
من أولئك الذين يحبهم الله؟
من الذين يحبهم الله المتقون
من الناس الذين يحبهم الله التوابون
الذين يحبهم الله عزوجل المقسطون
من الذين يحبهم الله المحسنون
ومن الذين يحبهم الله المتطهرون
أهل الإيمان الصادق والعمل والصالح
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسول الله أما بعد
فإن الحب هو أرقى واجمل علاقة تربط إنساناً بغيره، فما بالكم إذا كان الحب الذى نتحدث عنه اليوم هو حب من نوع خاص، وأى حب ؟ بعد أن يحبك رب الارباب ، ومسبب الأسباب ، نعم يحبك أنت أيها المسلم ، ، هل بعد ذلك من تكريم وتشريف لك أيها المسلم ، وهو أن يحبك رب العالمين ، وحين يصل العبد منا لهذه الدرجة الرفيعة والمنزلة العالية يسخر الله سبحانه وتعالى له الكون بكل ما فيه ومن فيه ، اسمع ماذا يقول حبيبك محمد صلى الله عليه وسلم ، كما فى صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال صلى الله عليه وسلم :"إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ.
عباد الله :" حبُّ الله عزَّ وجل أعظم مطلوب، وأهمُّ غاية يسعى المؤمن لنوالها وتحقيقها والسعادة بها في الدارَين؛ فليس هناك مثل محبة الله - عز وجل - تَصل بالمؤمن لكل خير، وتَحجزه عن كل شرٍّ، فهي نعمة وأيُّ نعمة، مَن حصَّلها فقد فاز فوزًا عظيمًا.
فكيف السبيل لهذه المنزلة العظيمة؟
لا تكون هذه المنزلة إلا بمعرفة ما يحبه الله عز وجلَّ، وما لا يُحبه عز وجل؛ فيسعى مريدها للاتصاف بكل صفة يحبها الله؛ لعله يحظى بهذه المنزلة، ويبعد عن كل صفة لا يحبها الله - عز وجل - حتى لا يُحرم هذه المنزلة العظيمة.
وفيما يأتي بعض الصفات التي جاء ذكرها في القرآن الكريم بأن الله - عز وجل - يحب المتصفين بها، نسأل الله - عز وجل - أن يجعلنا منهم.
عباد الله :" ومن الذين يحبهم الله المتقون:
"المتقون" ورَد ذكرها 3 مرات في القرآن الكريمقال تعالي:" بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ "(آل عمران: 76).
وقال تعالي:" إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ"(التوبة: 4).
وقال تعالي:" فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ "(التوبة: 7).
و التقوى أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور مِن الله، تَخاف عقاب الله.
عباد الله ومن الفئات الذين يحبهم الله عزوجل المقسطون:
وورَد ذكرها 3 مرات في القرآن الكريم:قال تعالي:" وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"(المائدة: 42).
وقال تعالي:" فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"(الحجرات: 9).
وقال تعالاي:" لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "(الممتحنة: 8).
و المقسطون:"هم: أهل العدل الموفَّقون المهديون، الذين يَعدلون في حكمهم وفي أهليهم وفيمَن ولاهم الله عليهم؛ ولهذا قال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"يعني: يحبُّ أهل العدل والاستقامة والإنصاف؛ ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "المقسطون على منابر مِن نُورٍ يوم القيامة، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وَلُوا".
عباد الله :" ومن الناس الذين يحبهم الله التوابون و ورَد ذكرهم مرة واحدة
قال تعالي:" فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"(البقرة: 222).
و التوابون؟هم الذين إذا فعلوا سيئة أو فاحشة أو ظلموا أنفسهم، ذكروا الله فنَدِموا وتابوا وآمنوا ورجعوا إلى الله مِن قريب، واستغفروا لذنوبهم، ولم يستمرُّوا على ما فعلوا من المعصية، وعزموا ألا يعودوا إليها أبدًا، وأتبعوا توبتهم بالأعمال الصالحة، ولو تكرَّر منهم الذنب تابوا منه، ومَن تاب تاب الله عليه، والتائب من الذنب كمَن لا ذنب له.
عباد الله :" ومن الذين يحبهم الله المحسنون" ورَد ذكرهم 5 مرات في القرآن الكريم:قال تعالي:":"وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(البقرة: 195).
• آل عمران الآية 134:"الَّذِينَ ينفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(آل عمران: 134).
وقال تعالي:"فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(آل عمران: 148).
وقال تعالي:" فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(المائدة: 13).
وقال تعالي:" ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(المائدة: 93).
المحسنون هم أهل الشفقة والرحمة والإحسان
وبهاتين الصفتَين ينال المؤمن شرف معية الله - عز وجل :"إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ"(النحل: 128).
