recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة القادمة 7 فبراير 2025 م ، الموافق 8 شعبان 1446هـ ، بعنوان : وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ للشيخ ثروت سويف

 وَذَرُوا ظَاهِرَ الإِثْمِ وَبَاطِنَهُ 

للشيخ ثروت سويف

اقرأ في هذه الخطبة

أولا : وَذَرُوا۟ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥ  

 ثانياً : اياك والعجب 

  ثالثاً : داء الكبر   

رابعاً: حرمة العنف ضد المرأة 

تحميل الخطبة Pdf

الخطبة الأولي

الحمد لله الخالق البارئ المصور العزيز الجبار المتكبر العلي الذي لا يضعه عن مجده واضع الجبار الذي كل جبار له ذليل خاضع وكل متكبر في جناب عزه مسكين متواضع فهو القهار الذي لا يدفعه عن مراده دافع الغني الذي ليس له شريك ولا منازع 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القادر الذي بهر أبصار الخلائق جلاله وبهاؤه وقهر العرش المجيد استواؤه واستعلاؤه واستيلاؤه وحصر ألسن الأنبياء وصفه وثناؤه وارتفع عن حد قدرتهم إحصاؤه واستقصاؤه فاعترف بالعجر عن وصف كنه جلاله ملائكته وأنبياؤه وكسر ظهور الأكاسرة عزه وعلاؤه وقصر أيدي القياصرة عظمته وكبرياؤه فالعظمة إزاره والكبرياء رداؤه ومن نازعه فيهما قصمه بداء الموت فأعجزه دواؤه جل جلاله وتقدست أسماؤه 

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أنزل عليه النور المنتشر ضياؤه حتى أشرقت بنوره أكناف العالم وأرجاؤه وعلى آله وأصحابه الذين هم أحباء الله وأولياؤه وخيرته وأصفياؤه وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله, واعلموا أنَّ لِله تعالى صفاتٍ تفرَّد بها عن خلقه, لا يجوز لأحدٍ الاتصاف بها, ومن هذه الصفات: الكبر. قال الله تعالى: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)

أولا : وَذَرُوا۟ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥ

يقول الله تعالي ﴿وَذَرُوا۟ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥۤۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَیُجۡزَوۡنَ بِمَا كَانُوا۟ یَقۡتَرِفُونَ ﴾ 120  الأنعام 

وقال تعالى: {قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن}

 يقول ربنا مخاطبا خلقه ودَعُوا أَيُّها الناسُ عَلانيةَ الإثمِ، وذلك ظاهرُهأي: قليلَه وكثيرَه، وسرَّه وعلانيتَه فخرَج الأمرُ عامًّا بالنهيِ عن كلِّ ما ظهَر أو بطَن مِن الإثمِ ومن هذه الآثام او صغر منها او كبر عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "يا عائِشَةُ، إِيّاكِ ومُحَقِّراتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّ لَها مِنْ اللَّهِ طالِبًا" رواه أحمد

لم يقل: ذروا ظاهر الإثم فقط، ولا قال: ذروا باطن الإثم فقط، قال: ذروا ظاهر الإثم وباطنه، فظاهر الإثم كل ما يظهر للناس من البذاءة والفحش والسب واللعن والشتم ونحو ذلك.

وباطن الإثم كل ما يكون في القلب من الحقد والحسد والعجب والغش واحتقار الخلق ونحو ذلك فإذا تاب المؤمن من الكبائر اندرجت الصغائر في ضمنها لقوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} [النساء: 31] ولكن لا يطمع نفسه في ذلك، بل يجتهد في التوبة عن جميع الذنوب كبيرها وصغيرها

والْمَعْصِيَةَ سَبَبٌ لِهَوَانِ الْعَبْدِ عَلَى رَبِّهِ وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِهِ فيكفيك من عزِّ الطاعة أنك تسر بها إذا عرفت عنك، ويكفيك من ذل ‌المعصية أنك تخجل منها إذا نسبت إليك.

قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: هَانُوا عَلَيْهِ فَعَصَوْهُ، وَلَوْ عَزُّوا عَلَيْهِ لَعَصَمَهُمْ، وَإِذَا هَانَ الْعَبْدُ عَلَى اللَّهِ لَمْ يُكْرِمْهُ أَحَدٌ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 18] وَإِنْ عَظَّمَهُمُ النَّاسُ فِي الظَّاهِرِ لِحَاجَتِهِمْ إِلَيْهِمْ أَوْ خَوْفًا مِنْ شَرِّهِمْ، فَهُمْ فِي قُلُوبِهِمْ أَحْقَرُ شَيْءٍ وَأَهْوَنُهُ بل ماجاع الجياع الا بمعاصيهم يقول مالك بن دينار يقول: ما سقطت أمة من عين اللَّه إلا حرر أكبادها بالجوع

نعم ان شؤم المعاصي يضيع البلاد والعباد ويهدم الأمم عن جبير بن نفير قال: لما فتحت قبرس وفرق بين أهلها، فبكي بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي فقلت: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز اللَّه فيه الإسلام وأهله؟ قال: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على اللَّه إذا هم تركوا أمره، بينا هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر اللَّه عز وجل، فصاروا إلى ما ترى

وإني لأحسب الرجل ينسى العلم كان يعلمه بالخطيئة يعملها عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من العلم كهيئة المكنون (5) لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى، فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرَّة  بالله عز وجل. رواه أبو منصور الديلميُّ في المسند

أهل الغفلة الذين ركنوا إلى الدنيا فغرتهم بزخارفها، وعصوا الله واتبعوا شهواتهم: وتركوا أوامر الله ورسوله وهجروا الدين. ويؤثر للامام الشافعي رضى الله عنه:

‌شكوت ‌إلى ‌وكيع سوء حفظى … فأرشدنى إلى ترك المعاص

وأخبرني بأن العلم نور … ونور الله لا يهدي لعاصي

قَالَ مُجَاهِدٌ: إِنَّ الْبَهَائِمَ تَلْعَنُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ إِذَا اشْتَدَّتِ السَّنَةُ، وَأُمْسِكَ الْمَطَرُ، وَتَقُولُ: هَذَا بِشُؤْمِ مَعْصِيَةِ ابْنِ آدَمَ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: دَوَابُّ الْأَرْضِ وَهَوَامُّهَا حَتَّى الْخَنَافِسُ وَالْعَقَارِبُ، يَقُولُونَ: مُنِعْنَا الْقَطْرَ بِذُنُوبِ بَنِي آدَمَ.

فَلَا يَكْفِيهِ عِقَابُ ذَنْبِهِ، حَتَّى يَلْعَنَهُ مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.

فقل لـ بلال العزم إن كنت صادقاً أرحنا بها إن كنت حقاً مصلياً

توضأ بماء التوبة اليوم نادماً به ترق أبواب الجنان الثمانيا

ثانياً : اياك والعجب

ومن ظاهر الإثم وباطنه اعجاب المرء بنفسه والتكبر عليهم ولكي نبدأ بالكلام عن الكبر لابد ان نعلم ان مدخله هو اعجاب المرء بنفسه فان تكبر 

العُجب : هو أن ينسب المخلوق المكلف ما يفتخر به من نعم الله إلى نفسه كقول قارون (( إنما أوتيته على علم عندي ))سورة القصص .

‌والْعَجَبُ إنَّمَا يَكُونُ وَيُوجَدُ مِنْ الْإِنْسَانِ لِاسْتِشْعَارِ وَصْفِ كَمَالٍ، وَمَنْ أُعْجِبَ بِعَمَلِهِ اسْتَعْظَمَهُ فَكَأَنَّهُ يَمُنُّ عَلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى بِطَاعَتِهِ، وَرُبَّمَا ظَنَّ أَنَّهَا جَعَلَتْ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مَوْضِعًا، وَأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْجَبَ بِهَا جَزَاءً، وَيَكُونُ قَدْ أَهْلَكَ نَفْسَهُ،

روي عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ دَاوُدَ النبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَعْجَبْنَنِي: الْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَالْعَدْلُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْخَشْيَةُ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ أَهْلَكْنَهُ: ‌شُحٌّ ‌مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتُّبَع، وإعْجَابُ الْمَرْءَ بِنَفْسِهِ، وَأَرْبَعٌ مَنْ أُعْطِيَهُنَّ فَقَدْ أُعْطِيَ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ: لِسَانٌ ذَاكِرٌ، وَقَلْبٌ شَاكِرٌ، وَبَدَنٌ صَابِرٌ، وَزَوْجَةٌ مُوَافِقَةٌ، أَوْ قَالَ: مُوَاتِيَةٌ. المصنف - عبد الرزاق

وقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: " النَّجَاةُ فِي اثْنَتَيْنِ: التَّقْوَى، وَالنِّيَّةِ، وَالْهَلَاكُ فِي اثْنَتَيْنِ: الْقُنُوطُ، وَالْإِعْجَابُ

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ مِنْ صَلَاحِ تَوْبَتِكَ أَنْ تَعْرِفَ ذَنْبَكَ، وَإِنَّ مِنْ صَلَاحِ عَمَلِكَ أَنْ تَرْفُضَ عُجْبَكَ، وَإِنَّ مِنْ صَلَاحِ شُكْرِكَ أَنْ تَعْرِفَ تَقْصِيرَكَ

وَلِهَذَا قَالُوا: عُجْبُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ أَحَدُ حُسَّادِ عَقْلِهِ.

وَمَنْ أُعْجِبَ بِطَاعَتِهِ مَثَلًا فَمَا فَهِمَ أَنَّهَا بِالتَّوْفِيقِ حَصَلَتْ.

فَإِنْ قَالَ: رَآنِي أَهْلًا لَهَا فَوَفَّقَنِي.

قِيلَ لَهُ: فَتِلْكَ نِعْمَةٌ مِنْ مَنِّهِ وَفَضْلِهِ فَلَا تُقَابَلُ بِالْإِعْجَابِ.

وَتَأَمَّلْ عَلَى الْفُطَنَاءِ أَحْوَالَهُمْ فِي ذَلِكَ.

فَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ قَالُوا: مَا عَبَدْنَاك حَقَّ عِبَادَتِك.

وَالْخَلِيلُ عليه الصلاة والسلام يَقُولُ {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82] وَمَا دَلَّ بِصَبْرِهِ عَلَى النَّارِ وَتَسْلِيمِهِ الْوَلَدَ إلَى الذَّبْحِ.

وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَا مِنْكُمْ مَنْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ قَالُوا: وَلَا أَنْتَ؟ قَالَ: وَلَا أَنَا إلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ» .

فان كنت عابدا لا تظن انك اخذت صكا بالجنة فإن ذلك بيد الله روي الإمام احمد في مسنده عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْيَمَامِيِّ  قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا يَمَامِيُّ، لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا. قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ. قَالَ: فَلَا تَقُلْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلَانِ، كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ الْآخَرُ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، فَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ، فَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لَا يَزَالُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، أَقْصِرْ. فَيَقُولُ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟! قَالَ: إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ، أَقْصِرْ. قَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟! قَالَ: فَقَالَ: وَاللهِ لَا يَغْفِرُ اللهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا. قَالَ أَحَدُهُمَا ، قَالَ: فَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا، فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، وَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي. وَقَالَ لِلْآخَرِ: أَكُنْتَ بِي عَالِمًا، أَكُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا ، اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ. قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي الْقَاسِمِ بِيَدِهِ، لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ "

عباد الله :عَجِبْت لِمَنْ يَعْجَبُ بِصُورَتِهِ، وَيَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، وَيَنْسَى مَبْدَأَ أَمْرِهِ، إنَّمَا أَوَّلُهُ لُقْمَةٌ ضَمَّتْ إلَيْهَا جَرْعَةَ مَاءٍ، فَإِنْ شِئْت فَقُلْ كِسْرَةَ خُبْزٍ مَعَهَا تَمَرَاتٌ، وَقِطْعَةٌ مِنْ لَحْمٍ، وَمَذْقَةٌ مِنْ لَبَنٍ، وَجَرْعَةٌ مِنْ مَاءٍ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، طَبَخَتْهُ الْكَبِدُ، فَأَخْرَجَتْ مِنْهُ قَطَرَاتِ مَنِيٍّ فَاسْتَقَرَّتْ فِي الْأُنْثَيَيْنِ، فَحَرَّكَتْهَا الشَّهْوَةُ، فَبَقِيَتْ فِي بَطْنِ الْأُمِّ مُدَّةً حَتَّى تَكَامَلَتْ صُورَتُهَا، فَخَرَجَتْ طِفْلًا تَتَقَلَّبُ فِي خِرَقِ الْبَوْلِ

ثالثاً : داء الكبر 

الكبر : عرفه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ. قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ ‌بَطَرُ ‌الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ » رواه مسلم . بطر الحق : اي يرى الحق باطلا  ويقوم برده ودفعه  وتكذيبه وتسفيه أمره .

