recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة الصوارم الحسان للدفاع عن الأوطان لفضيلة الشيخ السيد مراد سلامة

 الصوارم الحسان للدفاع عن الأوطان 

 

 تعريف الوطن لغة واصطلاحاً

  وجوب محبة الأوطان

 حب الأوطان غريزة في بني الإنسان 

  دعاء الأنبياء لأوطانهم 

من حب الوطن الاستشفاء بتراب الوطن 

من حب الوطن الاستشفاء بتراب الوطن 

  وجوب الدفاع عن الأوطان  

الحمد لله الحكيم الرؤوف الرحيم الذي لا تخيب لديه الآمال، يعلم ما أضمر العبد من السر وما أخفى منه ما لم يخطر ببال، ويسمع همس الأصوات وحس دهس الخطوات في وعس الرمال، وير حركة الذر في جانب البر وما درج في البحر عند تلاطم الأمواج وتراكم الأهوال، أفلا يستحي العبد الحقير من مبارزة الملك الكبير بقبح الأفعال

واشهد إن لا اله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد وهو علي كل شيء قدير

وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه

ثم أما بعد:

أمة الحبيب الأعظم نقف اليوم مع ذلك الوطن المجروح في أبنائه و شباب من أناس لا يخافون الله تعالى و أصبحت إراقة الدمة أمرا سهلا هينا عند هؤلاء فهم يقتلون لأدنى شبهة  يخربون الأوطان و يدمرون البنيان و يشعلون النيران حالهم كما قال الشاعر

بعضي على بعضي يجرد سيفه *** والسهم مني نحو صدري يرسل

النار توقد في خيام عشيرتي .*** وانا الذي يا للمصيبة اشعل

أناس لا يقدون وطنا يذكر فيه اسم الله و ترفع فيه الجمع و الجماعات

تعالي يا أمة محمد لنعيش مع الوطن و مدلوله و محبته ووجوب الذود عنه

 تعريف الوطن في اللغة

في اللغة : ـ قال ابن منظور في لسان العرب

الوطن المنزل الذي تقيم فيه وهو موطن الإنسان ومحله يقال أوطن فلان ارض كذا وكذا اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيه .

وقال الزبيدي : ـ الوطن منزل الإقامة من الإنسان ومحله وجمعها أوطان .

تعريف الوطن اصطلاحا:

1ـ عرف الجرجاني الوطن في الاصطلاح بقوله ( الوطن الأصلي هو مولد الرجل , والبلد الذي هو فيه . (1)

2ـ عند الرجوع إلى كتب المعاجم والموسوعات , وخاصة السياسية منها نجد أنها لاتختلف عن المعنى اللغوي

أ) ففي المعجم الفلسفي يقول ( الوطن بالمعنى العام منزل الإقامة , والوطن الأصلي : هو المكان الذي ولد فيه الإنسان , أو نشأ فيه .

ب) في معجم المصطلحات السياسية الدولية : الوطن هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه بها , وانتهائه إليها.

من هذه التعريفات توصل الدكتور زيد العبد الكريم الزيد إلى أن الوطن المراد هنا هو الوطن الخاص , الذي يلد الشخص ولادة ونشأة أو نشأة فقط .

وتعارف الناس عليه في العصر الحاضر بالحصول على الجنسية , أو رابطة الجنسية وهو لبنة متماسكة في بناء الوطن العام الذي يحد بالعقيدة الإسلامية ولا يحد بحدود جغرافية.

  وجوب محبة الأوطان

و اعلم علمني الله تعالى وأباك أن محبة الأوطان واجبة على أهل الإيمان و الذي يتأمل القران الكريم يجد أن الله تعالى سوى بين القتل و بين الخروج من الأوطان فدل ذلك على أن الوطن و محبته مركوزة في نفسية الإنسان  قال الله تبارك وتعالى: ﴿  وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ ﴾ [النساء:66] ؛ فقرن جل شأنه الجلاء عن الوطن بالقتل ، وهو بمفهومِه -عباد الله- يفيد أنَّ الإبقاءَ فيه عديلُ الحياةِ ، وقال الله سبحانه وتعالى : ﴿  قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا﴾ [البقرة:246] ؛ فجعل القتال ثأراً للجلاء .

أيها المؤمنون : وإذا كان هذا الحب قائمًا في نفوس البشر كلٌّ لوطنه فكيف الأمر في هذا الوطن المبارك ؛ بلدِ التوحيد والعقيدةِ ، ومَهدِ السنة والرِّسالة ، ومهبط الوحي ومأرِز الإيمان ، وأرضِ الحرمين ، وقِبلة جميع المسلمين ؟!

أيها المؤمنون : إن الوطن المسلم القائم على الشرع المقيم لحكم الله جل وعلا قد اجتمع لأهله حبان :

حب فطري وهو المتقدم ذكره .