والإحسان كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".و إحسان بين العبد وبين الناس في سائر المعاملات، ومن ذلك: إحسان الصَّنعة وإتقانها، فإذا صنع الإنسان شيئًا أو عمل عملاً، فإنه يجب عليه أن يُتقنه ويتمَّه، ومن ذلك ما جاء عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم أنه قال:"إنَّ الله يُحبُّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنهوأما الإحسان في القيام بحقوق الخلق فيتحقَّق في برِّ الوالدين، وصلة الرَّحِم، وإكرام الضَّيف، ومساعدة الفقير، وفي غير ذلك مما يلزم مراعاته من حقوق المخلوقات.
عباد الله :" ومن الذين يحبهم الله المتطهرون" ورَد ذكرهم مرتين في
القرآن الكريم:
قال تعالي:" فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ"(البقرة: 222).
وقال تعالي:" لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ"(التوبة: 108).
والمتطهرون هم الذين يبتعدون عن الفواحش والأقذار، أو المتطهرون من الجنابة والحدث، أو التاركون للذنوب العاملون بالصلاح.
فيَشمل الطهارة الحسية، والطهارة المعنوية، يُحب المتطهرين طهارة باطنةً بتطهير القلوب من محبة غيره، والتعلُّق بغيره، وتعظيم غيره، والخوف من غيره، وقصد غيره في أيِّ قول أو عمل، ويحبُّ المتطهِّرين من جميع أنواع الشرك والمقاصد النفسية، والمتطهِّرين طهارة ظاهرة من الأحداث الصغرى والكبرى بالاستنجاء والاستجمار الكامل والوضوء والغسل
الصابرون:
عباد الله:" ومن الذين يحبهم الله الصابرون" ورد ذكرهم مرة واحدة في القرآن الكريم:
قال تعالي:" وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ "(آل عمران: 146).
والصبر: حبْس النفس عن الجزَع والتسخُّط، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن الإتيان بأي عملٍ يُنافي الصبر.
وهو ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على المصائب والنكَبات.
وأكمل أنواعه وأصعبها: الصبر على طاعة الله؛ لأنه صبر اختيار، وصبرٌ مُحبَّب إلى الله عز وجل، ولأنَّ الطاعة تحتاج إلى المداومة عليها ولزومها والإخلاص فيها
المتوكلون:
عباد الله :" ومن الذين يحبهم الله المتوكلون" ورَد ذكرهم مرة واحدةً في القرآن الكريم:
قال تعالي :" فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ "(آل عمران: 159).
والتوكُّل معناه: صدق اعتماد القلب على الله - عز وجل - في استجلاب
المصالح ودفع المضارِّ، من أمور الدنيا والآخرة كلها، وأن يَكِلَ العبد أموره كلها
إلى الله - جل وعلا - وأن يُحقِّق إيمانَه بأنه لا يعطي ولا يمنع، ولا يضر ولا
ينفع سواه جلَّ وعلا.
وهو علامة لصدق الإيمان، وفيه ملاحظة عظمة الله وقدرته، واعتقادُ الحاجة إليه، وعدم الاستغناء عنه، وهذا أدب عظيم مع الخالق يدلُّ على محبَّة العبد ربَّه؛ فلذلك أحبَّه الله.
عباد الله :" ومن الذين يحبهم الله "الذين يُقاتلون في سبيل الله صفًّا:
وورد ذكرهم مرةً واحدة في القرآن الكريم
قال تعالي:" إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ "(الصف: 4).
وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :"ثلاثةٌ يحبُّهمُ اللَّهُ ويَضحَكُ لهم ويستبشِرُ بِهِمُ : الَّذي إذا انكشَفت فئةٌ قاتلَ وراءَها بنفسِهِ للَّهِ عز وجل فإمَّا أن يُقتَلَ وإمَّا أن ينصرَهُ اللَّهُ عز وجل ويَكْفيَهُ، ويقولُ : انظُروا إلى عبدي هذا كيفَ صبرَ لي بنفسِهِ ! ؟ والَّذي لَهُ امرأةٌ حسنةٌ وفراشٌ ليِّنٌ حسنٌ فيقومُ منَ اللَّيلِ فيقولُ يذرُ شَهْوتَهُ ويذكرُني ولو شاءَ رقدَ، والَّذي إذا كانَ في سفرٍ وَكانَ معَهُ رَكْبٌ فسَهِروا ثمَّ هجَعوا فقامَ منَ السَّحرِ في ضرَّاءَ وسرَّاء"(المنذري والطبراني والبيهقي ).
