
الحال أبلغ من المقال رسول الله الأسوة الحسنة
الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته
الرسول صلي الله عليه وسلم مع زوجاته
الرسول مع أبنائه وبناته وأحفاده
الرسول صلي الله ليه وسلم مع خدمه
الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه
تحميل الخطبة PDF
تحميل الخطبة WORD
الحمد لله رب العالمين وأشهد أنَّ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، القائل:""خَيْرُكم خَيْرُكم لِأَهْلِه، وأَنا خَيْرُكم لِأَهْلي" صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً. أمابعد فياعباد الله، :" لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْءَاخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا"وقال تعالى:"وَإنكَ لعَلى خُلقٍ عَظيم "
عباد الله :"حديثنا إليكم اليوم حول الحال أبلغ من المقال ورسول الله الأسوة الحسنة ونموذجاً عملياً
وقد ثبت من حديث قتادة عن زرارة ابن أبى أوفى، عن سعد بن هشام قال: سألت عائشة أم المؤمنين فقلت: أخبرينى عن خلق رسول الله ﷺ.فقالت: أما تقرأ القرآن؟قلت: بلى!فقالت: كان خلقه القرآن"(مسلم).
وعن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فسألتها عن خلق رسول الله ﷺ.فقالت: "كان خلقه القرآن"(أحمدوغيره).
ومعنى هذا: أنه عليه السلام مهما أمره به القرآن العظيم امتثله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا ما جبله الله عليه من الأخلاق الجبلية الأصلية العظيمة التى لم يكن أحد من البشر ولا يكون على أجمل منها، وشرع له الدين العظيم الذى لم يشرعه لأحد قبله، وهو مع ذلك خاتم النبيين فلا رسول بعده ولا نبى ﷺ فكان فيه من الحياء، والكرم، والشجاعة، والحلم، والصفح، والرحمة، وسائر الأخلاق الكاملة ما لا يحد، ولا يمكن وصفه.
عبادالله:"لاشك أن أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه نموذجٌ يحتذيه المسلمون عبر التاريخ إلى يوم القيامة وأسوةٌ حسنةٌ لمن كان يريد الله والدار الآخرة وإن غالب الناس في هذا الزمن بين غالٍ وجافٍ ، فمنهم من غلا في الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصل به الأمر إلى الشرك والعياذُ بالله من دعاء الرسول والاستغاثة به ، ومنهم من غفل عن اتباع هديه صلى الله عليه وسلم فلم يتخذه أسوة لحياته. ومن ضمن هديه وأحواله صلى الله عليه وسلم ما كان عليه من أخلاقٍ ومعاملةٍ فـي بيته ومع أسرته صلى الله عليه وسلم.
-ورغبةً في تقريب هديه وسيرته بأسلوبٍ
سهل مُيسر ، كانت هذه الكلمات القليلة التي لا تفي بكل ذلك ولكنها وقفاتٌ من
شمائله صلى الله عليه وسلم . فما هو هديه صلى الله عليه وسلم في بيته؟ وما هي
معاملته لبناته وأطفاله ؟ وكيف تعامل مع زوجاته أمهات المؤمنين ؟ وكيف تعامل مع
خدمه في البيت ؟
الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته
كان نموذجاً عملياً للتواضع وعدم الكبر وتكليف الغير . ولما سُئلت عائشة رضي الله عنها : ماذا كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته ؟ قالت "كان بشرا من البشر ، يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه"(أحمد والترمذي).
وروى مسلم في صحيحه عن الأسود بن يزيد قال سألتُ عائشة رضي الله عنها : ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله ، فإذا سمع بالأذان خرج "(البخاري).
وعند أحمد عنها قالت"كان رسول يخيط ثوبه ويخصفُ نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم"
فنساء النبيّ أمّهاتٌ للمؤمنين جميعاً حتى يرث الله الأرض ومن عليها، وقد كان النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- زوجاً حسنَ العشرة، وطيّب الخُلق مع زوجاته -رضي الله عنهنّ-، وذلك في كافّة أحواله؛ في حزنه وفرحه، وفي غضبه ورضاه، فكان يكرمهنّ ويُحسن إليهنّ؛ ويظهر ذلك في عدّة مواقف، وفيما يأتي ذكرٌ لبعضها:
كان النبيّ الحبيب زوجاً وفيّاً مُخلِصاً، يتحدّث عن زوجاته بكُلّ حبٍّ ومودّةٍ ورحمةٍ، ويُعلي من منزلتهنّ، ويرفع قدرهنّ، فقد وردت أقواله في نسائه -رضي الله عنهنّ- في عدّة أحاديثٍ نبويّةٍ، وممّا ورد في ذلك: قوله -صلّى الله عليه وسلّم- عن خديجة بنت خويلد:"خَيْرُ نِسَائِهَا مَرْيَمُ بنْتُ عِمْرَانَ وَخَيْرُ نِسَائِهَا خَدِيجَةُ بنْتُ خُوَيْلِدٍ"
قوله عن عائشة -رضي الله عنه-:"فَضْلَ عَائِشَةَ علَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سَائِرِ الطَّعَامِ"(البخاري).
