recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم

الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم




الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول صلي الله عليه وسلم أمابعد

 فياعباد الله

 قال ربي عن رسوله صلي الله عليه وسلم:

"وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ"

* في هذه الآية الكريمة - يثني الله سبحانه وتعالي علي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأجمل ثناء وأطيبه فقال ( وَإِنَّكَ لعلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )٠

* والخلق - كما يقول الإِمام الرازى - ملكه نفسانية ، يسهل على المتصف بها الإِتيان بالأفعال الجميلة٠

* والعظيم : الرفيع القدر ، الجليل الشأن ، السامى المنزلة٠

﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾

* وإنك - أيها الرسول الكريم - لعلي دين عظيم ، وعلى خلق كريم ، وعلى سلوك قويم ، فى كل ما تأتيه وما تتركه من أقوال وأفعال٠

* والتعبير بلفظ " على " يشعر بتمكنه صلى الله عليه وسلم ورسوخه فى كل خلق كريم - وهذا أبلغ رد على أولئك الجاهلين الذين وصفوه بالجنون ، لأن الجنون سفه لا يحسن معه التصرف - أما الخلق العظيم ، فهو أرقى منازل الكمال ، فى عظماء الرجال٠

* إن القلم ليعجز عن بيان ما اشتملت عليه هذه الآية الكريمة ، من ثناء من الله - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم٠

* قال الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : قال قتادة : ذكر لنا أن سعد بن هشام سأل السيدة عائشة عن معنى هذه الآية فقالت : ألست تقرأ القرآن ؟ قال : بلى - قالت : فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن / في رواية أخري كان قرآنا يمشي على قدمين٠

* ومعنى هذا ، أنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمرا ونهيا ، سجية له وخلقا وطبعا ، فمهما أمره القرآن فعله ، ومهما نهاه عنه تركه ، هذا ما جبله الله عليه من الخلق الكريم ، كالحكمة ، والعفة ، والشجاعة ، والعدالة والصدق والأمانة - فطرة وطبيعة وجبلة مجبول عليها صلي الله عليه وسلم٠

* وكيف لا يكون صلى الله عليه وسلم جماع كل خلق عظيم وهو القائل : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "٠

 الاستدلال من القرآن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قرآنا يمشي على قدمين٠

 قرآنا يمشي على قدمين - القرآن المنزل جاء به القرآن البشري - المثل الأعلى والقدوة - نستدل علي ذلك بأن حمد ربي نفسه في مطلع سورة الكهف بأن أنزل قرآنه الكريم علي خيرة خلقه وهو أفضل خلق الله الذي كان قرآنا يمشي على قدمين :

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ۜ

الحمد لله الذي أنزل القرآن علي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم - لماذا ؟

﴿ قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا﴾

 قيما - تقوم عليه أمور الدنيا والآخرة بما فيه رضا الله وسعادة عباده في الدارين الدنيا والآخرة٠

 لينذر بأسا شديدا : إنذار الكافرين من عذاب شديد٠

 ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا : بشري للمؤمنين الصالحين الذين أتبعوا إيمانهم بالأعمال الصالحة بأن لهم نعيم دائم في الجنة٠

القرآن للقوامة بما يرضي الله ورسوله وهذا القرآن شاهد لنا إن اتبعناه شاهد علينا إن خالفناه - والقرآن للإنذار من عقاب الكافرين بالنار والتبشير للمؤمنين بالجنة٠

 مهمة القرآن هي نفس مهمة رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 القوامة بالاتباع والاستنان بسنته صلي الله عليه وسلم :

"لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"

* أن يكون صلي الله عليه وسلم شاهدا علينا ومبشرا للمؤمنين ونذيرا للكافرين :

 ( ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرا ونذيرا - وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا )

* إذا أرسل ربي القرآن المنزل مع القرآن البشري - رسول الله صلى الله عليه وسلم هو التطبيق العملي للقرآن وهو تفصيل القرآن بالسنة - لذلك القرآن والسنة بينهما توافق وتكامل - مايجمله القرآن تفصله السنة - لذلك قرن ربي بين طاعته سبحانه وتعالى وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم إذ الله قال :

﴿ مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾

﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾

﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾

  الدين تنفيذ - سمعت فالزم ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾  وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير٠

  قال الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم٠

  القرآن الكوني : الآيات الكونية البينات الواضحات - الشمس والقمر واختلاف الليل والنهار والبحار والأنهار والمحيطات والطير والأنعام والنجوم والكواكب والبرق والرعد والصواعق وغير ذلك :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ﴾

  القرآن المنزل للتدبر والاعتبار ولذلك جعله ربي سهلا بأن مر علي أشرف لسان وهو لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم :

