
دروس من الهجرة
سراقة بن مالك .. الموقف والعبرة
الموقف وماحدث من سراقة تجاه النبي وصحبه
العبرة والعظة في النجاة والأمل
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
سراقة بن مالك .. الموقف والعبرة
فياعباد الله :" حديثنا إليكم اليوم ونحن نستقبل عاماً هجرياً جديداً عن الأمل والرجاء فلولاالأمل ماكان العمل ولولا الأمل ما سعي ساعي نحو المجد وماخرج احديسعي علي رزقه ..
ومعنا اليوم موقف وعبرة الموقف صحابي جليل هو سراقة بن مالك صحابي جليل ارتبطت سيرته رضي الله عنه بهجرة النبي صلي الله عليه وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه من مكة إلى المدينة.
عباد الله:" لما مكرت قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأجمعت على قتله،
"وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ
خَيْرُ الْمَاكِرِينَ"(الأنفال/30).
خرج النبي مع صاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه مهاجراً إلى المدينة، فبثت قريش عيونها في سبل مكة وشعابها بحثاً عنهما، فنفضوا الصحراء نفضاً فما وقعوا له على اثر وحينما يئست قريش أن تعثر على النبي وضعت جائزة مئة رأس من الإبل لمن يأتيها به حياً أو ميتاً. وروى ابن إسحاق وابن هشام وابن كثير وغيرهم أن سراقة بن مالك، وهو فارس من بني مدلج، كان في بعض قومه قريباً من مكة، فإذا برجل يدخل عليهم، ويذيع فيهم نبأ الجائزة، فما كاد سراقة يسمع بالنوق المئة حتى اشتد حرصه عليها، ولكنه كان ذكياً، فضبط نفسه ولم ينطق بكلمة، وقبل أن ينهض من مجلسه، دخل رجل يقول لقد مر بي الآن ثلاثة رجال وإني لأظنهم محمداً وأبا بكر ودليلهما فقال سراقة إنهم بنو فلان مضوا يبحثون عن ناقة لهم أضلوها يريد أن يصرف الناس عن هذه الجائزة، فقال الرجل لعلهم كذلك.
سراقة يتتبع النبي وأبابكر ليفوز بالجائزة مائة ناقة
كان سراقة ممن يقتُّصَّون الأثر، فخرج وراء النبي – ﷺ – يريد اللِّحاق بركب الهجرة حتى يفوز بالجائزة التي رصدتها قريش لمن يُعيد إليهم محمدًا،
مكث سراقة قليلاً حتى دخل القوم في حديث آخر وانسل من بينهم، وأسرع ولبس درعه وتقلد سلاحه، واعتلى فرسه وانطلق ليدرك محمداً صلى الله عليه وسلم، ومضى، لكنه ما لبث أن عثرت فرسه، وهمّ بالرجوع وما رده إلا طمعه في النوق، فلم يبتعد كثيراً حتى أبصر النبي فمد يده إلى قوسه، ولكن يده جمدت في مكانها ثم غاصت قوائم فرسه في الأرض، فدفع الفرس، فإذا هي قد غاصت ثانية، فالتفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، وقال ادعوا لي ربكما أن يطلق قوائم فرسي ولكما عليّ أن أكف عنكما فدعا له النبي فأطلق الله له قوائم فرسه.
تذكر سراقة المئة ناقة، فتحركت أطماعه من جديد، فدفع فرسه نحوهما فغاصت قوائمه أكثر، فاستغاث للمرة الثانية، وقال إليكما زادي ومتاعي وسلاحي ولكما عليّ عهد الله أن أرد عنكما من ورائي من الناس، فقالا لا حاجة لنا بزادك ومتاعك، ولكن رد عنا الناس ثم دعا له النبي فانطلقت فرسه،
فلما هم بالعودة ناداهما قائلاً والله لا يأتيكما مني شيء تكرهانه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما تبتغي منا»، فقال والله يا محمد إني لأعلم أنه سيظهر دينك ويعلو أمرك فعاهدني إذا أتيتك في ملكك أن تكرمني، واكتب لي بذلك، أريد كتاب أمان، فأمر عامر بن فهيرة فكتب له في رقعة من جلد.
ولما همّ بالانصراف قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى»، فقال سراقة: كسرى بن هرمز؟ قال الرسول: «نعم كسرى بن هرمز».
