recent
أخبار عاجلة

دور زكاة الفطر في التكافل الاجتماعي وجبر الخواطر للشيخ – رضا الصعيدي.

دور زكاة الفطر في التكافل الاجتماعي وجبر الخواطر

للشيخ – رضا الصعيدي.

العناصر : لما سميت زكاة الفطر بهذا الاسم ؟ وهل لها أسماء أخر ؟ وما دورها في التكافل الاجتماعي ؟ وما حكمة مشروعيتها ؟ وما ثمراتها في الدنيا والاخرة ؟ مع ذكر طرف من أحكامها ؟ وما عقوبات مانع الخيرات؟ وما الواجب علينا؟
المقدمة :
أيها الأحبة الأكارم يمضى شهر رمضان مسرعا كالبرق الخاطف ولم يتبقى منه إلا القليل ساعات وينتهي شهر رمضان وتبقى نفحاته لمن اغتنمه ..
ما مر منها لا يعود إلى يوم القيامة فما هي إلا إيام معدودة ، وساعات محدودة ، سرعان ما تنقضى ، وصفحات سرعان ما تنطوي ..
فمَن كان مِنَّا مُحْسِنَاً فيه فعليه بالإكمال والإتمام، وَمَن كان مُقَصِّرا فلْيخْتِمْهُ بالتوبة والاستدراك، فالعمل بالخِتام.
تعريف ( زكاة الفطر ):
هي الزكاة التي تجب على المسلم بسبب الفطر من رمضان، فرضت في السنة الثانية من الهجرة، في السنة التي فرض فيها صيام رمضان، وتسمى أيضاً: زكاة الرؤوس وزكاة الأبدان وزكاة الرقاب، لأنها تعد ضريبة على الأشخاص لا على الأموال.
وأضيفت كلمة الفطر إلى زكاة الفطر أو صدقة الفطر لأنه يجب إخراجها على المسلم بالفطر من أخر أيام شهر رمضان على مذهب جمهور الفقهاء، خلافًا للسادة الأحناف.
أسماء أخرى :
وزكاة الفطر تسمى بزكاة الخلقة؛ لأنها تؤخذ على كل مخلوق ومولودٍ من المسلمين، وتسمى أيضًا بزكاة الرؤوس؛ لأنها تؤخذ على كل رأسٍ من المسلمين، وتسمى أيضًا بزكاة الأبدان؛ لأنها تؤخذ على كل بدنٍ من المسلمين..
وعموما الزَّكَاةُ هى : حَقٌّ وَاجِبٌ فِي مَالٍ مَخْصُوصٍ, لِطَائِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ, فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ ؛ لِتَحْقِيقِ رِضَا اللهِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ وَالْمَالِ وَالْمُجْتَمَعِ.
حكمة مشروعية زكاة الفطر :
1-تطهير الصوم مما عسى أن يكون شابه من لغو أو رفث أو نحو ذلك مما يتنافى مع آداب الصوم، فهي تجبر الصوم كما تجبر السنن الرواتب الصلوات المفروضة. عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ »رواه أبو داود (1609)،صحيح الجامع(3570) .
وهى تطهر نفس المسلم من داء الشح والبخل وتكسر عنده حدة حب المال وكنزه ومنعه عن أصحاب الحاجات.
2- وهي مواساة الفقراء وإغناؤهم عن ذل السؤال يوم العيد يوم الفرحة والبهجة...
–عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ »رواه أبو داود(1609)،صحيح الجامع(3570) أما الفائدة لزكاة الفطر فهى للمحتاجين إلى المعونة، وبخاصة فى يوم العيد، كى يشعروا بالفرح والسرور كما يفرح غيرهم من الناس، ولذلك كان من الأوقات المتخيرة لإخراج زكاة الفطر صبيحة يوم العيد وقبل الاجتماع للصلاة، حتى يستقبل الجميع يومهم مسرورين، ولا يحتاج الفقراء إلى التطواف على أبواب الأغنياء ليعطوهم ما يشعرهم ببهجة هذا اليوم ، وقد جاء ذلك فى حديث رواه البيهقى والدارقطنى " أغنوهم عن طواف هذا اليوم " فتاوى دار الإفتاء المصرية (9/247).
3- تدريب المسلم وتعويده على البذل والعطاء في السراء والضراء، في الفقر والغنى، فقد أوجب الشرع هذه الزكاة على الأغنياء والفقراء... فتصبح الأمة الإسلامية وكأنها عائلة واحدة، وهذا ما يعرف فى العصر الحديث بالتكافل الاجتماعي. عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ،قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِﷺ:"مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى.صحيح مسلم (2586).
