recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة متي نقول أنا ؟ ومتي نقول أعوذبالله من كلمة أنا؟ لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 متي نقول أنا ؟ ومتي نقول أعوذ بالله من كلمة أنا ؟

الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعد فياعباد الله

كلمة أنا كلمة تقال ولاتقال كلمة طيبة وخبيثة 

متى تكون كلمة (أنا) نور ومتى تكون نار..؟

تكون نورا حينما تُقال تواضعا ومحبة وأفضل كلمة قيلت كلمة انا قالها الله ورسله والصالحون

وتكون نارا حينما تُقال تكبراّ واستعلاءوأخطر كلمة قيلت  كلمة أنا قالها إبليس وجنده فرعون وقارون والنمرود ومن علي شاكلتهم من اهل الكبر والغرور

فهي حسب نية قائلها

فرق كبير بين من قال (أنا) خير منكم  ، وبين من قال (أنا) أمنة لكم

  الكلمة عنوان الإنسان

فبكلمة يدخل الإنسان الإسلام، وبكلمة يخرج منه، وبها يدخل الجنة، وبها يحرم منها، وتستحل فروج بكلمة، وتُحرّم بكلمة، وتُبنى أسر ومجتمعات بكلمة، وتهدم بكلمة.

فالكلمة عنوان الإنسان، ووسيلة اتصال بالآخر، وبها تكاد تكون كل شيء في حياة الإنسان، فهي إما أن تبلغ بالإنسان أرقى الدرجات، أو تهوي به في أسفل الدركات، فعن أبي هُرَيْرَةَ  رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالُ يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ”"(الترمذي).

مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء

ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار 

فالكلمة منها الطيب ومنها الخبيث، ولقد ضرب الله عز وجل مثلا لكل منهما وما تحدثه من آثار فقال تعالى:"أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةٌ طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ   تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيئَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُنَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ"(إبراهيم: ٢٤ – ٢٦).

قالها المولى عز وجل تعريفا بنفسه :"نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "(٤٩ الحجر).

 

:"يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ "(النحل/2).

 

 قال تعالى :"فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى. إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى.وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى . إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي"( طه /

قال تعالى :"فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.يَا مُوسَى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"( النمل / 8 ، 9 ) .

قال تعالى :"فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"(القصص /30 ).

ولماأراد ان يعرفنا بأنَّ دولةَ الباطلِ ساعةٌ ودولةَ الحقِّ إلى قيامِ الساعةِ،

وأنَّ الأمةَ المحمدية منصورةٌ بوعدِ اللهِ وصدقِ نبيِّهِ ﷺ،

 قالَ :" إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ )، وقالَ:" كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ".هذا وعدُ اللهِ قاطعٌ جازمٌ بأنْ ينصرَ رسلَهُ والذين آمنوا معه"().

قالها قابيل يكف نفسه عن الشر:"

:"لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴿٢٨ المائدة﴾

قالها إبراهيم ليعرف قومه العبادة الحق:"إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ "(٧٩ الأنعام).

قالها يوسف وهي من أعظم كلمات أنا فالأولي عرف نفسه لأخيه كي يطمئن ولايبتئس بأفعال الأشرار من باقي ألأخوته :" وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَخَاهُ ۖ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (69)

أي: لما دخل إخوة يوسف على يوسف { آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ } أي: شقيقه وهو "بنيامين" الذي أمرهم بالإتيان به، [و] ضمه إليه، واختصه من بين إخوته، وأخبره بحقيقة الحال، و { قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ } أي: لا تحزن { بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } فإن العاقبة خير لنا، ثم خبره بما يريد أن يصنع ويتحيل لبقائه عنده إلى أن ينتهي الأمر.

وقالها أنا مدوية ليعرفهم بنفسه بعد أن عرفوه :"قَالُوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يُوسُفُ ۖ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَٰذَا أَخِي ۖ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا ۖ إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90)

فعرفوا أن الذي خاطبهم هو يوسف، فقالوا:"أَئِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا " بالإيمان والتقوى والتمكين في الدنيا، وذلك بسبب الصبر والتقوى،" إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ"أي: يتقي فعل ما حرم الله، ويصبر على الآلام والمصائب، وعلى الأوامر بامتثالها" فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ " فإن هذا من الإحسان، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

قل لهم يامحمدهذه طريقتي، أدعو إلى عبادة الله وحده، على حجة من الله ويقين، أنا ومن اقتدى بي، وأنزِّه الله سبحانه وتعالى عن الشركاء، ولستُ من المشركين مع الله غيره

قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ"(١٠٨ يوسف).

قالها نبينا ليعرفهم برسالته إن أنا إلانذير وبشير :"قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۚ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ۚ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴿١٨٨ الأعراف﴾.

