صِفةُ صَلَاَةُ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ
حكم صلاة الكسوف والخسوف
الحكمة من كسوف الشمس وخسوف القمر.
وقت صلاة الكسوف والخسوف وكيفيتها
هل تصلي صلاة الكسوف جماعة في المسجد ؟
خطبة وصلاة الكسوف والخسوف
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
حكم صلاة الكسوف والخسوف
صلاة الخسوف ويقال لها صلاة الكسوف
بينها النبي صلى الله عليه وسلم بفعله عليه الصلاة والسلام، وهي :"
سنة مؤكدة إذا كسفت الشمس أو خسف القمر
سواء ذهب النور كله أو بعض النور فإن السُّنَّة أن يصلي المسلمون ركعتين، في كل
ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان هذا هو أصح ما ورد في ذلك،
يصلي المسلمون في أي وقت حتى ولو بعد
العصر -على الصحيح- متى وقع الكسوف ولو
في وقت النهي،
صلاة الكسوف والخسوف ليس لها أذان ولا
إقامة، لكن ينادى لها ليلا أو نهارا بلفظ (الصلاة جامعة) مرة أو أكثر.
حكمها اتفق الفقهاء على أن الجماعة سنة
في صلاة الكسوف.
وسوى الشافعية والحنابلة بين الكسوف والخسوف في سنية الجماعة فيهما، أما الحنفية والمالكية فلا يرون صلاة الجماعة في صلاة الخسوف.(الموسوعة الفقهية 20/ 269).
الحكمة من كسوف الشمس وخسوف القمر.
في ذلك آية ربانية عظيمة من آيات الله التي يخوف بها
عباده والتي يغفل عنها الكثير من الناس. وهو في نفسه ليس عقوبة من الله ولكنه
تنبيه وتحذير . فإذا أراد سبحانه تخويف عباده خسفة بأمره فانطمس نوره او جزء منه
فيحدث الخسوف الجزئي, وكله يحدث بما قدره الله من أسباب تقتضي ذلك, فيقدر الله
ذلك تخويفا للعباد ليتوبوا إليه ويستغفروه ويعبدوه ويعظموه ويرجعوا إليه ولما كسفت
الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في التاسع والعشرين من شوال من السنة
العاشرة للهجرة خرج إلى المسجد مسرعا فزعا يجر رداءه، وصلى بهم صلاة الكسوف وخطب
خطبة بليغة حفظ منها قوله عن الكسوف :إن الشمس والقمر لآيتان من آيات الله يخوف
الله بهما عباده, لاينكسفان لموت أحد من الناس"(البخاري ومسلم).
وقت صلاة الكسوف والخسوف وكيفيتها
وقتها يبدأ وقت صلاة الكسوف والخسوف من
وقت ظهوره إلى زواله.
الصلاة فيه له أحكامٌ كثيرة نوجزها
فيما يأتي:
1- عددها ركعتان عَنْ أَبِي بَكْرَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ".(البخاري).
2- القراءة فيها جهرية وسواء كانت الصلاة
في الليل أو في النهار. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "جَهَرَ
النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ
بِقِرَاءَتِهِ".(البخاري ومسلم).
كيفيتها وهي ركعتان، في كل ركعة :
قراءتان وركوعان وسجدتان. عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "جَهَرَ
النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ
بِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ
مِنْ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ
ثُمَّ يُعَأوِدُ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي
رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"(متفق عليه ).
يكبر الإمام، ثم يستفتح، ثم يتعوذ، ثم
يقرأ الفاتحة وسورة طويلة جهراً، ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يرفع من الركوع
قائلاً: "سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد"
ثم يقرأ جهرا الفاتحة وسورة أقصر من
الأولى، ثم يركع أقل من الركوع الأول، ثم يرفع من الركوع قائلا:"سمع الله لمن
حمده ربنا ولك الحمد".
ثم يسجد سجدتين طويلتين الأولى أطول من الثانية، بينهما جلوس، الأول أطول من الثاني.
ثم يقوم ويأتي بركعة ثانية على هيئة
الأولى لكنها أخف، ثم يتشهد ويسلم.
إطالة الصلاة عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ
: "خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ
قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ"(البخاري ومسلم).