4- شكر المنعم عز وجل على نعمه وفضله، عن طريق الإنفاق والإعطاء ، قال تعالى :وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) البقرة .
ومن كرامات شكر الله على نعمه أنه يحفظ للعبد نعمته عليه ( انظرقصة الأبرص والأقرع والأعمى : (رواه البخاري ومسلم)..
5- حصول الثواب والأجر العظيم : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الْفِطْرِ .....مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ»رواه أبو داود(1609)،صحيح الجامع(3570) ..
6- كما أنها تدخل السرور على الفقير، وتطفئ حرارة شدة الفقر ، فتحفظ لهم مكانتهم في فرحة المجتمع، ومشاركة الناس عيدهم، وتغنيهم عن السؤال والشعور بالمذلة في يوم جعله الله فرحة للمسلمين ..وإذا جاد الأغنياء على الفقراء كسروا ثورتهم وهدؤوا غضبهم..
7-أنها تمنع الجرائم المالية مثل السرقات والنهب والسطو، وما أشبه ذلك؛لأن الفقراء يأتيهم ما يُسد شيئاً من حاجتهم ويعذرون الأغنياء بكونهم يعطونهم من مالهم، فيرون أنهم محسنون إليهم فلا يعتدون عليهم. الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين (6/8)
8-كما أنها سبب لنزول الخيرات ودفع العقوبات والإبتلاءات ، كما أنها تدفع ميتة السوء نعم الصدقة تطفئ غضب الرب ،كما صح ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((صدقة السّر تطفئ غضب الرب ،وصلة الرحم تزيد في العمر ،وفعل المعروف يقي مصارع السوء)).
وروي عنه قوله: ((حصِّنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، واستعينوا على حمل البلاء بالدعاء والتضرع))ومنها ((الصدقة تطفيء الخطيئة كما يطفيء الماء النار)) وقوله ((وتسد سبعين بابًا من السوء)) ((وإن البلاء لا يتخطى الصدقة)) ((وإنها تزيد في العمر))، ((تمنع ميتة السوء)) ((وإنها لتطفئ عن أهلها حر القبور)).
ثمرات ايتاء الزكاة ودفع الصدقات :
من جبر خاطرا في الدنيا كان شافعا له يوم القيامة :
فقد روى بن ماجة واصفا الناس يوم القيامة صفوفا ثم يمر اهل الجنة فيمر الرجل من اهل الجنة علي الرجل من اهل النار - فيقول الرجل من اهل النار للرجل من اهل الجنة : يا فلان هل تعرفني فيقول لا والله ما اعرفك - من أنت ؟ فيقول انا الذي مررت بي في الدنيا فاستسقيتني شربة من ماء فسقيتك قال قد عرفتك فيقول له فاشفع لي بها عند ربك فيشفع له عند ربه فيشفعه الله فيه فيؤمر به فيخرج من النار - هذه هي شربة الماء فلا تستهينوا بها.
نجاة من الهم واصناف البلاء والجزاء من نفس العمل :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «داووا مرضاكم بالصدقة»..يقول ابن القيم رحمه الله:” فإن للصدقة تأثيرا عجيبا في دفع أنواع البلاء ولو كانت من فاجر أو من ظالم بل من كافر فإن الله تعالى يدفع بها عنه أنواعا من البلاء وهذا أمر معلوم عند الناس خاصتهم وعامتهم وأهل الأرض كلهم مقرون به لأنهم جربوه”[ – الوابل الصيب من الكلم الطيب. ص:]... فلان الزكاة كانت جبرا للخاطر ونجاة للفقير من هم الدين ومذلة الفقر كان الجزاء من نفس العمل ...قال أنس بن مالك رضي الله عنه:”باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطّى الصدقة”[ – رواه البيهقي (7831)] .
نجاة من النار :
فِفي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَدَى بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ « مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ حَاجِبٌ وَلَا تَرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنُ مِنْهُ فَلَا يَرَى شَيْئًا إلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إلَّا شَيْئًا قَدَّمَهُ ، وَيَنْظُرُ أَمَامَهُ فَلَا يَرَى إلَّا النَّارَ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ».
الصدقات مدخرة عند الله ويربيها :
ففي (صحيح مسلم) قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله -عز وجل- يقول يومَ القيامة:
يا ابن آدم، مرضت فلم تعدني؟ قال: يا رب كيف أعودك وأنتَ رب العالمين؟
قال: أما علمت أن عبدي فلانا مَرِضَ فلم تعده، أما علمتَ أنك لو عدتَه لوجدتني عنده؟
يا ابن آدم، استطعمتُكَ فلم تطعمني؟
قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟
قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما إنك لو أطعمته لوجدتَ ذلك عندي؟ يا ابن آدم، استستقيتك فلم تسقني،
قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟
قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيتَه وجدتَ ذلك عندي؟".
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ؛ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ”(مسلم).
اذن فهي مدخرة عند الله ليربيها عنده كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل..
أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ:
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (إِنَّ أَهْلَ الْمَعْرُوفِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمَعْرُوفِ فِي الْآخِرَةِ وَأَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الدُّنْيَا هُمْ أَهْلُ الْمُنْكَرِ فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّ اللَّهَ لَيَبْعَثُ أَهْلَ الْمَعْرُوفِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ الْمُسَافِرِ فَيَأْتِي صَاحِبَهُ إِذَا انْشَقَّ عَنْهُ قَبْرُهُ فَيَمْسَحُ عَنْ وَجْهِهِ التُّرَابَ وَيَقُولُ أَبْشِرْ يَا وَلِيَّ اللَّهِ بِأَمَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ وَلَا يَهُولَنَّكَ مَا تَرَى مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا يَزَالُ يَقُولُ لَهُ احْذَرْ هَذَا، وَاتَّقِ هَذَا فَيُسَكِّنُ بِذَلِكَ رَوْعَهُ حَتَّى يُجَاوِزَ بِهِ الصِّرَاطَ فَإِذَا جَاوَزَ الصِّرَاطَ عَدَلَ وَلِيَّ اللَّهِ إِلَى مَنَازِلِهِ فِي الْجَنَّةِ ثُمَّ يَنْثَنِي عَنْهُ الْمَعْرُوفُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ فَيَقُولُ يَا عَبْدَ اللَّهِ مَنْ أَنْتَ خَذَلَنِي الْخَلَائِقُ فِي أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ غَيْرُكَ فَمَنْ أَنْتَ فَيَقُولُ أَمَا تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ أَنَا الْمَعْرُوفُ الَّذِي عَمِلْتَهُ فِي الدنيا ..
والسيدة خديجة رضي الله عنها قالت للرسول صلى الله عليه وسلم: "كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق أخرجه أحمد (6/ 153)، والبخاري (1/ 3و6/ 214 و215و9/ 37).... وصاحبُ هذا الخـُلـُقِ النبيلِ لا يخزيه الله أبدا في الدنيا ولا الآخرة .
وينادون في الآخرة : يا أهل المعروف في الدنيا أنتم أهل المعروف في الآخرة:
حديث أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة"، رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (رقم - 6222) وورد بلفظ: "إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة". رواه الطبراني عن سلمان وعن قبيصة بن برقة وعن ابن عباس، أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة والخرائطي عن علي وأبي الدرداء رضي الله عنهم وقد صححه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع برقم 2031 "..
يقدمون معروفهم في الآخرة كما قدموه في الدنيا :
روي عن ابن عبّاس في معناه قال: يأتي أصحاب المعروف في الدُّنيا فيُغفر لهم بمعروفهم، وتبقى حسناتهم جامعة فيعطونها لمن زادت سيّئاته على حسناته، فيُغفر له ويدخل الجنّة، فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدُّنيا والآخرة.
غرف في الجنة لمن أطعم الطعام وأدام الصيام :
كما في حديث على – رضى الله عنه - عن النبي  قال: (إن في الجنة غرفا يُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى بالليل والناس نيام)
يقول ابن حجر في الفتح: "وَالْجُودُ فِي الشَّرْعِ: إِعْطَاءُ مَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَنْبَغِي، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الصَّدَقَةِ".
من أحكام الزكاة :
- حكمها:
زكاة الفطر واجبة على كل فرد من المسلمين - صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى - يملك صاعاً من الحبوب أو الطعام فاضلاً عن قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه.
ويستحب إخراجها عن الجنين لفعل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
-قَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ :إِنَّهَا تَجِبُ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ فَضْلٌ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ مَنْ فِي نَفَقَتِهِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَيَوْمَهُ ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ فَاضِلاً عَنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الأْصَحِّ. اسْتَدَل الْجُمْهُورُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مِلْكِ النِّصَابِ بِأَنَّ مَنْ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَهُوَ غَنِيٌّ ، فَمَا زَادَ عَلَى قُوتِ يَوْمِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ.وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ سَهْل بْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ سَأَل وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنَ النَّارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، وَمَا يُغْنِيهِ؟ قَال: أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبَعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.(سنن أبى داود( 1629)،صَحِيح التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيب (805) .الموسوعة الفقهية الكويتية(23/337).
