recent
أخبار عاجلة

خطبة الجمعة حال الرسول صلي الله عليه وسلم مع أهله لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

 

حال الرسول صلي الله عليه وسلم مع أهله حال النبي مع زوجاته 

النبي كان في خدمتهم ويلقي السلام عليهم ويروح عنهم ويعدل بينهم ..

حال النبي مع بناته 

النبي كان يحترمهم ويهتم بهم ويعدل بينهم

حال النبي مع أحفاده

كان يرحمهم ويعطف عليهم ويحن إليهم

تحميل الخطبة ورد 

تحميل الخطبة pdf 

الحمد لله رب العالمين،  وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وبعد

فيا عباد الله، حديثنا إليكم  اليوم يدور حول خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله. ما أروعها من لحظات سنعيشها الآن في بيت النبوة! لنتعرف على أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، ومعاشرته لنسائه؛ أمهات المؤمنين ومعاملته لبناته وأحفاده.

النبي كان يلقي السلام علي أهله

أيها الأحبة :" كان النبي صلى الله عليه وسلم، طيب المعشر، حسن الخُلُق.كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على أهله ألقى عليهم السلام، وإذا لم يجد  في بيته أحدًا من الخَلْق فليسلِّم على نفسه لقوله تعالي :" فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً "(النور: 61).  .. النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل على أهل بيته ألقى عليهم السلام.

النبي كان يروح عن أهله

عباد الله:" وكان النبي صلى الله عليه وسلم من علامات حُسن خُلُقه مع نسائه، يسمح لهن ببعض الترفيه المباح، فقد كان حريصاً كُلّ الحرص على إدخال الفرح، والسرور على زوجاته، ويتعامل مع كُلّ واحدةٍ منهنّ بما يُناسب عُمرها، وميولها، ومن ذلك موقفه مع زوجته عائشة رضي الله عنها  حيث تقول :"لقَدْ رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَوْمًا علَى بَابِ حُجْرَتي والحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ في المَسْجِدِ، ورَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْتُرُنِي برِدَائِهِ، أنْظُرُ إلى لَعِبِهِمْ"(البخاري).

فكان النبي صلى الله عليه وسلم لطيف المعشر مع أهل بيته، فكان يكنِّي نساءه بأحب الأسماء إليهن، فأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كان يتطلف لها، ويناديها بأحب الأسماء إليها، فيقول لها:"يا عائش" وربما قال لها:"يا حميراء" فكانت تفرح بهذه الألقاب، وبهذا التدليل، ويُخبرها بالأخبار السعيدة، ويتعامل معها بِكُلّ لُطف، ومن ذلك حديث عائشة -رضي الله عنها-"كُنْتُ أشْرَبُ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وأَتَعَرَّقُ العَرْقَ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ"(النسائي).

 وكان النبيّ يستغلّ أيّ موقف لإدخال السرور عليهنّ، فقد رُوِي أنّه تسابق مع عائشة مرَّتَين؛ فسبقته في الأولى، وسبقها في الثانية، وقال لها: هذه بِتلك"(أبوداود).وهذا من هديه صلى الله عليه وسلم.  لما فيها من معاني الدلال، والمَحبّة لها". 

النبي كان في خدمة أهله

عباد الله :" أما عن تعامُل النبيّ مع زوجاته  حيث كان لهنّ نِعمَ الزّوج من خلال المعاملة الحسنة معهنّ، ومن هذه المواقف: مساعدتهنّ في أعمال المنزل فقد كان النبيّ يهتمّ بِخدمة نفسه، إلى جانب مساعدتهنّ؛ فكان يساعد هذه، ويساعد هذه، وكان يخدمهم، حتى إذا أتت الصلاة فقدسئلت عَائِشَةَ ما كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصْنَعُ في بَيْتِهِ؟ قالَتْ: كانَ يَكونُ في مِهْنَةِ أهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ خَرَجَ إلى الصَّلَاةِ"(البخاري).

 وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقِّع ثوبه، ويخصف نعله؛ يقوم بكثير من الأمور الشخصية التي ربما يأنف منها البعض الآن، فكان النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين لله جل وعلا.

