
الْأَوْطَانُ لَيْسَتْ حَفْنَةً مِنْ تُرَابِ
الوطن جزء من إيماننا وعقيدتنا
حماية الوطن واجب شرعي وقومي
الإصلاح ونشر العدل ومحاربة الفساد لحفظ الأوطان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياجماعة الإسلام . حديثنا إليكم اليوم عن
الْأَوْطَانُ لَيْسَتْ حَفْنَةً مِنْ تُرَابِ
فالوطن تلك الكلمة التي تعبر بها عن المكان الذي تعيش فيه وتلاحقك الذكريات داخله وتلح فطرتك علي حبه دائماً ..
فالوطن هو أنت وأنت هو حياتنا بكل تفاصيلها .. فهو جزء منك لايتجزأ فهوأنا وأنت ونحن وكل ..وليس الوطن كلمات ترددأوشعارات تهتف وكما يقول القائل:"
لا يخدعنك هتاف القوم بالوطن
فالقوم في السر غير القوم في العلن
أيها الناس
:"هناك أمور كثيرة تقتضي منا أن نقوم بها تجاه وطننا تصل إلي حد الواجب الذي لابد
من القيام به فحب الوطن من الإيمان ومن هذه
الواجبات
الوطن جزء من إيماننا وعقيدتنا
أيها الناس:"الوطن ليس حفنة من تراب ؟
إن الوطن في الحقيقة ليس حفنة تراب، بل
هو شعب، وحضارة، ومؤسسات، وتاريخ، وانتصارات، وقضايا، ومكانة إقليمية ودولية،
وتأثير سياسي وفكري في محيطنا العربي والإسلامي، ورجال عباقرة صنعوا تاريخ هذا
الوطن في مجال العلم الشرعي، وفي التاريخ الوطني الحافل بالنضال لحماية هذا الوطن،
وفي التاريخ الاقتصادي، والتاريخ العسكري، والدبلوماسي، والأدبي، والفني، وغير ذلك
من المجالات التي نبغ فيها العباقرة من أبناء هذا الوطن.
فتجاهلُ كل هذه المكونات التي تصنع
مفهوم الوطن، واختزالها في حفنة تراب، يمثل عقوقا وطنيا، وفهما مجتزئا ومشوها،
وتحقيرًا لأمر عظيم
إن
الوطن هو جزء من العقيدة والإيمان الراسخ بالله
عز وجل وهذا مانتعلمه من سيرة الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم فقد جعل الوطن في
مقدمة الأشياء التي يجب أن تكون ضمن عقيدة راسخة للمسلم ..
فحب الوطن الذي ولدت فيه وتربيت علي ترابه وفي أرضه من الإيمان فموطن الإنسان منا أحب إليه من نفسه وولده وأغلي عنده من ماله وكل ما يملك لذلك لما خرج رسول الله صلي الله عليه وسل مهاجراً من مكة إلى المدينة كما روي عنه:"وقف علي الحزورة(سوق) ونظر إلى البيت وقال :والله انك لأحب أرض الله إلي وانك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني ماخرجت منك"(الترمذي والنسائي).
ورغم فساد أهلها وظلمهم له ومحاربتهم لدعوته ولكن الرسول صلي الله عليه وسلم يعطينا درساً في الانتماء فيقول في رواية أخري :" ما أطيبك من بلد وأحبك إلي ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك - قاله لمكة – (صحيح).
وهذا يشير إلى مدي حب رسول الله صلي الله عليه
وسلم لبلده مكة المكرمة موطن ولادته ونشأته وفيها البيت الحرام ولأنها منزل الوحي ولأن
بها الأهل والأقربين ولأن بها مآثر إبراهيم.(خاتم النبيين2/5) .
لذلك كانت السيدة
عائشة رضي اله عنها دائماً تقول :"ما رأيت القمر أبهي ولا أجمل مما رأيته في مكة"وذلك
كناية علي حبها وعشقها وشدة حنينها للوطن..
عباد الله :" الوطن ليس حفنة من تراب الوطن يتكون من الأرض، والأهل، والمال،
والعرض، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:"مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ
شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ
فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"(الترمذي).
حماية الوطن واجب شرعي وقومي
عباد الله :" إن حماية الأوطان جزء من عقيدتنا وقوميتنا فالمحافظة علي منشأت الوطن والمال العام من التخريب والإهداروالفساد..تكون أولي أولويات المواطن السوي في عقيدته وفطرته..
ومن لوازم الحب الشرعي للأوطان
المسلمة, أن يُحافظ علي أمنها واستقرارها، وأن تُجنب الأسباب المُفضية إلي الفوضى
والاضطراب والفساد، فالأمنُ في الأوطان من أعظمِ مِننِ الرحيم الرحمن علي الإنسان.