غمط الناس : أي يؤذيهم و يحتقرهم ولا يراهم شيئا .

فالكبر: هو استعظام الإنسان نفسه واستحسان ما فيه من الفضائل والاستهانة بالناس واستصغارهم والترفع على من يجب التواضع له... وهو سبب للحرمان من الجنة.

عباد الله : إن الْكِبْرَ حَرَكَاتٌ شَيْطَانِيَّةٌ وَخَطَرَاتٌ نَفْسَانِيَّةٌ يَتَرَكَّبُ مِنْ رُؤْيَةِ قَدْرِهِ، وَنُفُوذِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَقُصُورِ غَيْرِهِ مِنْ حَالِهِ، وَيُورِثُهُ اسْتِكْبَارًا عَنْ الْحَقِّ إذَا طُولِبَ بِهِ، وَإِقَامَةَ الْمَعَاذِيرِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ، وَالْغَيْبَةَ عَنْ رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ الَّذِي هُوَ رَقِيبٌ عَلَيْهِ

والكبر مختص بالله وحده, فويلٌ لمن أراد أن يكون شريْكًا لله بصافته, قَالَ الله تعالى في الحديث القدسي الذي رواه احمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عز وجل قَالَ: " ‌الْكِبْرِيَاءُ ‌رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، مَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ " مسند أحمد

واعلم أن الكبر والإعجاب يسلبان الفضائل ويكسبان الرذائل وحسبك من رذيله تمنع من سماع النصح وقبول التأديب والكبر يكسب المقت ويمنع من التألف 

 يقول الماوردي: «إن الكبر والإعجاب يسلبان الفضائل، ويكسبان الرذائل.. وليس لمن استوليا عليه إصغاء لنصح.. ولا قبول لتأديب.. لأن الكبر يكون بالمنزلة.. والعجب يكون بالفضيلة.. فالمتكبر يحل نفسه عن رتبة المتعلمين.. والمعجب يستكثر فضله عن استزادة المتأدبين»

عن جابر رضي اللَّه عنه أَن رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “إِن مِنْ أَحَبِّكُم إِليَّ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجلساً يَومَ القِيَامَةِ، أَحَاسِنَكُم أَخلاقاً . وإِنَّ أَبَغَضَكُم إِليَّ وَأَبْعَدكُم مِنِّي يومَ الْقِيامةِ، الثَّرْثَارُونَ والمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ” قالوا: يَا رسول اللَّه قَدْ عَلِمْنَا الثَرْثَارُونَ وَالمُتَشَدِّقُونَ، فَمَا المُتَفيْهِقُونَ؟ قَالَ:”المُتَكَبِّروُنَ” . ( أحمد والترمذي وحسنه 

فتذكر يا ابن آدم أنك: تنتنك عرقة، وتؤذيك بقَّةٌ، وتقتلك شرقة، وتخيفك برقه فكيف تتكبر وهذا حالك؟!

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: ” مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلا فِي رَأْسِهِ حِكْمَةٌ بِيَدِ مَلَكٍ , فَإِذَا تَوَاضَعَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ارْفَعْ حِكْمَتَهُ , وَإِذَا تَكَبَّرَ قِيلَ لِلْمَلَكِ: ضَعْ حِكْمَتَهُ “. ( الطبراني والبيهقي وقال الهيثمي: إسناده حسن

ولله در القائل 

يَا مُظْـــــــهِرَ الْكِبْرِ إعْجَابًا بِصُورَتـِهِ — اُنْظُرْ خَلَاكَ فَإِنَّ النَّتْنَ تَثْـــــــــــــــــرِيبُ

لَوْ فَكَّرَ النَّاسُ فِيمَا فِي بُطُونِهِـمْ — مَا اسْتَشْعَرَ الْكِبْرَ شُبَّانٌ وَلَا شِيــــــبُ

هَلْ فِي ابْنِ آدَمَ مِثْلُ الرَّأْسِ مَكْرُمَةً — وَهُوَ بِخَمْسٍ مِنْ الْأَقْذَارِ مَضْـرُوبُ

أَنْفٌ يَسِيلُ وَأُذْنٌ رِيحُهَا سَهِــكٌ — وَالْعَيْنُ مُرمَصَةٌ وَالثَّغْرُ مَلْعُــــــــــــــــــــــــــوبُ

يَا ابْنَ التُّرَابِ وَمَأْكُولَ التُّرَابِ غَدًا — أَقْصِرْ فَإِنَّك مَأْكُولٌ وَمَشْــــــــــــرُوبُ

مرمصة: الرَّمَص: وسخ جامد في العين، فإن سال فهو غَمَص. والسَّهَكُ: ريح كريهة تجدها من الإنسان إذا عَرِقَ .

