الْبِيئَةُ هِى الرَّحِمُ
الثَّانِى وَالْأُمُّ الْكُبْرَى
البيئة في الميزان الإلهي
قصص نبوية في الحفاظ على البيئة
مسؤوليتنا الشرعية
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، أحسن كل شيء خلقه. وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، الذي أرسله
رحمة للعالمين.القائل :" لاضرر ولاضرار" صلى الله عليه وسلم
إخوة الإيمان، حديثنا اليوم عن رحمٍ
وسعنا جميعًا، عن أمٍ كبرى تحتضننا من المهد إلى اللحد. إنها بيئتنا التي هي لنا
الرحم الثاني والأم الكبرى.
البيئة في الميزان الإلهي
لقد جاء القرآن الكريم ليؤكد هذه الحقيقة في آيات بينات، قال تعالى: "وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ" (الحجر: ١٩).
إنها الأرض الممدودة بالخيرات، المعدة لإعمار الإنسان.
البيئة في القرآن الكريم
١. الاستخلاف والعمارة: "هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" (هود: ٦١).
لقد جعلنا
الله عُمّارًا في الأرض، لا مخربين.
٢. التسخير والإكرام: "وَسَخَّرَ
لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ"
(الجاثية: ١٣). إنه تسخير تكريم، لا تسخير إهانة.
٣. الاعتدال والاتزان: "وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُون"(الحجر/19).
البيئة في السنة النبوية
١. الغرس صدقة جارية: قال صلى الله عليه
وسلم: "ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير أو إنسان أو
بهيمة، إلا كان له به صدقة"
٢. النظافة من الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (مسلم).
٣. الرفق بالحيوان: عن عبدالله بن عمر رضي
الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي
هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ"(البخاري ومسلم).
4- لا ضرر ولا ضرار عن أبي سعيد سعد بن سنان الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :"لا ضرر ولا ضرار"( ابن ماجة والدارقطني وغيرهما مسندا ).
امتازت قواعد الشريعة الإسلامية بشموليتها واتساع معناها ، بحيث يستطيع المرء أن يعرف من خلالها الحكم الشرعي لكثير من المسائل التي تندرج تحتها ، ومن جملة تلك القواعد العظيمة ، ما ورد من قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) ، فإن هذا الحديث على قصره يدخل في كثير من الأحكام الشرعية ، ويبيّن السياج المحكم الذي بنته الشريعة لضمان مصالح الناس ، في العاجل والآجل .
وإذا عدنا إلى لفظ الحديث ، فإننا نجد أنه قد نفى الضرر أولا ، ثم نفى الضرار ثانيا ، وهذا يشعرنا بوجود فرق بين معنى الضرر ومعنى الضرار ، وقد ذكر العلماء كلاما مطولا حول ذلك، وأقرب تصوّر لمعنى الكلمتين : أن نفي الضرر إنما قُصد به عدم وجود الضرر فيما شرعه الله لعباده من الأحكام ، وأما نفي الضرار : فأُريد به نهي المؤمنين عن إحداث الضرر أو فعله .
لقد حرّم الإسلام الضرار بكل صوره ، وجميع أشكاله ، حتى حرّم الإضرار بالآخرين منذ ولادتهم إلى حين وفاتهم ، بل وبعد موتهم ، فحرّم إضرار الأم بولدها ، كما قال الله تعالى :"لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا" ( البقرة : 233 ) ، وحرّم تغيير الوصية بعد سماعها ، وحرّم إضرار الموصي في وصيّته ، وحفظ للأموات حقوقهم حتى حرّم سب الأموات ، فما أعظمها من شريعة ، وما أحسنه من دين
"لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"، ومن جانب آخر فإن خلق الله (جل وعلا) للكون من حولنا نعمة عظيمة موصوفة بالكمال والإتقان، قال تعالى:"صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ" (النمل: 88)، ومن ثم فإن كل لون من ألوان الاعتداء على البيئة لهو صورة من صور الضرر، لهو صورة من صور التعدي على هذه النعمة، فالبيئة هي الوعاء الذي يحيا فيه الإنسان منا، وهي أساس تقوم عليها حياته ومعاشه، فكانت أمانة يجدر بنا أن نصونها ونحافظ عليها، ونستثمرها في الخير، إذ إن المحافظة عليها عبادة وطاعة، والإفساد فيها معصية، وقد قال تعالى:"وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا" (الأعراف: 56) يقول الإمام القُرطبي (رحمه الله)، في (الجامع لأحكام القرآن): "نهَى عن كل فسادٍ قلَّ أو كثُر بعد صلاحٍ قلَّ أو كثُر".
قصص نبوية في الحفاظ على
البيئة
١. قصة إماطة الأذى: كان صلى الله عليه
وسلم يسير في طريق مكة، فرأى غصن شوك على الطريق، فأخذه وأبعده، وقال: "لقد
رأيت غصن شوك على الطريق فَأَمْطَرْتُهُ عن المسلمين".
٢. قصة الغارس الأمين: جاء أعرابي إلى
النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة؟ فقال له: "ماذا أعددت لها؟"
قال: ما أعددت لها كثير صلاة ولا صوم، ولكنني أحب الله ورسوله. فقال: "أنت مع
من أحببت". ثم قال له: "إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع
أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها".
٣. قصة الماء والوضوء: رأى النبي صلى الله
عليه وسلم سعدًا يتوضأ فقال: "ما هذا السرف؟" فقال: أفي الوضوء سرف؟
قال: "نعم، وإن كنت على نهر جار".
رابعًا: واقعنا المؤلم
إخوة الإيمان، أمنا البيئة تصرخ اليوم:
· تختنق من دخان المصانع.. تبكي أنهارها الملوثة.. تنزف غاباتها المحترقة ..تئن من
نفاياتنا المتراكمة ..ونحن نساهم في هذا الدمار ب:
الإسراف في الماء.. تلويث الهواء.. القطع الجائر للأشجار.. إهدار الطاقة
مسؤوليتنا الشرعية
١. المسؤولية الفردية: كل واحد منا راعٍ
ومسؤول عن رعيته.
٢. المسؤولية الجماعية: قال صلى الله عليه
وسلم: "المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار"
٣. المسؤولية العالمية: قال تعالى:
"وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا" (الأعراف: ٥٦).
الخاتمة: دعوة للعمل
إخوة الإيمان، لنكن جنودًا لهذه الأم
الكبرى:
١. نحمي: نحمي شجر بلدنا وهواء مدينتنا
٢. ننظف: نحافظ على نظافة شوارعنا
وحدائقنا
٣. نوفر: نوفر في استهلاك الماء والطاقة
٤. نزرع: نزرع ولو نبتة واحدة
٥. نوعي: نعلم أبناءنا أن الحفاظ على
البيئة عبادة