هل شرط السن في الأضحية إجماعي أم خلافي؟
الأضحية في الأصل عن الرجل وأهل بيته ،
سواءٌ صغاراً كانوا أم كباراً، ذكوراً كانوا أم إناثاً، فينبغي للمسلم أن يضحي عنه
وعن أهل بيته
.
وأكْثَرُ أهلِ العِلمِ يَرونَ الأُضْحيةَ سُنَّةً مُؤكَّدَةً غيرَ واجبةٍ
مِن رحمةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويُسرِها بأُمَّتِه أنَّه رَفَعَ الحَرَجَ عن أيِّ مكلَّف لا يَستطيعُ القيامَ بما كُلِّف به.
وفي هذا الحَديثِ يقول الصَّحابِيُّ الجليلُ جابِرُ بنُ عبدِ الله: "شَهِدتُ"، أي: حضَرْتُ "مع رسولِ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الأَضْحَى"، أي: عيدَ الأَضْحَى "بِالْمُصلَّى"، أي: بالمكانِ الَّذِي يصلَّى فيه العِيدُ، "فَلمَّا قضَى خُطبتَه" أي فَلمَّا انتهَى مِن خُطبةِ العِيدِ "نزَل مِن مِنْبَرِه وأُتِيَ بِكَبْشٍ"، أي: أُحضِرَ له خَرُوفٌ، "فذَبَحَه رسولُ الله صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بِيَدِه"، أي: ذَبَحَه بنفسِه ولم يكلِّفْ به أحدًا، "وقال"، أي: عِندَ الذَّبحِ: " بِاسْمِ اللهِ، واللهُ أَكْبَرُ، هذا عَنِّي، وعمَّن لم يُضَحِّ مِن أُمَّتِي"، أي: أُضَحِّي بهذا الخروفِ عن نفْسي وعمَّن لم يَسْتَطِعْ أن يُضَحِّيَ مِن المُسلِمِينَ.
▪️وَهَذا مِن كَرمِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ورحْمَتِه، وأكْثَرُ أهلِ العِلمِ يَرونَ الأُضْحيةَ سُنَّةً مُؤكَّدَةً، غيرَ واجبةٍ.
▪️وفي الحَدِيثِ: رفعُ الحَرَجِ عمَّن لم يَستطِعْ أن يُضحِّيَ مِن المُسلِمِينَ.
ولكن لا تقبل الأضحية
ولا تكون أضحية شرعية إلا بشروطٍ ثلاثة :
الشرط الأول :
أن تكون من بهيمة الأنعام ، وهي
: الإبل ، والبقر ، والغنم .
" فلو ضحى بغيرها حتى ولو كانت أغلى منها
فإنها لا تكون أضحية
.
الشرط الثاني :
أن تكون بالغةً للسن المحدد شرعاً وهي؛
في الإبل : خمس سنوات .
وفي البقر : سنتان .
وفي الماعز : سنة .
وفي الضأن : نصف سنة فاكثر.
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :"لا تَذبَحوا إلا مُسنَّةً إلا أنْ يعسُرَ عليكم ، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضأْنِ"( مسلم ).
والحاصل أنه في ظل التقدم العلمي في أنظمة التسمين أصبحت صغار الأنعام أعظم لحمًا وأطيب وأسرع نضجًا على خلاف ما زاد عن ذلك، ومن ثم يتحقق فيه مقصود الشرع من تشريع الأضحية.وأعتقد اعتقاداً كبيراً بأن القصد من السن هو وفرة اللحم ونضجه ..
ونقول هل شرط السن إجماعي أم خلافي؟
الثابت أنه من مسائل الخلاف،
شرط السن في الأضحية ليس إجماعيًا، بل هو محل خلاف بين الفقهاء. فبينما يرى جمهور العلماء أن الأضحية يجب أن تكون قد بلغت السن الشرعية، وهى سنتان في البقر، وسنة في المعز، وستة أشهر في الضأن.