  فقد قالت عنه زوجته عائشة حينما سُئِلت: ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يعمَلُ في بيتِه ؟ قالت: كان يَخيطُ ثوبَه ويخصِفُ نعلَه ويعمَلُ ما يعمَلُ الرِّجالُ في بيوتِهم"(ابن جبان ). وفي رواية : "كان بَشَرًا مِن البَشَرِ؛ يَفْلي ثَوبَه، ويَحلُبُ شاتَه، ويَخدُمُ نَفْسَه"(صحيح ابن حبان).فكان يصنع طعامه بنفسه، وينجز أيّ شيء يعرض له من عمل البيت.

  النبي كان يعامل أهله بالمودة والرحمة

عباد الله:" من صُور المودّة، والرحمة في حياة النبيّ مع زوجاته أنّه ذات يوم دخل

 على صفية -رضي الله عنها- وهي تبكي، فسألها عن سبب بُكائها،فقالت إنّ حفصة

 عيّرتها بأنّها بنت يهوديّ، فقال لها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم:"إنَّكِ لَابنة نَبيٍّ وإنَّ

 عمَّكِ لَنَبيٌّ وإنَّكِ لَتحتَ نَبيٍّ فبِمَ تفخَرُ عليكِ" ثمَّ قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-:"اتَّقِ اللهَ يا

 حَفصةُ"(صحيح).

 وفي هذا الحديث تطييب لخاطرها، وبيان أنّها زوجة نبيّ، وأُمّ للمؤمنين، 

كما أنّها تنتسب إلى نبيَّين، هما: موسى، وهارون -عليهما السلام-، 

وهناك موقف آخر للنبيّ مع عائشة، حيث قال لها: "إنِّي لَأَعْرِفُ غَضَبَكِ ورِضَاكِ

 قالَتْ: قُلتُ: وكيفَ تَعْرِفُ ذَاكَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: إنَّكِ إذَا كُنْتِ رَاضِيَةً قُلْتِ: بَلَى ورَبِّ

 مُحَمَّدٍ، وإذَا كُنْتِ سَاخِطَةً قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْرَاهِيمَ قالَتْ: قُلتُ: أجَلْ، لَسْتُ أُهَاجِرُ إلَّا

 اسْمَكَ"(البخاري).

النبي كان يشاورأهله

 عباد الله :" وكان صلي الله عليه وسلم يحرص علي مُشاورتهنّ والاهتمام بآرائهنّ؛

 فكان النبيّ يأخذ آراءهنّ في بعض أُمور الدين، والدولة، ومن ذلك مُشاورته لزوجته

 أُم سلمة -رضي الله عنها- في صُلح الحُديبية عندما أمر الصحابةَ بالتحلُّل من

 إحرامهم، فلم يقم أحدٌ منهم، فاستشار زوجته أُم سلمة في ذلك، فقالت له:"اخْرُجْ ثُمَّ

 لا تُكَلِّمْ أحَدًا منهمْ كَلِمَةً، حتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ، فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أحَدًا

 منهمْ حتَّى فَعَلَ ذلكَ نَحَرَ بُدْنَهُ، ودَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَوْا ذلكَ قَامُوا، فَنَحَرُوا وجَعَلَ

 بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا"(البخاري). 

وهذه المشورة تزرع السكن والمودّة بين الزوجَين، فينسى الرجل هُمومه، وأعماله،

 ويكون بذلك مُحِبّاً لأهل بيته.  

النبي كان عادلاً مع أهله 

 عدله مع نسائه فالعدل هو الأساس الذي كان سائداً في بيت النبيّ، حيث كان يعدل بين زوجاته بالمبيت، والنفقة، وحُسن العشرة؛ سواءً كان في الحضر، أو السفر، وقد جعل لكلّ واحدةٍ مِنهنّ حُجرة خاصّة بها، إضافة إلى أنّه كان يبيت عند كلّ واحدة منهنّ ليلة، ويُوزّع ما يكون معه بينهنّ بالتساوي، وفي حال سفره يُقرع بينهنّ قُرعة، فتسافر معه التي يخرج اسمها فيها.  

