مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ
اتباع القرآن يُورث العزة وعلو المنزلة .
من فضائل قراءة والقرآن والعمل
به في الدنيا
من فضائل قراءة القرآن والعمل به في الآخرة
الحمد لله على نعمة الإسلام ونشهد أن
لاإله إلا الله الملك العلام ونشهد أن محمد ﷺ سيد الأنام وبعد وبعد فحديثى معكم
بحول الله الواحد الديان تحت عنوان: مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
لِتَشْقَىٰ .
اتباع القرآن يُورث العزة وعلو
المنزلة
:
(1)قال تعالى:لَقَدْ أَنْزَلْنَا
إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10) الأنبياء .(أ)أى:
فيه شرفكم، وعلو منزلتكم، وحسن موعظتكم، وشفاء صدوركم.أَفَلا تَعْقِلُونَ ذلك، مع
أن هذا الأمر واضح، ولا يحتاج إلى جدال أو مناقشة.(التفسير الوسيط لطنطاوى (9/190).
(ب)لقد أنزلنا إليكم أيها المرسل إليهم،
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب كتابا
جليلا وقرآنا مبينا {فِيهِ ذِكْرُكُمْ} أي: شرفكم وفخركم وارتفاعكم، إن تذكرتم به
ما فيه من الأخبار الصادقة فاعتقدتموها،وامتثلتم ما فيه من الأوامر، واجتنبتم ما
فيه من النواهي، ارتفع قدركم، وعظم أمركم، {أَفَلا تَعْقِلُونَ} ما ينفعكم وما
يضركم؟ كيف لا ترضون ولا تعملون على ما فيه ذكركم وشرفكم في الدنيا والآخرة، فلو
كان لكم عقل، لسلكتم هذا السبيل، فلما لم
تسلكوه، وسلكتم غيره من الطرق، التي فيها ضعتكم وخستكم في الدنيا والآخرة وشقاوتكم
فيهما. وهذه الآية، مصداقها ما وقع، فإن المؤمنين بالرسول، الذين تذكروا بالقرآن، من
الصحابة، فمن بعدهم، حصل لهم من الرفعة والعلو الباهر، والصيت العظيم، والشرف على
الملوك، ما هو أمر معلوم لكل أحد، كما أنه معلوم ما حصل، لمن لم يرفع بهذا القرآن
رأسا، ولم يهتد به ويتزك به، من المقت والضعة، والتدسية، والشقاوة، فلا سبيل إلى
سعادة الدنيا والآخرة إلا بالتذكر بهذا الكتاب.(تفسير السعدى (صـ519)
(2)عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ، أَنَّ
نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ
يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: مَنِ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ
الْوَادِي، فَقَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: مَوْلًى
مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ: فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟ قَالَ: إِنَّهُ
قَارِئٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَالَ
عُمَرُ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ
قَالَ:«إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ
آخَرِينَ».صحيح مسلم (817) .«قوله:"إن الله يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا
ويضعُ به آخرين"؛يعني:من آمنَ بالقرآن وعظَّم شأنَهُ وعمل به، يرفع الله
درجته في الآخرة، ويرزقه عزة وشرفًا، ومن لم يؤمن به أو لم يعمل به أو لم يعظِّم
شأنَه، يذلُّه الله تعالى في الدنيا والآخرة.«المفاتيح في شرح المصابيح» (٣/ 67).