قوله عن زينب بنت جحش -رضي الله عنها-:"أسرَعُكنَّ بي لحوقًا أطولُكنَّ يدًا، قالت: فكُنَّ يتطاوَلْنَ أيُّهنُ أطولُ يدًا قالت: فكان أطولَنا يدًا زينبُ لأنَّها كانت تعمَلُ بيدِها وتتصدَّقُ"(الحاكم والبخاري).
الرسول صلى الله عليه وسلم مع زوجاته أمهات المؤمنين
كان صلى الله عليه وسلم حَسنَ المعاشرة للناس جميعاً ولزوجاته وأهل بيته خاصةً فنجده ينادي أم المؤمنين بترخيم اسمها وخبرها خبراً تطير له القلوب فرحاً . قالت عائشة رضي الله عنها: قال رسول الله يوماً ""يا عائشة هذا جبريل يُقرئك السلام "" متفق عليه.
وقالت أيضاً :"كنت أشرب وأنا حائض ،فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيَّ وأتعرق العَرَقَ فيتناوله ويضع فاهُ في موضع فيَّ ) رواه مسلم . وقالت أيضاً (أن النبي صلى الله عليه وسلم قبَّل إمرأةً من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ"(أبو داود والترمذي).
وقالت أيضاً:"كنت أغتسل أنا ورسول الله من إناءٍ واحد"( البخاري).
بل كان صلى الله عليه وسلم لا يترك مناسبةً إلاّ أدخل السرور على زوجته. تقول عائشة رضي الله عنها (خرجت مع رسول الله في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدَن ، فقال للناس "تقدموا " فتقدموا ، ثم قال " تعالي حتى أسابقك " فسابقته فسبقته، فسكت عنّي حتى حملت اللحم وبدنت وسمنت وخرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس "تقدموا" ثم قال "تعالي أسابقك" فسبقني، فجعل يضحك ويقول ( هذه بتلك"(أحمد).
وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة خيبر ، وتزوج صفيه بنت حيي كان يدير كساءً حول البعير الذي تركبه يسترها به ، ثم يجلس عند بعيره فيضع ركبته فتضع رجلها على ركبته حتى تركب"(البخاري).
-وكان صلى الله عليه وسلم يعدل بين زوجاته فعن عائشة رضي الله عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ،وكان يُقسم لكل امرأةٍ منهن يومها وليلتها"(مسلم) .
وكان صلى الله عليه وسلم يتكئ في حُجر عائشة رضي الله عنها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها وربما كانت حائضاً وكان يأمرها وهي حائض فتتزر ثم يباشرها ، وكان يقبلها وهو صائم. وكان من حُسن معاشرته مع أهلـه أن كان يمكن عائشة رضي الله عنها من اللعب مع بنات الأنصار ويُريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده وهي متكئة على منكبيه تنظر ، وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدنا منهن واستقرأ أحوالهن ، وكل هذا يدل على حسن معاشرته لأهله ورفقه بهن صلى الله عليه وسلم .
-ومن عنايته صلى الله عليه وسلم بمشاعر أمهات المؤمنين ، ما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت "قال لي رسول الله "" إني لأعلم إذا كنتِ عني راضيةً وإذا كنتِ عليَّ غضبى "" ، قالت : فقلت من أين تعرف ذلك " ؟ فقال " أما إذا كنتِ عنيّ راضية فإنك تقولين لا ورب محمد ، وإذا كنتِ غضبى قلتِ لا ورب إبراهيم " ، قالت : فقلت أجل والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك ". فمن عنايته بمشاعرها صــار يعلم رضاها وغضبها من مجرد كلامها .
بل كان صلى الله عليه وسلم يراضي زوجاته ولو كنَّ مخطئات:"فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال"جاء أبو بكر رضي الله عنه يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله، فأذن له فدخل فقال : يـا ابنة أم رومان !! وتناولها ، أترفعين صوتك على رسول الله؟فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها ، قال فلما خرج أبو بكر جعل النبي يقول لها ـ يترضاها ـ ألا ترين أني قد حلتُ بين الرجل وبينك ، قال : ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها ، قال : فأذن له فدخل فقال أبو بكر : يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما"(أحمد وأبو داود).