وانظر كيف كان عاقبة المتكبرين من الأمم السابقة كما ذكرت في القرآن الكريم كمثل قارون وفرعون وعاد وغيرهم 

وانظر – أيضاً – إلى هذا الرجل الذي منعه الكبر أن يأكل بيمينه ؛ فقد روي أَنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ بِشِمَالِهِ فَقَالَ: «كُلْ بِيَمِينِكَ». قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ. قَالَ: «لا اسْتَطَعْتَ، مَا مَنَعَهُ إِلَّا الْكِبْرُ». قَالَ فَمَا رَفَعَهَا إِلَى فِيهِ.”. ( مسلم ) .

اما أعده الله من عقوبات للمتكبرين في الآخرة ؛ ففي الحديث الذي أخرجه عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ، فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى بُولَسَ تَعْلُوهُمْ نَارُ الأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الخَبَالِ ” . ( أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح )

وقال المسرور بن هند لرجل: أتعرفني؟ قال: لا، قال:

أنا المسرور بن هند، قال: ما أعرفك. قال: ‌فتعسا ‌ونكسا ‌لمن ‌لم ‌يعرف ‌القمر.

قال الشاعر: قال الشاعر

قولا لأحمق يلوي التيه أخدعه ... لو كنت تعلم ما في التيه لم تته  

التيه مفسدة للدين منقصة ... للعقل مهلكة للعرض فانتبه 

واعظم من ذلك أن الله تعالى حرم الجنة على المتكبرين فقال تعالى (تِلۡكَ ٱلدَّارُ ٱلۡءَاخِرَةُ نَجۡعَلُهَا لِلَّذِینَ لَا یُرِیدُونَ عُلُوࣰّا فِی ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فَسَادࣰاۚ وَٱلۡعَٰقِبَةُ لِلۡمُتَّقِینَ ۝83القصص ) فقرن الكبر بالفساد

وقال تعالى (سَأَصۡرِفُ عَنۡ ءَایَٰتِیَ ٱلَّذِینَ یَتَكَبَّرُونَ فِی ٱلۡأَرۡضِ بِغَیۡرِ ٱلۡحَقِّ) 146 الأعراف

وقيل لا يتكبر إلا كل وضيع ولا يتواضع إلا كل رفيع عَنْ رَكْبٍ الْمِصْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ ، وَذَلَّ فِي نَفْسِهِ مِنْ ‌غَيْرِ ‌مَسْكَنَةٍ ، وَأَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ، وَرَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ ، وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ ، طُوبَى لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ ، وَصَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ ، وَكَرُمَتْ عَلَانِيَتُهُ ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ ، طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ ، وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ» مسند الشاميين للطبراني

اقول قولي هذا واستغفر العظيم لي ولكم

الخطبة الثانية 

الحمد لله الذي جعل الإحسان للمرأة من أعظم التشريف، وحرم الإساءة إليها بالاعتداء والتعنيف، وأشهد أن لا إله إلا الله كلفنا بإكرامها فأحسن التكليف، وحذرنا من تهويل قضيتها بالتحريف والتخريف، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله العفيف؛ طوبي لمن كانت له أنثى فأحسن السكن إليها بسكن في الجنة بجوار هذا النبي الشريف، عليه من الله أفضل الصلوات وأزكى السلام المنيف، وعلى آله وأصحابه ومن تمسك إلى يوم الدين بدينه الحنيف.

أما بعد 

فإن الإسلام دين الرحمة والسماحة، دين نهى عن التعدي لا على المرأة فحسب، بل حتى على الكافر المعاهد وحتى على الحيوان، وكل ناظر في الشريعة يجد من النصوص الكثير مما ينهى عن كل صور العنف ضد المرأة زوجة كانت أو بنتًا أو غير ذلك، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ضرب المرأة، وكان عليه السلام يحسن إلى المرأة في المال والأخلاق والعواطف والتعامل وغير ذلك عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: (ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده، ولا امرأة ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله...) [مسلم].

