recent
أخبار عاجلة

حكم الجهر والإسرار بالبسملةعند الصلاة الجهرية

 


حكم الجهر والإسرار بالبسملة عند الصلاة الجهرية 

     الجهر والإسرار بالبسملة كلاهما سنة.

من قالوا بعدم الجهر بالبسملة 

من قالوا بالجهر بالبسملة 

سبب أختلافهم ونزاعهم

 ما ينبغي في هذا النزاع؟

   نجد هناك خلاف عند المأموين فبعضهم يطلب من الإمام أن يجهر بالبسملة في الفجر والمغرب والعشاء عند الصلاة الجهرية أي قبل قراءة الفاتحة وبعد الفاتحة ،فهل هذا  جائز أم تقرأ سرا ؟

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: 

الجهر والإسرار بالبسملة كلاهما سنة.

أما الجهر بالبسملة قبل قراءة الفاتحة فقد وقع فيه الخلاف بين العلماء فمنهم من قال هو سنة، ومنهم من قال السنة الإسرار.ولا شك أن الجهر بالبسملة في الفاتحة في الصلاة جائز ، وليس بدعة ولا حراماً ، ولكن في أكثر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يجهر بها بل كان يقرؤها سرّاً .

من قالوا بعدم الجهر بالبسملة 

وهناك من قالوا بأن الجهربالبسملة سنة لما ورد عن أنس رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رضى الله عنهما كَانُوا يَفْتَتِحُونَ الصَّلاَةَ بِـ "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"(البخاري).

قال الترمذي: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم من التابعين، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليّ. وذكره ابن المنذر عن ابن مسعود، وابن الزبير، وعمار، وبه يقول الحكم، وحماد، والأوزاعي، والثوري، وابن المبارك، وأصحاب الرأي.

وعند أحمد " وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " .

وهذا مذهب الحنفية والحنابلة ، وخالفهم الشافعية فقالوا بسنيَّة الجهر بها .

ومع كون السنَّة الثابتة : عدم الجهر بالبسملة ؛ إلا أنه لا حرج من الجهر بها ، خاصة عند من كان مذهبهم الجهر بها ، تأليفاً لقلوبهم .

 قال ابن قدامة: "ولا تختلف الرواية عن أحمد أن الجهر بها غير مسنون.

من قالوا بالجهر بالبسملة 

وهناك من قالوا بأن الجهربالبسملة جائز وسنة عن النبي صلي الله عليه وسلم لما ورد من حديث الدارقطني والبيهقي :"إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما جاء في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفًا.  

 ويروى عن عطاء، وطاووس، ومجاهد، وسعيد بن جبير: الجهر بها وهو مذهب الشافعي.. إلخ).انظر المغني (1/521).

 و قال الصنعاني في سبل السلام "وقد أطال العلماء في هذه المسألة الكلام وألف فيها بعض الأعلام، وقال أيضاً: واختار جماعة من المحققين أنها مثل سائر آيات القرآن يجهر بها فيما يجهر فيه، ويسر بها فيما يسر فيه.. إلخ (1/ 329).

سبب أختلافهم ونزاعهم 

  وسبب اختلافهم أنهم اختلفوا في عدها آية من آيات الفاتحة من  عدمه كُـتّابُ المصاحف مع اتفاقهم جميعًا على كتابتها، 

من قال بأنها ليست بآية من الفاتحة 

فهناك من يقول البسملة ليست آية من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، ولكنها آية مستقلة أنزلها الله فصلًا بين السور، علامة أن السورة التي قبلها انتهت، وأن التي بعدها سورة جديدة، هذا هو الصواب عند أهل العلم، وترقيمها في بعض المصاحف أنها الأولى غلط، ليس بصواب، الصواب أنها ليست من الفاتحة، وإنما أول الفاتحة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هذه الآية الأولى الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الثانية مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ الثالثة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ الرابعة اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ هي الخامسة صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ  هذه هي السادسة غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ هي السابعة، أما التسمية فهي آية مستقلة فصل بين السور، ليست من الفاتحة، ولا من غيرها من السور، في أصح قولي العلماء.

إلا أنها بعض آية من سورة النمل من قوله تعالى: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"(النمل:30)، فهي بعض آية من سورة النمل، ولكنها آية مستقلة، أنزلها الله فصلًا بين السور، وليست آية من الفاتحة، وليست آية من غيرها، ولكنها بعض آية من سورة النمل، هذا هو الصواب الذي عند أهل العلم، نعم.

وذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد -في رواية ذكر ابن قدامة في المغني أنها الرواية المنصورة عند أصحابه- إلى أن البسملة ليست آية مستقلة في الفاتحة. 

ومن أوضح ما احتجوا به ما أخرجه الإمام مالك في الموطأ، والإمام مسلم في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى : قَسَمْتُ الصلاَةَ بَـيْنِي وَبَـيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: اقْرَأُوا يَقُولُ الْعَبْدُ "الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ"(مالك ومسلم).

 يَقُولُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: حَمَدَنِي عَبْدِي... محل الشاهد أنه بدأ الفاتحة بالحمد لله رب العالمين، ولم يذكر البسملة. ويضاف إلى هذا ما استفاض من عدم جهر الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه بها في الصلاة، 

كما في حديث أنس رضي الله عنه قال:"صَلّيْتُ خَلْفَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. فَكَانُوا يستَفتحونَ بِـ"الْحَمْدُ لله رَبّ الْعَالَمِينَ"، لاَ يَذْكُرُونَ "بِسْمِ الله الرّحْمَنِ الرّحِيمِ"فِي أَوّلِ قِرَاءَةٍ، وَلاَ فِي آخِرِهَا"(مسلم )، 

وفي رواية ابن خزيمة : يُسِرُّونَ. 

وفي رواية لأحمد وابن حبان -صححها الأرناؤوط-: لا يَجْهَرون بِـ"بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ". 

ومن هنا يعلم السائل أن مسألة البسملة في الفاتحة وما يترتب على تركها من المسائل الخلافية التي بحث فيها العلماء قديمًا ولم يصلوا فيها إلى ما يقطع النزاع ويرفع الخلاف. وعليه فمن قلد من لم ير أنها آية من الفاتحة فلا يسجد لتركها لا في الفاتحة ولا في السورة بالأولى، ومن قلد مخالفيه أعاد الصلاة إذا لم يتذكر أنه تركها، إلا بعد فوات التدارك، ولا يكفي السجود عنها. 

فالمقصود: أنهم يبدؤون بالحمدلله الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (الفاتحة:2) فدل ذلك على أنهم كانوا يسرون، يعني النبي صلي الله عليه وسلم  والصديق وعمر كانوا يسرون بالتسمية،

 وقد جاء من طريق أبي هريرة ما يدل على أنه قد يجهر بها؛ لأنه جهر بالتسمية، فلما صلى قال: إني أشبهكم صلاة برسول الله صلي الله عليه وسلم فاحتج بهذا بعض الناس على أنه يجهر بها، ولكن ليس حديثًا صريحًا في ذلك، ولو ثبت التنصيص على ذلك؛ فيحمل على أنه كان في بعض الأحيان، والأكثر منه صلي الله عليه وسلم نه كان لا يجهر؛ جمعًا بين الروايات.

فالأفضل والأولى عدم الجهر إلا إذا فعله الإنسان بعض الأحيان، جهر بها ليعلم الناس أنه يسمي، وليعلم الناس أنها مشروعة، ويسمي الإنسان سرًا بينه وبين ربه؛ هذا حسن. نعم.

من قال بأن البسملة آية من الفاتحة؟ 

 هؤلاء على أن الفاتحة سبع آيات، فالبسملة آية من الفاتحة في المصحف المكي والمصحف الكوفي، وليست آية مستقلة في المصحف المدني والشامي والبصري. قال عبد الفتاح القاضي في نظم عد الآي: والكوفِ مع مكٍي يعد البسملة سواهما أولى عليهم عدله فإذا علمت كلام القراء فيها، فاعلم أن الفقهاء اختلفوا في كونها آية في الفاتحة، لا تتم الفاتحة إلا بها، وعليه فلا تصح الصلاة دونها، وفي كونها ليست آية منها، فذكر ابن قدامة في المغني، والنووي في المجموع، وابن حزم في المحلى: أن الشافعي وابن المبارك وأحمد في رواية عنه جعلوها آية مستقلة، ولا تصح الصلاة دونها.