-وكان صلى الله عليه وسلم يرعى حق الزوجية حتى بعد موت الزوجة : فعن عائشة رضي الله عنها قالت ( ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما غِرتُ على خديجة وما رأيتها ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاءً ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له :كأنه لـم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة ؟ فيقول: إنها كانت وكانت، وكان لي منها ولد"(البخاري).
-وكان صلى الله عليه وسلم يتعاهد أهله بالتعليم والتوجيه : فعن ابن عباس رضي الله عنه عن أم المؤمنين جويرية بنت حارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرةً حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال : ما زلتِ على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لقد قلت بعدك أربع كلماتٍ ثلاث مرات لو وزنت بما قلتِ منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنه عرشه ومداد كلماته"(أحمد ومسلم).
وفي الحديث بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من النصح لأزواجه وإشفاقه عليهن وحرصه على تعليمهن ودلالتهن على الخير، وهو القائل صلى الله عليه وسلم "" رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته ، فإن أبت نضح في وجهها الماء ، رحم الله امرأة قامت من الليـل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء "( أبو داود والنسائي وابن ماجه).
معالجته لغيرة نسائه أمهات المؤمنين : عن أم سلمة أنها أتت بطعامٍ في صفحةٍ لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فجاءت عائشة متزرة كساء ومعها فِهْرٌ ، ففلقت به الصفحة ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصفحة ، ويقول : (كُلوا ، غارت أمكم ، مرتين ، ثم أخذ رسول الله صفحة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صفحة أم سلمة عائشة"( البخاري والنسائي ، واللفظ له).
وفي روايةٍ قال :"إناءٌ بإناء وطعامٌ بطعام " . وهذا من حسن تصرفه وحَلّه لهذا الموقف معللا هذا الخطأ من عائشة رضي الله عنها بقوله:"غارت أمكم "اعتذاراً منه لعائشة وأن هذا من عادة الضرائر دمن الغيرة
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قلت للنبي صلى الله عليه وسلم : حسبك من صفية كذا وكذا ـ تعني قصيرة ـ فقال: لقد قلتِ كلمةً لو مُزجت بماء البحر لمزجته قلت: وحكيت له إنساناً فقال: ما أحب أنـي حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا"(أحمد والترمذي وهو في صحيح سنن أبي داود)
فبين لها رسول الله خطورة هذه الكلمة التي قالتها في ضرتها صفيه ووعظها ولم يوافقها،بل ذبَّعن عرض صفية بالغيبة وهو القائل "" من ذبّ عن عرض أخيه بالغيبة كان حقاً على الله أن يعتقه من النار"(أحمد).
الرسول مع أبنائه وبناته وأحفاده
تعامُل النبيّ عليه الصلاة والسلام مع أبنائه كثير العناية بهنّ كان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- كثير الاهتمام والعناية بأبنائه، وقد زخرتْ كتب السيرة النبوية بمواقف كثيرة تؤكّد هذا؛ فقد جاء الحديث عن عائشة يُبيّن كيفيّة تعامل النبيّ مع ابنته فاطمة، واحترامه لها، وإكرامه إيّاها، فقد قالت:"كانت إذا دخَلَتْ عليه قام إليها، فأخَذَ بيدِها وقبَّلَها وأَجْلَسَها في مجلسِه، وكان إذا دخَلَ عليها قامت إليه، فأَخَذَتْ بيدِه فقَبَّلَتْه وأَجَلَسَتْه في مجلسِها"(أبوداودوالترمذي والنسائي).
وكان ممّا يدلّ على شدّة عنايته ببناته، واهتمامه باهتماماتهنّ ما جاء عن بعض الصحابة من أنّه لمّا ماتت بعض بناته في حياته، وقفَ على القبر وعيناه تدمعان؛ رحمة وشفقة بهنّ.
- وفي صحيح مسلم قالت عائشة رضي الله عنها "كُنَّ أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ما تُخطئ مشيتها من مشيةِ رسول الله شيئاً فلما رآها رحّب بها وقال "مرحباً يا بنتي"ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله"
-وعن أنسٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ ولده إبراهيم فقبله وشمَّه وعندما مات إبراهيم ذرفت عينا رسول الله وقال "إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون "(البخاري).
-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبـي حُمرة لسانه فيهش له"(صحيح).
وعن أنس رضي الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلاعب زينب بنت أم سلمة وهو يقول : يا زينبُ ، يا زوينبُ ، مراراً"(صحيح).
وهكذا فقد كان صلى الله عليه وسلم
يلاطف بناته ويُقّبل أحفاده ويلاعبهم .