وحب شرعي وهو ذلكم الحب العظيم المبني على الصلاح والإصلاح .

  حب الأوطان غريزة في بني الإنسان 

حب الوطن والالتصاق به والإحساس بالانتماء إليه، شعور فطري غريزي يعم الكائنات الحية ويستوي فيه الإنسان والحيوان، فكما أن الإنسان يحب وطنه ويألف العيش فيه ويحن إليه متى بعد عنه، فإن الحيوانات هي أيضا تألف أماكن عيشها ومقارها ومهما هاجرت عن أوطانها خلال بعض فصول العام، هي ما تلبث أن تعود مشتاقة إليها.

لقد فطر الإنسان على أمور عديدة، من تلك الأمور أن يحبَّ المرء ماله وولده وأقاربه وأصدقاءه، ومن هذه الأمور كذلك حبّ الإنسان لموطنه الذي عاش فيه وترعرع في أكنافه، وهذا الأمر يجده كل إنسان في نفسه، فحب الوطن غريزة متأصّلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا هوجِم، ويغضب له إذا انتُقص.

ومهما اضطر الإنسان إلى ترك وطنه فإنّ حنين الرجوع إليه يبقى معلّقًا في ذاكرته لا يفارقه، ولذا يقول الأصمعي: "قالت الهند: ثلاث خصال في ثلاثة أصناف من الحيوانات: الإبل تحن إلى أوطانها وإن كان عهدها بها بعيدًا، والطير إلى وكره وإن كان موضعه مجدبًا، والإنسان إلى وطنه وإن كان غيره أكثر نفعًا".

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ -في حديث بدء الوحي - حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ ...)

فلما اخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – و قال كما في حديث ع عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْحَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِالْحَزْوَرَةِ، يَقُولُ: " وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ "

قال عمر رضي الله عنه: " عَمَّر الله البُلدان بحبِّ الأوطان ".

وكان يقال: لولا حبُّ الناس الأوطان لخسرت البُلدان.

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى .*** ما الحب إلا للحبيب الأول

كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** وحنينه أبدا لأول منزل

  دعاء الأنبياء لأوطانهم 

و من حب الأوطان الدعاء لها بالخير و النماء و العافية من البلاء ، وهذا من شان الأنبياء و الصالحين أن يسألوا الله تعالى أن يبارك لهم في أوطانهم

* دعا إبراهيم الخليل- صلى الله عليه وسلم-  لمكة { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] فدعوة إبراهيم تركزت علي الآن والرزق وهو ما يعني الآن الاقتصاد في التوقيت المعاصر

* دعاء النبي – صلى الله عليه وسلم – للمدينة وقد دعا النبي صلي الله عليه وسلم للمدينة الَتْ عَائِشَةُ: عن رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: " اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا، وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا بِالْجُحْفَةِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلبوا الدعاء من النبي صلوات الله عليه وسلم

عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالَوا: وَفِي نَجْدِنَا، قَالَ: «اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا»،.

دعا النبي صلى الله عليه وسلم لوطنه، فالمرء الصالح يتمنى الخير لموطنه، ويبغض كل ما يسوء إلى وطنه، ويرى وطنه أنها أجمل وأفضل بقاع الأرض مهما فعلوا فيه أهلها.

 من حب الوطن الاستشفاء بتراب الوطن 

و من العجيب عباد الله الاستشفاء بتراب الوطن ورد ذلك عن النبي – صلى الله عليه وسلم - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ لِلْمَرِيضِ بِسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنَا يُشْفَى سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا" أخرجه البخاري

فقد ذكروا أنه ينبغي للمسافر أن يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها ، حتى إذا ورد المياه المختلفة جعل شيئا منه في سقائه ليأمن مضرة ذلك

* ولذلك قال بُقراط: يُداوى كلُّ عليلٍ بعقاقير أرضه؛ فإنَّ الطبيعة تتطلَّع لهوائها، وتنزع إلى غذائها.

* وقال أفلاطون: غذاء الطبيعة من أنجع أدويتها.

* وقال جالينُوس: يتروّح العليل بنسيم أرضه، كما تنبت الحبة ببلِّ القطْر.

وكانت العرب إذا غزتْ وسافرتْ حملتْ معها من تُربة بلدها رملاً وعفراً تستنشقه عند نزْلةٍ أو زكام أو صُداع. وأُنشد لبعض بني ضبَّة:

نسير على علمٍ بكُنه مسيرنا *** وعُدّةِ زاد في بقايا المزاودِ

ونحمل في الأسفار ماء قبيصةٍ *** من المنشأ النائي لحبِّ المراودِ

* واعتلَّ سابور ذو الأكتاف بالرُّوم، وكان مأسوراً في القدّ، فقالت له بنت ملك الرُّوم وقد عشقتْه: ما تشتهي مما كان فيه غذاؤك؟ قال: شربةً من ماء دجْلة، وشمَّةً من تربة إصطخر! فغبرت عنه أيّاماً ثم أتته يوماً بماءِ الفرات، وقبضةً من تراب شاطئه، وقالت: هذا من ماء دجلة، وهذه من تربة أرضك، فشرب واشتمَّ من تلك التُّربة فنقه من مرضه.