عاد سراقة فوجد الناس قد أقبلوا ينشدون رسول الله، فقال لهم ارجعوا فقد نفضت الأرض نفضاً بحثاً عنه فلا ترهقوا أنفسكم فيما لا طائل من ورائه، وكتم خبره مع النبي وصاحبه حتى أيقن أنهما بلغا المدينة، وأصبحا في مأمن عند ذلك أذاع الخبر،
فلما سمع أبو جهل بخبر سراقة وموقفه وجه له اللوم على تخاذله.
إسلام سراقة بن مالك
عباد الله :" تأخر إسلام سراقة وبقى على شرْكه حتى فتح مكة عام (8هـ) .حتى سنة ثمانٍ من الهجرة أي بعد فتح مكة، ثم غزوة حنين وبعد عودة الرسول من الطائف،
فأعلن إسلامه
يقول سراقة لقد أتيت النبي بالجعرانة فدخلت في كتيبة الأنصار، حتى غدوت قريباً من رسول الله، وهو على ناقته، فرفعت يدي بالكتاب، وقلت يا رسول الله أنا سراقة بن مالك، وهذا كتابك لي، فقال عليه الصلاة والسلام: «يوم وفاء وبر ادنه ألا لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» فأقبلت عليه وأعلنت إسلامي بين يديه.
عبر من موقف سراقة بن مالك مع النبي ﷺ.
عباد الله :" لما رأي أبوبكر سراقة أخبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال النبي :" اللهم اكفنيهم بما شئت"، قالها ﷺ حينما جاء سراقة هذا الدعاء يذكرنا به رسول الله ﷺ في قصة الغلام مع ملك نجران الذي اقترف حادثة الأخدود، وهي: أنه كان الملك له ساحر، فقال له الساحر: قد كبرت سني، فاختر غلاماًً أعلمه السحر ليكون ساحراً عندك، وكان الغلام يمر في الطريق براهب يتعبد، فإذا مر عند الراهب سمع ما يقرأ فأعجبه، فعلم به الراهب فكان يدخله ويعلمه الدين، وكان يذهب عند الساحر أيضاً، فكان يتأخر على الساحر فيضربه، وإذا جاء عند الراهب يغيب على أهله فيضربونه فيصبر، فاشتكى للراهب، فقال له: إذا جئت إلى الساحر وقال لك: لم تأخرت؟ قل: حبسني أهلي، وإذا جئت إلى أهلك وقالوا: لم تأخرت؟ قل: حبسني الساحر، فنجا من الضرب، وبقي الغلام على هذه الحالة -التعليم المزدوج- ثم في يوم قال للراهب: أريد أن تعلمني الاسم الأعظم الذي تسأل الله به فيجيبك؟ قال: لا يصلح لك يا ولدي ولا تقدر عليه.
وسأل رسول الله فقال: (أسألك باسمك الأعظم) الذي هو ذكر ألفاظ، وسأل ربه وأجابه، وجاءت عائشة رضي الله تعالى عنها وقالت: (يا رسول! علمني الاسم الأعظم، قال: لا يصلح لك يا عائشة) وفي بعض الروايات قال: (يا عائشة أما تعلمين أن الله قد أعلمني بالاسم الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب، قالت: بأبي أنت وأمي علمنيه.
قال: لا يصلح لك يا عائشة) لأنها سوف تفتن به، فحزنت وقامت تصلي، وقالت: (اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى التي هي كذا وكذا وما سئلت به أجبت، وأنزلت في كتابك، وعلمت أحداً من خلقك، إلا غفرت لي)، فضحك رسول الله ﷺ وقال: (إنه فيما ذكرت).
الذي يهمنا أن الراهب قال للغلام: لا يصلح لك يا ولدي، فقام الغلام وبذكاء، وأخذ الأسماء التي عرفها كلها من الراهب، واحدة واحدة ثم يلقيها في النار مكتوبة فتحترق إلا واحدة لم تحرقها النار، ثم أعاد كتابتها وألقاها في اليم فغرقت كلها إلا واحدة، هي تلك التي لم تحرقها النار، قال: هذا هو الاسم الأعظم.
فجاء في يوم من الأيام يدعو إلى الله في جلساء الملك، وكان من جلساء الملك رجل أعمى، فقال له: أما لك أن يرد الله بصرك؟ قال وكيف ذلك؟ قال: الله! قال: إله غير الملك؟ قال: نعم، الله الذي خلقنا وسوانا، الله الذي يقدر على أن يرد إليك بصرك الذي خلقه فيك أولاً، الله الذي خلق السماوات والأرض، فآمن الأعمى، فدعا له الله بالاسم الأعظم فإذا بالرجل مبصر.