- مقدار الواجب:
يجب على الفرد صاع من طعام مما يدخر ويقتات، والصاع أربع أمداد، والمد حفنة بكفي الرجل المعتدل، والأفضل الإخراج من غالب قوت البلد. وأما مقدار الصاع وزنا فهو يختلف باختلاف الأصناف فهو تقريباً يتراوح ما بين [2200 جرام إلى 2750 جرام].
- متى تجب:
يجوز إخراج زكاة الفطر من أول يوم من رمضان .....ويرى الإمام أحمد، أن وقت وجوبها، غروب الشمس، ليلة الفطر، لأنه وقت الفطر من رمضان... وقال الإمام أبو حنيفة: إن وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد.
وفائدة هذا الاختلاف، في المولود يولد قبل الفجر، من يوم العيد، وبعد مغيب الشمس، هل تجب عليه أم لا تجب؟ فعلى القول الأول لا تجب، لأنه ولد بعد وقت الوجوب، وعلى الثاني: تجب، لأنه ولد قبل وقت الوجوب.
واتفق العلماء على أنه لا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، وأن من أخرها أثم ووجب عليه قضاؤها ولو في آخر العمر لحديث ابن عباس رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين. من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات"(أبو داود).أي: لا تقبل كزكاة.
- لمن تعطى:
مصارف زكاة الفطر هي مصارف الزكاة نفسها، ولكن الأولى بها هم الفقراء، لحديث: " فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، طهرة للصائم، من اللغووالرفث، وطعمة للمساكين. "
ويجوز ان تعطى للثمانية أصناف الذين تصرف اليهم الزكاة الوارد ذكرهم في سورة التوبه ... وقيل انما هي للمسلمين فقط ويستثنى من غير المسلمين المؤلفة قلوبهم واستدلوا بحديث : صدقة تؤخذ من اغنيائهم وترد على فقرائهم ...
قال ابن عثيمين : ولا يجوز شراؤها ممن دفعها اليه ..
الأصل أن تخرج الزكاة في البلد الذي وجبت فيه على المزكي، إلا أن يكون البلد الذي وجبت فيه ليس به فقراء فيجوز إخراجها في بلد آخر قريب، ومن كان يقيم في بلد، وعائلته تقيم في بلد آخر، فإنه يخرج عن نفسه في البلد الذي يقيم فيه هو، ويخرج عن عائلته في البلد الذي يقيمون فيه.
فالجمهور على أنه لا يجوز نقل الزكاة من البلد الذي وجبت فيه إلى غيره إلا إذا استغنى أهل هذا البلد ولا يوجد فيه فقراء.
وقال الأحناف: يكره نقل الزكاة إلى غير البلد الذي وجبت فيه، إلا أن ينقلها إلى قرابة محتاجين لما في ذلك من صلة الرحم، أو جماعة هم أمس حاجة من أهل بلده، أو كان نقلها أصلح للمسلمين.
من الأولى ؟
الأصل كما قال الرسول الكريم أنها : طُعْمَةًلِلْمَسَاكِينِ.. رواه أبو داود (1609)،صحيح الجامع(3570) ..
والمسكين القريب أولى :
يقول النبي ﷺ: الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة، فالقريب الفقير والمسكين أولى من غيره؛ لأنه في حقِّه اثنتان، يكون للمؤمن فيها اثنتان: صدقة وصلة رحم.
والمسكين الجار:
فقد أوصى به الله سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ وَالْجَارِ ذِي القُرْبَى وَالْجَارِ الجُنُبِ ﴾ النساء: 36 ...عن أبى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر لا تدعن من المعروف شيئاً إلا فعلته فإن لم تقدر عليه فكلم الناس وأنت إليهم طليق وإذا طبخت مرقة فأكثر ماءها واغرف لجيرانك منها .. أخرجه أيضًا: البزار (9/ 380، رقم 3962)...
حكم من نسي ان يخرجها ؟
ومن نسي ان يخرجها اخرجها وقت ما يتذكر ولا شي عليه ..
- من الذين لا تصرف لهم زكاة الفطر :
لا يجوز دفع زكاة الفطر للأصناف الآتية: الكافر المعادي للمسلمين، الغني، القادر على الكسب، ومن تجب على الشخص نفقتهم.. وأجاز أبو حنيفة أن تعطى لفقراء أهل الذمة إذا استغنى المسلمون.
