ولا يَحِيقُ المكرُ السّيئُ إلا بأهلِه
من
حفر لأخيه جُبّا وقع فيه مُنْكَبّا
وعندما تحفر احفرعلي قدرك لأنك واقع فيه
قصة حقيقية تزضح لنا أمور كثيرة أن المكر السء لايحيق إلابأهله وأن من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً وأن الطمع والجشع لافائدة منهما ولاجنيان إلا الخراب والدمار والحسرة ..
أمرأة تزوجت من رجل غني وكانت والدته سيدة رائعة، وأبوه رجلا دمث الخلق، وشقيقه شاباً سمحا، لا يتكلم كثيراً ولا يحتك بمن حوله، ولعل ذلك هو ما دفع أباه إلى أن يفوض زوجها في كل الأمور.وكان الرضا يسود الجميع بهذا الوضع، فهم وحدة واحدة، وقرارهم واحد، وبعد مضي عام على زواجهم، أنجبت طفلاً جميلاً، أما شقيق زوجها لم يتزوج وأراد والده أن يزوجه ففكرت أن تختار هي العروس علي مزاجها،
وصارحت زوجها بما يدور داخلها.
وقالت له: "أنت الذى تدير أملاك أبيك ومن حقك أن تنال في النهاية هذا الارث".
ثم يكون لأولادك من بعدك، ولو تزوج أخوك وأنجب سيحصل على
نصف الميراث، ومادام أنه لايفكر فى الإنجاب ووصلت الأمور إلى حد الضغط عليه من أجل
الارتباط، فسيوافق على من نختارها له"،
فاقتنع زوجها واختارت له سيدة مطلقة لم
تمكث مع زوجها سوى عام ونصف العام ثم طلقها لعدم الانجاب، مع أنها جميلة وتتمتع
بالأخلاق الحميدة، علاوة على روحها المرحة، وقد اختارتها بالذات حتى لا تنجب، وتكون
تركة الأب فى النهاية لأولادها،
وتوالت الأحداث مرض حماها ثم رحل عن
الحياة، ،ثم فوجئت بما لم تتوقعه إذ حملت
زوجة شقيق زوجها، وظهر عليها الحمل، فأخذت تضرب كفا بكف، كيف تحمل وهي عاقر، فلقد
كان السبب فى طلاقها هو عدم الانجاب ووضعت زوجة شقيق زوجها توأمين جميلين، انجبت
ولدين في بطن واحدة،
وكبر الولدان وكلما شاهدتهما أمامها
يمر برأسها شريط الذكريات، وما كانت ترتب له بعد رحيل الكبار حين تصبح الأرض كلها
ملكاً لأولادها،
ثم توالى إنجابها البنين والبنات
فأنجبَتْ ولدا ثالثاً وبنتين، فى حين أنها توقف إنجابها تماماً.
ودارت السنون وصار الأولاد شبابا، وذات
يوم أخذ الجرار، وذهب فى طريقه إلى الحقل، فصدمته سيارة نقل مسرعة فى أحد
المنحنيات، فأطاحت به بعيدا لعشرات الامتار وظل فى العناية المركزة ثلاثة أيام، ثم صعدت
روحه اإلى بارئها،
ودارت بها الأرض وغابت عن الوعي،
وأخضعوها للفحص الطبي، وشخصوا حالتها بأنها صدمة عصبية شديدة، وتلقت علاجاً استمر
مدة طويلة،
وبعد أسابيع قليلة مات زوجها ولم تجد
بجوارها سوى أبناء شقيقه الذين حاولت أن تمنع وجودهم فى الحياة، بالحيلة الدنيئة
التى دبرتها له للزواج من عاقر،
فإذا بالله عز وجل يخلف ظنها، ويحدث ما
حدث، وفقدت ابنها الوحيد ليؤول كل شيء إلى أولاد شقيق زوجها، الذين صاروا أولادها
بالفعل بعد كل ما صنعوه لها.
ولقد أراد الله أن تعيش لترى كل من حولها
يرحلون من الدنيا واحدا بعد الآخر ؛ لكى تنال العقاب الذى تستحقه في الدنيا، فلقد
رحل شقيق زوجها وبكيته كثيرا، ثم رحلَتْ زوجته، إذ
امتلأ وجهها نورا، وكانت تتمتم قائلة «الحمد لله». وكررَتْها كثيراً، وكأنما كانت
ترى مقعدها فى الجنة،
وأدركت أنها تشاهد جزاء نقاء سريرتها،
وقربها من الخالق العظيم.
ولكن من خططت للطمع والجشع الآن بين
أبنائها أقصد أبناء شقيق زوجها الراحل.. وهيبالنسبة لهم بمنزلة الأم،
بل لا يتخذون خطوة واحدة فى حياتهم إلا
بعد استشارتها،
وكلما جاءنها أحدهم ضاحكا مناديا يا
أمي، تقول فى نفسها
:
«حِكمتك يا رب»..
إنه سبحانه وتعالى علام الغيوب، وقد
أراد لها أن تتعلم الدرس البليغ بأن الله يفعل ما يشاء، وأن المكر السيء لا يَحيق
إلا بأهله،
وفي كلام العرب :
من حفر لأخيه جُبّا وقع فيه مُنْكَبّا ، ولقد تعلمته بالفعل،
ندعو الله في كل صلاة، وفي كل وقت أن
يغفر لنا ذنوبنا ، ويستر لنا عيوبنا،
فالله هو القاهر فوق عباده، ويعلم
خائنة الأعين، وما تخفي الصدور،