قالها نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بأمر من الله ليعرفهم ببشريته

متي أقول أنا ؟

عندما أتحدث في الخير وعن الخير عندما يكون السؤال من الصائم اليوم من عاد مريضاً اليوم فلاتتحرج من قولة أنا كماوردعن رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يسأل الصحابة :"مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ

 مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنْكُمُ اليومَ مِسْكِينًا؟

 قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ

 عنْه: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ"(مسلم).

متي أقول أنا ؟عندما تسأل عن نعمة الله عليك قل الحمد لله وحدث بها لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان بنعم كثيرة وعظيمة لا تعد ولا تحصى، حيث قَالَ:"وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورُ رَحِيمٌ"(النحل: ١٨). 

ومن أعظم هذه النعم نعمة البيان، قال تعالى: (الرَّحْمَنُ  عَلَّمَ الْقُرْآنَ  خَلَقَ الْإِنْسَانَ  عَلَّمَهُ الْبَيَانَ"(الرحمن: ٤.١).  قال تعالى: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ"(الضحى:11)، قال أهل التفسير معناها: انشر ما أنعم به الله عليك بالشكر والثناء. فالتحدث بنعم الله تعالى والاعتراف بها شكر، والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والحكم عام له ولغيره.

  إذا أصبت خيرا أو علمت خيرا فحدث به الثقة من إخوانك على سبيل الشكر لا الفخر والتعالي، وفي المسند مرفوعا: من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بالنعمة شكر وتركها كفر...قل أنا أنعم الله علي بنعم كثيرة 

فهذا هو الأصل أن يتحدث المسلم بنعم الله تعالى عليه إلا إذا كان يخشى حسدا أو أن

 يترتب على الحديث عنها ضرر، فله أن يخفيها دفعا للضرر


 متي استخدمت أنا للشر ؟

أول من استخدمها في الشر إبليس   :" قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ  قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76)

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢ الأعراف﴾

ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي "(٢٢ ابراهيم).

وكيف لا ؟ والأنانيةُ شِيمَة المجرِمين، وطبيعة المخرِّبين، داءٌ مُمتدٌّ لا تحُدُّه حدودٌ، ولا تمنعُه فواصِلُ.

وكيف لا ؟ "وكلمةُ أنا " تُقال غالبًا في سياق الكِبْرِ والفخر، والتعالي والغرور، وتضخيم ِالذات، والإعجاب بالنفس، والثناء عليها، وهذه كلها صفات قبيحة وآفات خطيرة، ويكفي في ذم "الأنا" كونها شعار الطغاة والمتكبرين والمغرورين، وبسببها باؤوا بسوء العاقبة: فهذا هو إبليس: وذلك لما عصى أمر ربه بالسجود لآدم عليه السلام استكبارًا؛ فقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ "(الأعراف: 12)،

ويقول الملكُ جل وعلا:"إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ   فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ  فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ   إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ  قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ "(ص: 71 - 76). فكان الجزاء بأن أصبح شيطانا رجيما بكلمة ألأنا قال جل وعلا:" قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ "(ص: 77، 78)،

وقال:" قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ   وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ "(الحجر: 34، 35).

 وكلمةُ أنا  قالها النمروذُ بن كنعان : وقد كان ملكًا متجبرًا طاغية يدَّعي الربوبية؛ لما دعاه إبراهيم عليه السلام إلى توحيد الله، مبيِّنًا له أنه هو وحده الأحق بالعبادة؛ لأنه هو الذي يحيي ويميت، قال النمروذ، وقد تملَّكه الكبر والغرور: أنا أحيي وأميت؛ قال الله تعالى:" أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"(البقرة: 258)

 فكان الجزاء بأن أهلكه الله بأضْأَلِ مخلوقاته؛ إذ أرسل عليه وعلى جنوده بابًا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس، وسلطها الله عليهم فأكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظامًا بادية. فقد دخلتْ بعوضةٌ في أذنِهِ فكان لا يهدأُ بالُهُ ولا يستقرُّ ضميرُهُ إلَّا إذا ضُرِبَ بالنعالِ علي أمِّ رأسِهِ.. وصدقَ ربُّنَا إذ يقولُ: { فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.

وكلمةُ أنا  قالها فرعونُ: لما دعاه نبي الله موسى عليه السلام إلى الإسلام، فتكبَّر وتعظَّم في نفسه، معلنًا أنه خيرٌ منه؛ لأنه يملك جنات وأنهارًا ومُلكًا واسعًا، وأما موسى وأتباعه فقوم فقراءُ ضعفاء لا يملكون شيئًا؛ قال الله عز وجل:"وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ"(الزخرف: 51، 52).