إلا أن بعض العلماء يرى جواز التضحية بالحيوان الذي لم يبلغ السن الشرعية، إذا كان كبيرًا ووافر اللحم.
وهذا الخلاف مبني على فهم النص الشرعي، فبعضهم يرى أن النص
يقتصر على بلوغ السن المقررة، وبعضهم يرى أن المقصد الشرعي من تحديد السن هو بلوغ
اللحم والنضج، فإذا توافر ذلك في الحيوان، لم يضر عدم بلوغه السن المقررة.
وهناك من جوز ذبح الجذع في جميع الأصناف وحمل الأمر في الحديث على الاستحباب، وهذا يعني جواز ذبح ما نقص عن السنتين في البقر إذا كان لحمه طيبًا وفيراً.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال ضحى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتك شاة لحم فقال يا رسول الله إن عندي داجنا جذعة من المعز قال اذبحها ولن تصلح لغيرك ثم قال من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين "(البخاري).
وفي رواية يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة ضح بالجذع من المعز ، ولن تجزي عن أحد بعدك " أشار بذلك إلى أن الضمير في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرواية التي ساقها اذبحها للجذعة التي تقدمت في قول الصحابي إن عندي داجنا جذعة من المعز .
والجذع :"بفتح الجيم ثم الذال ، الشاب القوي وهو من الغنم ما كان عمره أكثر من ستة أشهر، ومن الإبل ما أتم السنة الرابعة ودخل في الخامسة،ومن البقر ما دخل في الثالثة. (فقهية)
قال الماوردي رحمه الله في الحاوي: "واختلفوا في الجذع والثنايا على ثلاثة، أحدها: وهو قول عبد الله بن عمر والزهري أنه لا يجزئ منها إلا الثنايا من جميعها، ولا يجزئ الجذع من الضأن في الأضحية كما لا يجزئ الجذع من المعز.
والمذهب الثاني: وهو قول عطاء والأوزاعي أنه يجزئ الجذع من جميعها حتى من الإبل والبقر والمعز كما يجزئ الجذع من الضأن.
والمذهب الثالث:وهو قول الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك والجمهور من الفقهاء أنه لا يجزئ من الإبل، والبقر، والمعز إلا التي دون الجذع، ويجزئ من الضأن وحده الجذع.
فالحكم على الشيء بأنه لا يجوز يساوي الحكم عليه بأنه حرام هذا في الغالب ،
لكن الفقهاء أحيانا يطلقون عدم الجواز على المكروه، قال ابن أمير الحاج في التقرير والتحرير: لا تنافي بين غير الجائز والحرام لأن غير الجائز إما مساوي الحرام أو أعم منه فلا جرم.
قال ابن حجر الهيثمي: وينبغي حمل قول من قال لا يجوز ذلك على أن مرادهم نفي الجواز المستوي الطرفين فيصدق بأن ذلك مكروه أو خلاف الأولى. انتهى موضع الشاهد منه،
وفي حاشية الخرشي قال: غير جائز أي جوازا مستوي الطرفين إذ فعلهما حينئذ مكروه لا ممنوع. انتهى
الشرط الثالث :
أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من
الإجزاء
لأن هناك عيوباً تمنع من إجزاء البهيمة
ولو كانت من بهيمة الأنعام ،
وقد بينها النبي عليه الصلاة والسلام
حيث قال : « أربعٌ لا تُجزئُ في
الأضاحيِّ
:
١-العَوراءُ البيِّنُ عوَرُها،
٢- والمريضةُ البيِّنُ مرضُها،
٣- والعَرجاءُ البيِّنُ ظَلعُها،
٤-والكسيرةُ الَّتي لا تُنقي »
هذه أربع لا تجزئ في الأضاحي .
قوله : المريضة :
ليست كل مريضة لا تجزئ لا بد أن يكون
مرضها بيناً، كأن يظهر عليها أعراض المرض
من الحمى ، وعدم الأكل ، وما أشبه ذلك .
