recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة سيناء أرض الديانات ومهبط الرسالات لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

سيناء أرض الديانات ومهبط الرسالات 

 الحمد لله رب العالمين اقسم بالتين والزيتون والطور من سيناء.

وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له سبحانه له العزة و البقاء.

وأشهد أن سيدنا محمدا عبدالله ورسوله سيد الأوفياء.

اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحابته الأجلاء...

أما بعد:

فيقول الله  تعالى: "والتين والزيتون وطور سينين. وهذا البلد الأمين "

إن من الأماكن القليلة التي تحدث عنها القرآن الكريم حديثاً أظهر مكانتها ودرجتها: الأرض المباركة "سينــاء" أرض الخير والبركة والنماء

وكلمة سيناء-بفتح السين والمد على معناها: الحسن باللغة النبطية.

أو معناها: الجبل المليء بالأشجار. وقيل: مأخوذة من السنا بمعنى الارتفاع.

وإن من من فضائل سيناء أن الله تعالى اقسم الله تعالى بطورها مرتين و اسمى سورة في القران الكريم باسمه و هي سورة الطور

قال الله جل وعلا: "وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ" [الطور:1 - 2]

والطور في اللغة: كل جبل نبت فيه الشجر، لكن الطور إذا أطلق ينصرف إلى ذلك الجبل المبارك وهو جبل الطور في سيناء

و أقسم مرة أخر في ور التين قال تعالى: " والتين والزيتون وطور سينين. وهذا البلد الأمين "(التين).

وفي آية أخرى ذكرالله (سبحانه وتعالى) أرض سيناء من باب النعم؛ حيث قال تعالى: "وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَاءَ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْآكِلِينَ"(المؤمنون:20) والمقصود بها: شجرة الزيتون، فهي شجرة مباركة؛ ففي الحديث عنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ" (رواه الترمذي).

عباد الله:

لقد عاشت أرض سيناء مشاهد عظيمة، خالدة، لا يمحو أثرها الزمان، ولا أي إنسان: فهي البقعة المباركة التي شرفت جبالها وأوديتها وحبات رمالها بوقع أقدام أنبياء الله (عزو جل): إبراهيم، وإسماعيل، ويعقوب،ويوسف  وموسى، وهارون، وعيسى، وأمه البتول مريم (عليهم الصلاة والسلام)

مر الخليل إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة

.فقد شق أبو الأنبياء طريقه خلالها هو وزوجته السيدة ساره من العراق إلى أرض فلسطين. إلي منطقة بشمال سيناء في مصر، وهي النقطة التي دخل منها نبي الله إبراهيم ونبي الله يوسف وإخوته أبناء النبي يعقوب وعمرو بن العاص إلى مصر.

وعلى أرضها مر يعقوب عليه السلام والأسباط لما قدِموا للعيش في مصر، وكذا نبي الله يوسف عليه السلام، وسيّدنا شعيب، والنبي داود، والنبي صالح، والنبيّ عيسى عليهم السلام. ، وفيها تلقَّى موسى الألواح

كما وطأ أرضها سيدنا يوسف الصديق وأبيه النبي يعقوب (عليهما

 السلام)،

:"فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ"( يوسف: 99)

آوى إليه أبويه : ضمّهما إليه و اعتنقهما

 حينما خرج يعقوب وأهله إلى "مصر" قاصدين يوسف، فلما وصلوا إليه علي مشارف مصر بأرض سيناء وقداستقبلهم هناك ضمَّ يوسف إليه أبويه، وقال لهم: ادخلوا "مصر" بمشيئة الله، وأنتم آمنون من الجهد والقحط، ومن كل مكروه.

 وعلى أرضها انطلقت رائحة قميص يوسف حتى وصل إلى يعقوب (عليه السلام)، قال تعالى على لسان سيدنا يوسف:"اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ  وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ۖ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ" (يوسف: 93 -94).