من فضائل قراءة والقرآن والعمل
به في الدنيامنها مثلاً:
من أعظم التجارات مع الملك سبحانه :
-قال تعالى : إِنَّ الّذِينَ يَتْلُونَ
كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِما رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا
وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ
وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) فاطر
(أ) يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ
الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَهُ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ
بِمَا فِيهِ، مِنْ إِقَامِ الصَّلَاةِ، وَالْإِنْفَاقِ مِمَّا رَزَقَهُمُ اللّهُ
فِي الْأَوْقَاتِ الْمَشْرُوعَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا، سِرًّا وَعَلَانِيَةً، {يَرْجُونَ
تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}تفسير ابن كثير (6/545)
(ب)«تِجارَةً لَنْ تَبُورَ» فهؤلاء
يرجون تجارة مع الله سبحانه أي تجارة أعظم من هذه التجارة، وتجارة الإنسان في
الدنيا قد يربح في الدرهم نصف درهم أو ربعه وقد يربح في الدرهم درهماً، أما
التجارة مع الله فأقل ما يكون فيها عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف مضاعفة
لا يعلمها إلا الله سبحانه، فهؤلاء يرجون التجارة التي هي مع الله التي حكم الله
سبحانه أنها لا تضيع ولا تهلك ولا تكسد ولا تفسد ولا تخسر؛ لأنها تجارة مع
الله.تفسير أحمد حطيبة (308/3) .(ج)قَوْلُهُ تَعَالَى: لِيُوَفِّيَهُمْ
أُجُورَهُمْ أَيْ مَا يَتَوَقَّعُونَهُ وَلَوْ كَانَ أَمْرًا بَالِغَ الْغَايَةِ
وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ أَيْ يُعْطِيهِمْ مَا لَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِمْ
عِنْدَ الْعَمَلِ. مفاتيح الغيب (26/237)
- مثال على الأجر المضاعف:- عن عَبْد اللّهِ
بْنَ مَسْعُودٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ،
وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ
حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» صحيح الترمذى(2910)- مَنْ قَرَأَ حَرْفًا
مِنْ كِتَابِ اللّهِ) ، أَيِ الْقُرْآنُ (فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ) أَيْ عَطِيَّةٌ
(وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) أَيْ مُضَاعَفَةٌ بِالْعَشْرِ وَهُوَ
أَقَلُّ التَّضَاعُفِ الْمَوْعُودِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا (160)الإنعام
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ
حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261) البقرة .
مرقاة المفاتيح (4/1471)
شفاء أمراض القلوب :
-قال تعالى :وَنُنَزِّلُ مِنَ
الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ
الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82) الاسراء(أ) في القرآن شفاء من الوسوسة والقلق
والحيرة. فهو يصل القلب بالله، فيسكن ويطمئن ويستشعر الحماية والأمن ويرضى فيستروح
الرضى من الله والرضى عن الحياة ،وفي القرآن شفاء من الهوى والدنس والطمع والحسد
ونزغات الشيطان. وهي من آفات القلب تصيبه
بالمرض والضعف والتعب، وتدفع به إلى التحطم والبلى والانهيار . (ب) قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَرَحْمَةٌ
لِلْمُؤْمِنِينَ) تَفْرِيجُ الْكُرُوبِ وَ
تَطْهِيرُ الْعُيُوبِ وَتَكْفِيرُ الذُّنُوبِ. تفسير القرطبى (10/320) (ج) فالقرآن مشتمل على
الشفاء والرحمة، وليس ذلك لكل أحد، وإنما ذلك للمؤمنين به، المصدقين بآياته،
العاملين به. السعدى (1/465)
هداية من الإنحراف والضلال:-
-قال تعالى :إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ
يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ
الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9) الإسراء-
- يخبر تعالى عن شرف القرآن وجلالته وأنه
{يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}أي أعدل وأعلى من العقائد والأعمال والأخلاق فمن
اهتدى بما يدعو إليه القرآن كان أكمل الناس وأقومهم وأهداهم في جميع أموره. السعدى
(1/454)
- التي هي أقوم: الطريق الأفضل والأصلح
الذي فيه قوام حياة البشر وسعادتهم.التفسير الحديث(3/362) - «عَنْ جُبَيْرِ بْنِ
مُطْعِمٍ،قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
بِالْجُحْفَةِ فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لَا
إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ مِنْ