وقد قرن الله جلَّ وعلا الأمنَ
بالعبادة وذلك لعِظيمِ قيمته؛ فقال جلَّ وعلا " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ
رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ
الْأَصْنَامَ "، والابتداءُ بطلبِ نِعمةِ الأمن في هذا الدعاء يدلُّ علي أنه
أعظم النِعم والخيرات، وأنه لا يتم شيءٌ من مصالح الدين والدنيا إلا به.
كما دعا خليل الله إبراهيم لوطنه ومسقط رأسه بالأمن والأمان :"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ"(البقرة/126).
والنبي محمد صلي الله عليه وسلم كان يحب وطنه مكة ويري أنها خير البلاد وأحسنها واطيبها وليس أدل علي ذلك أنه أول ما أراد أن يؤسس وطناً حباه بالعديد من الأمور التي تحافظ عليه وتقويه وترفع من شأنه ..
فعلي المسلم أن يعرفَ قَدْرَ بلده
الإسلامي وأن يدافع عنه، وأن يجتهد في تحصيل استقراره وأمنه، وبُعْدِه وإبعادهِ عن
الفوضى، وعن الاضطراب، وعن وقوع المشاغبات، علي المسلم أن يحبَّ بلده الإسلامي،
وأن يدافع عنه، وأن يموت دونه، فإنه "مَن مات دون مالهِ فهو شهيد"،
والأرض مال، فمَن مات دون ماله فهو شهيد.
ومِصر التي لا يعرف أبنائُها قيمتها؛ ينبغي أن يُحافظ عليها، وأن يُحافظ علي وَحدتِها، وأن تُجنَّبَ الفوضى والاضطراب، وأن تُنعمَ بالأمن والأمان والاستقرار.
أخي المسلم :" الوطن ليس حفنة تراب؟
ولكن الوطن يتكون من حرمات ومقدسات، ويتكون من حكومة وشعبًا، وقيادة ونظامًا، ونحن مأمورون بالدفاع عن الحرمات والمقدسات، قال تعالى: "..وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"( الحج:40).
فموطن الإنسان منا أحب إليه من نفسه وولده وأغلي عنده من ماله وكل ما يملك لذلك عد رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يموت في سبيل الدفاع عن أرضه من الشهداء وقرنه مع الدفاع عن النفس والمال والعرض والأهل يقول صلي الله عليه وسلم :"مَنْ قُتِلَ دُونَ مالِهِ فهوَ شَهيدٌ . ومَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فهوَ شَهيدٌ . ومَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فهوَ شَهيدٌ ، ومَنْ قُتِلَ دُونَ أهلِهِ فهوَ شَهيدٌ"(الترمذي).
كما أننا مأمورون أيضًا بالسمع والطاعة للحكومة والقيادة، واحترام النظام، فيقول النبي:"صلى الله عليه وسلم:"أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا أي:" تأمرّ عليكم""فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ.."(الترمذي).
ومن أجل المحافظة علي الأوطان وحمايتها
دعي الإسلام وأمر أن نخلص الدعاء للوطن بأن يحميه الله عز وجل من شر المعتدين حتي يبقي أمنا أماناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين . فالدعاء للوطن أن يقيه الله شر الفتن ماظهر منها ومابطن من الأمورالواجبة والدلالة علي ذلك كثيرة فقد دعا خليل الله إبراهيم لبلده فقال :"وَإِذْقَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناًوَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ.."(البقرة/126).
وقال تعالي :" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ"(إبراهيم/35). وأكثر من الدعاء وسأل الله النجاة والسلامة لبلده..
وكان صلي الله عليه وسلم يستعيذ بالله من الفتنة دائماَ " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والجبن والبخل والهرم وأعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من عذاب النار وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ."(أحمد).
الدعاء للحاكم :"
ولم يقتصر الأمر علي الدعاء للوطن فقط بل جاءالأمربالدعاء للحاكم والطاعة في غير معصية الله وذكره بالخير والحق والنصيحة له وأن يعينه الله ويوفقه للحكم بالكتاب والسنة قال الحسن البصري في الأمراء:"هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة، والجماعة، والعيد، والثغور، والحدود. والله لا يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا وظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن طاعتهم والله لغبطة".
قال أبو عثمان الزاهد:"فانصح للسلطان وأكثر له من الدعاء بالإصلاح والرشاد، بالقول والعمل والحكم، فإنهم إذا صلحوا، صلح العباد بصلاحهم. وإياك أن تدعو عليهم باللعنة، فيزدادوا شراً، ويزداد البلاء على المسلمين ولكن ادعوا لهم بالتوبة فيتركوا الشر، فيرتفع البلاء عن المؤمنين".
قال بعضهم:"إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى".وفي الحديث :"أنا الله ملك الملوك ونواصيها بيدي فإذا العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رحمة وإذا هم عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تنشغلوا بسب الملوك ولكن اطيعوني أعطفهم عليكم"
ونحن مأمورون أيضًا بمخالطة الناس
بالحسنى، قال تعالى: "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا"(البقرة:83)، وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يوصي معاذ بن جبل، وأبا ذر رضي الله عنهما:"اتَّقِ
اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ
النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ"(الترمذي).