وهؤلاءهم كتلة قويَّة مُتماسكة صامدة كالبنيان المرصوص، الذي ضُمَّت لَبِناتُه بعضُها إلى بعض ورُصَّت، تؤدي رسالتها وتندفع بإقدام في سبيل إعلاء كلمة الله، صامدون أمام الزلازل والعواصف والمِحَن ليستحقُّوا نصر الله وتأييده، وبالتالي محبَّته.
وفي هذا حثٌّ مِن الله لعباده على الجهاد في سبيله، وتعليم لهم كيف يصنعون، وأنه ينبغي لهم أن يصفُّوا في الجهاد صفًّا متراصًّا متساويًا، من غير خلل يقع في الصفوف، وتكون صفوفهم على نظام وترتيب به تحصل المساواة بين المجاهدين، والتعاضُد، وإرهاب العدوِّ، وتنشيط بعضهم بعضًا؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حضَر القتالُ صفَّ أصحابه، ورتَّبهم في مواقفهم؛ بحيث لا يَحصل اتكال بعضهم على بعض، بل تكون كل طائفة منهم مهتمة بمركزها، وقائمة بوظيفتها، وبهذه الطريقة تتم الأعمال، ويحصل الكمالقال تعالي:" إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا "(مريم: 96).
يحبك الله عز وجل ويغرس لك في قلوب
عباده الصالحين محبةً ومودةً.
يحب الله تعالى من أتم الفرائض وازداد
من النوافل، وطهَّر نفسه وزكاها، وتعبد الله تعالى بالطهارة من الأنجاس والأحداث،
وطهَّر باطنه بالتوبة والإنابة إلى الله عز وجل.
هل هناك أعمال أخري تجعل الإنسان محبوباً عند ربه جل وعلا غير ماذكرنا من أناس أحبهم الله ؟
ونقول نعم :"هناك آيات كثيرة في القرآن الكريم تدعونا وتحثنا على هذا الأمر، مثل قوله تعالى:"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ"( المائدة /2).
وكذلك فإن العمل على نفع الناس هو نوع من الإحسان، وقد قال تعالى:"وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ"(البقرة/83).
وقال تعالي :"وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"(البقرة/195) .
وكذلك فإن السنة النبوية الشريفة مليئة بالأحاديث التي تدعو وتحث على هذا المبدأ العظيم
ففي الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رَسولَ اللَّه صلي الله عليه وسلم قالَ:"المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُباتِ يَومِ القِيامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ"(متفق عليه).
كما أريد هنا أن أبشر كل من يسعى لنفع الناس، فلتقر عينك ولتهنأ نفسك، فأنت من أحب الناس إلى الله، فعند المنذري بسند صحيح من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال صلى الله عليه وسلم "أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ، تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ يعني مسجدَ المدينةِ شهرًا، ومن كظم غيظَه ولو شاء أن يُمضِيَه أمضاه؛ ملأ اللهُ قلبَه يومَ القيامةِ رِضًا، ومن مشى مع أخيه في حاجةٍ حتى يَقضِيَها له؛ ثبَّتَ اللهُ قدمَيه يومَ تزولُ الأقدامُ"(المنذري).
ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال صلى الله عليه وسلم "صنائعُ المعروفِ تقيِ مصارعَ السُّوءِ".
وعن أبي إدريس الخولاني قال: "دخلت مسجد دمشق، فإذا أنا بمعاذ بن جبل، فسلمت عليه، فقلت: والله إني لأحبك في الله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فقال: آلله؟ فقلت: آلله، فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه، وقال: أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: وجبت محبتي للمتحابين في، وجبت محبتي للمتجالسين في، وجبت محبتي للمتباذلين في، وجبت محبتي للمتزاورين في"(مالك ).
أيها المسلمون، إن الأساس الذي يرتكز عليه بناء المجتمع في الإسلام هو التكافل والتعاون بين الجميع فيما بينهم، وأن تسود روح المودة والمحبة بين الجميع، ولا يكون ذلك إلا في مجتمع متماسك يقف القوى فيه بجانب الضعيف، والغنى بجانب الفقير، والصحيح بجانب المريض، والعالم بجانب المتعلم.
وإياك ثم إياك أن تظن أنك ستكرم خلق الله ويتخلى عنك الخالق، فكما أكرمت خلقه سيكرمك، وكما أعنتهم سيعينك، وصدق الله العظيم حين قال:"هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ"(الرحمن /60) .
وما أروع قول الشافعي ليكون خير ختام
الناس بالناس مادام الحياء بهم
والسعد لا شك تارات وهبات
وأفضل الناس ما بين الورى رجل
تقضى على يده للناس حاجات
لا تمنعن يد المعروف عن أحد
ما دمت مقتدرا فالسعد تارات
وأشكر فضائل صنع الله إذ جعلت
إليك لا لك عند الناس حاجات
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات