recent
أخبار عاجلة

خطبة جمعة المهاجرون والأنصار، نفسياتٌ ومواقف جمع وإعداد منصور علي عبد السلام محمد

المهاجرون والأنصار، نفسياتٌ ومواقف 



الحمد لله المُنْفَرِدُ بالخلق والتدبيرْ، الواحدِ في الحُكْمِ والتقديرْ، الملكِ الذي ليس كَمِثْلِهِ شَيءٌ وهو السميع البصيرْ، المُنَزَّهِ في كمال وصْفِهِ عن الشَّبيهِ والنَّظيرْ، العليمِ الذي لا يَخْفَى عليه ما في الضميرْ، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده لا شريك له، كَمْ مِنْ هَمٍّ يَدُبُّ في الفؤادِ لا يَكْشِفُهُ أحدٌ إلا أنت، وكَمْ مِنْ مرضٍ يَبِيتُ في العِظامِ لا يَشْفِيهِ أحدٌ إلا أنت، وكَمْ مِنْ عَثْرَةٍ زَلَّتْ بها الأقدامُ لا يَقِيلُهَا أحدٌ إلا أنت.

لكَ الحمدُ يا مُستوجِبَ الحمدِ دائمًا       ...    على كلِّ حَـــــالٍ حَمْــــدَ فانٍ لدائمِ

وسبحـــــانكَ اللهُمَّ تسبيحَ شَاكــــرٍ       ...    لمعروفِكَ المعروفِ يا ذا المَـراحِمِ

وجُودُكَ موجــــودٌ وفضلُكَ فائضٌ       ...     وأنتَ الذي تُرجَى لكشفِ المَـظالمِ

وبابُكَ مفتــــوحٌ لكُــــــلِّ مُؤمِّــــلٍ       ...     وبِـرُّك ممنُـــوحٌ لكـــــلِّ مُصَــارِمِ

فيا فالِقَ الإصباحِ والحَـبِّ والنَّوى       ...     ويا قاسِـــمَ الأرزاقِ بيــن العَــوالِمِ

إليكَ توسَّلنـا بكَ اغْفِـــــــر ذُنُوبَنَـا       ...     وخفِّفْ عَنِ العَاصينَ ثِقْلَ المظَالـمِ

وحبِّبْ إلينا الحَـقَّ واعْصِــم قُلُوبَنَا      ...     من الزِّيغِ والأهواءِ يا خيرَ عاصـمِ

ودمِّـــرْ أعـــادِينا بسُلطانِكَ الــذي       ...     أذلَّ وأفنَى كُــــلَّ عَـــاتٍ وغاشــمِ

ومُـــــنَّ علينا يـومَ ينكَشِفُ الغِطَـا       ...     بِسِتْــــرِ خَطَايَانا ومَحْــــوِ الجَرَائمِ

وأشهد أنَّ سيدنا ونبينا وقدوتنا وأسوتنا محمدًا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله الأنقياء الأزكياء الأطهار، وصحابته الأخيار، مِنَ الذين هاجروا ابتغاءَ رِضوانِ الله وتَرَكُوا المالَ والوطنَ والدار، ومن الذين آوَوْا وَنصرُوا مِنَ الذين اسْتَحَقُّوا وصْفَ الإِكرامِ والإيثار، خيرِ الخلقِ من المهاجرين والأنصار، وسَلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.

مَحَمَّـــــــدٌ الْمَبْعُــوثُ لِلخَلْــقِ رَحْمَـــةً           ...        يَشَيِّدُ مَا أَوْهَــــى الضَّلاَلُ وَيُصْلِحُ

لَئِن سَبَّحَـــتْ صُــــمُّ الْجِبَــالِ مُجِيْبَـــةً           ...        لِــــدَاودَ أَوْ لاَنَ الْحَــــدِيْدُ الْمُصَفَّحُ

فَإِنَّ الصَّخُــــورَ الصُّـــمَّ لاَنَتْ بِكَفِّــــهِ           ...        وَإِنَّ الْحَصَى فِـــي كَفِّــــهِ لَيُسَبِّــحُ