أمّا في حجّة الوداع، فقد أخذهنّ كلهنّ، واستمرّ النبيّ على هذا العدل حتى لمّا اشتدّ عليه

 المرض، إلّا أنّه في النهاية أستأذن أزواجه في أن يُمرّضَ في حُجرة عائشة فأَذِنّ له،

 وعلى الرغم من ذلك، إلّا أنّ النبيّ كان يعتذر إلى الله فيما لا يستطيع العدل فيه؛ وهو

 المَيل القلبيّ؛ لأنّ الإنسان لا يملكه.

النبي كان يصبر علي أهله 

عباد الله :" و كان النبيّ يتقبّل من نسائه مناقشتهنّ إيّاه في كلامه، فقد أنكر عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على زوجته رَدّ كلامه إليه، فقالت له:"فواللهِ إنَّ أزواجَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَيُراجِعْنُه، وتهجُرُه إحداهنَّ اليومَ إلى اللَّيلِ"(صحيح ابن حبان).

بالإضافة إلى صبره على سؤالهنّ إيّاه النفقة الزائدة ممّا ليس عنده؛ فقد كان النبيّ يتحمّلهنّ في ذلك، ويصبر على الأمور التي قد تعكّر صفو الحياة الزوجيّة، ومن ذلك أنّه جلس وحيداً لا يأذن لأحد بالدخول إليه إلّا لأبي بكر، وعُمر -رضي الله عنهما-، ولمّا سألاه عن سبب سكوته، أخبرهما أنّه بسبب سؤال زوجاته النفقة ممّا ليس عنده.

 وصبره على ما يقع منهنّ من تصرُّفات مختلفة، كفعل إحداهنّ أمراً دون علمه، فلا يُعنّفها، بل يصبر عليها، ويرحمها. 

النبي كان يتحمل الغيرة من بعض أهله

عباد الله:"  كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحمل من أمهات المؤمنين الغيرة الشديدة علىه، فهذه أمنا عائشة افتقدت النبي صلي الله عليه وسلم ذات ليلة؛ بحثت عنه فلم تجده، فإذا بها قامت، وخرجت خلف النبي صلى الله عليه وسلم تبحث عنه في الليل، فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم قائمًا يدعو في البقيع؛ عند مقابر البقيع، مقابر الصحابة، يدعو لأصحابه الذين استُشهدوا في بدر، فلما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قائمًا يدعو لشهداء بدر في البقيع عادت إلى فراشها وقد علا نفسُها، فأحسَّ بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وسألها عن ذلك، ثم قال لها:"يا عائشة، أخفتِ أن يحيف الله عليك ورسوله؟"؛ أخشيتِ يا عائشة، أن أكون قد ظلمتك، وذهبت لأخرى في ليلتك؟ ولم يغضب منها النبي صلى الله عليه وسلم، بل عاتبها عتابًا خفيفًا، وقالت:"وما لي لا يغار مثلي على مثلك يا رسول الله؟"(النسائي ومسلم).

أيها الأحبة النبي صلى الله عليه وسلم، كان يهدَى إليه أحيانًا الطعام من بيت إحدى أمهات المؤمنين في بيت الأخرى، فحدث ذلك بالفعل، أن أهدت بعض أمهات المؤمنين طبقًا فيه حلوى للنبي صلى الله عليه وسلم في ليلة عائشة. وإذا بعائشة تتحرك الغيرة عندها، فتقوم إلى الطبق، فتكسره، فلم يغضب النبي عليه الصلاة والسلام لهذا الأمر؛ لأنه علم التكوين الفطري للمرأة، والتكوين الفطري للنساء، وأنه حينما تتحرك الغيرة عندهن يفعلن مثل هذه الأمور. فقام النبي صلى الله عليه وسلم، ورأى طبقًا فيه طعام عند عائشة، فأخذ طبقًا مكان الطبق، وأهدى إلى إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم؛ رد إليها الهدية بهدية، ثم قال:"غارت أمكم، غارت أمكم، وطبق بطبق، وطعام بطعام"، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج الأمور، لم يكن النبي ينتظر أن تُخطئ المرأة خطأً، فيقوم عليها بالسب والضرب، والإهانة واللوم، والعتاب الشديد، ويظهر الكآبة والحزن والخصام، لا، لا.

