recent
أخبار عاجلة

المحرمات من النساء الشيخ عبدالناصربليح

  الْمُحَرَّمَاتُ مِنَ النِّسَاءِ

قال تعالي:"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ

 وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ

 وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي

 حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ

 فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا

 بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا"(النساء/23).

هذه الآية الكريمة هي آية تحريم المحارم من النسب ، وما يتبعه من الرضاع والمحارم بالصهر ،

معنى الآية: قوله تعالى :"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ  "الآية ، بين الله تعالى في هذه الآية المحرمات بسبب الوصلة ، 

وجملة المحرمات في كتاب الله تعالى أربع عشرة : سبع بالنسب ، وسبع بالسبب .

فأما السبع بالسبب فمنها اثنتان بالرضاع وأربع بالصهرية والسابعة المحصنات ، وهن ذوات الأزواج .

وأما السبع بالنسب :"

 "أُمَّهَاتُكُمْ" 

فقوله تعالى :"حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ "وهي جمع أم فيدخل فيهن الجدات وإن علون من قبل الأم ومن قبل الأب ،

"وَبَنَاتُكُمْ "جمع : البنت ، فيدخل فيهن بنات الأولاد وإن سفلن ، 

وَأَخَوَاتُكُمْ" جمع الأخت سواء كانت من قبل الأب والأم أو من قبل أحدهما ، 

وَعَمَّاتُكُمْ " جمع العمة ، ويدخل فيهن جميع أخوات آبائك وأجدادك وإن علون ،

وَخَالَاتُكُمْ  "جمع خالة ، ويدخل فيهن جميع أخوات أمهاتك وجداتك ،

"وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ " ويدخل فيهن بنات أولاد الأخ والأخت وإن سفلن ، وجملته : أنه يحرم على الرجل أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعده ، والأصول هي الأمهات والجدات ، والفصول البنات وبنات الأولاد ، وفصول أول أصوله هي الأخوات وبنات الإخوة والأخوات ، وأول فصل من كل أصل بعده هن العمات والخالات وإن علون .

وأما المحرمات بالرضاع 

وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ 

فقوله تعالى : " وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ "وجملته : أنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ،  عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنَّ الرَّضاعةَ تُحَرِّمُ ما تُحَرِّمُ الولادةُ"(البخاري) .

وعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة ، فقالت عائشة رضي الله عنها فقلت : يا رسول الله لو كان فلان حيا - لعمها من الرضاعة - أيدخل علي؟ فقال رسول الله صلى الله نعم إن الرضاعة تحرم ما يحرم من الولادة "(البخاري).

وإنما تثبت حرمة الرضاع بشرطين أحدهما : أن يكون قبل استكمال المولود حولين ، لقوله تعالى " وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ

" ( البقرة - 233 ) 

وروي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لاَ يحرِّمُ منَ الرَّضاعةِ إلاَّ ما فتقَ الأمعاءَ في الثَّديِ وَكانَ قبلَ الفطامِ"(الترمذي) .

عنِ ابنِ مسعودٍ، قالَ : لا رضاعَ إلَّا ما شدَّ العَظمَ وأنبتَ اللَّحمَ، فقالَ أبو موسى: لا تَسألونا وَهَذا الحَبرُ فيكُم"(صحيح أبي داود). وإنما يكون هذا في حال الصغر .

وعند أبي حنيفة رضي الله عنه : مدة الرضاع ثلاثون شهرا ، لقوله تعالى : "  وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ" ( الأحقاف - 15 ) ، وهو عند الأكثرين لأقل مدة الحمل ، وأكثر مدة الرضاع وأقل مدة الحمل ستة أشهر .

والشرط الثاني:" أن يوجد خمس رضعات متفرقات ، يروى ذلك عن عائشة رضي الله عنها ، وبه قال عبد الله بن الزبير وإليه ذهب الشافعي رحمه الله تعالى .

وذهب أكثر أهل العلم إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم ، وهو قول ابن عباس وابن عمر ، وبه قال سعيد بن المسيب وإليه ذهب سفيان الثوري ، ومالك ، والأوزاعي وعبد الله بن المبارك وأصحاب الرأي .

واحتج من ذهب إلى أن القليل لا يحرم بما أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا أنس بن عياض ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عبد الله بن الزبير يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا تحرم المصة من الرضاع والمصتان " هكذا روى بعضهم هذا الحديث ، ورواه عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الصحيح .

وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت : كان فيما أنزل الله في القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ، ثم نسخن بخمس معلومات ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن .

وأما المحرمات بالصهرية

وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ 

فقوله : "وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ " وجملته : أن كل من عقد النكاح على امرأة تحرم على الناكح أمهات المنكوحة وجداتها وإن علون من الرضاعة والنسب بنفس العقد .

وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ

قوله تعالي:" وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ" والربائب جمع : ربيبة : وهي بنت المرأة ، سميت ربيبة لتربيته إياها ، وقوله : " فِي حُجُورِكُم" أي : في تربيتكم ، يقال : فلان في حجر فلان إذا كان في تربيته ،دَخَلْتُم بِهِنَّ" أي : جامعتموهن .

ويحرم عليه أيضا بنات المنكوحة وبنات أولادها ، وإن سفلن من الرضاع والنسب بعد الدخول بالمنكوحة ، حتى لو فارق المنكوحة قبل الدخول بها أو ماتت جاز له أن ينكح بنتها ،ولا يجوز له أن ينكح أمها لأن الله تعالى أطلق تحريم الأمهات وقال في تحريم الربائب .

المفردات والتفسير

الربائب: جمع ربيبة، وهي ابنة الزوجة من زوج آخر.