عِنْدِ اللهِ؟» ، قُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: «فَأَبْشِرُوا فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ
طَرَفُهُ بِيَدِ اللهِ، وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ، فَتَمَسَّكُوا بِهِ، وَلَا
تُهْلَكُوا بَعْدَهُ أَبَدًا»«المعجم الكبير للطبراني» (١٥٣٩)صحيح الجامع (34)
أهل القرآن هم أهل الله وخاصته :-
-عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ
مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ
الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»سنن ابن ماجه (215) صحيح الجامع
(2165)-أهل القرآن، هم أهل الله وخاصته) يعني: أولياؤه وأحبابه الذين يتلون القرآن
ويعملون به، ويمتثلون أوامره وينتهون عن زواجره. شرح سنن ابن ماجه (14/7)
طرد الشياطين من المكان وحضور الملائكة :-
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ
مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ
سُورَةُ الْبَقَرَةِ» مسلم (780)
- لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ)
أَيْ خَالِيَةٌ مِنَ الذِّكْرِ وَالطَّاعَةِ فَتَكُونُ كَالْمَقَابِرِ
وَتَكُونُونَ كَالْمَوْتَى فِيهَا "قال التوربشتي: أي اجعلوا لبيوتكم حصة من
الذكر والتلاوة والصلاة لئلا تكون كالمقابر التي تورط أهلها في مهاوي الفناء فقصرت
مقدرتهم عن العمل (إِنَّ الشَّيْطَانَ) التَّعْلِيلِ (يَنْفِرُ) أَيْ يتباعد
يَخْرُجُ وَيَشْرُدُ (مِنَ الْبَيْتِ الّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ)
وفي رواية الترمذي وإن البيت الذي تقرأ البقرة فيه لا يدخله الشيطان وَخَصَّ
سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِذَلِكَ لِطُولِهَا وَكَثْرَةِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَحْكَامِ فِيهَا.مرعاة المفاتيح
(7/187)
الحفظ فى الكبر :
-من حفظ كتاب الله تعالى وعمل بما فيه
حفظه الله فى الكبر فلا يصل إلى أرذل
الْعُمُرِ وهو:أردء وأضعف العمر وهو الهَرم والخرف أي لينسى ما يعلم فيشبه
الطفل في نقصان القوة والعقل.-عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،
قَالَ: " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
لِكَيْلَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ
{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} قَالَ: إِلَّا الَّذِينَ قَرَءُوا
الْقُرْآنَ. صحيح الترغيب (1435) .
من فضائل قراءة القرآن والعمل
به في الآخرة مثلاً
:
الظل يوم الحر الشديد :-
- عن النَّوَّاس بْنَ سَمْعَانَ
الْكِلَابِيَّ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
«يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا
يَعْمَلُونَ بِهِ تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَآلُ عِمْرَانَ» وَضَرَبَ لَهُمَا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ مَا
نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ، قَالَ: «كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ
سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ
صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا» صحيح مسلم (805)- يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ)
، أَيْ مُتَصَوَّرًا أَوْ بِثَوَابِهِ (يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ
كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ) دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَرَأَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ
لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَلَا يَكُونُ شَفِيعًا لَهُمْ بَلْ يَكُونُ
الْقُرْآنُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ ،تَتَقَدَّمُ أَهْلَهُ أَوِ الْقُرْآنَ (سُورَةُ
الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ) أَيْ يَقْدُمُ ثَوَابُهُمَا ثَوَابَ الْقُرْآنِ،
وَقِيلَ: يُصَوَّرُ الْكُلُّ بِحَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ كَمَا يُصَوَّرُ
الْأَعْمَالُ لِلْوَزْنِ فِي الْمِيزَانِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجِبُ اعْتِقَادُهُ
إِيمَانًا فَإِنَّ الْعَقْلَ يَعْجَزُ عَنْ أَمْثَالِهِ (كَأَنَّهُمَا
غَمَامَتَانِ أَوْ ظُلَّتَانِ) أَيْ سَحَابَتَانِ (سَوْدَاوَانِ) لِكَثَافَتِهِمَا
وَارْتِكَامِ الْبَعْضِ مِنْهُمَا عَلَى بَعْضٍ وَذَلِكَ مِنَ الْمَطْلُوبِ فِي
الظّلَالِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ إِظْلَالِ قَارِئِهِمَا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ (بَيْنَهُمَا شَرْقٌ) أَيْ ضَوْءُ وَنُورُ الشَّرْقِ هُوَ الشَّمْسِ
تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمَا مَعَ الْكَثَافَةِ لَا يَسْتُرَانِ الضَّوْءَ (أَوْ
كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ) أَيْ طَائِفَتَانِ (مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ
عَنْ صَاحِبِهِمَا. مرقاة المفاتيح (4/1461)
الشفاعة يوم القيامة
:
(أ) عن أبى أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ
فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ. صحيح مسلم (804)
يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ) أَيِ اغْتَنِمُوا قِرَاءَتَهُ وَدَاوِمُوا عَلَى
تِلَاوَتِهِ (فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا) أَيْ مُشَفَّعًا
(لِأَصْحَابِهِ) أَيِ الْقَائِمِينَ بِآدَابِهِ. مرقاة المفاتيح (4/1460)
- إذا كان يوم القيامة جعل الله عز وجل
ثواب هذا القرآن شيئا قائما بنفسه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه يشفع لهم عند
الله سبحانه وتعالى.شرح رياض الصالحين للعثيمين (4/636)
(ب)عن جابر بن عبد الله، رضي الله
عنهما، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ
وَمَاحِلٌّ مُصَّدَّقٌ مَنْ جَعَلَهُ أَمَامَهُ جَعَلَهُ أَمَامَهُ قَادَهُ إِلَى
الجَنَّةِ وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَهُ سَاقَهُ إِلَى النَّار. صحيح الجامع (4443)
- ماحل مصدق، فيأتي ليجادل أشد الجدل عند
الله سبحانه وتعالى عن صاحبه الذي عمل به حتى يأمر الله عز وجل بصاحبه إلى
الجنة.ولا يزال يجادل ويدافع كالمحامي الشديد الدفاع عن موكله، وكذلك القرآن يوم
القيامة يدافع عن صاحبه أشد المدافعة الإنسان الذي يجعل القرآن إمامه يقوده إلى
الجنة، والقائد دائماً في الأمام، فالذي يجعل القرآن أمامه فإنه يأخذ بيده، ويقوده
إلى الجنة حتى يدخلها، فمن جعله وراءه كأنه جعله سائقاً وراءه يدفعه إلى النار
والعياذ بالله! لذلك اجعل القرآن دائماً نصب عينيك، واحفظ كتاب الله، وتدبر ما
فيه. تفسير أحمد حطيبة (110/3)
(ج) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ
القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَلّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ
يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا
رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ،
وَيُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً.سنن الترمذى (2915) صحيح الجامع (8030)
الصعود فى درجات الجنة :-
-عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُقَالُ لِصَاحِبِ
الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي
الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا.رواه أبو داود
(1464)، والترمذي (2914). وصححه الألباني
- هذه مكافأة للإنسان المؤمن عند الله عز
وجل، فإن المؤمن حين يدخل الجنة يفرح فرحاً عظيماً، ثم تأتيه هذه المكافأة من الله
عز وجل، فيقال له: كما كنت تقرأ في الدنيا أي: كما كنت تقرأ في الدنيا تعبداً لله
فالآن اقرأ بين يدي الله عز وجل حتى ترتفع في الدرجات، وليس كما كنت تقرؤه في
الدنيا تكليفاً، ولكن اقرأه الآن تشريفاً لك، وذلك حين تقرأ القرآن وترتله بصوت
جميل بين يدي الله سبحانه وتعالى: فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها).والقرآن ستة
آلاف ومئتان آية، وكل آية تقرؤها فإنك ترتقي بها درجة، فإذا كنت تحفظ القرآن كله
فإنك تعلو إلى أعلى الدرجات، وإذا كنت تحفظ بعضه فإنك تعلو بحسب ما تحفظ منه، وهذا
يدفع المؤمنين للتنافس في ذلك، فيتنافسون في حب الله عز وجل، وفي حفظ كتابه.شرح
رياض الصالحين حطيبة (94/7)
تكريم الوالدين فى الدنيا والآخرة :-
- عن بُريدة رضي الله عنه قال :قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم : من قرأ القرآن
وتعلم وعمل به ألبس والداه يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ويُكسى
والداه حُلتين لا يقوم لهما الدنيا فيقولان بم كُسينا هذا فيُقال بأخذ ولدكما
القرآن. حسن صحيح الترغيب (1434)
- فحث أولادك على حفظ القرآن، سيما إذا
لم تستطع أنت، واحرص على أن يكون حالهم مع القرآن هو كما ورد في الحديث: (من قرأ
القرآن وتعلمه وعمل به) فهذا هو قارئ القرآن، أي: الذي يتعلم ويعمل.قال رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم: (ألبس والداه يوم القيامة تاجاً من نور ضوءه مثل ضوء
الشمس) فهذا جزاء الوالدين، فكيف بالقارئ نفسه؟ شرح الترهيب والترغيب حطيبة (22/5)