
أيام الرحمة والتراحم والمغفرة
في الأعياد والمناسبات الفاضلة ، يُعتبر التراحم قيمة مُهمة،
الرحمةَ والمغفرةَ في يومَ العيدِ وأيام التشريق.
هي أيام رحمة وتراحم وتسامح وعفو ومغفرة وتزاور
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياعباد الله
حديثنا إليكم اليوم عن أيام الرحمة والتراحم والمغفرة
هي الأيام التي يتم فيها التأكيد على أهمية الرحمة والتراحم بين الناس، وهي قيم إنسانية أساسية في العديد من الثقافات والأديان. يظهر هذا من خلال الاهتمام بالفقراء والمحتاجين، والمساعدة على إيصال الخير والرحمة للجميع.
في الإسلام، يُشجع على التراحم والرحمة، ويُعتبر من الصفات الحميدة للمؤمن.
تُشجع الأحاديث النبوية على إكرام الناس ومساعدتهم، والتراحم مع الآخرين، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الراحمون يرحمهم الرحمن".
في الأعياد والمناسبات الفاضلة ، يُعتبر التراحم قيمة مُهمة، حيث يُظهر الناس الرحمة بالآخرين من خلال إطعام المساكين ومساعدة المحتاجين. يُعتبر التراحم والتكافل الاجتماعي من القيم التي تساهم في بناء مجتمع قوي ومتآزر.
أيام الرحمة والتراحم تُشجع على:
المساعدة على إيصال الخير:
تقديم المساعدة للمحتاجين، وتوفير الدعم لهم.
الاهتمام بالفقراء:
الاهتمام بحاجات الفقراء والمساكين، والتخفيف عنهم.
التراحم مع الآخرين:
التراحم مع الجيران والزملاء والأصدقاء، والمساعدة في حل مشاكلهم.
بناء مجتمع متآزر:
تشجيع التعاون بين أفراد المجتمع، وبناء علاقات قوية بين بعضهم البعض.
الرحمةَ والمغفرةَ في يومَ العيدِ وأيام التشريق.
عباد الله:" :إذا كان اليوم هو يوم عيد التضحية والفداء والكرم والجود فهوعيد الرحمة والتراحم والمغفرة..
فهي أيام المغفرة فبالأمس كنا في عرفات حجيجاً وغيرحجاج بل صائمون فقد غفر الله عزوجل بالأمس لمن كان بصعيد عرفات وباهي بهم الملائكة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، إنه ليدني، ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء"(مسلم).
و من رواية أنس رضي الله عنه، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الخيف قاعداً، فأتاه رجل من الأنصار، ورجل من ثقيف، فذكر حديثاً فيه طول، وفيه: "وأما وقوفك عشية عرفة، فإن الله يهبط إلى سماء الدنيا، ثم يباهي بكم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاءوني شعثاً سُفْعاً، يرجون رحمتي ومغفرتي؛ فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل، وكعدد القطر، وكزَبَد البحر، لغفرتُها، أفيضوا عبادي مغفوراً لكم، ولمن شفعتم له"(ابن عبدالبر).
وروى ابن عبد البر أيضاً، بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وكادت الشمس أن تؤوب، فقال: (يا بلال! أنصت لي الناس) فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنصت الناس، فقال: "معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فاقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات"
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال:" يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال:"هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة" فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب"
عباد الله :" وهل تضيق رحمتٌه وهو الذي ينادي كما في الحديثِ القدسي عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ﷺ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتعالى: يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالى يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالى يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً"(الترمذي).
عباد الله :" وهذا اليوم يوم عيد التضحية والفداء ونزل الحجيج من علي جبل عرفات لرمي جمرة العقبي الكبري ويتحللون من إحرامهم ويحلقون وقد دعي لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بالمغفرة والرحمة قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، وَلِلْمُقَصِّرِينَ؟ قالَ: وَلِلْمُقَصِّرِينَ"(مسلم).