تربيته صلى الله عليه وسلم لأهل بيته على مقاومة المنكرات والأخلاق الرديئة :
قالت عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اطّلع على أحدٍ من أهل بيته كذب كذبة لم يزل معرضاً عنه حتى يحدث توبةً"(أحمد).
وقال صلى الله عليه وسلم "" علّقوا السوط حيثُ يراهُ أهلُ البيت فإنه آداب لهم "( الطبراني).
وقال البخاري رحمه الله: باب إخراج المتشبهين بالنساء في البيوت ، وساق حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال"لعن النبي صلى الله عليه وسلم فلاناً وأخرج عمر فلانة"( فتح الباري).
الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين واللاة والسلام علي أشرف المرسلين أمابعدفياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول الحال أبلغ من المقال ورسول الله نموذجاً عملياً
الرسول صلى الله عليه وسلم مع خدمه في البيت
عباد الله :" وكان صلي الله عليه وسلم نموذجاً حياً عملياً مع خدمه
قال أنس بن مالك رضي الله عنه"خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرَ سنين فما قال لي أفٍ قط وما قال لي لشيء صنعته لمَ صنعته ولا شيء تركه لمَ تركته"(مسلم).
قالت عائشة رضي الله عنها:"ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده شيئاً قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا ضرب خادماً ولا امرأة"(مسلم).
وهو القائل صلى الله عليه وسلم عن الخدم :"هم إخوانكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فأطمعوهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم "(مسلم ).
الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه
عباد الله:" وكانت محبّة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه عظيمة، فالأحاديث النبويّة تبيّن لطفه معهم، وتلك البشاشة التي كانت تملأ وجهه نوراً وسروراً وهو يسأل عن حالهم ويُطيّب خاطرهم؛ وفيما يأتي ذكرٌ لبعض هذه الأحاديث التي تصوّر عِظم أخلاق النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في تعامله مع من حوله من الصحابة:
مزاح النبيّ مع أصحابه كان النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- بسّاماً يحبّ إدخال الفرح والضحك على قلوب من حوله، وسنقف على جماليّات هذه الأخبار والأحاديث الواردة عنه -صلّى الله عليه وسلّم-،
مزاحه مع زاهر بن حرام -رضي الله عنه-، فقد جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- يروي قصّة هذا الصحابيّ فقال:"كان النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحِبُّه، وكان دَميمًا، فأَتاهُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومًا، وهو يَبيعُ مَتاعَه، فاحْتَضَنَه مِن خَلفِه، وهو لا يُبصِرُه، فقال: أرسِلْني، مَن هذا؟ فالتَفَتَ، فعَرَفَ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فجعَلَ لا يَأْلو ما ألزَقَ ظَهرَه بصَدرِ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حينَ عَرَفَه، وجعَلَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ: مَن يَشْتَري العَبدَ؟ فقال: يا رَسولَ اللهِ، إذَنْ واللهِ تَجِدُني كاسِدًا. فقال النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لكِنْ عِندَ اللهِ لستَ بكاسِدٍ"(أحمدوابن حبان والبيهقي).
مزاحه مع العجوز التي جاءت تطلب منه الدعاء، فقد ورد عن الحسن البصري أنه قال: "أنَّ امرأةً عجوزًا جاءتْهُ تقولُ لَهُ: يا رسولَ اللهِ، ادع اللهَ لي أنْ يدْخِلَني الجنةَ، فقال لَها: يا أمَّ فلانٍ، إِنَّ الجنَّةَ لا يدخلُها عجوزٌ، وانزعجَتِ المرأةُ وبكَتْ ظنًّا منها أنها لن تدخلَ الجنةَ، فلما رأى ذلِكَ منها؛ بيَّنَ لها غرضَهُ أنَّ العجوزَ لَنْ تدخُلَ الجنَّةَ عجوزًا، بل يُنشِئُها اللهُ خلقًا آخرَ، فتدخلُها شابَّةً بكرًا، وتَلَا عليها قولَ اللهِ تعالى:"إِنَّاأَنشَأْناهُنَّ إِنشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أبْكًارًا"(الواقعة/35-36).
مزاحه مع أخي أنس بن مالك -رضي الله عنه- بسؤاله عن الطائر الصغير، فقد جاء عن أنس أنه قال: "كان لي أخٌ صغيرٌ، وكان له نُغَرٌ يَلعَبُ به، فمات، فدخَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ يَومٍ فرآه حزينًا، فقال: ما شأنُ أبي عُمَيرٍ حزينًا؟ فقالوا: مات نُغَرُه الذي كان يَلعَبُ به يا رسولَ اللهِ، فقال: يا أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟ أبا عُمَيْر، ما فَعَلَ النُّغَيْر؟"(الترمذي وابن ماجه).
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه