recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة حب التناهي شطط خير الأمور الوسط لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

   


حب التناهي شطط خير الأمور الوسط 

التيسير والوسطية في القرأن الكريم 

التيسير والوسطية في السنة النبوية المطهرة

 من صورُ التيسيرِ وعدم التشدد في الإسلام 

خطبة الجمعة pDF

الحمدُ للهِ رب العالمين ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأشهد أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ ﷺ. أمَّا بعدُ:

فياجماعة الإسلام حديثنا إليكم اليوم عن:" حب التناهي شطط خيرالأمور الوسط"

خير الامور الوسط "

تقول العرب : حب التناهي شطط خير الأمور الوسط ....

وتقول ايضا :خيرالأمور الوسط الوسيط وشرها الإفراط والتفريط ..

وهو مصداق قوله تعالى:"وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ". 

فديننا الإسلامي دين الوسطية والتيسير والرفق والسماحة  وعدمِ المشقةِ، فالتيسيرُ على العبادِ مرادُ اللهِ، والمشقةُ لا يريدُهَا اللهُ لعبادِهِ ومِن يُسرِ الإسلامِ أنَّ اللهَ لم يكلفْ هذه الأمةَ إلّا بمَا تستطيع، قال تعالى:"لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا".(البقرة: 286).

التيسير والوسطية في القرأن الكريم 

أدلة التيسير والتخفيف في القرأن الكريم  كثيرة نذكر منها 

قال تعالي:"وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً"(البقرة/143).

قال تعالى:"يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"(البقرة: 185).

وقال - سبحانه -:"يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا"(النساء:٢٨) .

 وفي سورة الطّلاق:"وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا"(الطلاق:٤) .

وقال - جلّ من قائل -:"سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"(الطلاق: ٧) .

وقال عز وجل {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى" (الأعلى:٨) .

وقال في سورة الانشراح:"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا""إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" (الشرح:٥، ٦) .

هذه بعض الآيات التي تفيد التّيسير على هذه الأمَّة.

قال القاسمي في تفسير أية البقرة: قال الشعبي: إذا اختلف عليك أمران، فإن أيسرهما أقربهما إلى الحق لهذه الآية  .وقد ذكر المفسّرون في تفسيرهم لهذه الآيات أن الله أراد لهذه الأمَّة اليسر ولم يرد لها العسر ..

التيسير والوسطية في السنة النبوية المطهرة

 ومن مواقف للنبي ﷺ ينهي فيها عن التشدد :

السيرة النبوية مليئة بالمواقف الدالة على معاملة النبي صلى الله عليه وسلم الناس معاملة حسنة والنهي عن التشدد منها :

عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ فقَالَ لَهما:"يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا".(متفق عليه).

وأنت ترى أنَّ النبيَّ ﷺ جمعَ بينَ الشيءِ وضدّهِ تأكيدًا؛ فإنَّه كان يكفِي قولهُ: "يسِّرا "؛ وإنَّمَا ذكرَ الضدَّ:"ولا تعسّرَا" تأكيدًا للأمرِ.

وعن أنس بن مالك : جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟! قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا؟! أَمَا واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي"(البخاري).

وعن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ:"بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَ: "يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ؟"، قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاَحِ، أَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟، "أَفَلَا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لَا؟" فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ"( البخاري).وفي رواية "حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ"(مسلم).

قال الإمام النووي :وقول أسامة: "حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ" معناه: لم يكن تقدم إسلامي بل ابتدأت الآن الإسلام ليمحو عني ما تقدم،

وفي رواية :"قال خالد بن الوليد : وكَمْ مِن مُصَلٍّ يقولُ بلِسَانِهِ ما ليسَ في قَلْبِهِ؟ ‏فقالَ له رَسولُ اللَّهِ ﷺ :"‏إنِّي لَمْ أُومَرْ أنْ أنْقُبَ عن قُلُوبِ النَّاسِ ولَا أشُقَّ بُطُونَهُمْ"( مسلم)

قال ابن حجر:

"كلهم أجمعوا على أن أحكام الدنيا على الظاهر والله يتولى السرائر"،

وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ صَلَّى الْعِشَاءَ فَطَوَّلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذٍ: ” أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ، خَفِّفْ عَلَى النَّاسِ، وَاقْرَأْ بِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا تَشُقَّ عَلَى النَّاسِ"(السنن الكبرى للبيهقي).

وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ في الفَجْرِ ممَّا يُطِيلُ بنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما رَأَيْتُهُ غَضِبَ في مَوْضِعٍ كانَ أَشَدَّ غَضَبًا منه يَومَئذٍ، ثُمَّ قالَ:يا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فمَن أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فإنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ والكَبِيرَ وذَا الحَاجَةِ"(البخاري).

هذه المواقف والأمثلة من السيرة النبوية تبين بجلاء أنه ينبغي على المسلم أن يعامل الناس بما يظهر من أقوالهم وأفعالهم، ويترك سريرتهم إلى الله تعالى ويعاملهم باليسر والرفق وعدم التشدد.

نبينا صلى الله عليه وسلم هو المثال والقدوة التي وجَّهنا القرآن الكريم إلى اتِّباعها والسير على خطاها، كي ننال الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة،

 من صورُ التيسيرِ وعدم التشدد في الإسلام 

إنَّ يسرَ الإسلامِ وسماحتهِ تتجلَّى في كلِّ أمرٍ مِن أمورِهِ، دقيقِهَا وجليلِهَا،

عباد الله:"  حب التناهي شطط وخير الأمور الوسط 

التيسير في الزواج 

ومِن أهمِّ الصورِ  التيسيرُ في تكاليفِ الزواجِ وعدم المغالاةِ في المهورِ، لأنَّ التشددَ والمغالاةَ في ذلك يصرفُ الشبابَ إلى الطرقِ غيرِ المشروعةِ والمحرمةِ، والنفسُ إنْ لم تجدْ للحلالِ طريقًا، وجدتْ في الحرامِ طُرقًا،لهذا أرشدَنَا النبيُّ ﷺ إلى التيسيرِ في الزواجِ والصداقِ، فعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يُمْنُ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرُ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرُ صَدَاقِهَا ".( أحمد والحاكم ).

والشرع  الحنيف جاء بتخفيف المهر وتيسيره ، وأن ذلك من مصلحة الزوج والمرأة جميعاَ . كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"خير النكاح أيسره"(ابن حبان).

وفي صحيح مسلم سأل الرسول صلي الله عليه وسلم الرجل قَالَ : عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا ؟ قَالَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ ! كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ ! مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ ، وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ . قَالَ : فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ "(مسلم).

عباد الله:"  حب التناهي شطط وخير الأمور الوسط 

ومِن مظاهرِ التيسير في الإسلامِ:

 السماحةُ في المعاملاتِ والبيعِ والشراءِ،

 وذلك بأنْ يتحلَّى كلٌّ مِن البائعِ والمشترِي بالسماحةِ،فعَن جابرٍ أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ قال:"رحِم اللهُ رجلًا سمحًا إذا باعَ وإذا اشتَرى وإذا اقتَضَى".( البخاري)

يقولُ الإمامّ ابنُ حجرٍ: ”

فيه الحضُّ على السماحةِ في المعاملةِ، واستعمالُ معالِي الأخلاقِ ، وتركُ المشاحةِ، والحضُّ على تركِ التضييقِ على الناسِ في المطالبةِ وأخذِ العفوِ منهُم.” ( فتح الباري).

خير الناس أحسنهم قضاء:

عن أبي هريرة فقال: أنَّ رَجُلًا تَقَاضَى رَسولَ اللَّهِ ﷺ ، فأغْلَظَ له فَهَمَّ به أصْحَابُهُ، فَقالَ: دَعُوهُ، فإنَّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالًا، واشْتَرُوا له بَعِيرًا فأعْطُوهُ إيَّاهُ وقالوا: لا نَجِدُ إلَّا أفْضَلَ مِن سِنِّهِ، قالَ: اشْتَرُوهُ، فأعْطُوهُ إيَّاهُ، فإنَّ خَيْرَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً. "(البخاري).