اتفقت أمنا عائشة مع حفصة أن يقولا للنبي صلى الله عليه وسلم أنك أكلتَ طعامًا عندها، وأن هذا الطعام رائحته غير طيبة، قال:"والله ما أكلتُ إلا عسلًا. قالت: رائحتُكَ رائحة مغافير"، فحلف النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يشرب العسل إرضاء لهن، وإذا بالعتاب ينزل من الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ "(التحريم:1).

النبي كان يكرم أهل أهله

عباد الله:" وكان النبي صلى الله عليه وسلم حين يدخل بيت عائشة رضي الله عنها يُكرِم أهلها، فكان يُكرِم الصديق رضي الله عنه، وهذا درس لنا في إكرام أهل الزوجة.

فمن مفاتيح قلب الزوجة: إكرام أهلها، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يُحسِن إلى الصدِّيق، ويُحسِن إلى عمر، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة؛ إكرامًا لأبي بكر، وتزوج من حفصة؛ إكرامًا لعمر.

ولا ننسى هذا الموقف الذي اختبأت فيه عائشة رضي الله عنها خلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الصدِّيق أن يضربها في موقف معين، فاحتمتْ بمن؟ احتمتْ برسول الله صلى الله عليه وسلم.

 النبي يصبر علي شظف العيش ويعلم أهله

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر على شظف العيش، وعلى خشونة الحياة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم ينام على الحصير حتى أثَّر الحصير  في جنبه  وكان يعلم أمهات المؤمنين أن يصبرن على شظف العيش معه ولقد خيَّرهن الله،" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا  وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا "(الأحزاب: 28، 29). فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة.

فينبغي للمرأة المسلمة أن تصبر على حال زوجها من الفقر والعَوز والحاجة، وأن تصبر على شظف العيش كما صبرت أمهات المؤمنين، فإن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُنزل بركات ورحمات على البيوت المؤمنة، على البيوت الصالحة، البيوت التي فيها قيام الليل، البيوت التي فيها أطفال يحفظون القرآن، البيوت التي فيها حلقات العِلْم، وهذه البيوت تنزل عليها رحمات من الله، تنزل عليها عطاءات من الله.

النبي كان وفياً مع أهله 

وفاؤه لهنّ هذه الصفة ميّزت بيت النبيّ، ومن صُور ذلك وفاؤه لزوجته خديجة؛ فلم يتزوّج عليها حتى ماتت؛ لنصرتها النبيَّ، ودعوته، والوقوف إلى جانبه بنفسها، ومالها، فبقيَ النبيّ وفيّاً لها حتى بعد وفاتها، حيث كان إذا ذبح شاة يُرسل بعض اللحم إلى أصدقائها، ويذكر مواقفها معه أمام زوجاته الأُخرَيات. 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين

حال النبي مع بناته

 فقد جاء الحديث عن عائشة يُبيّن كيفيّة تعامل النبيّ مع ابنته فاطمة، واحترامه لها، وإكرامه إيّاها، فقد قالت:"كانت إذا دخَلَتْ عليه قام إليها، فأخَذَ بيدِها وقبَّلَها وأَجْلَسَها في مجلسِه، وكان إذا دخَلَ عليها قامت إليه، فأَخَذَتْ بيدِه فقَبَّلَتْه وأَجَلَسَتْه في مجلسِها"(أبوداود والترمذي).

وكان ممّا يدلّ على شدّة عنايته ببناته، واهتمامه باهتماماتهنّ ما جاء عن بعض الصحابة من أنّه لمّا ماتت بعض بناته في حياته، وقفَ على القبر وعيناه تدمعان؛ رحمة وشفقة بهنّ.  ومن مَحبّته لهنّ أيضاً أنّه كان يهتمّ بشؤونهنّ، ويحلّ مشاكلهنّ، ومثال ذلك أنّ ابنته فاطمة جاءته يوماً تشكو ممّا تجده من جهد العمل، فطلبت منه أن يُحضرَ لها خادماً، فقال لها ولزوجها:"ألا أدُلُّكُما علَى ما هو خَيْرٌ لَكُما مِن خادِمٍ؟ إذا أوَيْتُما إلى فِراشِكُما، أوْ أخَذْتُما مَضاجِعَكُما، فَكَبِّرا ثَلاثًا وثَلاثِينَ، وسَبِّحا ثَلاثًا وثَلاثِينَ، واحْمَدا ثَلاثًا وثَلاثِينَ، فَهذا خَيْرٌ لَكُما مِن خادِمٍ"(البخاري). 