﴿ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾

﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾

 ولقد سهلنا القرآن تلاوة وتدبرا لمن أراد أن يتذكر - فهل من مدكر ؟ فهل من متعظ ؟٠

  القرآن البشري - الرحمة المهداة والنعمة المسداة - رسول منا فينا - من جنسنا وأصلنا - يخاف علينا من عقاب الله حريص علي طاعتنا لله تشق عليه مشقتنا ومعصيتنا   رحيم بنا رؤوف بنا :

﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾

  ياحبيبي يارسول الله :

خلقت مبرأ من كل عيب.                  كأنك خلقت كما تشاء

أفضل منك لم تر قط عيني.        وأجمل منك لم تلد النساء

* صلاة وسلاما عليك ياسيدي يارسول الله - الشاهد - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على قدمين - سأقول لكم كلمات مكتوبة عن القرآن كأنها تصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال عن نفسه - أوتيت جوامع الكلم :

* في وصف بلاغة وخلق القرآن الكريم قال الإمام الزركشي في مقدمة كتاب البرهان في علوم القرآن :

* الحمد لله الذي نور بكتابه القلوب ، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب ، فأعيت بلاغته البلغاء ، وأعجزت حكمته الحكماء ، وأبكمت فصاحته الفصحاء - وأذهلت روعته الخطباء٠

* أحمده أن جعل الحمد فاتحة أسراره ، وخاتمة تصاريفه وأقداره ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى ، ونبيه المرتضى ، الظافر من المحامد بالخصل ، الظاهر بفضله على ذوي الفضل ، معلم الحكمة ، وهادي الأمة ، أرسله بالنور الساطع ، والضياء اللامع ، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار ، وصحبه الأخيار٠

* أما بعد : فإن أولى ما أعملت فيه القرائح ، وعلقت به الأفكار اللواقح ، الفحص عن أسرار التنزيل ، والكشف عن حقائق التأويل ، الذي تقوم به المعالم ، وتثبت الدعائم ، فهو العصمة الواقية ، والنعمة الباقية ، والحجة البالغة ، والدلالة الدامغة ، وهو شفاء الصدور ، والحكم العدل عند مشتبهات الأمور - وهو الكلام الجزل ، وهو الفصل الذي ليس بالهزل ، سراج لا يخبو ضياؤه ، وشهاب لا يخمد نوره وسناؤه ، وبحر لا يدرك غوره . بهرت بلاغته العقول ، وظهرت فصاحته على كل مقول ، وتظافر إيجازه وإعجازه ، وتظاهرت حقيقته ومجازه ، وتقارن في الحسن مطالعه ومقاطعه ، وحوت كل البيان جوامعه وبدائعه ، قد أحكم الحكيم صيغته ومبناه ، وقسم لفظه ومعناه ، إلى ما ينشط السامع ، ويقرط المسامع ، من تجنيس أنيس ، وتطبيق لبيق ، وتشبيه نبيه ، وتقسيم وسيم ، وتفصيل أصيل ، وتبليغ بليغ ، وتصدير بالحسن جدير ، وترديد ما له مزيد - إلى غير ذلك مما احتوى من الصياغة البديعة ، والصناعة الرفيعة ، فالآذان بأقراطه حالية ، والأذهان من أسماطه غير خالية - فهو من تناسب ألفاظه ، وتناسق أغراضه ، قلادة ذات اتساق - ومن تبسم زهره ، وتنسم نشره ، حديقة مبهجة للنفوس والأسماع والأحداق - كل كلمة منه لها من نفسها طرب ، ومن ذاتها عجب ، ومن طلعتها غرة ، ومن بهجتها درة ، لاحت عليه بهجة القدرة ، ونزل ممن له الأمر ، فله على كل كلام سلطان وإمرة ، بهر تمكن فواصله ، وحسن ارتباط أواخره بأوائله ، وبديع إشاراته ، وعجيب انتقالاته - من قصص باهرة ، إلى مواعظ زاجرة ، وأمثال سائرة ، وحكم زاهرة ، وأدلة على التوحيد ظاهرة ، وأمثال بالتنزيه والتحميد سائرة ، ومواقع تعجب واعتبار ، ومواطن تنزيه واستغفار - إن كان سياق الكلام ترجية بسط ، وإن كان تخويفا قبض ، وإن كان وعدا أبهج ، وإن كان وعيدا أزعج ، وإن كان دعوة حدب ، وإن كان زجرة أرعب ، وإن كان موعظة أقلق ، وإن كان ترغيبا شوق٠

 

 ·

google-playkhamsatmostaqltradent