
هل تحب أن يقول الله لك نعم نعم قد فعلت؟ ويستجيب دعاءك
فقد ورد الترغيب في الشرع في الإكثار من الدعاء ، وعدم الاستعجال ، وذلك لأن الدعاء عبادة عظيمة محبوبة لله تعالى ، بل ورد الترهيب من ترك الدعاء ؛ لأن تركه يدل على الاستكبار .
قال تعالى :"وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين"(غافر/60).
وقال تعالي:"أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ"(النمل/62).
ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه ، وأخبر بذلك عن نفسه والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجاء ينشأ عن الإخلاص وقطع القلب عما سواه
وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة ، وجد من مؤمن أو كافر ، طائع أو فاجر
كما قال تعالى وهكذا قال هاهنا :" أمن يجيب المضطر إذا دعاه " أي : من هو الذي لا يلجأ المضطر إلا إليه ، والذي لا يكشف ضر المضرورين سواه
في لحظات الكُربة والضيق لا يجد المضطرُّ له ملجأ أمينًا إلا الله،
يدعوه ليكشفَ عنه الضُّرَّ والسوء.
أيها المكروب، يا مَن أحاطت به المكروهات؛ انظر إلى السماء، وارفع
يديك بصدق وكمال توجه، ولُمَّ شعثَ قلبك على الله تعالى وحده، واقطع آمالك بسواه،
وسترى ماذا يحدث بعد ذلك.
كم في سجِلِّ الحياة البشرية من قصص أناس كانوا في حاجة وفقر واضطرار، ثم غيَّر الله تعالى من أحوالهم حتى بلَّغهم منزلة أصحاب التمكين! تأمَّل كيف جمع الله تعالى بين إجابة المضطر، وكشف الضُّر، وخلافة الأرض في آية واحدة، فهل بعد هذا ييئسُ مضطرٌّ أو مذنب تائب؟ لو تذكَّر الإنسان وتدبَّر تلك الحقائقَ لبقيَ موصولًا بالله تعالى صلةَ الفطرة الأولى، ولما كان عنه غافلًا، ولا به مشركًا. .
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي"(البخاري ومسلم ) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إما أن يعجل له دعوته وإما أن يدخرها في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها قالوا إذاً نكثر ؟ قال : الله أكثر"(الترمذي ) .
وروي ابن السني في "عمل اليوم والليلة"
عن أم رافع رضي الله عنها أنها قالت : يا رسول الله ، دلني على عمل يأجرني الله عز وجل عليه . قال :"يا أم رافع ، إذا قمت إلى الصلاة فسبحي الله عشرا ، وهلليه عشرا ، واحمديه عشرا ، وكبريه عشرا ، واستغفريه عشرا ، فإنك إذا سبحت عشرا قال : هذا لي ، وإذا هللت قال : هذا لي ، وإذا حمدت قال :هذا لي ،وإذا كبرت قال :هذا لي ، وإذا استغفرت قال :قد غفرت لك"
وهذه الرواية تدل على أن هذا الذكر
يقال في افتتاح الصلاة ، فيكون من أدعية الاستفتاح التي تقال بعد تكبيرة الإحرام
وقبل القراءة .
قد ثبت ذلك عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت : بِمَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِحُ قِيَامَ اللَّيْلِ ؟ فقالت :"كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَبِّرُ عَشْرًا ، وَيَحْمَدُ عَشْرًا ، وَيُسَبِّحُ عَشْرًا ، وَيُهَلِّلُ عَشْرًا ، وَيَسْتَغْفِرُ عَشْرًا ، وَيَقُولُ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَشْرًا"(أبوداود والنسائي وأحمد).
وعن أنس بن مالك قال: جاءت أم سليم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، علمني كلمات أدعو بهن، قال:"تسبحين الله عشرًا، وتحمدينه عشرًا، وتكبرينه عشرًا، ثم سلي حاجتك، فإنه يقول: قد فعلت، قد فعلت"(أحمدوغيره).
ورواه النسائي ولفظه : جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي كَلِمَاتٍ أَدْعُو بِهِنَّ فِي صَلَاتِي قَالَ :"سَبِّحِي اللَّهَ عَشْرًا وَاحْمَدِيهِ عَشْرًا وَكَبِّرِيهِ عَشْرًا ثُمَّ سَلِيهِ حَاجَتَكِ يَقُلْ نَعَمْ نَعَمْ"(صحيح النسائي وابن خزيمة واللفظ له، والترمذي وابن حبان باختلاف يسير)..
الصَّلاةُ صِلةٌ بينَ العبدِ وربِّه،
وللصَّلاةِ أذكارٌ قبلَها وأذكارٌ بعدَها وأذكارٌ تُقالُ في أثنائِها.وفي هذا
الحديثِ يَروي أنسُ بنُ مالكٍ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ "أمَّ سُلَيمٍ"
بِنتَ مِلْحانَ بنِ خالدٍ الأنصاريَّةَ، والدةَ أنسٍ، "غدَتْ على"، أي:
جاءَتْ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم "فقالَتْ" أمُّ سُليمٍ:
"علِّمْنِي" يا رسولَ اللهِ، "كلماتٍ أقولُهنَّ "في
صَلاتي"، أي: في الصَّلاةِ المكتوبةِ، وقيلَ: هذه الكلِماتُ بعدَ الصَّلاةِ
مِنَ الأذكارِ الَّتي تُقالُ بعدَ الصَّلاةِ، على حَذْفِ مُضافٍ، أي: أقولهنَّ في
دُبُرِ صلاتِي، وقيلَ: مِن الأذكارِ الَّتي تُقالُ بعدَ التَّشهُّدِ قبلَ
السَّلامِ، "فقال" رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "سَبِّحي
اللهَ"، أي: قولِي: سبحانَ اللهِ، "عَشرًا"، أي: عشرَ مرَّاتٍ،
"واحْمَدِيه"، أي: قولِي: الحَمدُ للهِ، "عشرًا"، أي: عشرَ
مراتٍ،" و كَبِّري اللهَ"، أي: قُولي:اللهُ أكبَرُ،
"عَشْرًا"، أي: عَشْرَ مرَّاتٍ، ثمَّ "سَلِي ما شِئتِ"، أي:
اسْأَلي اللهَ تعالى ما شِئتِ مِنْ حَوائجِ الدُّنْيا والآخرةِ, "يقولُ"
اللهُ تعالى: "نعَم, نعم"، جوابًا للطَّلبِ والدُّعاءِ، أي: أُعطيكِ
مَطلوبَكِ، وكرَّر للتَّأكيدِ..
وصلي اللهم علي سيدنامحمد وعل آله وسحبه وسلم