ومن المرض : الجرب ، فالجرباء لا تجزئ ؛ لأن الجرب مفسدٌ للحم
فإذا كان في البهيمة مرض لكنه ليس ببين
، ولنفرض أنه بعد أن ذبحناها وجدنا فيها طالوعاً،
والطالوع : عبارة عن غدة فاسدة تكون في
داخل اللحم، وقد تكون خارج اللحم ، فالتي
داخل اللحم لا يعلم عنها ( اي لا يراها ) ،
فإذا ذبحها الإنسان على أنها أضحية
فإنها تجزئ ؛ لأن النبي صلى الله عليه
وسلم قال
:
« المريضة البين مرضها »
والثانية :
العرجاء لا بد أن يكون ضلعها بيناً،
فأما إذا كانت تهمز همزاً يسيراً ولكنها تمشي مع البهائم فإنها تجزئ .
والثالثة :
العوراء البين عورها ،
والعوراء إذا لم يكن عورها بيناً فهي
مجزئة كما لو كانت لا تبصر بعينها ولكن من رآها يظن أنها تبصر فهذه تجزئ ، لكن إذا
كان عورها بيناً بأن تكون عينها انخسفت أو نتأت وبرزت فإنها لا تجزئ .
والرابعة :
الكسيرة أو العجفاء التي لا تنقي ،
وهي الشاة الهزيلة التي لا مخ في عظمها
المجوف ؛ فإنها لا تجزئ .
طيب إذا كانت أذنها مقطوعة
وليس فيها مرض فهل تجزئ ؟
نعم تجزئ ، لأنها لا تدخل في الأربع .
إذا كان قرنها مكسوراً
ولكن ليس فيها مرض فإنها تجزئ .
إذا كان ذيلها مقطوعاً
ولكن ليس فيها مرض تجزئ إلا في الضأن
فإن العلماء قالوا : إن الضأن التي
قطعت إليتها لا تجزئ ؛ لأن الإلية كبيرة
مقصودة ، بخلاف ذيل البقرة ، وذيل البعير ، وذيل المعز .
لكن اعلموا أنه كلما كانت الأضحية أكمل
فهي أفضل بلا شك
️ قال الله تعالى : لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ
[ آل عمران : 92 ].
واحذر أخي المسلم :"من ذبح الأضحية المخالفة لهدي رسول الله صلي الله عليه وسلم :"وأربع لا تجزئ في الضحايا:
الأولى: العوراء البين عورها، بأن لم تبصر بإحدى عينيها وإن بقيت الحدقة...تنبيه: قد علم من كلامه عدم إجزاء العمياء بطريق الأولى، وتجزئ العمشاء وهي ضعيفة البصر مع سيلان الدمع غالبًا والمكوية، لأن ذلك لا يؤثر في اللحم، والعشواء وهي التي لا تبصر ليلًا لأنها تبصر وقت الرعي غالبًا.
والثانية: العرجاء البين عرجها، بأن يشتد عرجها بحيث تسبقها الماشية إلى المرعى،وتتخلف عن القطيع فلو كان عرجها يسيرًا بحيث لا تتخلف به عن الماشية لم يضر..
والثالثة: المريضة البين مرضها، بأن يظهر بسببه هزالها وفساد لحمها، فلو كان مرضها يسيرًا لم يضر..
والرابعة: العجفاءوهي التي ذهب لحمها السمين بسبب ما حصل لها من الهزال.
الشرط الرابع : =
وهو أن تذبح الأضحية في الوقت المحدد شرعاً.
أي : في وقت الأضحية ،
فمن ذبح قبل وقت الأضحية فلا أضحية له
،
ومن ذبح بعد انتهاء المدة فلا أضحية له ..
وما هي المدة ؟
المدة : من بعد صلاة العيد إلى غروب
شمس يوم الثالث عشر ،
أي : أربعة أيام .
