بئسَ مطيَّةُ الرجلِ زعَموا
الحمدلله والصلاة والسلام علي رسول الله أمابعدفياعباد الله
عن أبي قلابة عبدالله بن زيد قال :"قال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"بئسَ مطيَّةُ الرجلِ زعَموا"(صحيح أبي داود).
شرح الحديث:
التَّثبُّتُ منَ الأخبارِ مهمَّةٌ رئيسَةٌ لكلِّ مسلِمٍ فيما يَسمَعُه وينْقُلُه، فلا يَنقُلُ إلَّا ما علِمَ صحَّتَه وعدَمَ إفْسادِه.
وفي هذا الحَديثِ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: "بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجلِ زَعَموا"، أي: ذَمَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بقولِه: "بِئْسَ" مَن كان صاحِبَ مقالَةِ زَعَموا في مقالَتِه دون إسْنادِ كلامِهِ لأحَدٍ أو التَّثبُّتِ من صِحَّةِ هذا الكلامِ، فشَبَّه ذلك "بالمَطِيَّةِ" الَّتي يَركبُها الرَّجلُ؛ ليصِلَ إلى مكانٍ ما، وهنا يقولُها ليَصِلَ إلى معنًى مُعيَّنٍ، فيَنتُجُ عن عدَمِ التَّثبُّتِ هذا مفاسِدُ كثيرَةٌ؛ من إشاعَةٍ، وتخَبُّطٍ في المجتمَعِ، وغيرِ ذلك.
وفي الحَديثِ: الحثُّ على التحرِّي مِن
صِحَّةِ الأخْبارِ، والنهيُ عن الإخبارِ بغيرِ تَثبُّتٍ
أي في بيان ما ورد في هذه الكلمة . قال في القاموس : الزعم مثلثة القول الحق والباطل والكذب ضد وأكثر ما يقال فيما يشك فيه .
"أو قال أبو عبد الله ": شك من الراوي ( ما سمعت ) : أي أي شيء سمعته ( يقول في زعموا ) : أي في حق هذا اللفظ ( بئس مطية الرجل ) : المطية بفتح الميم وكسر الطاء المهملة وتشديد التحتية بمعنى المركوب ( زعموا ) : في النهاية : الزعم بالضم والفتح قريب من الظن أي أسوأ عادة للرجل أن يتخذ لفظ زعموا مركبا إلى مقاصده فيخبر عن أمر تقليدا من غير تثبت فيخطئ ويجرب عليه الكذب قاله المناوي .
وفي اللمعات يعني أن ما زعموا بئس مطيته يجعل المتكلم مقدمة كلامه والمقصود أن الإخبار بخبر مبناه على الشك والتخمين دون الجزم واليقين قبيح بل ينبغي أن يكون لخبره سند وثبوت ويكون على ثقة من ذلك لا مجرد حكاية على ظن وحسبان . وفي المثل زعموا مطية الكذب ..
قال الخطابي في المعالم : أصل هذا أن الرجل إذا أراد المسير إلى بلد ركب مطية وسار حتى يبلغ حاجته فشبه النبي صلى الله عليه وسلم ما يقدمه الرجل أمام كلامه ويتوصل به إلى حاجته من قولهم زعموا كذا وكذا بالمطية التي يتوصل بها إلى الموضع الذي يقصده وإنما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه وإنما هو شيء حكي عن الألسن على سبيل البلاغ فذم النبي صلى الله عليه وسلم من الحديث ما كان هذا سبيله وأمر بالتثبت فيه والتوثق لما يحكيه من ذلك ، فلا يروونه حتى يكون معزيا إلى ثبت ومرويا عن ثقة ..