ومن الغد رآه الملك في مجلسه مبصراً، فقال له: من الذي شفى بصرك؟ قال: الغلام، فدعا الغلام وقال: أبلغ بك من السحر أنك تبرئ الأعمى، قال: لا والله ليس سحراً، ولكنه ربي الذي خلقني وخلقك وخلقه هو الذي رد بصره إليه، قال: ألك إله غيري؟ قال: بلى، فهم به أن يقتله وهو صغير، وإذا برجل أبرص، وبرجل كذا، وكل يدعوه إلى الإسلام ويدعو له بالاسم الأعظم فيشفى.
حينها شعر الملك بمن يخالفه في مجلسه، إن قتله قالوا: قتل صغيراً، ماذا يفعل؟ أمر جماعة من جنده وقال: خذوه واذهبوا به في البحر، فإذا توسطتم اللجة فألقوه في الماء وارجعوا، لا يريد أن يتحمل تبعته، وهذا من الضعف.
فلما توسطوا وأرادوا إلقاءه، قال: اللهم اكفنيهم بما شئت -نفس الدعاء- فاضطرب القارب وتناثروا وسقطوا وبقي هو في القارب، ومن الغد إذا به في مجلس الملك يروي له ما حدث عندما أرادوا قتله، وأن الله أنجاني منهم، وكفانيهم بما شاء، قال: الله أيضاً؟ ثم جاء بجماعة آخرين كي يذهبوا به إلى قمة الجبل، قال لهم: إذا صعدتم الجبل فارجموه من قمة الجبل فلما ذهبوا به ووصلوا إلى القمة وأرادوا رميه قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فاهتز الجبل فتناثروا وبقي جالساً، ومن الغد جاء إلى مجلس الملك، ثم انتهى الأمر إلى ما تعلمون من قتله من كنانة الصبي.
إذاً: اللهم اكفنيهم بما شئت، قالها ﷺ حينما جاء سراقة، ثم ماذا حدث لـ سراقة؟ يقول ابن كثير: فغاصت قوائم فرسه الأربع في الأرض، وكانت أرض صلبة وليست رملية، ولا طيناً تلزق، ولا ماء بل قاعاً صلبة جامدة، فإذا بها تتفتح لقوائم الفرس، وتنزل قوائم الفرس إلى أسفل،
وفي بعض الروايات الأخرى:"فعثرت به فرسه، فسقط عنها، وما كان من خلقها"،
وفي بعض الروايات: أخذ الأقداح وعمل القرعة، هل أدركه أو أتركه، فخرج (أتركه)، فلم يقبل لأنه يريد المائة من الإبل، والسهام التي يحملها وأقداحه في الجاهلية تقول له: اتركه، وهو غير قابل بهذا، فلما دنا غاصت قوائم فرسه في الأرض، أو عثرت به وسقط عنها.
تيقن سراقة بأن أله محمد صلي الله عليه وسلم هو مدبر الكون
عباد الله :" لما تيقن سراقة بأن الله عزوجل هو مدبر الكون نادى: يا محمد! ادع ربك كي ينجيني مما أنا فيه ولن يصيبك مني أذى.
هناك عرف بأن لمحمد رباً أحسن من ربه، وعرف الحق، فلما دعا له النبي قام، فتعجب سراقة مما رأى، وقام يعرض عليهم الزاد فقالوا: نحن في غنى عن ذلك.
قال: خذ هذا السهم من كنانتي وستمر بغنمي، فاعرضه على الراعي وخذ من غنمي ما شئت.
قال: يغنينا الله عن غنمك.
ثم قال له ﷺ:"أتعجب يا سراقة من هذا؟ كيف بك يا سراقة إذا أنت لبست سواري كسرى؟ قال كسرى أنوشروان؟!"
أمر مذهل ما استطاع سراقة أن يتحمل، فهذا شخص أخرجه قومه، كما قال الله: "إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ" [التوبة:40]
ويمكر به قومه، ثم هو وصاحبه فقط ويعد سراقة بأن دينه سيظهر، وأنه سوف يأخذ عرش كسرى، وأن سراقة يلبس سواريه.
وانظر إلى التعبير في الحديث والصدق في الكلام؛ لأنه أعطى عهداً: لقد كفيتم تلك الجهة! هذا سراقة الآن يفي الله سبحانه وتعالى له بوعد رسوله، ففي زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، يفتح الله على المسلمين المدائن، ويؤتى بلباس كسرى وله سواران من الذهب، وله تيجان وصولجان وأشياء عجيبة جداً، فنظروا فإذا هو لباس طويل لرجل ضخم، وعمر رضي الله تعالى عنه كان يريد أن يراه كي يعطيه من يرتديه، فأخذوا يستقرئون الحاضرين فلم يجدوا أطول من سراقة، فلبس والصك في جيبه، وتذكر: (كيف بك إذا أنت لبست سواري كسرى).