وَإِنَّ كَانَ مُوْسَى أَنْبَع المَاء مِن الْحَصَى          ...        فَمِــنْ كَفِّهِ قَـــدْ أَصْبَحَ الْمَاءُ يَطْفَحُ

وَإِنْ كَانَـــتِ الرِّيْـــحُ الرَّخَـــاءُ مُطِيْعَةً           ...          سُلَيْمَـــانَ لاَ تَأْلُوْ تَرُوْحُ وَتَسْــرَحُ

فَإِنَّ الصِّبَــــا كَانـــَت لِنَصْــــرِ نَبِيِّـــنَا           ...         بِرُعْبٍ عَلَى شَهْرٍ بِهِ الْخَصْمُ يَكْلَحُ

اللهم فصلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وصَحابته الأخيار، والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

وصيتي لنفسي وإياكم يا عباد الله بتقوى الله، فاتقوا الله وخافوه وراقبوه، ولْنعلمْ جميعا علم يقين أننا جميعا بين يَدَيْ ربنا موقوفون، وعلى أعمالنا محاسبون، وعلى تفريطنا نادمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

اللهم ارْفَعْ حِجابَ الغَفلةِ عن قلوبِنا، وارْفَع الشُّرُودَ مِن أَذْهَانِنا، وارْفَع النُّعَاسَ وَقْتَ الخُطبةِ مِن أَعْيُنِنَا، واجعلنا جميعا مع الذكرى مِمَّنْ كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد:

أما بعد: فسنقف في هذه اليوم المبارك مع موضوع: " *المهاجرون والأنصار، نفسياتٌ ومواقف"*

والموضوع ينقسم إلى قسمين:

 *الأول: نفسيات المهاجرين والأنصار.*

 *الثاني: المهاجرون منهم الموقف ومنا الاقتداء.*

 *النقطة الأولى: نفسيات المهاجرين والأنصار.*

 *ما هي النفسيات التي اتصف بها المهاجرون والأنصار؟*

إن هذه النفسية تتضح لنا جليًّا من خلال النظر في آيتين من سورة الحشر، وهي مواصفات أثنى الله عليها بهم؛ *فأما المهاجرون فقد استحقوا الوصول إلى مرتبة الصدق* بقول الله تعالى عنهم نهاية آيتهم: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} *وأما الأنصار فقد استحقوا الوصول إلى مرتبة الفلاح* بقول الله عنهم نهاية الآية التي تتحدث عنهم: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

والآيتان هي قوله تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَوَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}.

 *الآية الأولى تتحدث عن النفسية التي كان عليها المهاجرون،* قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.

 *الدلات اللفظية في الآية،* استفتحت الآية بقوله: " *للفقراء* " والفقر الذي كان فيهم هل هو فقر أصالة؟ هل هو فقر صادر عن بطالة؟ هل هو فقر صادر عن كسل؟

لا، ليس كذلك؛ لأن الله قال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} معنى الآية: أنه كان لهم أموالٌ أُخرِجوا منها قسرًا، فصاروا بسبب هذا الإخراج فقراء.

{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا} ولم يقل: " خَرجُوا" لأنهم لم يخرجوا برضاهم، وإنما هناك من أخرجهم غصبًا حين فتنوهم عن دينهم، وإلا فإنهم متعلقون بوطنهم ودارهم تعلق الجنين بالقرار المكين، ولكنَّهم متعلقون بدينهم أكثر من ذلك فاحتفظوا بالدين وضَحَّوا بالوطن والبلد.

{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ}.

كلمة " *يبتغون* " هنا من أفعال القلوب، فلا أقول لك ابتَغِ بيدك، أو برجلك، أو بكلامك؛ لأن الابتغاء فعلٌ قلبي، فهؤلاء المهاجرون، ما هو مقصدهم؟؟ ما هي نيَّتُهم عندما هجروا الدار والمال والوطن؟ هل كانوا فقراء في مكة، ووجدوا المدينة بلاد رفاهية وسَعة في العيش والرزق، ولأجل ذلك هاجروا؟

لا، ليس ذلك، بل قال الله عنهم وعن مقصدهم: {يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} فالمقصد الوحيد لهم هو أنْ يتفضَّل الله عليهم ويرضى عنهم.

