recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة الأسباب العشرة في استمطار الرحمة لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

الْأسْبَابُ الْعُشُرَةَ فِي استمطارِ الرَّحْمَةِ



أولاً:"الصبرعلي البلايا والأمراض والمصائب 

ثانياً:"الإيمان بالله تعالي 

ثالثاً:" التقوي والإحسان  في كل شيء 

رابعاً:"إقام الصلاة و إيتاء الزكاة 

خامساً:" دعاء الله بحصولها باسمه الرحمن الرحيم 

سادساً:"اتباع القرآن الكريم والعمل به وسماعه

سابعاً:"الصلح بين الناس

ثامناً:" الاستغفار وطلب المغفرة من الله

تاسعاً:"رحمة مخلوقاته جميعاً

عاشراً:"الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله

الحمد لله رب العالمين يارب لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه..وأشهدأن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه ..وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه القائل:"الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ ارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ"(أبوداود).اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله أما بعد فيقول تعالي:"هُوَ ٱلَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلَآٰئِكَتُهُۥ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"(الأحزاب/43).

عباد الله حديثنا إليكم اليوم عن"الأسباب التي تجلب الرحمة"فالله تعالي هو أرحم الراحمين وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها,فبرحمته خلقنا وبرحمته عافانا واطعمنا وسقانا وكسانا وأوانا وبرحمته هدانا للإسلام والإيمان والعمل الصالح.وبرحمته علمنا مالم نكن نعلم,وبرحمته دفع عنا الشر وبرحمته يدخل عباده المؤمنين الذين أمنوا وعملوا الصالحات جنته وبرحمته ينجيهم من النار فالأمور كلها برحمة الله ونحن جميعا فقراء إلي رحمته يقول صلي الله عليه وسلم:"لَنْ يُدْخِلَ أَحَدًا عَمَلُهُ الجَنَّةَ"،قَالُوا:وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:"لا،وَلا أَنَا،إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِفَضْلٍ وَرَحْمَةٍ"(البخاري ومسلم ).

فما أحوجنا إلي رحمة الرحمن الرحيم..

عباد الله:"وهناك أسباب كثيرة تستجلب رحمته سبحانه وتعالي لو تمسكنا بها لنلنا رحمته..ومنها:"

أولاً:"الصبرعلي البلايا والأمراض والمصائب 

قال تعالي:"وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون"(البقرة:155- 157).

وهذا هو نبي الله أيوبُ عليهِ السلامُ ابتلاهُ ربُّه بِذَهابِ المالِ والوَلَدِ والعافِيَةِ،فصبر أيوب علي كل ذلك  ثُمَّ ماذا؟كانت رحمة الله عزوجل هي المكافأة قالَ اللهُ تعالىَ:"وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَابِهِ مِنْ ضُرٍّوَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ"(الأنبياء: 83، 84). ومن المؤكد شرعاً أن البلاء إذا اجتمع على العبد مع صبره ولزومه الطاعة ويقينه بوعد الله كان ذلك علامة ظاهرة على محبة الله لذلك العبد واختياره واستعماله في طاعته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وَإِنَّ اللهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا،وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ"(الترمذي وحسنه).

ثانياً:"الإيمان بالله تعالي 

عباد الله:" إن رحمة الله لا تحصل إلا لمن آمن ، الإيمان الحقيقي بجميع أركانه الستة:الإيمان بالله، وملائكته،وكتبه،ورسله،واليوم الآخر،وبالقدر خيره وشره حلوه ومره قال تعالي:"فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ"( الجاثية/30).

ثالثاً:" التقوي والإحسان  في كل شيء 

و"الإحسانُ أن تعبدَاللهَ كأنك تراه،فإن لم تكن تراه فإنه يَراك"(صحيح).والإحسان في العبادة والطاعة يجلب الرحمة:"إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ"(الأعراف/56).أى إن رحمته تعالى وإنعامه على عباده قريب من المتقنين لأعمالهم، المخلصين فيها، لأن الجزاء من جنس العمل، فمن أحسن عبادته نال عليها الثواب الجزيل،ومن أحسن في أمور دنياه كان أهلا للنجاح في مسعاه، ومن أحسن في دعائه كان جديرًا بالقبول والإِجابة قال تعالي:"وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"﴿ يس/45﴾.

وقال تعالي:"إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ"(النحل/128).

رابعاً:"إقام الصلاة و إيتاء الزكاة 

وكما أن من أهم أسباب الرحمة التقوي والإحسان كذلك إقام الصلاة و إيتاء الزكاة لمستحقيها والإيمان بأيات الله واتباع الرسول وطاعته في كل ما جاء به.قال تعالي:"وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ.."(الأعراف 156-157).

وقال تعالي:"وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(النور/56).ولعل من الله نافذة المفعول محققة المأمول..

عباد الله:" ولا شك أن من فعل ذلك أن الله سيرحمه،كما قال تعالى في آيةأخرى:"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"(التوبة /71).

