تعلم قيمة الوقت
من الفرائض والأركان الخمس
لأهمية الوقت أقسم الله به
ولأهمية الوقت وقت اركان الإسلام به
قيمة الوقت في السنة النبوية المطهرة
قيمة الوقت عند السلف الصالح
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد
لأهمية الوقت أقسم الله به
عباد الله:" فلأهمية هذا الوقت وضرورة استثماره أقسم الله عز وجل به في غير ما آية، فقال:" وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ "(العصر: 1، 2)،
وقال: " وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍوَالشَّفْعِ وَالْوَتْر وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ "(الفجر: 1 - 4).
وقال:" وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى"(الضحى: 1، 2).
وقال:"وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا "(الشمس: 1 - 3).
وقال:" لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ "(القيامة/1)
فأقسم بالعصر وبالفجر وبالضحى وبالنهار وبالليل، وبيوم القيامة فكل هذا من الزمان الذي يجب علينا استغلاله في المفيد ونعد له العدة في الأخرة.
عباد الله :" ولأهمية الوقت وقت اركان الإسلام به
الله عزوجل وقت أركان الإسلام وفرائض الإسلام بوقت ليعلمنا قيمة الوقت
الركن الأول الوحدانية لله:"
فأول ركن من أركان الإسلام الخمس هي شهادة أن لاإله إلاالله وأن محمداً رسول الله أرجي وقت لها عند الموت مع أنها تقال في كل وقت وحين
ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول :"- لقِّنوا مَوْتاكم لا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّ مَن كان آخرَ كلمتِه لا إلهَ إلَّا اللهُ عندَ المَوتِ؛ دخَلَ الجنَّةَ يومًا مِن الدَّهرِ، وإنْ أصابَه قبلَ ذلك ما أصابَه"(مسلم).
فالوقت الذي يرجي فيه دخول الجنة أن تقربالوحدانية لله عزوجل وهو الركن الأول من أركان الإسلام "لاإله إلاالله محمدرسول الله" وقت الموت وتسليم الأمانة لخالقها وباريها..
الركن الثاني :" الصلاة
فالله عزوجل وقت أركان الإسلام وفرائض الإسلام بوقت ليعلمنا قيمة الوقت فثان ركن من أركان الإسلام الصلاة حددها بوقت "كتابًا موقوتًا" تعني "محددة بوقت" أو "مفروضة في وقتها". في سياق الآية القرآنية "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا"(النساء/103)، تعني أن الصلاة مفروضة على المؤمنين في أوقات محددة.قال ابن مسعود : إن للصلاة وقتا كوقت الحج
أي: مفروضا في وقته، فدل ذلك على فرضيتها، وأن لها وقتا لا تصح إلا به، وهو هذه الأوقات التي قد تقررت عند المسلمين صغيرهم وكبيرهم، عالمهم وجاهلهم، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله: "صلوا كما رأيتموني أصلي"
الركن الثالث من أركان الإسلام الزكاة
حددها الله عزوجل بوقت محدد ليعلمنا قيمة الوقت فثالث ركن من أركان الإسلام "وايتاء الزكاة "فقال المولي عزوجل:"وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ "(الأنعام/141).
الركن الرابع :"الصيام
من أركان الإسلام وفرائض الإسلام أيضاً حدده الله بوقت ليعلمنا قيمة الوقت وهو ركن الصيام حددها بوقت قال تعالي:" أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۚ"(البقرة/184).فرض الله عليكم صيام أيام معلومة العدد وهي أيام شهر رمضان وأخبر أنه أيام معدودات,- أي: قليلة في غاية السهولة
قيمة الوقت في السنة النبوية المطهرة
عباد الله :" وحثَّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم على اغتنام أوقاتنا فقال: "اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ " ( النسائي حمدوالحاكم والبيهقي).؛ أي: اغتنم لحظة فراغك قبل أن تشغل
ويقول صلي الله عليه وسلم :"لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟"(الترمذي والدارمي والبيهقي).
عباد الله،:" يجب علينا أن نعلم جميعًا أن الإسلام يعتبر الفراغ نعمةً يُفرِّط فيها الكثير من الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: "نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"(البخاري).
فلا يعرف قيمة نعمة الصحة إلا من ابتُلي بمرض، كما أنه لا يعرف قيمة الفراغ إلا من أصبح في شغل دائم؛ ولذلك أمر الإسلام، بالتهيُّؤ لعمل آخر فور الانتهاء من عمل قديم، قال تعالى:"فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ"(الشرح: 7، 8)؛
أي: إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها، وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة
واعتبر الإنسان في هذه الحياة كادحًا حتى يلقى ربه، فقال تعالى:" يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ "(الانشقاق: 6)؛
ونحن عباد الله:" قد أصابتنا البطالة فارغين من أي شغل، ومن أي هدف في الحياة، نمضي بدون تخطيط، نعيش
حياة العبث، والله عز وجل يقول: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا
وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ
لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ "(المؤمنون: 115، 116).
قيمة الوقت عند السلف الصالح
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول :"إني لا أكره أن أرى أحدكم سبهللًا (فارغًا) لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة.
