recent
أخبار عاجلة

سبحان الله المؤمن لاينجس

  سُبحانَ اللَّهِ إنَّ المُؤْمِنَ لا ينجُسُ

هل المؤمن ينجس؟

هل يمكن البقاء دون تطهر من الجنابة لفترة طويلة دون ضرورة؟

وهل يمكن للإنسان الخروج من المنزل أو النوم وهو جنب؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فيجوز للإنسان تأخير غسل الجنابة إلى قيامه للصلاة، ولو لغير ضرورة؛ لأن غسل الجنابة واجب وجوبًا متراخيًا، وليس على الفور، وإنما يجب عند القيام إلى الصلاة، فعن  أبي هريرة رضي الله عنه أخبر أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ لقيَهُ في طريقٍ من طُرُقِ المدينةِ وَهوَ جنُبٌ ، فانسلَّ عنهُ ، فاغتسلَ ، ففقَدَهُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فلمَّا جاءَ قالَ : أينَ كُنتَ يا أبا هُرَيْرةَ ؟ قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، إنَّكَ لَقيتَني وأَنا جنُبٌ ، فكَرِهْتُ أن أجالسَكَ حتَّى أغتسِلَ ، فقالَ : سُبحانَ اللَّهِ إنَّ المُؤْمِنَ لا ينجُسُ"( صحيح البخاري ومسلم النسائي).

كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنهم يُحبُّونَ أن يَظهَروا للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في أكمَلِ هيئةٍ لهم بما تَعلَّموه مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن حُسْنِ نَظافةِ الظَّاهرِ والباطنِ، وفي ذلكَ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لقِيَه في طَريقٍ مِن طُرُقِ المدينةِ وهو جُنُبٌ"، أي: كانَتْ به جَنابةٌ، وهي تُطلَقُ على كلِّ مَن أنزَل المنِيَّ مِن احتلامٍ أو جِماعٍ؛ وسُمِّيَتْ بذلك لاجتنابِ صاحبِها الصَّلاةَ والعباداتِ حتَّى يطَّهَّرَ منها.

قال: "فانسَلَّ عنه"، أي: ذهَب أبو هُرَيرَةَ رضِيَ اللهُ عنه عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في خُفْيَةٍ دونَ الكلامِ معه، أو التَّسليمِ عليه، "فاغتَسَل"، أي: تَطهَّرَ ورفَع جَنابتَه، "ففقَده النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: شَعَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بفَقْدِ أبي هُرَيرةَ بعدَما أبصَرَه، ولم يَعلَمْ سبَبَ ذَهابِه على غَيرِ العادةِ مِن الصَّحابةِ رَضِي اللهُ عَنهم في استِئذانِهم النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قبْلَ الانصرافِ عنه، "فلمَّا جاء"، أي: أتى أبو هُرَيرةَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بعد غُسلِه، قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "أين كنتَ يا أبا هُرَيرةَ؟"، فقال أبو هُرَيرةَ رَضِي اللهُ عَنه: "يا رسولَ اللهِ، إنَّكَ لقِيتَني وأنا جُنُبٌ، فكرِهْتُ أن أُجالِسَك حتَّى أغتسِلَ"، وإنَّما فعَل أبو هُرَيرةَ هذا؛ لأنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان إذا لقِيَ أحدًا مِن أصحابِه ماسَحَه ودعَا له، فظنَّ أنَّه يفعَلُ معه ذلكَ، وهو على غيرِ طهارةٍ في ظنِّه، "فقال" صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم تعجُّبًا مِن خَفاءِ هذا الحُكمِ عليه: "سُبحانَ اللهِ! إنَّ المُؤمِنَ لا ينجُسُ"، أي: لا يصيرُ نَجِسًا بما يُصِيبُه مِن الحدَثِ أو الجَنابةِ، والحاصلُ: أنَّ الحدَثَ ليس بنَجاسةٍ، فيمنَعَ عن المُصاحَبةِ، وإنَّما الحدث فقط يمنع من الأمورِ التعبُّديَّةِ، فيَمنَعُ عمَّا جُعِلَ مانِعًا منه، ولا يُقاسُ عليه غيرُه، والمرادُ: أنَّ عدَمَ طهارةِ المُسلِمِ حُكْميٌّ، وليسَ حقيقيًّا.

وفي الحديثِ: بيان أصلٍ عَظيمٍ، وهو طَهارةُ المُسلِمِ حيًّا وميِّتًا 

وقد استدل البخاري بحديث أبي هريرة هذا على جواز تصرف الجنب في حوائجه، فقال: باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره.

وفي الحديث الأخر :"ورأيت رجلا من أمتى ورأيت النبيين جلوسا حلقا حلقا كلما دنا إلى حلقة طرد ومنع فجاءه غسله من الجنابة فأخذ بيده فأقعده إلى جنبي" قال الحافظ أبو موسى : هذا حديث حسن جدا ، رواه عن سعيد بن المسيب وعمر بن ذر وعلى ابن زيد بن جدعان .ا.هـ.واستحسنه ابن القيم واين تيمية

ويجوز للجنب أن ينام دون أن يغتسل، لكن يستحب له أن يتوضأ قبل أن ينام، ففي صحيح مسلم عن عائشة -رضي الله عنها-: أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل، أو ينام، وهو جنب، توضأ. وأخرج أبو داود عن غضيف بن الحارث، قال: قلت لعائشة: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل قبل أن ينام؟ وينام قبل أن يغتسل؟ قالت: نعم. قلت: الحمد لله الذي جعل في الأمر سعة. وفي الصحيحين أن عمر استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم، إذا توضأ". قال ابن عبد البر: ذهب الجمهور إلى أنه ـ أي: الأمر بالوضوء للجنب الذي يريد النوم - للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه، وهو شذوذ. انتهى.

وأما ما رواه أبو داود، وغيره عن علي -رضي الله عنه- مرفوعًا: إن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه كلب، ولا جنب، فهو حديث ضعيف؛ لأن في إسناده مجهولًا.

وعلى فرض صحته؛ فإن المراد بالجنب ـ كما قال الخطابي ـ: من يتهاون بالاغتسال، ويتخذ تركه عادة، لا من يؤخره ليفعله.

هل الكافر نجس ؟

قال تعالي :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"(التوبة: 28).

 وقد نزلت هذه الآية حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا رضي الله عنه في العام التاسع من الهجرة يؤذن في الناس ألا يحج بعد العام مشرك، وما جاء أوائل سورة براءة، ولـمَّا أعلم الله عبادَه المؤمنين أنه لا يصحَّ للمشركين أن يعمروا مساجد الله وعنى بها المسجد الحرام؛ أمرهم بعد ذلك بهذه الآية أن يمنعوهم من دخول المسجد الحرام

أمر الله تعالى المؤمنين أن يمنعوا المشركين من دخول المسجد الحرام، والقيام بمصالحه ونحو ذلك مما كان عليه أمر الجاهلية، بل يعزلوا عن ذلك كله؛ لأنهم ليسوا أهلا له كما قال تعالى: "مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ"( التوبة: 17).

 ذهب جمهور العلماء إلى أن المقصود بالمشركين في الآية إنما هم عبدة الأوثان والأصنام، الذين اتخذوا مع الله إلها آخر، ولا يدخل في ذلك أهل الكتاب اليهود والنصارى وإن كانوا كفارًا، قال أبو حيان الأندلسي: "والجمهور على أن المشرك من اتخذ مع الله إلها آخر، وعلى أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين"، فذهب أبو حنيفة إلى جواز دخول اليهود والنصارى المسجد الحرام وغيره من المساجد.

و فسَّر الجمهور نجاسة المشركين المذكورة في الآية بالنجاسة المعنوية؛ لأن المشركين لا يغتسلون من الجنابة، ولا يتطهرون، أما أعيانهم وذواتهم فليست نجسة كما قال ذلك البعض، قال ابن كثير: "فالجمهور على أنه ليس بنجس البدن والذات؛ لأن الله تعالى أحل طعام أهل الكتاب

والله أعلم

google-playkhamsatmostaqltradent