ولسان حالهم:

يا ربِّ رِضَاكَ خير من الدنيا وما فيها     *     يا مالكَ النَّفسِ قَاصِيهَا ودَانِيهَا

فليْــــسَ للنَّفْـــــسِ آمَــــــــالٌ تُحَقِّـــقُهَا     *     سِوَى رِضَاكَ فذا أشْهَى أَمَانِيهَا

 *_فَتَصَوَّرْ أنك هَجَرْتَ بلدَك وأحبابَك ومَالَك مِنْ أجل أنْ تَحْصُلَ على رضا الله ربِّك* *وخالقِك ومالِك أمرِك* ،_ وليس لك أيُّ غرضٍ دُنيوي، ولا مصلحةٍ نفسية؛ لأنه لو كان لهم مصلحةٌ نفسية أو غَرَضٌ دُنيوي، فليسوا من المهاجرين إلى الله ورسوله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد بيَّن لهم وللجميع بقوله: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».

ثم قسَّم الهجرة هجرتين فقال: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ، وَإِلَى رَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ» هؤلاء يدخلون تحت قول الله عز وجل: { يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}، ثم قال عليه الصلاة والسلام: «وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» أي: لو كانت هجرتُه من أجل رزقٍ يبتغيه أو امرأةٍ يحبها يجتمع بها في المدينة فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ. والحديث رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

 *فهذه هي النفسية التي كانت عند المهاجرين،* جعلتْهم يرتفعون إلى مرتبة: {وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}.

فهذه هي النفسية عند المهاجرين؛ حيث تبيَّنَ أنَّ هَدَفَهم الوحيد هو رضا الله عنهم، ونُصْرَةُ اللهِ ورسوله.

 *وأمَّا النفسية التي كانت عند الأنصار،* فقد وصفهم الله بالإيمان والمحبة وسلامة القلوب والكرم والإيثار، قال الله تعالى في حقهم: {وَالَّذِينَ تبوؤوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ} فهم بَذَلُوا دِيارَهم ووطنهم وأرضهم لإخوانهم المهاجرين، قال تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} فهم من استوطنوا الدار وَمَنْ هيأوا أنفسهم وديارهم قبل وصول المهاجرين، والمعنى أنَّ المهاجر لم يصل إلا وقد استقبلته قلوب الأنصار قبل أن تستقبلهم البلد؛ لأنَّ هذه القلوب قد امتلأَتْ بالإيمان، فهان عليها البذل، وسَهُلَ عليها التضحية.

ثم قال الله عز وجل في حق الأنصار كذلك: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}.

والمحبة عمل قلبي، فقد أُخبركَ بأنني أُحبُّكَ وأتظاهر بذلك مع أنني لا أحبك وأدَّعي أنني أحبُّك، ولكنَّ اللهَ الذي اطَّلع على قلوب الأنصار فوجدها مليئَةً بحبِّ المهاجرين فقال: *(يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ* }.

ثم إنَّ عليك أنْ تتصوَّر في واقعنا، فقد يكون هناك تسجيل أسماء إما في منَظَّمات إغاثة أو غيرها مما يجعلك تأخذ منها بعض المال أو التغذية، فماذا لو سجلوا اسم جارِك أو صاحبِك وأنت لم يسجِّلوا اسمك، ووجدْتَّه يستلم المال أو الغذاء أو غيرها، وأنتَ لم تحصلْ على شيءٍ من ذلك؟

    ما هي المشاعر التي ستَحْمِلُها في قلبك؟

هذه المشاعر ستكون على الأقل مشاعر حقْدٍ وبُغضٍ وكراهة، هذا إنْ لم تُحْدِثْ مشكلة بسبب هذا.