الركعة الأولى أطول مِن الثانية عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً …. فَكَسَفَتْ الشَّمْسُ
فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ
ظَهْرَانَيْ الْحُجَرِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَقَامَ النَّاس وَرَاءَهُ فَقَامَ
قِيَامًا طَوِيلًا ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا
طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا
وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ
ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا
طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ
الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ
ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ
رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ وَهُوَ دُونَ
السُّجُودِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْصَرَفَ"(متفق عليه).
ينادى لها "الصلاة جامعة"
بلا أذان ولا إقامة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ "لَمَّا كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُودِيَ إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ
فَرَكَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ
ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ جُلِّيَ عَنْ
الشَّمْسِ قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا سَجَدْتُ
سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا".( البخاري ومسلم ).سجدة يعني ركعة.
وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ مُنَادِيًا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌفَاجْتَمَعُوا وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ"(مسلم).
هل تصلي صلاة الكسوف جماعة في المسجد ؟
لا مانع مِن أن يصلِّيها الناس في بيوتهم فرادى، وإن كان الأولى أن تكون في المسجد وجماعة -، وأيضاً : عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً …"( البخاري).
قلت : وهذا لا يتعارض مع الندب لأداء
النوافل في البيت، فإن هذه الصلاة مما تشرع فيه الجماعة، فصار أداؤها في المسجد
خير من أدائها في البيت. قال ابن تيمية : وأما قوله – أي: النبي صلى الله
عليه وسلم – "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" فالمراد
بذلك ما لم تشرع له الجماعة ؛ وأمَّا ما شرعت له الجماعة كصلاة الكسوف فَفِعْلُها
في المسجد أفضل بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة واتفاق
العلماء.أ.هـ "(منهاج السنَّة النَّبوية).
صلاة النساء في المسجد :"
ويسنُّ حضور النساء إلى المساجد لأداء الصلاة، ويجب التخلي عن الطيب والزينة في كل خروجٍ لَهُنَّ، ويتأكد الأمر ها هنا لما فيه من الفزع والتخويف بهذه الآية.
عَنْ
أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ
أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ
خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَإِذَا النَّاس قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ
تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ
وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ أَيْ نَعَمْ قَالَتْ
فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي
الْمَاءَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ … "(البخاري ومسلم ).
رفع اليدين في الدعاء عَنْ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا أَرْمِي بِأَسْهُمِي فِي
حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ انْكَسَفَتْ
الشَّمْسُ فَنَبَذْتُهُنَّ وَقُلْتُ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا يَحْدُثُ لِرَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي انْكِسَافِ الشَّمْسِ الْيَوْمَ
فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ
وَيُهَلِّلُ حَتَّى جُلِّيَ عَنْ الشَّمْسِ فَقَرَأَسُورَتَيْنِ وَرَكَعَ
رَكْعَتَيْنِ".( مسلم).
خطبة وصلاة الكسوف والخسوف
الخطبة بعد الصلاة ويسنُّ الإمام بعد الصلاة أن يخطب بالنَّاس – والأصح أنَّها خطبة واحدة، وهو مذهب الشافعي-، يذكِّرهم باليوم الآخر، ويرهِّبهم مِن الحشر والقيامة، ويُعلِّمهم بحالهم في القبور وسؤال الملكين، وكلُّ هذا مِن هديه صلى الله عليه وسلم،
خطب الناس ووعظهم عليه الصلاة والسلام، وأخبرهم:"
أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته، وقال:"إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم" وأمر بالصدقة والعتق عليه الصلاة والسلام، وأمر بالاستغفار والذكر، هذه السنة، حتى تنكشف الشمس والقمر، والسنة الخطبة بعد ذلك، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، إذا صلى الإمام يخطب الناس ويذكرهم ويبين لهم أحكام صلاة الكسوف ويحذرهم من المعاصي والشرور، ويدعوهم إلى طاعة الله عز وجل، ويرغبهم في الصدقة والعتق، والإكثار من ذكر الله عز وجل والاستغفار، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم،
وإليكم نماذج مِن خُطَبِه صلى الله عليه وسلم : "
عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ قُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ
ثُمَّ قَالَ : مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ
أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ
فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ –
لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ
الدَّجَّالِ يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوْ الْمُوقِنُ
– لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا هُوَ
مُحَمَّدٌ ثَلَاثًا فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ
لَمُوقِنًا بِهِ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوْ الْمُرْتَابُ – لَا أَدْرِي أَيَّ
ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاء –ُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ
شَيْئًا فَقُلْتُهُ "( البخاري ومسلم ).