سَمحُ النَّفسِ الهَيِّنُ اللَّيِّنُ أن يغنَمَ في حياتِه أكبَرَ قِسطٍ من السَّعادةِ وهناءةِ العَيشِ؛ لأنَّه بخُلُقِه هذا يتكيَّفُ مع الأوضاعِ الطَّبيعيَّةِ والاجتماعيَّةِ بسُرعةٍ، مهما كانت غيرَ ملائمةٍ لما يحِبُّ.

يستقبِلَ المقاديرَ بالرِّضا والتَّسليمِ، مهما كانت مكروهةً للنُّفوسِ.

 أن يظفَرَ بأكبَرِ قِسطٍ من محبَّةِ النَّاسِ له، وثِقةِ النَّاسِ به؛ لأنَّه يعامِلُهم بالسَّماحةِ والبِشرِ ولِينِ الجانبِ،

 ويعامِلُ النَّاسَ أيضًا بالسَّماحةِ في الأمورِ المادِّيَّةِ؛ فإذا باع كان سَمحًا، وإذا اشترى كان سَمحًا، وإذا أخَذ كان سَمحًا، وإذا أعطى كان سَمحًا، وإذا قضى ما عليه كان سَمحًا، وإذا اقتضى ما له كان سَمحًا.

  ويجلِبُ لنَفسِه الخَيرَ الدُّنيويَّ بتسامحِه؛ وذلك لأنَّ النَّاسَ يحبُّون المتسامِحَ الهَيِّنَ اللَّيِّنَ، فيَميلون إلى التَّعامُلِ معه، فيكثُرُ عليه الخيرُ بكثرةِ محبِّيه والواثِقين به.

  ويجلِبُ لنفسِه رِضا اللهِ تعالى والخيرَ الأُخرويَّ العظيمَ، ما ابتغى بسماحتِه رضوانَ اللهِ عزَّ وجَلَّ  .

 السَّماحةُ سَبَبٌ في تيسيرِ الأمورِ وتسهيلِ المعامَلاتِ بَينَ النَّاسِ.

  بالسَّماحةِ تسودُ الثِّقةُ والأُلفةُ والمحبَّةُ بَينَ النَّاسِ.

  السَّماحةُ تُذهِبُ الأخلاقَ السَّيِّئةَ كالأثَرةِ والأنانيَّةِ والشُّحِّ.

الخطبة الثانية:

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَبَعْدُ:

عباد الله:"  حب التناهي شطط وخير الأمور الوسط 

التيسير في العبادات 

ومِن مظاهرِ يسرِ الإسلامِ:

 أنَّ العباداتِ – مع أنَّها أركانُ الإسلامِ – تسقطُ في حالاتِ الأعذارِ وعدمِ القدرةِ.

 فالصلواتُ الخمسُ شُرعتْ في أوقاتٍ مناسبةٍ لا تمنعُ مِن عملٍ ولا تفوتُ بها مصلحةٌ، ورخّصَ قصرَ الصلاةِ الرباعيةِ في السفرِ والجمعَ بينَ الصلاتين،وللمريضِ يُصلِّي قائمًا فإنْ لم يستطعْ فقاعدًا فإنْ لم يستطعْ فعلَى جنبهِ،وفي الطهارةِ أباحَ المسحَ على الخفينِ والجواربِ بدلَ غسلِ الرجلينِ في الوضوءِ بشرطهِ، وأباحَ التيممَ بدلَ الوضوءِ والغسلِ للمريضِ الذي يضرُّهُ الماء…… 

وهكذاوالصومُ لا يجبُ إلَّا على المسلمِ البالغِ العاقلِ القادرِ على الصومِ، والفطرَ في رمضانَ للمريضِ والمسافرِ، وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ.. "(البقرة/186).