عن ابن عمر قال : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجد منى ، فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما ، ثم قالا : يا رسول الله ، جئنا نسألك . فقال : " إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه فعلت ، وإن شئتما أن أمسك فعلت ؟ " . فقالا : أخبرنا يا رسول الله ، فقال الثقفي للأنصاري : سل . فقال : أخبرني يا رسول الله ! ! فقال : " جئتني تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه ؟ وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما ؟ وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه ؟ وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه ؟ وعن رميك الجمار وما لك فيه ؟ وعن نحرك وما لك فيه ؟ وعن حلقك رأسك وما لك فيه ؟ وعن طوافك بالبيت بعد ذلك وما لك فيه ؟ مع الإفاضة ؟ " . فقال : والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك . قال : " فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفا ولا ترفعه إلا كتب الله لك به حسنة ، ومحا عنك خطيئة ، وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني إسماعيل ، وأما طوافك بالصفا والمروة بعد ذلك كعتق سبعين رقبة ، وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله تبارك وتعالى يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول : عبادي جاءوني شعثا من كل فج عميق يرجون جنتي ، فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرها - أو لغفرتها - أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له . وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها كبيرة من الموبقات . وأما نحرك فمذخور لك عند ربك . وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة وتمحى عنك بها خطيئة . وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفك فيقول : اعمل فيما يستقبل فقد غفر لك ما مضى"(الطبراني و البزارصحيح الترغيب ).
وكيف لا؟ وهو ينزلُ -سبحانه- كلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا، إكرامًا للمؤمنين، وقبولَ دعاءِ الداعين، وإلحاحَ المستغفرين، وجبرًا لخواطرِ السائلين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: “يَنْزِلُ رَبُّنَا –تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ"(متفق عليه) ،
فيجبرُ كسيرًا، ويُعافِي مُبتلَى، ويشفِي مريضًا، ويغيثُ ملهوفًا، ويُجيبُ داعيًا، ويُعطِي سائلًا، ويُفرِّجُ كربًا، ويزيلُ حزنًا، ويكشفُ همًّا وغمًّا. فكم مِن مريضٍ جبرَ اللهُ خاطرَهُ فشفاهُ!! وكم مِن فقيرٍ جبرَ اللهُ خاطرَهُ فأغناهُ !! وكم مِن مكروبٍ جبرَ اللهُ خاطرَهُ ففرّجَ عنه كربَهُ !! كَم مِن ضِيقٍ مَرَّ بالنَّاسِ ولَم يَكشِفْهُ إلاَّ اللهُ؟! وكَم مِن بَأسٍ نَزَلَ بِهم ولَم يَرْفَعْهُ إلاَّ اللهُ؟! وكَمْ مِن بَلاءٍ أَلَمَّ بِهِمْ ولَمْ يُفَرِّجْهُ إلاَّ اللهُ؟!
"أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ"( النمل : 62 ).
الخطبة الثانية
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد
فياعباد الله :"
إننا نستقبل غداً أيامَ التشريق الثلاثة التي تبدأُ بخيرها وأعظمها ، وهو يوم القَرّ ، وفي أيام التشريق يقول تعالى :"وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ "، إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا هُوَ آخِرُ الأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَأَوَّلُ الأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: "لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير)" (الحج: 28)،
وَقَالَ فِي شَأْنِ الْحَجِيجِ:"وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"(البقرة/ 203).
ومن فضلِها أن اللهَ جل وعلا يزيدُ عبادَه في إجابةِ دعواتِهم ، وقبولِ أعمالِهم ، ومضاعفةِ أجورِهم ، ومغفرةِ ذنوبِهم ، وعتقِهم من النارِ ، فعظّموا هذه الأيامَ المباركةَ الجليلةَ بفعل ما شرّع الله تعالى فيها من التكبيرِ والتهليلِ والتحميدِ والذكرِ ، ولا سيما في أدبارِ الصلواتِ المفروضةِ إلى صلاةِ العصرِ آخر أَيَّامِ التَّشْرِيقِ،، وبما شَرَعَه فيها من ذبحِ الأضاحي ، مع الأكلِ والإهداءِ والصدقةِ منها فَقَالَ ﷺ:"إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِـعَ فَنَنْحَرَ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فَاشْكُرُوا اللهَ وَاحْمَدُوهُ عَلَى نِعَمِهِ
الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ، وَاجْعَلُوا عِيدَكُمْ، عِيدَ طَاعَةٍ وَشُكْرَانٍ،
وَلَا تُكَدِّرُوهُ بِالذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ".
لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ
الزحَامِ مُلبيًّا ** لبَّيكَ ربِّي وإنْ
لم أكنْ بينَ الحجيجِ ساعيًا
لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ
عبادِكَ داعيًا ** لبيك ربي وإن لم أكنْ بينَ الصفوف مصليا
لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم اكنْ بينَ
الجموعِ لعفوِكَ طالبًا*** لبَّيكَ ربِّي فاغفرْ جميعَ ذنوبِي أدقهَا وأجلهَا
عباد الله :" ونحن في أيام الأكل والشرب كما قال رسول اله صلي الله عليه وسلم فهي أيام يحرم الصيام فيها
كذلك هي أيضاً أيام رحمة ومغفرة حتي يعمل كل مسلم لنيل رحمة الله ومغفرته :" إن
لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون
بعدها أبدًا"(الترمذي والطبراني).
هي أيام رحمة وتراحم وتسامح وعفو ومغفرة وتزاور
ومن أعظمِ أسبابِ نيل رحمةِ اللهِ تعالى ومغفرته : أن يرحمَ العبدُ غيرَه من المخلوقاتِ؛ فمن علاماتِ سعادةِ العبدِ: أن يكون رحيمَ القلبِ؛ فالرحيمُ أولى الناسِ برحمةِ الرحمنِ جلّ جلالٌه، وهو أحبُّ الناسِ إلى الناسِ، وأقربُ الناسِ إلى قلوبِ الناسِ، وهو أحقٌّ الناسِ بالجنةِ؛ لأن الجنّةً دارُ الرّحمةِ لا يدخلُها إلّا الرحماءُ، ففي الصحيحين من حديثِ جريرِ بنِ عبد الله -رضي الله عنه- قالَ: قال رسولُ اللهِ - ﷺ "مَنْ لا يَرْحَمْ الناسَ ، لا يَرْحَمْهُ اللهُ عزَّ و جلَّ" وفي السنن :" الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ تبارَك وتعالى؛ ارحَموا مَن في الأرضِ يرحَمْكم مَن في السَّماءِ "
فالجزاءٌ من جنسِ العملِ، فكن رحيمًا مع جميعِ الخلقِ، لطيفًا مع كلِّ عبادِ اللهِ، وإن لم تستطعْ نفعَ إنسانٍ فلا تضرُه، وإن لم تفرحْه فلا تغمْه، وإن لم تمدحْه فلا تذمْه، وإن لم تقفْ معه فلا تعنِ عليه، وإن لم تفرحْ بنعمته فلا تحسدْه، وإن لم تمنحْه الأملَ فلا تحبطْه.. لا تكن جافَ المشاعرِ، بخيلَ اليدِ، قاسيَ القلبِ، ولكن كن رحيمًا فـ” الرَّاحِمونَ يرحَمُهم الرَّحمنُ "
وروى :"أنَّ بغيًّا زانيةً مِن زوانِي بنِى إسرائيل دخلتْ الجنةَ في كلبٍ، مرتْ على كلبٍ يلهثُ الثرَى مِن العطشِ فنزلتْ إلى بئرٍ فيه ماء، فملأتْ خفَّهَا بالماءِ وقدمتْهُ للكلبِ فشربَ فغفرَ اللهُ لهَا بذلك" وللهِ درُّ القائل:
إذا كانت الرحمةُ بالكلابِ
تغفرُ الخطايا للبغايا
فكيف تصنعُ الرحمةُ
بمَن وحّدَ بربِّ البرايا
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه