recent
أخبار عاجلة

رمضان كله عباده عبادة ترك المُحرمَّات والمعاصي

 


رمضان كله عباده

عبادة ترك المُحرمَّات والمعاصي

ترك المعاصي مع فعل القليل من النوافل، أفضل

هجر المعصية عبادة وفعل الطاعة عبادة

ترك المحرمات لتجنب حديث الناس عبادة أم خطأ؟


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

عبادة ترك المعاصي عبادة جليلة تحتاج  إلي يقظة ضمير وقوة ايمان  ورسوخ عقيدة وعزيمة وإخلاص  فمافعله يوسف مع امراة العزيز قوة إيمان ترعرع يوسف -عليه السلام-وكبر في بيت العزيز وزوجته،وحين بلغ أشدّه حاولت امرأة العزيز فتنته وأرادت

 أن توقعه في الفاحشة، فراودته عن  نفسه واستدرجته، لكنّ يوسف -عليه السلام- تذكّر

 الله -سبحانه وتعالى- وتذكّر فضل  االعزيز عليه وقال:"مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"(.يوسف: 23)، فصرف الله سبحانه وتعالى عن نبيه السوء والفحشاء بإخلاصه، حيث قال:"كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"(يوسف: 24).

  فترك المعاصي مع فعل القليل من النوافل، أفضل من الإكثار من النوافل؛ فإن ترك المعصية حتم واجب، بخلاف النوافل، فهي مستحبة، قال الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم: قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ، فأتوا منه ما استطعتم"(البخاري  ومسلم).

قال بعض العلماء: هذا يؤخذ منه أن النهي أشدّ من الأمر؛ لأن النهي لم يرخّص في ارتكاب شيء منه، والأمر قيّد بحسب الاستطاعة، وروي هذا عن الإمام أحمد، ويشبه هذا قول بعضهم: أعمال البِرّ يعملها البَرّ، والفاجر، وأما المعاصي، فلا يتركها إلا صدّيق، وروي عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: اتّقِ المحارم، تكن أعبد الناس. وقالت عائشة -رضي الله عنها:" من سرّه أن يسبق الدائِب المجتهد، فليكفَّ عن الذنوب. 

وروي عنها مرفوعًا، وقال الحسن: ما عبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه.

"رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال" إلى نفسها، دعته إلى الفاحشة، فقال: إني أخاف الله.وذات المنصب والجمال كثيرا ما يسعى الرجال في استرضائها .

وعظم الفتنة هنا في أن المرأة كانت على أكمل الأوصاف، وبذلك تعظم فتنتها. بالإضافة إلى ما غرز في الرجال من الميل للنساء، فضلاً عن أنه قد يكون شابًا فميله يكون أشد.

والرجل غالبا هو الذي يرغب في المرأة ،فإذا تعرضت المرأة وهي تتمتع بالجمال الذي يرغب فيه الرجال والمنصب - فلا يقدر على محاسبتها أو معاقبتها أحد من الناس في الغالب- فالداعي هنا أقوى والفتنة أشد .

والرجل هنا لا يناله السوء إذا وقع بها ،بل ربما يصيبه العكس إذا امتنع عنها !!!

والرجل إذا توافرت له الأسباب المأمونة التي يفعل معها الفاحشة، لن يمنعه إلا الخوف من الله وحده، وأما المرأة فيشوب خوفها ربما أنواع أخرى من الخوف: "كالحمل - وفض البكارة - والعار – و الفضيحة .. و نحو ذلك..

والشهوة إذا استحكمت من الإنسان تحوله إلى بهيمة لا عقل له ، ولا عاصم للإنسان وقتها إلا خوف من الله غالب يستعلى على شهوة النفس ،فيكون السلطان للإيمان والروح والعقل ، وليس للعاطفة والغرائز والجسد .

أو ربما يتعفف الاثنان معا كما في قصة أحد الثلاثة أصحاب الغار:

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"بَيْنَمَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَتَمَشَّوْنَ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ فَأَوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ فَانْحَطَّتْ عَلَى فَمِ غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ انْظُرُوا أَعْمَالاً عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى بِهَا لَعَلَّ اللَّهَ يَفْرُجُهَا عَنْكُمْ...

وفيه: وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَتْ لِىَ ابْنَةُ عَمٍّ أَحْبَبْتُهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ وَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ فَتَعِبْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِائَةَ دِينَارٍ فَجِئْتُهَا بِهَا فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ.

فَقُمْتُ عَنْهَا فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا مِنْهَا فُرْجَةً. فَفَرَجَ لَهُمْ" (متفق عليه).