  الحنين إلى الأوطان من شيمة الأنسان 

حنين الصحابة رضي الله عنهم إلى مكة:  فقد حن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إلى أوطانهم و انشدوا في ذلك الأشعار فها هو بلال و أبو بكر – ضي الله عنهما بيكيان و ينشدان الأشعار حنينا إلى مكة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: " لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وُعِكَ أَبُو بَكْرٍ وَبِلالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِمَا، فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ وَيَا بِلالُ كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَتْ: فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ إِذَا أَخَذَتْهُ الْحُمَّى يَقُولُ:

كُلُّ امْرِئٍ مُصْبِحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ

وَكَانَ بِلالٌ إِذَا أَقْلَعَ عَلَيْهِ يَرْفَعُ عَقِيرَتَهُ، فَيَقُولُ:

أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ، وَحَوْلِي إِذْخَرٌ وَجَلِيلُ

وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجِنَّةٍ ... وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ

قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا وَانْقُلْ حِمَاهَا فَاجْعَلْهُ بِالْجُحْفَةِ». أخرجه البخاري

ولو لا نزوع النفس إلى مسقط الرأس ودائرة الميلاد لم ينزل ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ﴾ (القصص: من الآية 85)، وقد صدق ابن الرومي حيث قال:

وحبب أوطان الرجال إليهم*** مأرب قضاها الفؤاد هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم ***عهود الصبي فيها فحنوا لذالكا

وجاءت أشعار السلف في التعبير عن حبهم لأوطانهم، وشغفهم وحنينهم إليها تترا، فهذا أبو بكر العلاف أنشد يقول:

كما تُؤلف الأرض التي لم يكن بها *** هواء ولا ماء سوى أنها وطن

وأنشد علي بن محمد التنوخي:

ما كنت أول مشتاق إلى وطن***  بكى وحن إلى أحبابه وصبا

  وجوب الدفاع عن الأوطان  

ثم اعلموا عباد الله أن الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الوطن بالسلاح وبالكلمة والدفاع عن الوطن بالسلاح والكلمة جهاد ولا ريب فيه لمن أخلص نيته ومن قتل في ذلك فنرجو له الشهادة

عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ، فَهُوَ شهيد". أخرجه أحمد

قُلْتُ- البغوي : ذَهَبَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أُرِيدَ مَالُهُ، أَوْ دَمُهُ، أَوْ أَهْلُهُ فَلَهُ دَفْعُ الْقَاصِدِ وَمُقَاتَلَتُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ بِالأَحْسَنِ فَالأَحْسَنِ، فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ إِلا بِالْمُقَاتَلَةِ، فَقَاتَلَهُ، فَأَتَى الْقَتْلُ عَلَى نَفْسِهِ، فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَلا شَيْءَ عَلَى الدَّافِعِ" أخرجه أحمد

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ: " فَلَا تُعْطِهِ مَالَكَ ". قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي , قَالَ: " قَاتِلْهُ " , قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي , قَالَ: " فَأَنْتَ شَهِيدٌ " , قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: " فَهُوَ فِي النَّارِ ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ

فعلى هذا فان كل من قتل دون أرضه او عرضه او ماله أو دينه او اهله فهو شهيد والوطن مال وعرض وأهل ودين ونشر الأمن في ربوعه غاية دينية شرعية

فيا حُماة العرين، وأُباة العِرنين: إن الله تعالى لما ارسل رسوله صلى الله عليه وسلم – أرسله للحفاظ على الكليات الخمس

1- الدين 2- العقل 3-العرض 4-المال 5- النفس

و هذه الخمس مجتمعة في أي وطن إسلامي تقام فيه شعائر الإسلام و ترفع فيه راية التوحيد

فشرع رد الصائل

أ) الصائل على العرض: ولو كان مسلماً إذا صال على العرض وجب دفعه باتفاق الفقهاء ولو أدى إلى قتله، ولذا فقد نص الفقهاء على أنه لا يجوز للمرأة أن تستسلم للأسر ولو قتلت إذا خافت على عرضها.

ب) أما الصائل على المال أو النفس: فيجب دفعه عند جمهور العلماء ويتفق مع الرأي الراجح في مذهبي مالك والشافعي ولو أدى إلى قتل الصائل المسلم، ففي الحديث الصحيح (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي.

