نظر فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وانظروا ماذا تكتبون وماذا ترسلون؛ فإنه يحصى عليكم بخيره وشره :"أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ"(الزخرف:80).ك إلى المنظور إليه". 


الخطبه الثانية

 الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

الاستخدام الخاطيء نكران وجحود لنعم الله 

 أما بعد:

فإن وسائل التواصل الاجتماعي تُعَدُّ في الوقت الحاضر ذات أهمية كبيرة في حياة الكثير من الأشخاص، وعلى الرغم مما تتمتع به من مزايا وإيجابيات؛ كتوسيع لدائرة المعارف والعلاقات، وصقل الفكر والشخصية، والاطلاع على الثقافات العامة للبلدان، وتبادل الخبرات والمهارات، فإنها جعلت العديد من مستخدميها في حالة إدمان دائم، وأدت إلى استخدام الهواتف الذكية والأجهزة الإلكترونية لوقت طويل جدًّا، دون الشعور بذلك، الأمر الذي أثَّر سلبًا في الحياة الزوجية. 

  لقد منَّ الله علينا في هذا العصر باختراعات عظيمة، ومن هذه النعم وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت جزءاً من حياتنا. ولكن نعمة قد تتحول إلى نقمة إذا أسأنا استخدامها، خاصة عندما تصيب براءة أطفالنا.

 أيها المسلمون:" هذه الثورة العظيمة في التواصل بين الناس هي مما علم الله تعالى الإنسان، وما كان يظن الإنسان أن يصل إلى ما وصل إليه "وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" (النحل: من الآية 8)،

 فيا عباد الله،:" شرُّ الخلق على الإطلاق في الدنيا والآخرة هم الذين يستغلون نعمة الله تعالى، ويخونونها، ويستخدمونها في معصية الله تعالى، هؤلاء يعذبون أنفسهم بعقوبة الله تعالى في الدنيا قبل الآخرة "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى"(طه: 124- 126). 

يا عباد الله، يا أصحاب الجوَّالات، راقبوا الله تعالى القائل:"إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا "(النساء: 1)، والقائل:" أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى "(العلق: 14)، والقائل:" وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ "(الحديد: 4). والقائل:" إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى"(طه: 46).

يا أصحاب هذه النعمة، لا تجعلوا الله أهون الناظرين إليكم، وتذكروا قول الله تعالى:"مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"(ق: 18)،

 واسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه  وسلم: "استحيوا من الله حق الحياء". قال: قلنا: يا رسول الله، إنا نستحيي والحمد لله. قال: "ليس ذاك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ولتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء"(الترمذي). 

إخوة الإيمان:" إن من أعظم الخطر وأعظم مصيبة أن تنشر المعاصي والموبقات في وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، وتبقى تحصد تلك الذنوب المستمرة في حياتك وبعد موتك. 

قال حبيب الفارسي رحمه الله: إن من سعادة المرء أن يموت وتموت معه ذنوبه. 


إخوة الإيمان، إن وسائل التواصل في هذا الزمان أصبحت مَعاوِلَ هَدْمٍ للقيم والأخلاق، وأصبح التافهون والفاسقون قدواتٍ،

 كما قيل: نحن نشغل أوقاتنا بمتابعة فراغ الآخرين وتفاهتهم. 

إخوة الإيمان، إن على الآباء والأمهات مسؤولية عظيمة في مراقبة الأبناء والبنات "فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته"،

 فإنكم ستسألون أمام الله عن رعيتكم، ومن الأمور التي تعين على مواجهة هذا الطوفان التقني الذي فتح أبواب الشر على مصراعيها تعزيز الرقابة الذاتية عند أبنائنا وبناتنا، وهي شعور داخلي، وقوة ضابطة، نابعة من إيمانه بمراقبة الله تعالى، واطِّلاعه على أعماله، تدعوه إلى الحرص على فعل الطاعات طلبًا لمرضاة الله وثوابه، والبُعْد عن المعاصي خوفًا من عقابه.


  

google-playkhamsatmostaqltradent