وقال ابن هبيرة: والوقتُ أنفسُ ما عنيت بحفظه وأراه أسهلُ ما عليك يضيع
من خلال القولين السابقين ندرك كراهية عمر رضي الله عنه للفراغ، ويؤكد ابن هبيرة أن الوقت نفيس يجب الحرص عليه، وهو أسهل ما يُفرِّط فيه الإنسان، ولأهمية الوقت نُخصِّص الكلام في هذه الخطبة للتذكير بقيمته، ونحذر من ضياعه
وهكذا كان دأب السلف الصالح،يحرصون علي الوقت قال الحسن البصري: أدركت أقوامًا كانوا على أوقاتهم أشد منكم على دراهمكم ودنانيركم
وقد روي من سيرهم العجب العجاب في الحفاظ على أوقاتهم، فتركوا المصنفات الكثيرة والعلوم النافعة، فهذا البيروني(ت440) لا يكاد يفارق يده القلم وعينه النظر، وقلبه الفكر، وكان يتقن خمس لغات: العربية والسريانية والسنسكريتية والفارسية والهندية، وترك من المؤلفات في مختلف المجالات ما زاد على مئة وعشرين مجلدًا، وأوصى بعض السلف أصحابه فقال: إذا خرجتم من عندي فتفرَّقوا، لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه،
وقد كان السلف الصالح ومن سار على نهجهم من الخلف أحرص الناس على كسب الوقت وملئه بالخير، سواء في ذلك عالمهم وعابدهم، فقد كانوا يسابقون الساعات، ويبادرون اللحظات، ضنا منهم بالوقت، وحرصا على أن لا يذهب منهم هدرا
قال الشّافعيُّ رحمه الله: صحبتُ الصُّوفيّة، فما انتفعتُ منهم إلّا بكلمتين. سمعتهم يقولون: الوقت سَيفٌ، فإن قطعتَه وإلّا قطَعَك. ونفسك إن لم تَشْغَلْها بالحقِّ شَغَلَتْك بالباطل
قال ابن القيم -رحمه الله-: "يا
لهما من كلمتين ما أنفعَهما وأجمعَهما! وأدلَّهما على علوِّ همّة قائلهما ويقظته!
ويكفي هذا ثناءً من الشّافعيِّ على طائفةٍ هذا قدْرُ كلماتهم!" مدارج
السالكين
وأين نحن من السلف الصالح وقد أصبحنا نرى:
من ينام الساعات الطوال، فانقلب عنده النهار إلى ليل، وفي الليل يسهر على المنكرات عوض السهر لقيام الليل، أو طلب العلم.
نرى من يجلس مع هاتفه الذكي أو أمام شاشة التلفاز أو الحاسوب منشغلًا بإفناء العمر في المباريات الكروية والمسلسلات الهابطة وتصفُّح مواقع التواصل، فأضاع الصلوات وأهمل مراجعة دروسه بل أضاع حقوقًا كثيرةً انشغل عنها
نرى من يمضي وقته مع رفاقه في المقهى أو على قارعة الطريق صباح مساء، يقتل -زعمًا منه- الوقت وإنما الوقت هو الذي يقتله، يتجاذبون أطراف الحديث في القيل والقال والغيبة والنميمة، واستراق النظر، ولم يعطوا الطريق حقه، قال صلى الله عليه وسلم: "إيَّاكم والجلوس في الطُّرُقات" قالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بُدٌّ نتحدث فيها قال صلى الله عليه وسلم: "فأما إذ أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه"، قالوا: يا رسول الله، فما حق الطريق؟ قال: "غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر"(مسلم).
عباد الله :" إنَّ مَن ينظر لِواقعنا مع أوقاتنا يجد تفريطا كبيراً، وإهمالاً عظيماً، حيث تضييع، الأوقات، وتبديد الساعات، في غير ما يُرضي رب الأرض والسماوات
ورحم الله الحسن البصري إذ يصور هذا المعنى الدقيق، فيقول: "ما مِن يوم ينشق فجره إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خَلْقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود مني؛ فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة".
عباد الله : احذروا مخالطة من تُضيع مخالطته الوقت، وتُفسد القلب، فإنه متى ضاع الوقت وفسد القلب انفرطت على العبد أموره كلها، وكان ممن قال الله فيه:"وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا "(الكهف: 28).
فاللهم اجعلنا ممن طال عمره وحسُن عمله في طاعتك، آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى، وآله وصحبه ومن اقتفى، أما بعد:
عباد الله،اعرفوا لهذا الوقت أهميته
فلا تُضيِّعوه إلا فيما يفيد، وخاصةً في أوقات العطل، واعلموا أنكم محاسبون على
الأعمال التي عمرتم بها أوقاتكم:"فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا
يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ "(الزلزلة: 7، 8).
واعلموا أن الله عز وجل ذكر موقفين عظيمين يندم فيهما الإنسان على ضياع الوقت، ويعلم أنه كان مغبونًا خاسرًا في حياته:
الموقف الأول: ساعة الاحتضار؛ حينما ينزل الموت بالعبد المفرط، فيقول:" رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ "(المنافقون: 10).
يتمنى تأخير
الأجل ولو قليلًا من الوقت؛ ليعمل العمل الصالح ولكن هيهات" وَلَنْ يُؤَخِّرَ
اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"(المنافقون: 11).
الموقف الثاني: في يوم القيامة؛ حينما يقول المفرط في جنب الله حين يرى العذاب:"لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ "(الزمر: 58)،
ويقول عموم المفرطين:"يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ "(الأنعام: 27)،
والندم ليس حاصلًا للمفرطين فقط، بل حتى العاملون يندمون، حينما يرون من هو أعلى
منهم درجات، لماذا لم يزدادوا عملًا؟ قال تعالى:" وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ
الْمُتَنَافِسُونَ "(المطففين: 26).