مجمع البحرين بسيناء

وفي أرض سيناء مجمع البحرين، (منطقة رأس محمد اليوم) في (برية سين) كما هو موضح في التوراة، التي كان بها لقاء سيدنا الخضر وموسى (عليهما السلام)، وصدق الله إذ يقول:"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا*فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا* فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا*قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا*قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا*فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}[الكهف:60 ـ 65].

وعلى أرض سيناء كانت تلقي موسى (عليه السلام) للتوراة، والألواح، والوصايا العشر، وصدق الله إذ يقول: {قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ*وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ}[الأعراف:145،144].

أَيُّهَا النَّاسُ، تَخَيَّلُوا مَعِي ذَلِكَ المَشْهَدَ الإِلَهِيَّ الكَوْنِيَّ المَهِيبَ، مَشْهَدٌ لَمْ يَشْهَدِ الزَّمَانُ مِثْلَهُ، حِينَ اصْطَفَى اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ لِكَلِيمِهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَشْرَفَ الأَزْمَانِ وَأَرْقَاهَا، وَاخْتَارَ لَهُ أَسْمَى الأَمَاكِنِ وَأَبْرَكَهَا، فتَجَلَّى الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ لِنَبِيِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى جَبَلِ الطُّورِ، فَاهْتَزَّ الجَبَلُ خَشْيَةً وَتَدَكْدَكَ عَظَمَةً، بَيْنَمَا كَانَ قَلْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَسْتَقْبِلُ نُورَ الهِدَايَةِ وَيَتَشَرَّبُ حِكْمَةَ السَّمَاءِ، إِنَّ هَذِهِ اللَّحْظَةَ الفَرِيدَةَ رَمْزٌ أَبَدِيٌّ لِعَظَمَةِ الوَحْيِ الَّذِي يُضِيءُ دُرُوبَ الحَائِرِينَ، وَكَأَنَّ ذَرَّاتِ رِمَالِ سَيْنَاءَ تَحْمِلُ بَيْنَ طَيَّاتِهَا صَدَى كَلِمَاتِ اللهِ تَعَالَى الَّتِي تَجَلَّتْ عَلَى جَبَلِهَا المُبَارَكِ {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْـمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}.

فهي أول أرض شهدت أول وحي إلهي مباشر بغير واسطة (جبريل عليه السلام)، وذلك عند جبل الطور بسيناء على أرض مصر، قال تعالى عن سيدنا موسى عليه السلام: { وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا } (مريم 52)..  و قال جل شأنه {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9) إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى (10) فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَامُوسَى (11) إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى (13) إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلَايَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) } [طه: 9 - 16].

وهي الأرض التي شهدت أولَ حوار وقع بين موسى وبين ربه عز وجل، بعد أن عرف بنبوته، وهو حوار للإيناس والتهيئة التي أشرنا إليها سابقًا، قال تعالى: { وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى (18) قَالَ أَلْقِهَا يَامُوسَى (19) فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى (20) قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى (21) وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى (22) لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى (23).........الآيات }[سورة طه].

وهي الأرض التي استجاب الله فيها لرغبة موسى عليه السلام، فجعل معه أخاه هارون نبيًّا ووزيرًا ليشد من أزره، قال تعالى: { وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (34) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (35) قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى (36)} [سورة طه].

أيُّهَا المِسلمون، إِنَّ هَذَا التَّجَلِّي لَمْ يَكُنْ آخِرَ العَهْدِ بِأَرْضِ سَيْنَاءَ، بَلْ إنَّه مَا أَنْ مَضَتِ السَّنَوَاتُ، واشْتَاقَتْ أَرْضُ سَيْنَاءَ وَجِبَالُهَا وَوِدْيَانُهَا لِتِلْكَ الأَنْوَارِ وَالبَرَكَاتِ، حَتَّى أَتَى الوَحْيُ الشَّرِيفُ مِنَ اللهِ جَلَّ جَلَالُهُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَدْعُوهُ اللهُ لِمِيقَاتِهِ سُبْحَانَهُ، فَاسْتَشْرَفَتْ أَرْضُ سَيْنَاءَ مِنْ جَدِيدٍ لِشُهُودِ هَذَا التَّجَلِّي العَظِيمِ {وَلـَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}

إن جبل الطور هو الجبل الذي شهد مجيء موسى بسبعين رجلًا من قومه للتوبة عند الطور فأخذتهم الرجفة، قال تعالى: { وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا } [الأعراف:155].