فمن ذبح قبل الصلاة فكما بين النبي صلى
الله عليه وسلم أن شاته شاة لحم
( اي ليست أضحية )
ومن ذبح بعد غروب شمس يوم الثالث عشر
فشاته شاة لحم
إلا أن تهرب الأضحية وتضيع ،
ثم يجدها بعد أن يفوت الوقت فهنا
يذبحها قضاءً إذا كان عينها قال : هذه
الأضحية ثم هربت وضاعت ، فبحث عنها ولم يجدها إلا في اليوم الرابع عشر نقول :
اذبحها ، لأن تأخيره هنا بعذر كما لو أخر
الصلاة عن وقتها لعذر فإنه يقضيها
.
ملخص شروط الأضحية :
أن تكون من بهيمة الأنعام .
أن تبلغ السن المعتبر شرعاً .
أن تكون سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء
فتـاوي الأضحية
أولاً : الأضحية سنة وليست واجبة .
ثانياً : الأضحية تجزيء عن الرجل وعن أهل بيته وعمّن أدخله معه من المسلمين .
ثالثاً : العائلة الواحدة تكفيهم أضحية واحدة ، حتى ولو كان للرجل أبناء موظفون ومتزوجون ولهم رواتب ، بشرط أن يكون طعامهم وشرابهم واحداً ، بمعنى أن يكون المطبخ واحداً، أما إن كان لكل واحد منهم مطبخ خاص به فأضحيته تختلف عن أضحية الآخر .
رابعاً : المرأة لا تلزمها أضحية؛ بل تدخل مع الرجل، الأب أو الزوج أو الابن أو الأخ، لكن لو أرادت أن تضحي فلها ذلك، وتمتنع من أخذ شعرها وأظافرها؛ كالرجل تماما .
سادساً: الأضحية عن الميت لها ثلاث حالات
الحالة الأولى : أن يوصي الميت؛ فيُضحى عنه من ماله تنفيذاً لوصيّته .
الحالة الثانية : أن يُضحي الحي عن نفسه وينوي إدخال الميت معه في
الأضحية؛ فهذا جائز
.
الحالة الثالثة : أن يضحي عن الميت أضحية خاصة به؛ والأفضل في هذه
الحالة ألاّ يفعلها لأن النبي صلى الله عليه وسلم مات عمه حمزة وزوجته خديجة
وغيرهم؛ ولم يضح عنهم أضحية خاصة بهم أو بكل واحد منهم .
سابعاً : للمسلم أن يقترض كي يضحي، متى ما كان يتوقّع القدرة على أداء الدين .
ثامناً : الأضحية لا تكون إلا من بهيمة
الأنعام ؛ وهي : الإبل أو البقر أو الغنم .
تاسعاً: لا بد أن أن تبلغ الأضحية
السنّ المحددة شرعاً ؛ فمن الإبل ما بلغ خمس سنين، ومن البقر ما بلغ سنتين، وأما
الغنم فنوعان؛ فإن كانت من الماعز فما بلغ سنة، وإن كانت من الضأن فما بلغ نصف سنة .
عاشراً : الوقت المحدد شرعاً للذبح هو من بعد صلاة عيد الأضحى وحتى أذان مغرب آخر أيام التشريق .
الحادي عشر : من نوى أن يضحي فإنه يمتنع من أخذ شيء من شعره أو أظافره أو جلده من حين دخول شهر ذي الحجة وحتى يذبح أضحيته .
الذي يمتنع هو صاحب الأضحية، أما أهل بيته ومن أدخلهم معه في نية الأضحية فلا يمتنعون من ذلك .
إذا وكّل من يشتري أو يذبح عنه الأضحية فالذي يمتنع من أخذ شعره وأظافره هو صاحب الأضحية وليس الذي سيقوم عنه بالشراء أو الذبح .
الثاني عشر : الأفضل أن يُقسّم الأضحية
لثلاثة أقسام؛ يأكل ثلثها، ويُهدي ثلثها، ويتصدق بالثلث الأخير، وهذا ليس بواجب،
بل يجوز أن يأكل نصفها ويجعل النصف الباقي هدية وصدقة .