recent
أخبار عاجلة

صلوا كما رأيتموني أصلي "الركن الرابع" قراءة الفاتحة

 صلوا كما رأيتموني أصلي"الركن الرابع" قراءة الفاتحة

الرأي الأول من قال بفرضيتها وتبطل الصلاة وأدلتهم 

الرأي الثاني من قال بوجوبها وتصح الصلاة بدونها وأدلتهم

أقوال العلماء في قراءة الفاتحة في الصلاة

حُكمُ صلاةِ العاجزِ عن قراءةِ الفاتحةِ

هل يقرأ المأموم الفاتحة ؟

 الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فلازلنا نواصل الحديث حول صلوا كما رأيتموني أصلي "

ومع الركن الرابع من أركان الصلاة المختلف بين فرضيته ووجوبه

الرأي الأول:"ذهب الإمام الشافعي والإمام مالك إلى أن قراءة الفاتحة في حق من يصلي منفرداً واجبة، وركن من أركانها، لا تصح الصلاة إلا بها. وهذا القول هوالمشهورعن أحمد.

أدلة القائلين بفرضيتها فقراءة الفاتحة مرتبة في كل ركعة ركن وفرض لحديث عبادة بن الصامت  رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتحة الكتاب"(متفق عليه)،

 وفيها إحدى عشرة تشديدة، فإن ترك حرفًا ولم يأت بما ترك لم تصحَّ صلاته.

كما قالوا  بوجوب قراءة المأموم للفاتحة مطلقاًوتبطل الصلاة بدونها   وسواء كان ذلك في الفرض أم في النفل..

وبقوله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج هي خداج هي خداج"(مسلم وأبوداود)  أي ناقص غير تام.

 واستدلوا أيضاً بما رواه صلى الله عليه وسلم عن ربه، قال:"قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:"الحمد لله رب العالمين" قال الله تعالى: حمدني عبدي.."(مسلم).

قالوا: فقد تولى سبحانه قسمة القرآن بينه وبين العبد بهذه الصفة، فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. قال ابن العربي: "وهذا دليل قوي" على أن صحة الصلاة متوقفة على قراءة الفاتحة.

واستدلوا أيضاً بما رواه ابن أبي شيبة عن عمر رضي عنه أنه قال:"لا تجزئ صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وآيتين فصاعداً". ونحو هذا ما روي عن عمران بن حُصين رضي الله عنه، قال:"لا تجوز صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وآيتين فصاعداً".

الرأي الثاني من قال بوجوبها وتصح الصلاة بدونها وأدلتهم

وذهب أبو حنيفة إلى أن قراءة الفاتحة في صلاة المفرد واجبة، تصح الصلاة بدونها، لكن من تركها متعمداً فقد أساء. وهذا القول هو رواية أخرى عن الإمام أحمد. ومفاد هذا القول أن صحة الصلاة غير متوقف على قراءة الفاتحة، بل يجزئ قراءة أي شيء من القرآن.

اختلف فقهاء المذاهب في فرضية قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة،علي رأيين:"

وهو يفرق بين الفرض والواجب، فالفرض عنده هو الذي تبطل الصلاة بتركه، بخلاف الواجب فلا يبطل الصلاة، وأن تعمد تركها يأثم،

أدلة من قال الصلاة تصح بدون فاتحة الكتاب

أما الذين قالوا:"لا تتوقف صحة الصلاة على قراءة الفاتحة -وهم الحنفية- فقد استدلوا لقولهم، بقوله تعالى: "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون".

واستدلوا أيضاً بقوله سبحانه:"أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر"(الإسراء:78)، قالوا: معناه قراءة الفجر في صلاة الفجر؛ لاتفاق المسلمين على أنه لا فرض على المسلم في القراءة وقت صلاة الفجر إلا في الصلاة؛ والأمر على الإيجاب حتى تقوم دلالة الندب، فاقتضى الظاهر جوازها بما قرأ فيها من القرآن؛ وليس في الآية تخصيص لشيء من القرآن دون غيره.

واستدلوا كذلك بقوله تعالى:"فاقرءوا ما تيسر من القرآن" (المزمل:20)، والمراد القراءة في الصلاة؛ بدلالة قوله عز وجل في الآية نفسها:"إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل" إلى قوله:"فاقرءوا ما تيسر من القرآن"(المزمل:20)، ولم تختلف الأمة أن ذلك في شأن الصلاة في الليل.