وهو الجبل الذي شهد هذه القاعدة الإلهية (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ)، فحين أخذتهم الرجفة قال موسى عليه السلام مخاطبًا ربه عز وجل: { قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} [الأعراف]، فكانت الإجابة من قبل الله عز وجل: { قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156)}[الأعراف].

تعد سيناء أرضا مباركة عرفتها الديان السماوية لذلك أطلق عليها بأنها مهد الأديان ففيها تتعانق الديانات الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام، فقد ذكرت فى القرأن الكريم فى قوله تعالى «وطور سيناء» حيث ترصد الدراسات علاقة سيناء بالأديان السماوية.

فعلى أرض سيناء كلم الله موسى، وكانت مهد نزول التوراة، وبها نزل أول طعام من السماء إلى الأرض وهو طعام المن (فطير بالعسل) وطعام السلوى (طائر السمان المطهى على قوم موسى).. وفى سيناء (الجبل المقدس) الذى أقسم الله به مرتين فى القرآن الكريم فقيل عنه: «وطور سيناء» كما قال تعالى «وطور سينين»،


 كما بها الوادى المقدس طوى، وفيه قال تعالى لنبيه موسى: فأخلع نعليك إنك بالوادى المقدس طوى».. 

السيد المسيح والعائلة المقدسة عبرت من سيناء

وتحتضن سيناء «دير سانت كاترين» بالقرب من جبل موسى، يديره رئيس الدير وهو أسقف سيناء، والذى لا يخضع لسلطة أية بطريرك أو مجمع مقدس ولكن تربطه علاقات وطيدة مع بطريرك القدس لذلك فإن اسم بطريرك القدس يذكر فى القداسات

أن السيد المسيح اعتبر سيناء الممر القوى الذى جاءت من خلاله العائلة المقدسة لأرض مصر، بإعتبارها بلد الأمان وبلد الكنانة، وايضًا الملجأ الآمن الذى تستطيع العائلة المقدسة العيش فيها

وقيل : إن مريم حملت المسيح إلى مصر بعد ولادته ومعها يوسف النجار ، وهي الربوة التي ذكرها الله تعالى ، وقيل : الربوة دمشق ، وقيل : بيت المقدس ، وقيل غير ذلك ، فكان سبب ذلك الخوف من ملك بني إسرائيل ، وكان من الروم ، واسمه هيرودس ، فإن اليهود أغروه بقتله ، فساروا إلى مصر وأقاموا بها اثنتي عشرة سنة إلى أن مات ذلك الملك ، وعادوا إلى الشام ، وقيل : إن هيرودس لم يرد قتله ولم يسمع به إلا بعد رفعه ، وإنما خافوا اليهود عليه ، والله أعلم

 زيارة الرسول لمصر في الإسراء والمعراج

 عباد الله:" 

تذكر بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد زار مصر ليس فقط مرة واحدة، بل مرتين،

يروي الإمام الطبراني والإمام البيهقي والإمام البزار وصححه الإمام الطبراني في كتابه "دلائل النبوة" من حديث شداد بن أوس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به مر بأرض ذات نخل، فأمره جبريل عليه السلام أن ينزل من فوق البراق ليصلي، فصلى ثم أخبره أن المكان الذي فيه هو يثرب أو طيبة، وإليها المهاجرة، ثم أمره أن يصلي عندما مر بمدين عند شجرة موسى، وهي التي استظل بها بعد أن سقي الغنم للمرأتين قبل أن يلتقي بأبيهما، كما قال بعض الشراح، ولما مر الركب بطور سيناء أمره أن يصلي أيضا، وذلك حيث كلم الله موسى، وعند المرور ببيت لحم صلي أيضا، وذلك حيث ولد عيسى بن مريم".