فهنا اجتمع الإغراء بكل عوامله والتمكين منها واستسلامها النهائي وجلس منها مجلس الرجل من زوجته ،إذا بها تستحي من الله فتذكره وتوقظ وازع الإيمان في قلبه ،فإنها رغم فقرها وحاجتها لم يغب عنها خوف الله ولم تصم أذنها عن نداء العفة والكرامة .

وهو أيضا لم يغلق قلبه عن نصيحتها وتذكيرها بالله فما إن ذكرته بالله حتى انتبه من غفوته ، وانتزع نفسه من مكانه انتزاع الروح من الجسد فما هو إلا التسامي عن دناءة الشهوة إلى سمو الروح بخوفها وحيائها من الله ،ويكفي أنها لم تستعن بقواها لرده إنما كلمات خرجت من قلب استحى من إطلاع الله عليه فقالت كلمات صادقة "يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفْتَحِ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ" فقام عنها

والظاهر أن ما ورد من تفضيل ترك المحرمات على فعل الطاعات، إنما أريد به على نوافل الطاعات، وإلا فجنس الأعمال الواجبات أفضل من جنس ترك المحرمات؛ لأن الأعمال مقصودة لذاتها، والمحارم المطلوب عدمها؛ ولذلك لا تحتاج إلى نية، بخلاف الأعمال..

ويشهد لذلك قول ابن عمر -رضي الله عنهما:" لردّ دانق حرام، أفضل من مائة ألف تنفق في سبيل الله. وعن بعض السلف قال: ترك دانق مما يكرهه الله، أحبّ إلى الله من خمسمائة حجة. وقال ميمون بن مهران: ذكر الله باللسان حسن، وأفضل منه أن يذكر العبد الله عند المعصية؛ فيمسك عنها.. وقال عمر بن عبد العزيز: ليست التقوى قيام الليل، وصيام النهار، والتخليط فيما بين ذلك! ولكن التقوى أداء ما افترض الله، وترك ما حرّم الله، فإن كان مع ذلك عمل؛ فهو خير إلى خير...

وحاصل كلامهم يدلّ على أن اجتناب المحرّمات ـ وإن قلّت ـ فهي أفضل من الإكثار من نوافل الطاعات؛ فإن ذلك فرض، وهذا نفل. اهـ.

 طُول ما أنت سايب الأغاني وبتسمع قرآن أنت في عبادة.

- طول ما أنتِ سايبة الزينة وساترة نفسك بالحجاب الشرعي أنتِ في عبادة.

- طول ما أنت سايب الكلام على الناس وأعراضهم أنت في عبادة.

هجر المعصية عبادة وفعل الطاعة عبادة

وإن ما ينتظر الطائعين من الشرف يوم القيامة أكثر من شرف الدنيا!

قال الله تعالى:"فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ  رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ  لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ"(النور: ٣٦ - ٣٨).

أيها المذنب! فاختر لنفسك: إما شرف الطاعات .. ثم الشرف في الدنيا والآخرة .. وإمَّا ذل الذنوب ... ثم الذل في الدنيا والآخرة؟ !

 أيها المذنب! هل علمت أن أفضل العبادة ترك الحرام؟ !

يا من اخترت الذنب على الطاعة .. والراحة الكاذبة على الراحة الكبرى! أرأيت إن أعجزك الإكثار من الطاعات .. أما كان يسعك ترك الحرام؟ !

إن في حجز النفس عن الحرام فضيلة ظاهرة .. ودرجة رفيعة .. قال عمر بن عبد العزيز:"إن أفضل العبادة؛ أداء الفرائض، واجتناب المحارم".

وقال محمد بن كعب القرظي: "ما عُبد الله بشيء قط أحب إليه من ترك المعاصي"!

لذلك كان جهاد النفس على شهواتها من أرفع أنواع الجهاد .. والمنتصر فيه أظفر الناس فتحًا .. وخيرًا!

ويقابل المنتصر المنهزم في جهاد نفسه .. فإنه من أشد الناس هزيمة .. وكسرًا!

إنسان لا يحمله إحسانه على أن يميل إليه بغير حق، والثاني: إذا أساء إليه إنسان لا يحمله ذلك على أن يقول بغير حق، والثالث: أن هوى نفسه لا يحوله عن أمر الله تعالى، والرابع: أن حطام الدنيا لا يشغله عن طاعة الله عزَّ وجلَّ".

 لا يسلكه إلاَّ من اختار لنفسه الأدنى .. ورغب بها عن سبل الهُدى!

فاسع- أيها المسكين- إلى خلاص نفسك قبل حلول الآفات .. ونزول مفرِّق الجماعات ..

وعَمِّرْ أيامك بالطاعات .. فإن زهرة أيامك ما شغلتها بطاعة الله تعالى .. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يُعمَّر في الإسلام لتكبيره، وتحميده، وتسبيحه، وتهليله"(أحمد/ صحيح الجامع).