رابعاً: حرمة العنف ضد المرأة

مما لاشك فيه – عباد الله – أن الإسلام دين الرحمة والسماحة، دين نهى عن التعدي لا على المرأة فحسب؛ بل حتى على الجماد وبهيمة الأنعام، وكل ناظر في الشريعة الإسلامية بإنصاف يجد من النصوص الكثير مما ينهى عن كل صور العنف ضد المرأة زوجة كانت أو بنتا، أو أختا أو غيرها. ومن تلك النصوص، أمر الله عز وجل بحسن عشرة الأزواج لزوجاتهم حيث يقول الله تعالى : ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً)). [ النساء:19].

والعنف ضد النساء هو أكثر من مجرد الاعتداء الجسدي، بل إنه يمتد إلى نطاق أوسع يشمل الإساءة الجنسية والعاطفية والنفسية والمالية

وعَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «‌لَا ‌تَضْرِبُوا ‌إِمَاءَ ‌اللَّهِ» فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: قَدْ ذَئِرْنَ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي ضَرْبِهِنَّ، فَأَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ، يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ» أبو داود

فالمرأة مرهفة الحس، عاطفية أكثر من الرجل، حنانة فيما تعطي، وليست منانة بما تعطي؛ فهي الأم والزوجة والبنت التي تعطي بغير حساب، شبيهة بقارورة من الزجاج الرقيق النفيس، سهلة الانكسار واجبة الاعتناء بها والاعتبار؛ ولقد حرم الإسلام تعنيف المرأة وهي إنسانة فقالﷺ فيما روي البخاري ومسلم: «رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» وفي رواية غيرهما: «رفقا بِالقَوَارِير»فعلى الرجل التعامل معها بكل رفق ولين حتى لا تنكسر وهي طفلة لك بريئة، أو أخت لك كريمة، أو زوجة لك معك صابرة ومتحملة، أو أم لك عاطفة وحنونة؛ تذكر دائما حينما تعنف امرأة أن لك بنتا وأختا وزوجة وأما؛ فلو تذكر هؤلاء المجرمون الذين يعنفون النساء في الشوارع والساحات، بالكلمات الجارحة أو اللكمات المبرحة؛ أن لهم بنات وأخوات وزوجات وأمهات ما أقدموا على هذه الاعتداءات، وهذه قاعدة علمها لنا الرسولﷺ في الحديث الصحيح حينما جاءه ذلك الشاب يطلب الرخصة في الزنا فقال له النبي المربيﷺ: «أَتُحِبُّهُ لأمك؟ أَتُحِبُّهُ لابنتك؟ أتحبه لأختك وعمتك وخالتك؟»، وهو قالﷺ في الحديث المتفق عليه: «لا يُؤمِنُ أحدُكُمْ حتَّى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسه».

كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الرجال بالنساء خيرا، فقال في خطبة الوداع كما في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إستوصوا بالنساء خيرا فإنكم أخذتموهن بامانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ...". وجعل النبي صلى الله عليه وسلم الرجل البشوش الخلوق مع الناس عموما ومع أهله ونسائه خصوصا من أكمل الناس إيمانا فقال صلى الله عليه وسلم: "أكمل الناس إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم" رواه الترمذي من حديث أبى هريرة.

وما أثمنها من نصيحة غالية يهمسها النبي صلى الله عليه وسلم في اذن كل زوج مسلم حيث قال :

"لايفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة .

كانت آخر وصية للرسول صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت: (استوصوا بالنساء خيراً)، فليس بكريم من أكرمه أناس بابنتهم ثم استغل ضعفها فتطاول عليها وذلكم عنف وظلم لايرضاه مسلم أبدا وقد روى ابن حبان في "صحيحه" عن عائشة، وابن ماجه عن ابن عباس، والطبراني في "الكبير" عن معاوية رضي الله عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي" (3).

وأخرجه ابن عساكر من حديث علي رضي الله تعالى عنه، وزاد: "ما أَكْرَمَ النِّساءَ ‌إِلَاّ ‌كَرِيْمٌ، وَلا أَهانهنَّ إِلَاّ لَئِيْمٌ"

هذا وصلوا وسلموا على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين


google-playkhamsatmostaqltradent