يهتم بشؤونهنّ تجدر الإشارة إلى أنّ هذا الاهتمام وتلك الرّعاية المباركة كانت نهجاً أصيلاً في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم تكن مواقف عابرة أو مفتعلة، وقد شكّل بذلك قدوة لغيره من المُسلمين؛ إذ عاملهنّ بالرحمة، والحِكمة، وظهر ذلك في كثيرٍ من مواقف حياته، ومنها:  اهتمامه بهنّ عند مرضهنّ؛ فقد أمر النبيّ عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- أن يبقى عند زوجته رقيّة؛ ابنة رسول الله، ويهتمّ بها عندما أراد التوجُّه إلى معركة بدر؛ إذ كانت مريضة. دعوته إيّاهنّ إلى الإسلام بالرحمة، والحُسنى؛ فقد جاء في الحديث أنّه لمّا أمر الله نبيّه بالجهر بالدعوة، نادى على الناس وكان من ضمنم ابنته فاطمة، فقال لها:"ويَا فَاطِمَةُ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي ما شِئْتِ مِن مَالِي لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا"(البخاري).

إدخال الفرح إلى قلوبهنّ، كما كان يأتمنهنّ على أسراره، ويقوم لهنّ، ويُحسن استقبالهنّ، بالإضافة إلى أنّه كان يسارع إلى تزويجهنّ بعد بلوغهنّ وتحقّق رجاحة عقولهنّ ومتانة دينهنّ، وكان يأمرُهنّ بالحجاب، ولبس الساتر من الثياب. 

ويحل الخلاف بينهن وبين أزواجهم

عباد الله وكان صلي الله عليه وسلم يسارع  في حلّ الخلافات التي قد تطرأ بين بناته وأزواجهنّ، والتّدخل للإصلاح بينهما، كما كان يحرص عليه السلام على متابعة أخبارهنّ واهتمامهنّ بأمر الآخرة، وينصحهنّ بالحذر من الرّكون إلى الدنيا ومتاعها الزائل. الحرص على إدخال الفرح إلى قلوبهنّ؛ فقد جبر خاطر ابنته زينب بفداءِ زوجها أبي العاص بن الرّبيع إذ كان من أسرى بدر، واشترط عليه أنْ يُرسِل ابنته زينب إليه في المدينة، ومن مواقف حرصه على إسعاد بناته أنّه عليه السلام تكفّل بالعقيقة عن الحسن والحسين ابنا ابنته فاطمة، بل إنّه كان حريصاً على الاهتمام بهنّ حتى بعد وفاتهنّ؛ فقد كان يوجّه أم عطية الأنصارية ومن معها في غسل ابنته زينب، وأمر بثوبٍ له ليوضَع على جسدها.

حال النبي مع أحفاده

 عباد الله:" كان النبيّ يُعامل الناس جميعهم بالرحمة، واللطف، وخاصّة أحفاده، وقد تجلّى اهتمامه بهم في كثير من المواقف والصور، ومن ذلك:  كان يُصلّي بالناس ذات يوم، فجاءته أُمامة؛ وهي بنت ابنته، فإذا كان واقفاً حملها بين يديه، وإذا سجد وضعها على الأرض. 

وكان ذات يوم يُصلّي، فجاءه الحسن، والحسين، فركبا على ظهره وهو ساجد، فأطال في سجوده إلى أن ذهبا. 

وكان ذات يوم يخطب بالناس، فرأى الحسن والحُسين وقد لبسا ثوبَين جديدَين، فنزل عن المنبر، ووضعهما بين يديه، وقال قول الله:"إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ"(الترمذي وأبوداود).

 كان يسمّيهم بأحسن الأسماء، وكان يُقبّلهم، ويحملهم على ظهره، ويُحبّهم كثيراً، ويُلاعبهم، ويضحك معهم، ويرقيهم في حال مرض أحدهم، وكان يُجلس بعضهم على الدابّة، وبهذا يتبيّن أنّ علاقته بهم كانت علاقة المُحِبّ لهم، والحنون عليهم..

الهم أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .

google-playkhamsatmostaqltradent