في حجوركم: تعني في تربيتكم ورعايتكم واهتمامكم، وهو وصف غالب لا يُشترط وجوده فعليًا لتحقق التحريم.

من نسائكم: أي هن بنات نسائكم.

اللاتي دخلتم بهن: تعني التي جامعتموهن، فالتحريم لا يتم إلا بالدخول بالزوجة.

معنى الآية

تُبيّن هذه الآية حكمًا شرعيًا يتعلق بالمصاهرة، حيث تُحرم الربائب تحريمًا مؤبدًا على الرجل إذا دخل بأمها، وذلك كحكم تحريم الأمهات.

الحكم الشرعي

إذا عقد الرجل على امرأة ثم طلقها ولم يدخل بها، فلا يحرم عليه الزواج بابنتها؛ لأن شرط التحريم هو "الدخول بالأم". أما إذا دخل بها ثم طلقها، فإن ابنته (الربيبة) تصبح محرمة عليه تحريمًا أبديًا.

إبنة  زوجة الرجل التي دخل بها، يحرم نكاحها، بسبب حصول القرابة الناشئة من الزواج، وهي المعروفة في عرف الفقهاء "بالمصاهرة"، ويدخل في ذلك بنات بناتها، وبنات أبنائها وإن نزلن، لأنهن من بناتها، والله تعالى يقول: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ {النساء: 23}، والربائب جمع ربيبة، وربيبة الرجل: بنت امرأته من غيره، سميت ربيبة له؛ لأنه يربها كما يرب ولده. أي: يسوسه.

وأما قوله -تعالى-: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ. فالراجح الذي عليه عامة الفقهاء غير "الظاهرية" أنه وصف لبيان الشأن الغالب في الربيبة، وهو أن تكون في حجر زوج أمها، وليس قيداً بحيث يعتبر مفهومه، فتحل بسبب ذلك الربيبة التي لم تترب في حجر زوج أمها لزوج هذه الأم.

"فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ " يعني : في نكاح بناتهن إذا فارقتموهن أو متن ، وقال علي رضي الله عنه : أم المرأة لا تحرم إلا بالدخول بالبنت كالربيبة .

والرابع من المحرمات بالصهرية :

"وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ "يعني : أزواج أبنائكم ، واحدتها : حليلة ، والذكر حليل ، سميا بذلك لأن كل واحد منهما [ حلال لصاحبه ، وقيل: سميا بذلك لأن كل واحد منهما ] يحل حيث يحل صاحبه من الحلول وهو النزول ، وقيل: إن كل واحد منهما يحل إزار صاحبه من الحل وهو ضد العقل .

وجملته : أنه يحرم على الرجل حلائل أبنائه وأبناء أولاده وإن سفلوا من الرضاع والنسب بنفس العقد ، وإنما قال " من أصلابكم " ليعلم أن حليلة المتبنى لا تحرم على الرجل الذي تبناه ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة زيد بن حارثة ، وكان زيد تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم .


حليلة الأب والجد وإن علا فيحرم على الولد وولد الولد بنفس العقد سواء كان الأب من الرضاع أو من النسب ، لقوله تعالى : ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ) وقد سبق ذكره .

وكل امرأة تحرم عليك بعقد النكاح تحرم بالوطء في ملك اليمين ، والوطء بشبهة النكاح ، حتى لو وطئ امرأة بالشبهة أو جارية بملك اليمين فتحرم على الواطئ أم الموطوءة وابنتها وتحرم الموطوءة على أب الواطئ وعلى ابنه .

ولو زنى بامرأة فقد اختلف فيه أهل العلم : فذهبت جماعة إلى أنه لا تحرم على الزاني أم المزني بها وابنتها ، وتحرم الزانية على أب الزاني وابنه ، وهو قول علي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما ، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة والزهري ، وإليه ذهب مالك والشافعي رحمهم الله تعالى .

وذهب قوم إلى التحريم ، يروى ذلك عن عمران بن حصين وأبي هريرة رضي الله عنهما ، وبه قال جابر بن زيد والحسن وهو قول أصحاب الرأي .

ولو لمس امرأة بشهوة أو قبلها ، فهل يجعل ذلك كالدخول في إثبات حرمة المصاهرة؟ وكذلك لو لمس امرأة بشهوة فهل يجعل كالوطء في تحريم الربيبة؟ فيه قولان ، أصحهما وهو قول أكثر أهل العلم : أنه تثبت به الحرمة ، والثاني : لا تثبت كما لا تثبت بالنظر بالشهوة .

وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ

قوله تعالى :وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ "لا يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين في النكاح سواء كانت الأخوة بينهما بالنسب أو بالرضاع ، فإذا نكح امرأة ثم طلقها بائنا جاز له نكاح أختها ، وكذلك لو ملك أختين بملك اليمين لم يجز له أن يجمع بينهما في الوطء ، فإذا وطئ إحداهما لم يحل له وطء الأخرى حتى يحرم الأولى على نفسه .

وكذلك لا يجوز أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها ، لما أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أخبرنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ، ولا بين المرأة وخالتها " .

 إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ 

قوله تعالى : "إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ يعني : لكن ما مضى فهو معفو عنه ، لأنهم كانوا يفعلونه قبل الإسلام ، وقال عطاء والسدي : إلا ما كان من يعقوب عليه السلام فإنه جمع بين ليا أم يهوذا وراحيل أم يوسف ، وكانتا أختين .

 إن الله كان غفورا رحيماً

الله غفور يتجاوز، رحيم لا يعاجل بالعقوبة، يحيط عباده برعايته وييسر لهم أسباب السعادة بالتشريعات الحكيمة.    


  

 

google-playkhamsatmostaqltradent