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ
الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ …. ثُمَّ
انْصَرَفَ فَقَالَ : "قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ
عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى
قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ
تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ
جُوعًا لَا أَطْعَمَتْهَا وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ
الْأَرْضِ". (البخاري).
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ ….
ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ
النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا
لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا
وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ
أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا
وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا"(البخاري ومسلم ).
عَنْ جَابِرٍ قَالَ : انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّاسُ إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ …
ثُمَّ تَأَخَّرَ وَتَأَخَّرَتْ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا - وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النِّسَاءِ - ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ وَقَدْ آضَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِمَوْتِ بَشَرٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَأوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتي هذِه"(مسلم)..
فالواجب على المؤمن أن يحذر ظلم الناس،
وظلم الحيوان وأخذ الأموال بغير حق، سواء غصباً أو سرقةً أو خيانة، يجب الحذر من
ذلك.
وروي النسائي و البخاري ومسلم عن ابن عباس قال :"
خسَفتِ الشَّمسُ ، فصلَّى رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ والنَّاسُ معَهُ ، فقامَ قيامًا طويلًا ، قرأَ نحوًا من سورةِ البقرةِ ، قالَ : ثمَّ رَكعَ رُكوعًا طويلًا ، ثمَّ رفعَ ، فقامَ قيامًا طويلًا ، وَهوَ دونَ القيامِ الأوَّلِ ، ثمَّ رَكعَ رُكوعًا طويلًا وَهوَ دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ، ثمَّ سجدَ ، ثمَّ قامَ قيامًا طويلًا ، وَهوَ دونَ القيامِ الأوَّلِ ثمَّ رَكعَ رُكوعًا طويلًا وَهوَ دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ثمَّ رفعَ فقامَ قيامًا طويلًا وَهوَ دونَ القيامِ الأوَّلِ ثمَّ رَكعَ رُكوعًا طويلًا وَهوَ دونَ الرُّكوعِ الأوَّلِ ثمَّ سجدَ ثمَّ انصرفَ وقد تجلَّتِ الشَّمسُ فقالَ إنَّ الشَّمسَ والقمرَ آيتانِ من آياتِ اللَّهِ لا يَخسِفانِ لموتِ أحدٍ ولا لحياتِهِ فإذا رأيتُم ذلِكَ فاذْكروا اللَّهَ عزَّ وجلَّ قالوا يا رسولَ اللَّهِ رأيناكَ تناولتَ شيئًا في مقامِكَ هذا ثمَّ رأيناكَ تَكعْكعتَ قالَ إنِّي رأيتُ الجنَّةَ - أُرِيتُ الجنَّةَ - فتَناولتُ منْها عنقودًا ولو أخذتُهُ لأَكلتُم منْهُ ما بقيَتِ الدُّنيا ورأيتُ النَّارَ فلم أرَ كاليومِ منظرًا قطُّ رأيتُ أَكثرَ أَهلِها النِّساءَ قالوا لِمَ يا رسولَ اللَّهِ قالَ بِكفرِهنَّ قيلَ يَكفرنَ باللَّهِ قالَ يَكفُرنَ العشيرَ ويَكفُرنَ الإحسانَ لو أحسنتَ إلى إحداهُنَّ الدَّهرَ ثمَّ رأت منْكَ شيئًا قالت ما رأيتُ منْكَ خيرًا قطُّ"( النسائي واللفظ له، وأخرجه البخاري، ومسلم باختلاف يسير).