_ ونحن مأمورون بعمارة الأوطان والنهوض بها، فعمارتها جزء من عمارة الأرض، وقد أمرنا الله بعمارة الأرض على لسان نبيه صالح (عليه السلام)، فقال: "يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ"(هود:61).
الخطبة الثانية:"
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد فياجماعة الإسلام:"
فمن أجل حماية
الأوطان نهي الإسلام عن الفساد:
عباد الله:" الوطن ليس حفنة من تراب كما يقول الخونة لذلك وقف الإسلام ضد الفساد الذي يقوض أركان الوطن ويهدمه قال الله تعالي:"ظَهَرَ
الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ
بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"(الروم/41).
وفي حقيقة الأمر أن الفساد دمار للأفراد والمجتمعات
والأمم ولكن عندما ينحرف طائفة في المجتمع وتعيث في الأرض فساداَ ولم يقم من يأخذ علي
أيديهم ويمنعهم عن هذا الفساد وهذا الانحراف تغرق السفينة بالجميع وهذا ما يبينه رسول
الله صلي الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة منها:
عن النعمان بن
بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" مثل القائم على حدود الله
والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين
في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا
ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا
جميعا ""(البخاري).
الإصلاح وتبني
القائمين بالفعل علي مصلحة الوطن
عباد الله :" الوطن ليس حفنة من تراب وإنما الوطن غال وترابه عزيز لذلك عمل الاسلام ورسول الإسلام علي تبني المصلحين من أجل بناء الأوطان لأن المصلحين هم عماد بناء الوطن ولأنهم يُحاربوا
ويُقابلوا بالسخرية والاستهجان والاضهاد وحديث القرآن عنهم :"إِنَّ الَّذِينَ
أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
وَإِذَا انقَلَبُوا إِلَىٰ أَهْلِهِمُ انقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا
إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ"(المطففين/29-33).
وقد بين لنا القرآن
الكريم ذلك في قول الله تعالى: "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ
وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ"(هود:17). تأملوا: "وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ"
لم يقل جل شأنه: "وأهلها صالحون" فالمصلح شيء والصالح شيء أخر، فلا يفيد
كثرة الصالحين بدون إصلاح..! الأمم التي لفظت الأخلاق وعم فيها الفساد، وأصبح الظلم
والطغيان ديدنها أمم منخورة الكيان ولا استمرار لها، يبتليها الله بالهلاك والدمار،
ويتضح هذا جليًا في قوله تعالى:"وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا
مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"(الإسراء:16)،
أي أن البلد الذي يعم فيه الفسق والفساد ولا تجد (مصلح) يغير ذلك تهلك جميعها الصالح
والطالح! :"وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"(الأنفال/25).
فما قيمة أن نكون
لله عابدين طائعين وقد تركنا الظالم المفسد في الأرض دون أن نأخذ على يديه، فمن شروط
الصلاح الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا أن ننزوي وحدنا بعيدًا نتعبد الله ونقول
ما شأننا وهؤلاء، وننسى قول نبينا صلي الله عليه وسلم:"إنَّ النَّاسَ إذا رأَوا
الظَّالمَ فلم يأخُذوا علَى يديهِ أوشَكَ أن يعُمَّهُمُ اللَّهُ بعقابِهِ"(أحمد)،
عقاب الله سيعم الجميع إن لم نسارع في الإصلاح والأخذ على يد الظالم ومنعه والوقوف
في وجهه لرد ظلمه وفساده، لن نكون بمنأى عن العقاب لمجرد أننا صالحون، سنُسأل لماذا
لم نتحرك ونمنع الظالم ونأخذ على يديه؟
فسبب هلاك ودمار الأوطان والأمم معصية الله والبعد عن منهجه فعن جبير بن نفير قال: لما فُتحت مدائن قبرص وقَع الناس يقتسمون السْبي، وفرِّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، ورأيتُ أبا الدرداء تنحَّى وحده جالسًا، واحتَبى بحمائل سيفه فجعل يبكي، فأتاه جبير بن نفير فقال: يا أبا الدرداء! أتبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأذلَّ فيه الكفر وأهله؟! فضرب على منكبَيه، ثم قال: ويحك يا جبير! - وفي رواية: ثكلتْك أمك يا جُبير بن نفير! - ما أهون الخَلق على الله إذا هم ترَكوا أمره، بينا هي أمة قاهرة قادرة ظاهرة على الناس، لهم المُلك، حتى تركوا أمر الله - عز وجل؛ فصاروا إلى ما ترى، وإنه إذا سلط السباء على قوم؛ فقد خرَجوا مِن عَين الله، ليس لله بهم حاجة"(حلية الأولياء).
اللهم احفظ لنا
امننا وإيماننا واستقرارنا وصلاح ذات بيننا، اللهم آمين يا رب العالمين.