قال الإمام الجصاص بعد هذا الحديث في أحكام القرآن الجزء 1/242: (لا نعلم خلافاً أن رجلاً لو شهر سيفاً على رجل ليقتله بغير حق أن على المسلمين قتله).

قال الشيخ عبد الله عزام: (وفي هذه الحالة - الصيال - إذا قتل الصائل فهو في النار ولو كان مسلماً، وإذا قتل العادل فهو شهيد،

و الله جل جلاله امرنا الدفع في غير ما آية من الآيات و لنذكر منها

امرنا بقتال الفئة الباغية: يقول الله عز وجل: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 9، 10]

فإذا فرض الله علينا قتال الفئة الباغية المسلمة حفظاً لوحدة كلمة المسلمين وحماية دينهم وأعراضهم وأموالهم، فكيف يكون الحكم في قتال الدول الكافرة الباغية؟ أليس هذا أولى وأجدر.

حد لنا  حد الحرابة: قال تعالى: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المائدة: 33، 34]

هذا حكم المحاربين من المسلمين الذين يخيفون عامة المسلمين ويفسدون في الأرض ويعبثون بأموال الناس وأعراضهم ولقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرنيين كما في الصحيحين فكيف بالدول الكافرة التي تفسد على الناس دينهم ومالهم وعرضهم أليس قتالها أوجب على المسلمين وأحرى؟!

وفي تفسير قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عليكمْ فاعْتَدُوا عليهِ بمِثْلِ ما اعْتَدَى عليْكُمْ). (البقرة الآية : 194). يقول فضيلة الشيخ أحمد الشرباصي الأستاذ بجامعة الأزهر رحمه الله:

وهذه الآية تُفيد أن ردَّ العدوان يكون بمثل ما حَدَثَ به العدوان من أسلحة وآلات؛ لأننا لا نستطيع أن نُحطِّم العدوان الباغي إلا بعقوبة مماثلة له حتَّى تَرْدَعُه وتسحقه؛ ولذلك قال بعض المفسرين إن العدو الذي يقاتلنا بالمدافع والقذائف النارية أو الغازية السامَّة يَجب أن يُقاتَل بمثلها ما دام مُصِرًّا على استعمالها، وإلا لم تتحقَّق الحكمة الشرعية من القتال وهي منع الظلم وسَحْقِ العدوان، والبادي أظلم وعلى الباغي تدور الدوائر.أ.هـ

  ويُشترط في أعمال الدفاع شرطان:  

1- شرط اللزوم: وذلك بأن تكون أفعال الدفاع لازمة لرد العدوان.

2- شرط التناسب وذلك بأن تكون أعمال الدفاع متناسبة مع أعمال العدوان مصداقا لقوله تعالى " فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (البقرة: 194).

هذه هي أهم شروط الدفاع الشرعي-في الشريعة الإسلامية- وهي أيضا ذات الشروط المقررة في القانون الدولي المعاصر، ويتضح منها أن الإسلام أباح حق الدفاع الشرعي بجانبيه الفردي والجماعي، إذا توافر شرطاه: وقوع عدوان، والرد المناسب عليه

ولعل خير من عبَّر عن ذلك الإمام الفراء في معاني القرآن، حيث يقول:

"فإن قال قائل: أرأيت قوله (فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ) أعدوان هو وقد أباحه الله لهم؟ قلنا: ليس بعدوان في المعنى، إنما هو لفظ على مثل ما سبق قبله، ألا ترى أنه قال: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) فالعدوان من المشركين في اللفظ ظلم في المعنى، والعدوان الذي أباحه الله وأمر به المسلمين إنما هو قصاص، فلا يكون القصاص ظلما، وإن كان لفظه واحدا. ومثله قول الله تبارك وتعالى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا)، وليست من الله على مثل معناها من المسيء؛ لأنها جزاء".

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، ودمِّر أعداء الدين ، واحم حوزة الدين يا رب العالمين . اللهم آمِنَّا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين..

اللهم آت نفوسنا تقواها ، زكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها . اللهم يا ربنا يا قوي يا عزيز يا ذا الجلال والإكرام انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان ، اللهم انصرهم في أرض الشام وفي كل مكان يا ذا الجلال والإكرام ، اللهم وعليك بأعداء الدين فإنهم لا يعجزونك ، اللهم إنَّا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك اللهم من شرورهم

اللهم أصلح ذات بيننا ، وألِّف بين قلوبنا ، واهدنا سبل السلام ، وأخرجنا من الظلمات إلى النور ، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا يا ذا الجلال والإكرام . اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علِمنا منه وما لم نعلم ، ونعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم ، وأن تجعل كل قضاءٍ قضيته لنا خيرا يا رب العالمين . اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات . ربنا إنَّا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننَّ من الخاسرين . ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

google-playkhamsatmostaqltradent