وعنه أيضاً:" انْخَسَفَتِ الشَّمْسُ علَى عَهْدِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَصَلَّى رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِن قِرَاءَةِ سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وهو دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وهو دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وهو دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وهو دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وهو دُونَ القِيَامِ الأوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وهو دُونَ الرُّكُوعِ الأوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ وقدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيَتَانِ مِن آيَاتِ اللَّهِ، لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ ولَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذلكَ، فَاذْكُرُوا اللَّهَ. قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شيئًا في مَقَامِكَ ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ؟ قالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، ولو أصَبْتُهُ لَأَكَلْتُمْ منه ما بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أرَ مَنْظَرًا كَاليَومِ قَطُّ أفْظَعَ، ورَأَيْتُ أكْثَرَ أهْلِهَا النِّسَاءَ قالوا: بمَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: بكُفْرِهِنَّ قيلَ: يَكْفُرْنَ باللَّهِ؟ قالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، ويَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لو أحْسَنْتَ إلى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شيئًا، قالَتْ: ما رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ": (البخاري ومسلم باختلاف يسير).
الشَّمسُ والقَمرُ آيتانِ مِن
مَخلوقاتِ اللهِ سُبحانه الدَّالَّةِ على عَظَمتِه، ويَخضعانِ لقُدرتِه وسُلطانِه،
وفي كُسوفِهما وخُسوفِهما آياتٌ وعِبرٌ على القُدرةِ الإلهيَّةِ المُطلقةِ، وقد
عَلَّمَنا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ نَلجَأَ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ
بالصَّلاةِ والدُّعاءِ والتَّضرُّعِ عندَ وُقوعِ هذه الظاهرةِ حتَّى تَنجلِيَ
وتَنكشِفَ.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي عبدُ اللهِ بنُ
عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ الشَّمسَ انخَسَفَتْ عَلى عَهدِ النبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، وخُسوفُ الشَّمسِ: ذَهابُ ضَوئِها، وأكثَرُ ما يُعبَّرُ عن
الشَّمسِ بالكُسوفِ، وعن القمَرِ بالخُسوفِ، وقد يُعبَّرُ بأحدِهما عن الآخَرِ،
وهذا ما وَقَعَ في هذه الرِّوايةِ.
صفة الصلاة
فصَلَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ بهم صَلاةَ الكُسوفِ رَكعتَينِ في جَماعةٍ، ويُبيِّنُ ابنُ عبَّاسٍ رَضيَ
اللهُ عنهما صِفةَ الصَّلاةِ التي صَلَّاها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛
فيُخبِرُ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وَقَفَ بعْدَ تَكبيرةِ
الإحرامِ وُقوفًا طَويلًا، فقَرَأَ مِقدارَ ما يَكفي لِقِراءةِ سُورةِ البَقرةِ،
ثمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا، ثمَّ رَفَعَ مِن الرُّكوعِ، فَقامَ قيامًا طَويلًا
قرَأَ فيه أقلَّ مِمَّا قرَأَ في القِيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ رُكوعًا طَويلًا،
وهو أقلُّ مِن الرُّكوعِ الأوَّلِ، ثمَّ رَفَعَ، يَعني: أنَّ القِيامَ الثانيَ
والرُّكوعَ الثانيَ أقلُّ مِن الأوَّلِ، ثمَّ سَجَدَ سَجدتَينِ، ثمَّ قامَ
للرَّكعةِ الثانيةِ قِيامًا طَويلًا، وهو أقلُّ مِن القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ
رُكوعًا طَويلًا، وهو أقلُّ مِن الرُّكوعِ الأوَّلِ في الرَّكعةِ السابقةِ، ثمَّ
رَفَعَ مِن الرُّكوعِ فقامَ قيامًا طَويلًا، وهو دونَ القيامِ الأوَّلِ، ثمَّ رَكَعَ
رُكوعًا طَويلًا، وهو أقلُّ مِن الرُّكوعِ السابقِ، ثُمَّ رَفَعَ مِن الرُّكوعِ
الثاني، ثمَّ سَجَدَ سَجدتَينِ، وتَشَهَّدَ وسلَّمَ مِن صَلاتِه، ثمَّ انصَرفَ مِن
صَلاتِه وقد تَجلَّت الشَّمسُ، أي: ظَهَرتْ وعادَ إليها الضَّوءُ وزالَ الكُسوفُ،
ثمَّ خَطَبَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فبيَّنَ في خُطبتِه أنَّ الشَّمسَ
والقَمَرَ آيَتانِ مِن آياتِ اللهِ، لا يَنكسِفان ولا يَخسِفانِ لِمَوتِ أحَدٍ ولا
لحَياتِه، وهذا ردٌّ لِمَا كان قد تَوَهَّمَهُ بعضُ النَّاسِ مِن أنَّ كسوفَ
الشَّمسِ كان لأجْلِ موتِ إبراهيمَ بنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان قد
مات وكَسَفَتِ الشَّمسُ.