- حكم إخراج القيمة (النقود):
اختلف العلماء في حكم إخراج القيمة في زكاة الفطر على قولين:
القول الأول: لا يجوز إخراج القيمة بدل الطعام، وهو مذهب الأئمة: مالك والشافعي وأحمد.
القول الثاني: يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر، وهو قول الإمام أبي حنيفة وبعض السلف منهم عمر بن عبد العزيز والثوري...كما نقل إخراج القيمة في زكاة الفطر عن حوالي (12) اثني عشر صحابيًا من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منهم: عمر وعلى ومعاوية ومعاذ بن جبل (رضي الله عنهم) وهناك روايات تفيد عمل جملة الصحابة بذلك..
هل يجوز التوكيل في إخراجها؟
نعم! يجوز دفع زكاة الفطر إلى الوكيل ومن ينوب عنك من جمعية خيرية أو أشخاص مؤتمنين ونحو ذلك من بداية الشهر، فهو من باب التعاون على البر والتقوى، وليس لذلك وقت مقيد، وقد أديت ما عليك حينئذ..
الواجب علينا :
الحذر من حرمان المغفرة في شهر رمضان:
عن أبي هريرة  أن رسول الله  صعد المنبر فقال آمين آمين آمين قيل يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين فقال" إن جبريل  أتاني فقال من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين"( )...
اتخاذ الخير عادة لكثرة المداومة عليه :
قال صلوات الله عليه : الخيرُ عادةٌ والشَّرُّ لَجاجةٌ ومن يردِ اللَّهُ بهِ خيرًا يفقِّههُ في الدِّينِ...الراوي : معاوية بن أبي سفيان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه ..إنَّ المؤمنَ يعقدُ العزمَ ليكونَ في كلِّ تصرفاتِهِ وأفعالهِ إيجابيًّا نافعًا.
عقوبات ترك الخيرات وقضاء الحاجات :
منها :عقوبة الفقر :
وقد بيَّنَ رسولُنَا ﷺ حالَ المجتمعِ عندمَا يُمنَعُ حقُّ المالِ فعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مَنَعَ قَوْمٌ الزَّكَاةَ إِلَّا ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ بِالسِّنِينَ» (الطَّبَرَانِي، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ).
ومنها : لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ:
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)، عَنِ النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ: " ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَهُوَ كَاذِبٌ، وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ بَعْدَ العَصْرِ، لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللَّهُ: اليَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ" (رواه البخاري) ..
وأخيرا أيها المسلمون : كان رمضان بين الشهور كيوسف بين اخوته ...
ورمضان مقارن بالحج .. الغاية واحد الأول عتق والثاني يعود كيوم ولدته أمه ..
ورمضان قربى ولا يزال العبد يتقرب حتى يحبه الله فاذا أحبه كان سمعه وبصره ..
ورمضان لادراك ليل القدر ..
ورمضان يشفع مع القران للعبد ..
قال الفضيل : اعرف كم عمرك واحسن فيما بقي يغفر لك ما مضى .
وقالت الجارية : لقد كنت عند قوم السن كلها عندهم رمضان ..
وتذكروا أن من علامات القبول اتباع الحسن بالحسن ..
أبتْ نفسِي أنْ تتوبَ فمَا احتيالِي*** إذا برزَ العبادُ لذي الجلالِ
وقامُوا مٍن قبورِهم سكارَى *** بأوزارٍ كأمثالِ الجبالِ
وقد نُصبَ الصراطّ لكي يجوزُوا *** فمنهم مَن يكبُّ علي الشمالِ
ومنهم مَن يسيرُ لدارِ *** عدنٍ تلقاهُ العرائسُ بالغوالي
يقولُ له المهيمنُ يا ولِيّ *** غفرتُ لك الذنوبَ فلا تُبالي
اللهم أعدْ علينا رمضان أعوامًا عديده وأزمنةً مديدة ونحن وبلدنا في صحة وعافية، واجعله شاهدًا لنا بالخيرات والطاعات والعبادات والحسنات، لا شاهدًا علينا بالمعاصي والسيئات والمنكرات...اللهم اجعلنا ممن قبِلتَ صيامه وقيامه، وغفَرت له زلاته وآثامه، وحرَّمت على النار جسده وعظامه، ارزُقنا اللهم الاستقامة في كل الأزمان في رمضان وفي غير رمضان، ثبِّتنا اللهم على الطاعات، ثبتنا على العبادات، أقِم أرواحنا وأفئدتنا على طاعتك وعبادتك والسير في طريقك يا أرحم الراحمين، ويا أكرم الأكرمين..
google-playkhamsatmostaqltradent