هل تحققت نبؤة الرسول صلي الله عليه وسلم لسراقة؟
عباد الله:" دارت الأيام دورتها، وآل أمر المسلمين إلى الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتحققت نبوءة النبي وهبت جيوش المسلمين على مملكة فارس تدك الحصون، وتهزم الجيوش، وتحرز الغنائم وقدم على المدينة رسل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يبشرون بالفتح.
دعا الفاروق رضي الله عنه سراقة بن مالك فألبسه قميص كسرى وسراويله وخفيه وقلده سيفه ووضع على رأسه تاجه وألبسه سواريه عند ذلك هتف المسلمون الله أكبر الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله، وقال عمر الله أكبر والحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول أنا رب الناس وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابياً من بني مدلج، ثم أركب سراقة فرسا طاف به المدينة المنورة احتفاء والناس حوله وسراقة يردد قول الفاروق.
فلبس ورآه الناس، ثم قالوا له: انزع، فقال: لا، هذا أعطانيه رسول الله ﷺ وهو في طريق الهجرة، وأعطاني عليه كتاباً، أما عمر رضي الله تعالى عنه الملهم الذي يفر الشيطان من طريقه، كما في الحديث: (لو كان فيكم ملهمون لكان عمر) ونزل الوحي مصدقاً ومطابقاً لما قال عمر في عدة مرات،
قال عمر: يا سراقة! إنما قال: (إذا أنت لبست) فقد لبست، وما قال تملكت، وأخذه منه عمر بالمحاكمة إلى كتابه، وعدك بأن تلبس فقد لبست، وكونك تلبسه لا يملكك، فانتزعه منه.
يهمنا قوله ﷺ في ذلك الوقت لـ سراقة بن مالك : (كيف بك إذا لبست سواري كسرى) وهذه لها نظائر كثيرة في السنة كما حدث في غزوة الأحزاب أو الخندق عند الكدية، وأشياء أخرى.
فأما قصة إلباس عمر سراقة بن مالك سواري كسرى، فليست مروية في الصحيح، لكن رواها البيهقي في دلائل النبوة.
قال ابن كثير في البداية: وَقَدْ
رُوِّينَا أَنَّ عُمَرَ أَلْبَسَ ثِيَابَ كِسْرَى لِسُرَاقَةَ بْن مَالِكِ بْنِ
جُعْشُمٍ، أَمِيرِ بَنِي مُدْلِجٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ": أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِي بِخَطِّ يَدِي عَنْ أَبِي دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، ثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أُتِيَ بِفَرْوَةِ كِسْرَى فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَفِي الْقَوْمِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، قَالَ: فَأَلْقَى إِلَيْهِ سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فَجَعَلَهُمَا فِي يَدَيْهِ، فَبَلَغَا مَنْكِبَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُمَا فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، سِوَارَيْ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ فِي يَدَيْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، أَعْرَابِيٍّ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. هَكَذَا سَاقَهُ الْبَيْهَقِيُّ. انتهى.
وأما بخصوص وعد النبي صلى الله عليه وسلم له بلبس السوارين، فقد ذكر ابن حجر في الإصابة خبر الوعد الكريم عن الحسن مرسلا، فقال: وقال ابن عيينة عن إسرائيل أبي موسى، عن الحسن- أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم قال لسراقة بن مالك: «كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟ » قال: فلما أتي عمر بسواري كسرى ومنطقته وتاجه، دعا سراقة فألبسه، وكان رجلا أزبّ كثير شعر السّاعدين، فقال له: ارفع يديك، وقل: الحمد للَّه الّذي سلبهما كسرى بن هرمز، وألبسهما سراقة الأعرابيّ. وروى ذلك عنه ابن أخيه عبد الرّحمن بن مالك بن جعشم. انتهى.
وقال الإمام الشافعي في الأم: وإنما ألبسهما سراقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لسراقة ونظر إلى ذراعيه " كأني بك وقد لبست سواري كسرى". انتهى.
وكان سراقة رجلًا أَزَبَّ كثيرَ شعر
الساعدين، وقال له: ارفع يديك، وقل: اللّه أَكبر، الحمد للّه الذي سلبهما كسرى بن
هرمز، الذي كان يقول: أَنا رب الناس، وأَلبسهما سراقةَ رجلًا أَعرابيًا، من بني
مُدْلِج، ورفع عمر صوته.