ثمَّ وَجَّهَهُم صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ إلى ما هو واجبٌ عليهم، فقال: «فإذا رَأيتُم ذلك، فاذْكُروا اللهَ»، أي:
احتَمُوا به بالذِّكرِ والثَّناءِ والعِبادةِ، واسْأَلوه أنْ يَكشِفَ عنكم غَضَبَه
وعَذابَه.
ثمَّ سَأَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ
عنهم النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا رَسولَ اللهِ، لقد رَأَيْناكَ أثناءَ
صَلاتِك تَناوَلتَ شَيئًا في مَقامِك، ثمَّ رَأَيناكَ «كَعْكَعْتَ»، أي:
تَأخَّرتَ، أو تَقَهقَرتَ لِلْوراءِ. فأجابَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه
رَأى الجنَّةَ رُؤْيا عَينٍ كُشِفَ له عنها، فَرَآها عَلى حَقيقتِها، وأرادَ أنْ
يَتناوَلَ منها عُنقودًا وقال: لَوْ تَمكَّنتُ مِن قَطْفِه لَأكَلْتُم مِن هذا
العُنقودِ ما بَقِيَت الدُّنيا.
وأخْبَرَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
أنَّ سَببَ تَراجُعِه للوَراءِ أنَّه رَأى النَّارَ، فلَم يَرَ مَنظَرًا أفظَعَ
ولا أقبَحَ ولا أشنَعَ ولا أسْوَأَ منها. وأخبَرَ أنَّه رَأى أكثرَ أهلِ النارِ
النِّساءَ، فسَأَلوا النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن سَببِ ذلك، فأخْبَرَ
أنَّه بسَببِ كُفْرِهنَّ، فسَأَلوه: يَكْفُرْنَ باللهِ؟ فقال: يَكفُرْنَ العَشيرَ،
والعَشيرُ المرادُ به الزَّوجُ، وكُفْرُهنَّ العَشيرَ معْناهُ: نُكرانُهنَّ إحسانَ
الزَّوجِ، وعَدَمُ الاعتِرافِ بِه، وجَحْدُه، حَتَّى إنَّ الواحدةَ منْهنَّ
تَقولُ: ما رَأَيتُ مِنكَ خَيرًا قَطُّ، إذا رَأَتْ مِنك ما لا يُعجِبُها،
فتَجحَدُ فضْلَه وإحسانَه كلَّه بسَببِ شَيءٍ أغضَبَها.
وفي الحَديثِ: المُبادَرةُ إلى طاعةِ
اللهِ عَزَّ وجَلَّ عِندَ حُصولِ ما يُخافُ مِنه وما يُحذَرُ، وطَلَبُ دَفعِ
البَلاءِ بذِكرِ اللهِ تعالَى وتَمجيدِه وأنواعِ طاعتِه.
وفيه: ما كانَ عليه مِن نُصحِ أُمَّتِه
وتَعليمِهم ما يَنفَعُهم، وتَحذيرِهم ممَّا يَضُرُّهم.
وفيه: مُراجَعةُ المُتَعلِّمِ
لِلعالِمِ فيما لا يُدرِكُه فَهْمُه.
وفيه: النَّهيُ عن كُفرانِ الإِحسانِ.
وفيه: إطلاقُ الكُفرِ على جُحودِ
النِّعمةِ.
وفيه: مَشروعيَّةُ صَلاةِ الكُسوفِ،
وبيانُ صِفَتِها.
وفيه: مُعجِزةٌ ظاهِرةٌ لِلنبيِّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّمَ، حيثُ رَأى الجنَّةَ والنَّارَ، وكَشَفَ اللهُ له عن بَعضِ ما
فيهما مِن النَّعيمِ والعَذابِ.