يا باغي الخير أقبل
للدكتور محمد عامر
كيف نستقبل شهر رمضان .
رمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنان .
رمضان شهر التوبة .
رمضان شهر القران .
رمضان شهر الإنفاق .
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أمابعد
رمضان وما أدراك ما رمضان؟!
إنه شهر تغلق فيه أبواب النيران، وتفتح
فيه أبواب الجنان، وهذا الشهر له فضائل ومزايا ومكانة في قلوب المسلمين الموحدين.
فيا ترى كيف يُسْتَقْبَل هذا الشهر
الكريم؟!
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا جاء رمضان، فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب
النار، وصفدت الشياطين))؛ رواه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أتاني جبريل فقال: يا محمد، مَن أدرك أحدَ
والديه فمات فدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين، قال يا محمد، من أدرك
شهر رمضان فلم يُغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل: آمين فقلت: آمين، قال: ومن
ذُكِرتَ عنده فلم يصل عليك فمات فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين، فقلت:
آمين" رواه الطبراني في معجمه بإسناد صحيح.
رمضان شهر التوبة
عباد الله: هذا الشهر شهر التائبين،
شهر المقبلين على الله عز وجل.. هل رأيت أرحم من الله؟
هل رأيت أكرم من الله جل وعلا؟
هل سمعت بكرمٍ أعظم من كرم الله جل
وعلا؟
إنه شهرٌ يفتح الله فيه أنواع الرحمات،
بل وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.
هذا رجل من بني إسرائيل عبد الله
أربعين سنة، كان صالحاً تقياً ثم انتكس، فعصى الله جل وعلا أربعين سنة أخرى،
أربعين سنة يطيع الله، ثم أربعين سنة يعصي الله ويجاهر بالمعصية، ثم أراد أن يتوب،
فقال: يارب! أطعتك أربعين عاماً، وعصيتك أربعين عاماً، فهل لي من توبةٍ إن أنا تبت
وأنبت إليك يا رب؟ فإذا به يسمع منادٍ يناديه: عبدي! أطعتنا فقربناك، وعصيتنا
فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك.. قال تعالى: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الفرقان:70].
إن لم يُغفر لك في رمضان فمتى؟! إن لم
يرحمك الله في رمضان فمتى؟! إن لم يعتقك الله في رمضان فمتى يا أخي الكريم؟!
الشياطين صفدت، والرحمات تنزل، والجنة فتحت أبوابها، وزينت لك يا عبد الله! فإن لم
تقبل في رمضان فمتى؟!
رمضان شهر القرآن
يقول الله تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185]
عباد الله : إن الله أخذ على نفسه
عهداً أن من قرأ القرآن وعمل بما فيه، وتابعه في أوامره واجتنب نواهيه ألا يضله في
الدنيا يوم يضل المضلين، وألا يشقى في الآخرة يوم يشقى الأشقياء.
وأخذ على نفسه تبارك وتعالى عهداً، أن
من أعرض عن كتابه، وعن تدبر آياته، وجعل كلامه ظهرياً فلم يعمل به، أن يجعل معيشته
في الحياة الدنيا ضنكاً، ويجعله خاسئاً مطروداً من رحمته، وأن يخزيه في الآخرة،
وأن يفضحه على رءوس الأشهاد، وأن ينكل به.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَمَنْ
اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ
رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ
آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى
رمضان شهر الإنفاق في سبيل الله
أنفق في سبيل الله في هذا الشهر، ولا
تبخل، ولا تخش الفقر فما من يوم إلا وينزل ملكان إلى السماء، فيقول الأول: اللهم
أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً).
وما منع النبي صلى الله عليه وسلم
سائلاً أبداً، بل لقد ورد في صحيح مسلم أن رجلاً جاء إلى المصطفى فسأله، فنظر
النبي صلى الله عليه وسلم إلى غنم بين جبلين، فقال: (انظر إلى هذه الغنم، سقها فهي
لك! فساق الرجل الغنم كلها بين يديه، وذهب إلى قومه قائلاً: يا قوم! أسلموا، فإن
محمداً يعطي عطاء من لا يخشى الفقر)
عباد الله
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم
ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على
توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد
أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا
مزيدًا.
أما بعد
رمضان شهر المحبة والوئام
شهر رمضان
- شهر محبةٍ ووئام، إن كان بينك وبين
إخوانٍ لك شحناء وبغضاء وغل وحسد فلا يأتي هذا الشهر إلا وقد رفعته عن قلبك، فإن
الله لا يغفر لعبدين متشحانين، ترفع الأعمال إلى الله كل اثنين وخميس؛ فيغفر الله
لكل عبدٍ لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلين بينهما شحناء، إن كان بينك وبين أخيك
نزاعٌ وخصام وخلاف وبغضاء وشحناء، فالله الله في هذا الشهر أن تصلح ما بينك وبينه
وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا [الحشر:10] كيف يقوم الليل من قام وفي قلبه
لأخيه شحناء؟ كيف يتلذذ من يقرأ القرآن وفي قلبه على أخيه شحناء وبغضاء؟ كيف يهنأ
بفطره ويتلذذ بصومه من بات ومن أصبح وأمسى وفي قلبه غلٌ على إخوانه المسلمين؟
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات:10.
عباد الله: إن الله تعالى قد أمرنا
بأمر بدأ فيه بنفسه فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56.