ولكنْ عليك أن تنظر ماذا كانت مشاعر الأنصار حين كان يُعطَى العطاء لغيرهم وهم لم يأخذوا شيئًا، قال الله تعالى عن ذلك: *{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}،* فهذه هي المشاعر التي كانت عند الأنصار، لا يجدون في صدورهم حاجةً ولا حقدًا ولا حسدًا عندما يُعطَى الآخرون وهم لم يُعطَوا مثلهم.

بل وكانت لهم ميزة أعظم من ذلك فقال الله عنهم: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} فهم يؤثرون غيرهم؛ لأنَّ البعض قد يتصوَّر أنَّ الأنصار كانوا في رفاهية وغنًى زائد حتى يعطوا الغير، لم يكونوا في ذلك، بل كانت تمرُّ بهم مراحل فقر، كما وصفهم الله بقوله: {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} والخصاصة هي الفقر، ومع هذه الخصاصة يؤثرون، والإيثار عندما تعطي شيئًا أنت تحتاجه، ولكنَّ الإيمان الذي يملأ العزيمة والهمة يجعلك تؤثر، فكأَنَّ الإيمان بديلًا عن طعامهم الذي سيقتاتونه.

هذه المواصفات التي كانت عند الأنصار جعلتْهم يرتقون إلى مرتبة "أنَّ اللهَ وقاهم شُحَّ أنفسهم" وجعل الله وصْفَهم هذا قانونًا يشمل كُلَّ مَن اتَّصَفَ بهذه الصفات العليَّة فقال: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

إذًا هذه هي مواصفات المهاجرين والأنصار، فماذا يكون موقف من جاء بعدهم؟

قال تعالى وهو يوجِّه مَن جاء بعدهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} سورة الحشر (10).

{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} المجيءُ نوعان: بمعنى المجيء الزمني، فكلُّ مَنْ جاء بعد المهاجرين والأنصار ولو إلى يوم القيامة، كلُّ مَن جاء بعدهم فإنَّ الله ضَبَطَ  علاقتهم مع المهاجرين والأنصار في هذه الآية.

ومن معاني المجيء بعدهم: أن نتخذ منهم قدوة؛ لأنهم أكثر الأجيال معرفة بمنهجية رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يؤيِّدُ هذا هو قول الله تعالى في سورة التوبة: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (100).

فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} فالاتِّبَاعُ بإحسانٍ هي الاقتداء بما كانوا عليه من فِعْلٍ حسَن.

والآية السابقة في سورة الحشر: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} هذه الآية تحدد العلاقة مع المهاجرين والأنصار.

فما هي هذه العلاقة التي تحددها الآية؟؟

كلُّ مَنْ جاء بعدهم ينبغي عليه أن يكون له ثلاثة مواقف منهم:

 *الموقف الأول:* أن يتخذ منهم قدوة، حتى يدخل في الذين قال الله فيهم: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}.

 *والموقف الثاني:* أن يُحسن الظن بهم ويدعو الله بالمغفرة لهم، لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ}، فيجب عليَّ أنْ أحسنَ الظنَّ بهم؛ لأنَّ الله قال: {ولإخواننا} فهم إخواني في الإيمان، بل وهم لهم الأسبقية في إيمانهم بالله، {وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} فهو قد سبقنا بالإيمان بمعنى أنَّ إيمانَهُ أكثر مني، وإيمانه متقدم على إيماني، فأدعو الله لي ولهم بالمغفرة.

 *والموقف الثالث:* أن يدعوَ الله عز وجل أن يزيلَ الغِلَّ من قلبه على كلِّ مؤمن سواءً كان المؤمن في زمنه أو المؤمنين قبله في كل زمان حتى يصل إلى زمن المهاجرين والأنصار ومن قبلهم؛ لقوله تعالى: {ولا تجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا}.

وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.

 *الخطبة الثانية*

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه، خَيْرُ نبيٍّ أرْسَلَه.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.                                                            وصيتي لنفسي وإياكم يا عبادَ الله بتقوى الله وطاعته، فاتقوا الله وخافوه راقبوه.                                                              أما بعد: فلا زلنا مع موضوع: المهاجرون والأنصار نفسيات ومواقف.

 *النقطة الثانية : المهاجرون منهم الموقف ومنا الاقتداء.*

وأما المهاجرون والأنصار فينبغي علينا أن نقتدي بهم؛ لأن الله عز وجل قال: {والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان..} قال: {والذين اتَّبَعُوهُمْ} فما معنى أن نَتَّبِعَهُم؟ أي: أن نقتدي بهم، وليس المراد به مجرد اتباع في الزمن كما قدَّمْنا ذلك.

فإذا علمنا أنه ينبغي علينا أن نقتدي بهم، قد تقول: كيف لي أن أقتدي بهم؟ هل أهجر وطني وبلدي وبيتي ومزرعتي وأترك كل ذلك وأغادر إلى بلدٍ آخر من أجل الحفاظ على ديني؟

قبل الإجابة على هذا التساؤل وخاصةً وقد علمتَ أنه ينبغي لك أن تقتدي بهم، فيلزمنا أن نتخيل أننا من الصحابة هؤلاء الذين هاجروا.

 *ما معنى أنني واحدٌ من الصحابة المهاجرين؟ هل ذلك سهلٌ عليَّ أم لا؟*

إن الإجابة على هذا التساؤل: هي أنني لو كنتُ واحدًا من المهاجرين فمعناه أن البلد الذي طالما أَلِفْتُه، والأصحاب الذين طالما رافقتُهم، والبيت التي طالما تعبتُ في بنائها، وضحيتُ بمالي وعَرَقِي من أجل الاعتناء بها، والتي أنا مُتَعَلِّقٌ بها، ثم المزرعة التي طالما ضحيتُ بالغالي والرخيص من أجلها، والتي قد أُضَحِّي بروحي في سبيل الدفاع عنها، ثم الأملاك التي طالما حافظتُ عليها.

بل كل ما له صلة وعلاقة ببلدي.. كلُّ ذلك أتركه وأمضي إلى بلدٍ آخر لم تأْلَفْهُ نفسي، وإلى أُنَاسٍ غُرَباء عَنِّي لا صاحبَ لي بينهم، ولا معرفة سابقة بيني وبينهم.

هذا معنى أنني واحدٌ من هؤلاء المهاجرين.

سترى أنَّ هذا الأمر صعبٌ عليك إلى حدٍّ لا يمكنك أن تفعلَه، وستجد أنَّ المعاناة بدأتْ تتسرَّبُ إليك بمجرَّد الخيال هذا.

ولكنْ بعد هذا الخيال أقولُ لي ولك: إذا كان هذا الذي تَخَيَّلْتَه عن نفسك ماذا لو كنتَ من المهاجرين؟ إذا كان هذا مُجَرَّد خيال عندي وعندك، ولكنْ هكذا هاجر أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقةً، وليس خيالًا.

لقد ضحَّوا بالوطن الذي أَلِفُوهُ، والبيت الذي بَنَوه، والأصدقاء الذين رافقوهم، والأملاك التي طالما احتفظوا بها، لقد ضحَّوا بالغالي والنفيس وبالوطن وبالدار والأهل والمزرعة والأملاك، وعانوا أكثر مما عانيتَ وأنتَ تتخيل، ولكنهم ضحوا بكل ذلك ولم يُبالوا في سبيل أن يبقى لهم دينُهم سليمًا.

إذًا فهجرة النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن رحلةً ترفيهية يُسَلُّون بها أنفسهم، ولم تكن سياحة يُغَيِّرون بها الجو، ولم تكن رحلة بحثٍ عن الرزق، بل كانت رحلةً شاقَّةً على نفوسهم.