خامساً:" دعاء الله بحصولها باسمه الرحمن الرحيم 

ومن أسباب الرحمة دعاء الله بحصولها باسمه الرحمن الرحيم أو غيره من أسمائه الحسني كأن تقول:" يارحمن ارحمني اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي وترحمني إنك أنت الغفور الرحيم"وكأن تقول:" رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةًإِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ"(آل عمران/8).وتقول:"رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا"(الكهف/10)"وكأن تقول:"وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ"(المؤمنون/118) .وينبغي علي الإنسان ان يتضرع بالدعاء إلي الله والاستعانة به،والإكثار من دعائه،وعدم اليأس من رحمته،فهو الذي يجيب المضطرإذا دعاه ويكشف السوء،ونخص هنا دعاء المكروب الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:"دعوات المكروب: اللَّهُمَّ رحمتَك أرجو فلا تَكِلْني إلى نفسي طَرْفةَ عَينٍ وأصلِحْ لي شأني كُلَّه، لا إلهَ إلَّا أنت.(أحمد وأبو داود).

سادساً:"اتباع القرآن الكريم والعمل به وسماعه

ومن أسباب نزول الرحمةاتباع القرآن الكريم والعمل به وسماعه قال تعالي:"وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوالَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(الأنعام/155).فالقرآن رحمة من عند الله بأحكامه وأوامره ونواهيه .قال تعالي:"وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَاهُوَشِفَاءٌوَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا"(الإسراء/82).وكذا سماع القرآن والانصات له رحمة قال تعالي:" وَإِذَاقُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(الأعراف/204).وهذا من أعظم الأداب التي ينبغي أن يتحلي بها سامع القرآن وهي تدل علي تعظيم شعائر الله.

سابعاً:"الصلح بين الناس

ومن أسباب جلب الرحمة الصلح بين الناس  قال تعالي:"فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(الحجرات/10﴾.واتقوا الله"أي:في جميع أموركم"لعلكم ترحمون"،وهذا تحقيق منه تعالى للرحمة لمن اتقاه.فلاصلاح لأحوالنا واقتصادنا إلا بالأخوة والتصالح.."وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جميعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ "

الخطبة الثانية :"

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي المبعوث رحمة للعالمين أما بعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول أسباب رحمة الرحمن..

ثامناً:" الاستغفار وطلب المغفرة من الله

ومن أسباب الرحمة الاستغفار وطلب المغفرة من الله قال تعالي :" قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(النمل/46)

تاسعاً:"رحمة مخلوقاته جميعاً

 ومن أسباب رحمة الله بعباده,رحمة مخلوقاته جميعاً يقول صلي الله عليه وسلم"الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ ارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ"(أبوداود).فمن كان بعيداً عن الرحمة بالخلق غشوماً قاسياً فلاينبغي أن يطمع في رحمة الله لذلك لما:"قبَّل النَّبِيُّ الْحسنَ بنَ عَليٍّ رضي اللَّه عنهما،وَعِنْدَهُ الأَقْرعُ بْنُ حَابِسٍ،فَقَالَ الأَقْرَعُ:إِنَّ لِي عَشرةً مِنَ الْولَدِ مَا قَبَّلتُ مِنْهُمْ أَحدًا، فنَظَر إِلَيْهِ صلي الله عليه وسلم  فقَالَ"مَن لايَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ"(متفقٌ عَلَيهِ)وفي رواية:"أوَأَمْلِكُ لكَ أنْ نَزَعَ اللَّهُ مِن قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ"(البخاري).

وكذلك وعد مَن ذَهَبَ لزيارَةِ مَريضٍ،أنه "خاضَ الرَّحمَةَ"، أي: يَدخُلُ في رَحمَةِ اللهِ عزَّ وجلَّ من أوَّلِ ما يَخرُجُ من بَيتِه بنِيَّةِ العبادَةِ،"فإذا جَلَسَ عندَه استَقْنَعَ فيها" يقول صلي الله عليه وسلم:"من عاد مريضًا لم يزلْ يخوضُ في الرحمةِ حتى يجلسَ فإذا جلس اغتمس فيها"(البخاري).

عاشراً:"الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله

ومن أسباب جلب الرحمة:"الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله قال تعالى:"إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(البقرة/218).

فهؤلاء المؤمنون رجوا رحمة الله بعد أن علموا موجبات الرحمة وهي الإيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله،والهجرة تشمل الانتقال من بلد الشرك إلى بلد الإسلام وترك ما نهى الله عنه ورسوله،كماقال صلي الله عليه وسلم :"المسلمُ من سَلِمَ المسلمونَ من لسانهِ ويدهِ،والمهاجرُمن هجرما نهى اللهُ عنه "(متفق عليه) .والجهاد يشمل جهادالنفس في طاعةالله،كمايشمل جهاد الشيطان بمخالفته والعزم على عصيانه وجهاد الكفار.

اللهم ارحمنا فإنك بنا راحم ولاتعذبنا فانت علينا قادر والطف بنا يامولانا فيما جرت به المقاديرعباد الله:أقول قولي هذا وقوموا إلي صلاتكم يرحمكم الله وأقم الصلاة..

google-playkhamsatmostaqltradent