
هل يجوز أن يقول الولد لأمه أنا ابن من؟ وهل يأثم في ذلك؟
ماذا يقصد بالحديث أنت ابن أبيك وأمك إن صدقت أمك؟
لوسأل الرجل هذا السؤال لكان عاقاً لوالديه أبيه وأمه
ولا ينبغي للرجل أن يسأل أمه هذا السؤال فإن ذلك يؤذيها
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ورد في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الناس سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فخرج ذات يوم فصعد المنبر، فقال: سلوني لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم، فلما سمع ذلك القوم أرموا -أي سكتوا- ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر. قال أنس فجعلت التفت يميناً وشمالاً، فإذا كل رجل لاف رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل من المسجد كان يلاحي -يخاصم- فيدعى لغير أبيه، فقال يا نبي الله من أبي؟ قال أبوك حذافة...
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به"، فقال عبدالله بن حذافة: من أبي يا رسول الله؟ قال:"أبوك حذافة بن قيس"، فرجع إلى أمه فقالت: ويحك ما حملك على الذي صنعت، فقد كنا أهل جاهلية وأهل أعمال قبيحة، فقال لها:"إن كنت لأحب أن أعلم من أبي، من كان من الناس"(مسند الإمام أحمد).
وورد في رواية أخري للإمام أحمد: فقال عبد الله بن حذافة من أبي يا رسول الله؟ قال: حذافة
بن قيس، فرجع إلى أمه، فقالت له: ما حملك على الذي صنعت؟ فقد كنا في جاهلية، فقال إني
كنت لأحب أن أعلم من هو أبي من كان من الناس، ونزل قول الله تبارك وتعالى بالنهي عن
هذه الأسئلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ
لَكُمْ تَسُؤْكُمْ..(المائدة:101).
فمعني الحديث
صحيحاً، وهو أن الإنسان لا يكون حقيقة ابن أبيه الذي ينسب إليه إلا إذا صدقت أمه في
عدم تمكينها لغير أبيه،
قال الإمام الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبدالله بن عتبة: قالت أم عبدالله بن حذافة: ما رأيت ابنا قط أعق منك، أكنت تأمن أن تكون أمك قارفت في الجاهلية فتفضحها على رؤوس الناس؟ قال عبدالله: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقته."(مسند أبي يعلى الموصلي).
لوسأل الرجل هذا السؤال لكان عاقاً لوالديه أبيه وأمه
سؤال عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ رَضيَ اللهُ عنه، النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقالَ: مَن أبي يا رسولَ اللهِ؟ وقد كانَ يُطعَنُ في نَسبِه، فقالَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أبُوك حُذافةُ، فنَسَبَه إلى أبيه الذي يُعرَفُ به بين الَّناسِ، وهذا السُّؤالُ كانَ يُمكِنُ أن يَتسبَّبَ في فَضيحةٍ للسَّائلِ وأهلِه لو كانَ ابنَ زِنًا،
ولذلك جاءَ في روايةِ مُسلمٍ أنَّ أُمَّ عبدِ اللهِ بنِ حُذافةَ لامَتِ ابنَها على هذا السُّؤالِ، وقالت:"ما سَمِعتُ بابْنٍ قطُّ أعَقَّ منك؟ أأمِنتَ أنْ تَكونَ أمُّك قد قارَفَتْ بعضَ ما تُقارِفُ نِساءُ أهلِ الجاهليَّةِ، فتَفضَحَها على أعيُنِ النَّاسِ؟! قالَ عبدُ اللهِ بنُ حُذافةَ: واللهِ لو ألحَقَني بعبدٍ أسوَدَ لَلَحِقتُه"،
قال الإمام الزهري: وأخبرني عبيد الله بن عبدالله بن عتبة: قالت أم عبدالله بن حذافة: ما رأيت ابنا قط أعق منك، أكنت تأمن أن تكون أمك قارفت في الجاهلية فتفضحها على رؤوس الناس؟ قال عبدالله: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقته."(مسند أبي يعلى الموصلي).
ولا ينبغي للرجل أن يسأل أمه هذا السؤال فإن ذلك يؤذيها
وهذا الإخبارُ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ وحيًا؛ فالنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه
وسلَّمَ لا يَعلَمُ ما يُسألُ عنه منَ المُغيَّباتِ إلَّا بإعلامِ اللهِ تَعالَى.
فقد كان هذا الرجل يُطعن في نسبه لأبيه، ولما قال لهم النبي صلي الله عليه وسلم مهما سألتموني عن أي شيء أجبتكم سأله هذا الرجل: من أبي؟ فقال: (أبوك فلان)، وقد كان هو أبوه الذي ينسب إليه.
وهذا -بلا شك- من أبلغ الإساءة، ولذلك عاتبته أمه، وقالت: هب أنه ليس أبوك، أتفضحني أمام الناس؟! يقول: وروى البخاري في كتاب الفتن عن قتادة أن أنساً حدثهم قال: (سألوا صلي الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة)، وكثرة السؤال والتنطع والتفيهق والتعمق والتحري الزائد في الغالب تكون علامة على ظاهرة مرضية، وتكون أحياناً من أعراض مرض الفراغ، ولذلك روي عن بعض السلف أنه رأى رجلاً يقف له كلما جاء وكلما ذهب، ويسأله أسئلة في قائمة طويلة، فاستكثر منه ذلك، وقال له: أكل ما تسأل عنه تعمل به؟ قال: لا.
والله أعلم