.وأعظم من ذلك ادعاؤه الربوبية والألوهية؛ قال الله تعالى:"فَحَشَرَ فَنَادَى فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى "(النازعات: 23، 24)،

وتطاوَلَ على الذات الإلهية العَلِيَّة؛ فقال كما حكى عنه القرآن:" وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ "(القصص: 38).

 فكان الجزاء أغرقَهُ اللهُ في البحرِ ومَن معهُ مِن الطغاةِ،:"فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعًا "( الإسراء /103).

فقد أخرجه الله هو وجنوده من جناتهم وقصورهم وأموالهم، وأغرقهم في اليمِّ ليكونوا عِبرة لكل ظالم؛ قال الملك سبحانه:"وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ  فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ "(القصص: 39، 40).

وكلمةُ أنا  قالها قارونُ الذي أُعجب بكسبه ومهارته، وأنكر فضل الله عليه "إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي"(القصص: 78).

 وكلمةُ أنا  قالها صاحب الجنتين: وهو يحاور صاحبه مفتخرًا متكبرًا مغرورًا؛ قال الله تعالى: "وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا   كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا   وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا   وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا   وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا "(الكهف: 34 - 36).

فكان الجزاء أرسل الله على جنتيه مطرًا عظيمًا مزعجًا، أقلع زرعها وشجرها، وصارت صعيدًا زَلَقًا؛ أي: ترابًا أملس لا يثبت فيه قدم، وذهب ماؤها غائرًا في أعماق الأرض، فأصبح يقلب كفَّيه حزنًا وأسفًا على أمواله الكثيرة التي أنفقها على جنَّتيه؛ حيث اضمحلَّت وتلاشت وتَلِفَتْ، ولم ينفعه حينئذٍ ما كان يفتخر به من ولد وعشيرة وأتباع، في دفع ما نزل به؛ قال تعالي:" وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا  وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا * هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا"(الكهف: 37 - 44). فالانانية هلاك ودمار , وخزي وعار ,وخراب وضياع  

متي أقول أعوذبالله من كلمة أنا؟

عندما تسأل عن الفرق بينك وبين فلان في الحسب والنسب والعلم فلاتقل أنا أحسن منه انا خيرمنه أعمل تحت قيادة فلان اسمع كلام فلان فلاتقل من هذا الذي يترأسني أنا فلان أنا خيرمنه أنا أعلم منه ..قالها إبليس:":"قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ"(الأعراف/112).

والمولي عزوجل نهي عن تزكية الإنسان نفسه قال تعالي:"فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى"(النجم: 32).

معنى الآية الكريمة بأنها تُحذِّر من مرضٍ من أمراض القلوب، وقع فيه العديد من الناس، وهو إعجاب المرء بنفسه وعمله، وحب الرياء والثناء من الآخرين، فنهى الله عز وجل المؤمنين عن تزكية أنفسهم بادعاء الكمال والطهر، فخرا وإعجابا، فلا تشهدوا بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي، فإن الله عز وجل أعلم بمن اتقى منكم ربه، فخاف عقابه، وأدَّى فرائضه، واجتنب نواهيه، ولا تمدحوا أنفسكم، فإنه أعلم بكم من أنفسكم، ولا عبرة بتزكيتكم أنفسكم، وإنما العبرة بتزكية اللّه لكم.

فالنهى عن تزكية النفس، هو نهى عن إخلاء النفس من مشاعر الاتهام لها بالتقصير في طاعة الله عز وجل، ونهي عن الاطمئنان إلى النفس، واعتبارها مزكّاة مطهرة، لا تحتاج إلى تزكية وتطهير، بل ينبغي النظر إليها نظرة لا ترفعها إلى درجة الكمال، وتفويض الحكم عليها إلى الله وحده يوم الحساب.

وليس مرادا بالنهي البعد عن السعي إلى كل ما يزكى النفس، ويطهرها من الذنوب

 والمعاصي ، وهو أمر مطلوب شرعا من كل إنسان يطلب الفوز والنجاة، كما قال عز

 تعالي:" قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"(الشمس: 7 - 11).

وإعجاب المرء بنفسه مبطل لعمله كالرياء والشرك، ومهلِك له من حيث لا يدري، فعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ شُحٌّ مُطَاعٌ وَهَوًى مُتَّبَعٌ وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ خَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالْقَصْدَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَكَلِمَةُ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ ".. شعب الإيمان للبيهقي.

وفي الآية دلالة على شمول علم اللّه وإدراكه وإحاطته بأحوال الناس منذ بدء خلقتهم،

 و معرفته محسنهم و مسيئهم، و قدرته ـ وحده ـ على حسابهم ومجازاتهم، على قدر

 أعمالهم الصالحة والسيئة
google-playkhamsatmostaqltradent