وفي حديث آخر عن أنس بن مالك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال أن جبريل طالبه بأن ينزل من على البراق ويصلي بطور سيناء حيث كلم الله عز وجل موسى عليه السلام

الخطبة الثانية

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله 

إن مجتمعنا المسلم يعاني في الآونة الأخيرة من ظاهرة خطيرة ومؤلمة، ألا وهي ظاهرة التحرش. هذه الآفة التي تنخر في جسد مجتمعنا، وتهدد أمنه واستقراره، وتنتهك حرمات أفراده، وتزرع بذور الخوف والقلق في نفوسهم.

التحرش – سواء كان بالكلام أو الإشارة أو الفعل – هو تصرف مشين، لا يليق بمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر. وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من إيذاء الآخرين، فقال: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" [رواه البخاري ومسلم].

إن التحرش بجميع أشكاله وصوره، سواء كان قولياً أو فعلياً، هو جريمة عظيمة وإثم مبين في شرعنا الحنيف. إنه اعتداء سافر على كرامة الإنسان وحريته، وتعدٍّ على حقوقه الأساسية التي كفلها له ديننا الإسلامي. قال تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]. وإن التحرش هو مقدمة وباب عظيم للوقوع في هذه الفاحشة العظيمة.

إن المتحرش معتدٍ، يعتدي على خصوصية الإنسان، وعلى كرامته، وربما يؤدي فعله إلى آثار نفسية واجتماعية خطيرة لا تزول بسهولة. وهل يُرضي أحدًا أن يُعتدى على عرضه أو أهله؟ فكما تُدين تُدان، والجزاء من جنس العمل.

عباد الله،

قال الله تعالى:

{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: 58].

فهل بعد هذا الوعيد وعيد؟ وهل يرضى عاقل أن يعرّض نفسه لسخط الله ولعنته؟هل ترضى أن يقول أحدهم كلامًا سيئًا عن أختك؟

هل تقبل أن يزعج أحدهم أخاك أو صديقك بكلام جارح؟

إذن، لا تكن سببًا في أذى أحد، فالدين علمنا أن المسلم الحقيقي لا يؤذي غيره، لا بيده ولا بلسانه.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت." [رواه البخاري ومسلم]

إن خطورة التحرش تتجلى في آثاره المدمرة على الضحايا، سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً. فالضحية تعاني من صدمات نفسية عميقة، وشعور بالخوف والعجز والمهانة، وقد تصل إلى حد الاكتئاب والانعزال الاجتماعي. كما أن التحرش يهدد النسيج الاجتماعي، ويزرع بذور الفتنة والعداوة بين أفراد المجتمع.

أيها الآباء والأمهات، إن مسؤوليتكم عظيمة في حماية أبنائكم وبناتكم من هذه الآفة الخطيرة. عليكم أن تربوهم على الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة، وأن تعلموهم كيفية التعامل مع الآخرين باحترام وتقدير. كما عليكم أن تكونوا لهم السند والعون، وأن تستمعوا إليهم وتفهموا مشاكلهم، وأن توفروا لهم بيئة آمنة ومستقرة.

أيها الشباب، إن ديننا الإسلامي يحثنا على العفة والطهارة، وعلى غض البصر وحفظ الفروج. قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 30-31]. فعليكم أن تلتزموا بتعاليم دينكم، وأن تكونوا قدوة حسنة لغيركم، وأن تتجنبوا كل ما يثير الفتن ويؤدي إلى الوقوع في المحرمات.
google-playkhamsatmostaqltradent