 ورجح هذا المذهب النووي وابن حزم. ومن أوضح حجج هذا المذهب حديث الدارقطني والبيهقي : إذا قرأتم الحمد لله، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم، إنها أم الكتاب والسبع المثاني، بسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها. والحديث صحيح، كما جاء في صحيح الجامع، وصحح ابن حجر كونه موقوفًا.  

والراجح والله أعلم :"

أن الجهر والإسرار بالبسملة قد وردا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن الإسرار بها كان أكثر، وما أجمل كلام الإمام ابن القيم إذ يقول: "وكان يجهر بـ "بسم الله الرحمن الرحيم" تارة، ويخفيها أكثر مما يجهر بها، ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل يوم وليلة خمس مرات أبداً حضراً وسفراً، ويخفى ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جُمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال حتى يحتاج إلى التشبث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلّداً ضخماً".(انظر زاد المعاد (1/ 206- 207)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله :"ومع هذا : فالصواب : أن ما لا يُجهر به ، قد يشرع الجهر به لمصلحة راجحة ، فيشرع للإمام - أحيانا - لمثل تعليم المأمومين ، ويسوغ للمصلين أن يجهروا بالكلمات اليسيرة أحيانا ، ويسوغ أيضا أن يترك الإنسان الأفضل لتأليف القلوب واجتماع الكلمة ، خوفاً من التنفير عما يصلح ، كما ترك النبي صلى الله عليه وسلم بناء البيت على قواعد إبراهيم ؛ لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهلية ، وخشي تنفيرهم بذلك ، ورأى أن مصلحة الاجتماع والائتلاف مقدمة على مصلحة البناء على قواعد إبراهيم ، وقال ابن مسعود ، لما أكمل الصلاة خلف عثمان وأنكر عليه ، فقيل له في ذلك ، فقال : " الخلاف شر " ؛ ولهذا نص الأئمة كأحمد وغيره على ذلك بالبسملة ، وفي وصل الوتر ، وغير ذلك مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول ؛ مراعاة ائتلاف المأمومين أو لتعريفهم السنَّة وأمثال ذلك " انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 436 ، 437 ) .

وقال - رحمه الله أيضاً :" فترك الأفضل عنده لئلا ينفر الناس ، وكذلك لو كان رجل يرى الجهر بالبسملة فأمَّ بقوم لا يستحبونه أو بالعكس ووافقهم : كان قد أحسن " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 22 / 268 ، 269 ) .

 وقال بعض العلماء:" الراجح : أن الجهر بالبسملة لا ينبغي ، وأن السنَّة الإسرار بها ؛ لأنها ليست من الفاتحة ، ولكن لو جهر بها أحياناً : فلا حرج ؛ بل قد قال بعض أهل العلم : " إنه ينبغي أن يجهر بها أحياناً ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي عنه " أنه كان يجهر بها " 

ولكن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم " أنه كان لا يجهر بها " ، وهذا هو الأولى : أن لا يجهر بها .

ولكن لو جهر بها تأليفاً لقوم مذهبهم الجهر : فأرجو أن لا يكون به بأس " .

 ما ينبغي في هذا النزاع؟

 ينبغي أن يكون الأمر فيه خفيفًا، والأفضل تحري سنة الرسول صلي الله عليه وسلم بعدم الجهر، وإذا جهر بعض الأحيان من أجل حديث أبي هريرة، أو من أجل التعليم، أو ليعلم الناس أنها تقرأ؛ فلا بأس به، وقد جهر بها بعض الصحابة  وأرضاهم..

وبناءً على ما تقدم، فالسنة الإسرار بالبسملة، ولا بأس بالجهر بها في بعض الأحيان جمعاً بين الأدلة.

والله أعلم.

google-playkhamsatmostaqltradent