 والحجُّ لا يجبُ إلَّا على المستطيعِ مرةً واحدةً في العمرِ،قال صلي الله عليه وسلم:" أيها الناسُ . . قد فُرِضَ عليكم الحجُّ فحُجُّوا ، فقال رجلٌ : أكُلَّ عامٍ يا رسولَ اللهِ ؟ فسكتَ حتى قالها ثلاثًا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : لو قلتُ : نعَم ، لوجبَتْ ولما استطعتُم ، ثم قال : ذَروني ما تركتُكم ، فإنما هلك من كان قبلَكم بكثرةِ سؤالِهم واختلافِهم على أنبيائِهم ، فإذا أمرْتُكم بشيءٍ فأْتُوا منه ما استطعتُم ، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ فدَعُوه"(البيهقي).

والزكاةُ لا تجبُ إلّا على مَن ملكَ نصابًا وحالَ عليهِ الحولُ، ثم هي نسبةٌ قليلةٌ تنفعُ الفقيرَ ولا تضرُّ الغنيَّ،فالزَّكاةُ فَريضةٌ فرَضَها اللهُ عزَّ وجلَّ على الأغنياءِ لِتُرَدَّ على الفُقراءِ، وقد حدَّدَ اللهُ عزَّ وجلَّ ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كلَّ ما يَتعلَّقُ بهذه الفَريضةِ مِن تَفاصيلَ وأحكامٍ؛ حتَّى لا يُظلَمَ الغَنيُّ أو يَضيعَ حقُّ الفقيرِ.

ونحن في موسم الحصاد وزكاة الزروع فرض واجب حيث قرنت الزكاة بالصلاة في كتاب الله أكثر من ثمانين مرة وجاءت الدعوة والحث علي الصدقة أكثر من مائتي مرة 

  وينبغي إخراج الزكاة هذه الأيام لقوله تعالي :"وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ۖ"(الأنعام/142).

وتجب الزكاة إذا بلغ نصاباً وهو خمسة أوسق بمعيار الكيل،لقوله صلي الله عليه وسلم :"ليس فيما دون خمسة أوسقٍ من تمرٍ ولا حبٍّ صدقة"(متفق عليه)..

 والوسق الواحد ستون صاعاً، والصاع يساوي كيلوين وأربعين جراماً من البر الجيد ..وهومايعادل خمسون كيلة أي مايعادل 650 ستمائة وخمسون كيلو جرام ..

والقدر الذي يجب إخراجه هو نصف العشر إن كان السقي بكلفة وإن كان بغير كلفة كالسقي بماء المطر فيجب إخراج العشر أي عشر المحصول إذا بلغ النصاب.

لقوله صلي الله عليه وسلم :" فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْرِ."(البخاري).

وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه فيما سَقَتِ السَّماءُ بالمَطَرِ، وما سَقَتْه العيونُ، أو كان عَثَرِيًّا، وهو ما سُقِيَ بالأنهارِ والوِديانِ الجاريةِ دونَ الحاجةِ إلى الآلةِ أو مُؤنةٍ زائدةٍ العشر؛ وكلُّ زَرْعٍ سُقِيَ بسَببِ إخراجِ الماءِ مِن البِئرِ بالبَعيرِ أو الآلةِ، فإنَّ فيه نِصفَ عُشْرِ غلَّتِه، والفرْقُ ثِقَلُ المُؤنةِ هنا، وخِفَّتُها فيما يُسقَى بغَيرِ آلةٍ أو مُؤنةٍ.

وفي الحديثِ: بَيانُ فَريضةِ زَكاةِ الزَّرعِ، وأنَّ لشِدَّةِ النَّفقةِ وخِفَّتِها تَأثيرًا في الزَّكاةِ.فيسر الرسول علي من تكلف في الري والحرث والزرع ..

اللَهُمَّ اجْعَلْنَا لِلْبِرِّ فَاعِلِينَ وَأَصْلِحْ أَحْوَالَنَا أَجْمَعِينَ


google-playkhamsatmostaqltradent