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضًا:"خير الناس من طال عمره، وحسن عمله"( الترمذي).

أيها المذنب! أيقظ عين البصيرة .. وستبدو لك الطاعات في أزهى حُلَلها .. وأحسن الاختيار .. وقارن بين الأمرين: الطاعة، والمعصية .. أيهما أكمل أمرًا .. وأحمد عاقبةً؟ !

ولا يخدعنك شاهد الشهوات عن الآفات .. واحرص على فعل الطاعات كحرصك على فعل الشهوات تُهْدَى إن شاء الله .. ويستقيم أمرك ..

فإن من ترك معصية خوفاً من الله أثابه الله على تعففه عن الحرام، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشرة حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة"(مسلم).

والمعاصي لو تركها الإنسان من مخافة الله زاد الله في إيمانه، روى الطبراني في الكبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن النظرة سهم من سهام إبليس مسموم من تركها مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه.

ثم إننا نفيدك أن الله لا يحاسب العبد على حديث النفس المجرد، ما لم يتحول إلى عزم على فعل المعصية، قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل أو تتكلم. رواه البخاري ومسلم.

ترك المحرمات لتجنب حديث الناس عبادة أم خطأ؟

ترك المحرمات واجب شرعي على كل مسلم، وهو من أهم أركان التقوى التي أمر بها الله تعالى. فالله تعالى حرم على عباده العديد من الأمور، منها: الزنا، والقتل، والسرقة، والربا، والغيبة، والنميمة، وغيرها. وحرم هذه الأمور لما فيها من ضرر على الفرد والمجتمع.

فترك المحرمات له فوائد عديدة، منها:

حفظ النفس من الفساد والانحراف.

حماية المجتمع من الجرائم والفساد.

نيل رضا الله تعالى وثوابه.

ولكن هل يُعتبر ترك المحرمات عبادة إذا كان الدافع وراءه هو تجنب حديث الناس؟

الجواب على هذا السؤال هو: نعم، يُعتبر ترك المحرمات عبادة إذا كان الدافع وراءه هو تجنب حديث الناس، ولكن بشرط أن يكون الدافع الأساسي هو التقرب إلى الله تعالى، وليس مجرد تجنب حديث الناس.

فإذا كان الشخص يترك المحرمات خوفًا من أن ينتقده الناس أو يتكلموا عنه، فإن هذا يعتبر رياء، والرياء من كبائر الذنوب.

أما إذا كان الشخص يترك المحرمات حبًا في الله تعالى، وإرادةً لتجنب ما نهى الله عنه، فإن هذا يعتبر عبادة، ويثاب عليه الله تعالى.

وقديترك أموراً حتي يسلم الناس من  غيبته ويسلم هو من لسانهم 

روي ابن الجوزي في كتابه "المنتظم" فقال: " كان إبراهيم النخعي أعورَ العين، وكان تلميذه سليمان بن مهران- أعمشَ، وفي يوم سارا في إحدى طرقات الكوفة يريدان المسجد ، وبينما هما يسيران في الطريق؛ قال النخعي :  ياسليمان هل لك أن تأخذ طريقا وآخذ آخرَ ؟ فإني أخشى إن مررنا سويا بسفهائها أن يقولوا : أعور يقود أعمشَ!! فيغتابوننا ويأثمون. فقال الأعمش:يا أبا عمران ؛ وما عليك أن نؤجر ويأثمون؟! فقال إبراهيم النخعي : يا سبحان الله! بل" نَسلمُ ويَسلمون خير من أن نؤجر ويأثمون". فانظروا إلى هذا الرقي والسمو بالأخلاق والإيثار على النفس!!  هؤلاء الذين وعوا حقاً قول رسولنا الكريم - صلي الله عليه وسلم :" لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" .

 فهل طبقنا نحن هذا القول وآثرنا السلامة في هذ الوقت العسير وجلسنا في بيوتنا آخذين بهذا المبدأ أم تخلينا عن هذه السُنَّة ولم نأخذ بالأسباب ؟!!

وهناك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد المسلم على ترك المحرمات، ومنها:

التقوى لله تعالى، والخوف من عقابه.

التذكر الدائم لعقوبة الله تعالى على المحرمات.

الحرص على قراءة القرآن الكريم، وتدبر معانيه.

الحرص على الدعاء، والاستغفار.

مصاحبة الصالحين، والابتعاد عن أصدقاء السوء.

وفي الختام، فإن ترك المحرمات عبادة إذا كان الدافع وراءه هو التقرب إلى الله تعالى، ولكن يجب أن يكون الدافع الأساسي هو التقرب إلى الله تعالى، وليس مجرد تجنب حديث الناس.

google-playkhamsatmostaqltradent