فقد ذاقوا معاناة فراق وطنهم مكة، فهذا نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحب مكة ويعشقها، فقد ﺃﺧﺮﺝ اﻷﺯﺭﻗﻲ ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﺑﻦ ﺳﺎﺑﻂ ﻗﺎﻝ ﻟﻤﺎ ﺃﺭاﺩ ﺭﺳﻮﻝ اﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ أﻥْ ﻳﻨﻄﻠﻖ ﺇﻟﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﺳﺘﻠﻢ اﻟﺤﺠﺮ ﻭﻗﺎﻡ ﻭﺳﻂ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭاﻟﺘﻔﺖَ ﺇﻟﻰ اﻟﺒﻴﺖ ﻓﻘﺎﻝ: ﺇﻧﻲ ﻷﻋﻠﻢ ﻣﺎ ﻭﺿﻊ اﻟﻠﻪ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﺑﻴﺘﺎ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﻚ ﻭﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﺭﺽ ﺑﻠﺪ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻴﻪ ﻣﻨﻚ ﻭﻣﺎ ﺧﺮﺟﺖ ﻋﻨﻚ ﺭﻏﺒﺔ ﻭﻟﻜﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻛﻔﺮﻭا ﻫﻢ ﺃﺧﺮﺟﻮﻧﻲ.

ذكره السيوطي في الدُّر المنثور.

وفي رواية أنه قال عندما هاجر: «أَمَا وَاللَّهِ إِنَّكِ لَأَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَلَوْلَا أَنَّ أَهْلَكِ أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا خَرَجْتُ».

وكذا الصحابة، تَغَيَّرَ عليهم الجَوَّ وأُصِيبُوا بالمرض.

فقد روى الإمام البخاري أنَّ أبا بكر الصدِّيق رضي الله عنه بعد وصولهم المدينة أُصِيبَ بالحُمَّى، فكان إذا أَخَذَتْهُ الحُمَّى يقول:

كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ.

وَكَانَ بِلاَلٌ إِذَا أُقْلِعَ عَنْهُ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ، أي: صوتَه بالبكاء فَيَقُولُ:

أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً   ...     بِوَادٍ وَحَـــوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ؟

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًــــا مِيَاهَ مَجِنَّةٍ   ...    وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ؟

فمعنى قوله: «مَجِنَّةٍ» هو: موضع على أميال من مكة، ومعنى: " إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ" هي نباتات وحشائش كانت في مكة، ومعنى: " شَامَةٌ وَطَفِيلُ" هما جبلان بمكة كما يذكر الزرقاني في شرحها، فقد كان بلالٌ – رضي الله عنه - يتمنى ليلةً واحدةً من ليالي مكة، بل ويتمنى أن تعود ذكريات مكة التي تمثَّلَت بأشجار مكة، وجبالها، والمواضع والمِيَاه التي فيها.

فلما سمعَتْ عائشة – رضي الله عنها- ذلك منهما قَالَتْ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ، أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا".

والغَرَضُ أنهم ما فارقوا مكة وأنفسُهم راغبةٌ بذلك، بل كان من الصعب بمكان هذا الفراق الذي مضوا فيه ليضحوا من أجل دينهم.

 *أيها الأخ المؤمن:*

الآن أقول لك: ما دام أن المهاجرين والأنصار هم القدوة لك فيلزمك أن تهاجر حتى تحقق معنى القدوة بهم.

فأنت ستقول: ما الداعي الآن إلى الهجرة؟، الأمور بخير، وديني سليم، ولا أحد يؤذيني في ديني، ولا يوجد من يُنَغِّصُ عليَّ، ولا يوجد كلُّ الذي حصل للمهاجرين، فأنا أعبدُ الله بكل حريتي، ولم يحصل لي أذًى في ديني وعقيدتي، ثم ستقول: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا».

فَلِأَجْلِ ذلك يجب أنْ تَعْلَمَ أنَّ أجرَ الهجرة عظيم، فقد مدَح الله نيَّتهم فقال: {أُخْرِجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلًا من الله ورضوانا}.

ومدَح الله درجتهم فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}.

ومدَح الله إيمانهم فقال في سورة الأنفال: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}.

ومدَح الله رزقهم فقال في سورة الحج: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا}.

ومدح الله دارَهم الذي ينتظروه فقال: {لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ}.

وغير ذلك من الفضائل الكثيرة.

فهل هذا الأجر والثواب مخصوص بهم وحدهم؟

وهل نحن في هذا الزمان محرومون من أجر وثواب الهجرة؟

حاشا ربنا الكريم أن يحرمنا أجرًا عظيمًا مثل هذا.

ولكنْ هذا الأجر ما جاءهم إلا بالتضحية.

 *الحديث مع النفس:*

أيها الإخوة المؤمنون :

عندما نذكر لأنفسنا الأجر والثواب والفضل الذي ناله المهاجرون ثم نذكر التضحية التي ضحوا بها من أجل الوصول إلى هذا الفضل، فإنني أشاور نفسي، ولكنَّ أكتشف أنَّ نفسي تريد من ربها أجرًا ليس فيه تضحية؛ لأنها فكرَتْ في البلد والولد والدار والمال والمزرعة والأملاك فقالت: مستحيل أنْ أفعل هذا.

فلما رأيتُ شُحَّ النفسِ وهَلعَهَا ومَنْعَهَا وحِرْصَهَا.. طمأنتُها وقلتُ لها: لا عليكِ، ستبقين في بلدك، وفي بيتك ومزرعتك وعند أملاكك.. ومع ذلك سيُكْتَبُ لكِ ثوابُ المهاجرين.

فهل يمكن ذلك؟

نعم، يُمْكِنُكِ ذلك، ولكنْ يا نفسُ، *هل يُمْكِنُكِ أن تهجري حقوق الناس وحقوق الأرحام، وتضحي بها لكي تعود الحقوق إلى أهلها حتى تكوني من المهاجرين؟*

 *هل يُمْكِنُكِ يا نفس هجر التلفون ساعةً للتفرغ لذكر الله وعبادته وتلاوة كتابه حتى تكوني من المهاجرين؟*

 *هل يُمْكِنُكِ يا نفس أن تهجري مَرْقَدَكِ وقت صلاة الفجر حتى تكوني من المهاجرين؟*

 *هل يا نفسي، يُمْكِنُكِ هجر الآثام حتى تكوني من المهاجرين؟*

وأُبَشِّرُكِ يا نفسُ بأنَّ فضْل الهجرة ليس خاصًّا بأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – مع أنهم كانوا هم خِيرَةَ مَنْ هَاجَرَ بعد الأنبياء.

 *فما هو الدليل على أنَّ الهجرة يمكننا الحصول عليه ولو كنا في هذا الزمن المتأخر؟*

الدليل ما رواه أحمد بإسنادٍ صحيح، عن جُنادَة بن أبي أميّة- رضي الله عنه- أنّ رِجَالًا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال بعضُهم: الهجرة قد انقطعَتْ، فاختلفوا في ذلك. فانطلقْتُ إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-  فقلت: يا رسول الله، إنّ ناسًا يقولون: إنّ الهجرة قد انقطَعَتْ، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم-: «إنّ الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد»

وروى الإمام أحمد – كذلك- بإسنادٍ صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهم-: إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إنّ الهجرة خصلتان، إحداهما أن تهجر السّيّئات، والأخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله، ولا تنقطع الهجرة ما تُقُبِّلَتِ التّوبة، ولا تزال التّوبةُ مقبولةً حتّى تطلع الشّمس من المغرب، فإذا طلعت طُبِعَ على كلّ قلب بما فيه، وكُفِيَ النّاسُ العمل»

 *كيف أكون من المهاجرين وأنا في هذا الزمان؟*

أيها الإخوة المؤمنون:

لِنَسْمَع جميعًا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إنْ هو إلا وحيٌ يُوحَى فيما رواه الإمام الطبراني بإسنادٍ جيدٍ من حديث أُمِّ سُلَيْمٍ، أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ- رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. فقَالَ: «اهْجُرِي الْمَعَاصِي، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ الْهِجْرَةِ، وحافِظِي عَلَى الْفَرَائِضِ، فَإِنَّهَا أَفْضَلُ الْجِهَادِ، وَأَكْثِري ذَكَرَ اللَّهِ، فَإِنَّكِ لَا تَأْتِينَ اللَّهَ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِهِ».

google-playkhamsatmostaqltradent