وعليه فقد قالوا: قوله تعالى:"فاقرءوا ما تيسر من القرآن "عام في صلاة الليل وغيرها من النوافل والفرائض؛ لعموم اللفظ، ويدل على أن المراد به جميع الصلاة من فرض ونفل حديث أبي هريرة ورفاعة بن رافع في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم الأعرابي الصلاة حين لم يحسنها، وفيه:"ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن"(متفق عليه). فلو كانت قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة فرضاً، لعلَّمه الرسول صلى الله عليه وسلم إياها، مع علمه بجهل الرجل بأحكام الصلاة؛ إذ غير جائز الاقتصار في تعليم الجاهل على بعض فروض الصلاة دون بعض، فثبت بذلك أن قراءتها ليس بفرض.

قالوا: وهذا الحديث يدل على جواز الصلاة بغير فاتحة الكتاب من وجهين:

أحدهما: دلالته على أن مراد قوله تعالى: "فاقرءوا ما تيسر من القرآن" عام في جميع الصلوات.

الثاني: أن الحديث مستقل بنفسه في جواز الصلاة بغير الفاتحة، وعلى أن نزول الآية في شأن صلاة الليل، لو لم يؤيده الحديث، لم يمنع لزوم حكمها في غيرها من الفرائض والنوافل من وجهين:

أحدهما:"أنه إذا ثبت ذلك في صلاة الليل، فسائر الصلوات مثلها، بدلالة أن الفرض والنفل لا يختلفان في حكم القراءة، وأن ما جاز في النفل جاز في الفرض مثله، كما لا يختلفان في الركوع والسجود وسائر أركان الصلاة.

والوجه الآخر: أن أحداً لم يفرق بين صلاة الفرض وصلاة النفل، ومَن أوجب فرض قراءة فاتحة الكتاب في أحدهما، أوجبها في الآخر، ومن أسقط فرضها في أحدهما، أسقطه في الآخر. ولما ثبت بظاهر الآية جواز النفل بغير الفاتحة، وجب أن يكون كذلك حكم الفرض.

واستدل الحنيفة أيضاً بما روي عن أبي العالية، قال: سألت ابن عباس رضي الله عنه عن القراءة في كل ركعة، قال:"اقرأ منه ما قل، أو كثر، وليس من القرآن شيء قليل". وروي عن الحسن، وإبراهيم، والشعبي أن من نسي قراءة فاتحة الكتاب، وقرأ غيرها لم يضر، وصلاته صحيحة.

وقد أجاب الحنيفة عن حديث:"كل صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج"، بقولهم:(الخداج) الناقصة، وهذا يدل على جوازها مع النقصان؛ لأنها لو لم تكن جائزة، لما أُطلق عليها اسم النقصان؛ لأن إثباتها ناقصة ينفي بطلانها؛ إذ لا يجوز الوصف بالنقصان، لما لم يثبت منه شيء. فثبت بذلك جواز الصلاة بغير فاتحة الكتاب؛ إذ النقصان غير نافٍ للأصل، بل يقتضي ثبوت الأصل حتى يصح وصفها بالنقصان.

وأجابوا عن حديث:"قَسَمْتُ الصلاة بيني وبين عبدي.."أنه ليس فيه ما يفيد الأمر، بل غاية ما فيه الصلاةُ بقراءة فاتحة الكتاب، وذلك غير مقتضٍ للإيجاب؛ لأن الصلاة تشتمل على النوافل والفروض. وقد أفاد قوله صلى الله عليه وسلم:"فهي خداج"صحتها ناقصة مع عدم قراءتها. وذِكْرُ فاتحة الكتاب في الحديث لا يوجب أن تكون قراءتها فرضاً فيها.

وأجابوا أيضاً عن قوله صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب"، بأن الحديث يحتمل نفي الأصل ونفي الكمال، وظاهره نفي الأصل، حتى تقوم الدلالة على أن المراد نفي الكمال. والدليل على أن المراد نفي الكمال لا نفي الأصل قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم وغيره: (غير تمام) الحديث. وأيضاً فإن نفي الأصل فيه إسقاط التخيير في قوله تعالى: "فاقرءوا ما تيسر من القرآن".

ثم قال الحنفية: وعلى فَرَض دلالة الأحاديث على القول بتوقف صحة الصلاة على قراءة الفاتحة، فإن تلك الأحاديث لا تقف أمام عموم قوله تعالى:"فاقرءوا ما تيسر من القرآن".

وحاصل القول:

 إن العلماء متفقون من حيث الجملة على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة  ، وعلى أن صحتها متوقف على قراءتها، سوى الحنفية فإن الصلاة عندهم صحيحة من غير قراءة الفاتحة، بيد أن تاركها عامداً مسيء، وتاركها نسياناً يلزمه سجود سهو.

ودليله قوله سبحانه:"فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ"(المزمل/20). 

 وقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي المسيء لصلاته: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر واقرأ ما تيسر معك من القرآن"(البخاري ومسلم )،

فلم ينص على الفاتحة، ولو كانت من أركان الصلاة لنص عليها، إذ الموضوع موضوع تعليم للأعرابي، ويستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي: "إذا قمت إلى الصلاة..."الفرض والنفل على السواء إذ كلاهما صلاة،

أقوال العلماء في قراءة الفاتحة في الصلاة:"

قال الإمام النووي في المجموع: ففي من ترك الفاتحة ناسياً حتى سلم أو ركع قولان مشهوران، أصحهما باتفاق الأصحاب وهو الجديد: لا تسقط عنه القراءة بل إن تذكر في الركوع وبعده قبل القيام إلى الثانية عاد إلى القيام وقرأ، وإن تذكر بعد قيامه إلى الثانية لغت الأولى، وصارت الثانية هي الأولى، وإن تذكر بعد السلام ـ والفصل قريب ـ لزمه العود إلى الصلاة ويبني على ما فعل فيأتي بركعة أخرى ويسجد للسهو، وإن طال الفصل يلزمه استئناف الصلاة. ولا يجبر سجود السهو وحده نسيان الفاتحة لأنها من أركان الصلاة، والركن لا يسقط بالنسيان ولا يجبر تركه بالسجود.

وقال بعض العلماء المعاصرين :"

إذا نسي الإمام آية من سورة الفاتحة ، ولم يذكر إلا بعد مدة طويلة - فإنه يجب عليه إعادة الصلاة إذا كانت فريضة؛ لأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب "(البخاري).

 أما إن ذكرها قبل طول الفصل، فإنه يأتي بركعة بدل الركعة التي ترك قراءة آية من الفاتحة فيها، ويسجد للسهو،

أما إذا كانت الآية المنسية من غير الفاتحة ، فصلاته صحيحة ، ولا شيء عليه ولا على من خلفه في ذلك ، لأن قراءة ما زاد على الفاتحة مستحب وليس بواجب " أهـ .

حُكمُ صلاةِ العاجزِ عن قراءةِ الفاتحةِ

إذا لم يستطِعِ الأُمِّيُّ  والأعجمي قراءةَ الفاتحةِ، فصلاتُه صحيحةٌ، إذا لم يَقدِرْ على تعلُّمِها.

الدَّليلُ مِنَ الإِجْماع:

نقَل الإجماعَ على ذلك: ابنُ تيميَّةَ قال :"وأيضًا فالأُمِّي تصحُّ صلاته بلا قراءة باتِّفاق العلماء"(مجموع الفتاوى23/75).

الفَرْعُ الثَّاني: ما يَفعَلُ مَن عجَزَ عن قراءةِ الفاتحةِ

مَن عجَز عن قِراءةِ الفاتحةِ فعليه قراءةُ سبعِ آياتٍ مِن غيرِها إن أحسَنها، فإن عجَز أتى بأيِّ ذِكرٍ، وهذا مذهبُ الشافعيَّةِ، والحنابلةِ، 

الأدلَّة:

أوَّلًا: من السُّنَّة

عن رِفاعةَ بنِ رافعٍ رضيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "إذا قُمتَ إلى الصَّلاةِ فتوضَّأْ كما أمَرَك اللهُ، ثم قُمْ فاستقبِلِ القِبلةَ، ثم كبِّرْ، فإن كان معك قرآنٌ فاقرَأْه، وإن لم يكُنْ معك قرآنٌ، فاحمَدِ اللهَ وهلِّلْه وكبِّرْه، فإذا ركَعْتَ فاركَعْ حتَّى تطمئِنَّ، ثم ارفَعْ رأسَكَ فاعتدِلْ قائمًا، ثم اسجُدْ فاعتدِلْ ساجدًا، ثم ارفَعْ رأسَك فاعتدِلْ قاعدًا، حتَّى تقضيَ صلاتَكَ، فإذا فعَلتَ ذلك فقد تمَّتْ صلاتُكَ، وإن انتقَصْتَ مِن ذلك شيئًا فإنَّما انتقَصْتَ مِن صلاتِكَ "(أبوداود والترمذي والنسائي).

ثانيًا: ولأنَّه ركنٌ مِن أركانِ الصَّلاةِ، فجاز أن يُنتقَلَ فيه عند العجزِ إلى بدلٍ؛ كالقيامِ"(المجموع للنوي).

 كان كذلك لم تبطل صلاته .

وقال الخطابي وغيره:" الأصل أن الصلاة لا تجزئ إلا بقراءة الفاتحة، فإن كان المصلي لا يحسنها، ويحسن سبع آيات غيرها من القرآن كان عليه أن يقرأها، وإن كان غير عربي ولم يحفظ شيئًا من القرآن كان له أن يذكر الله تعالى قدر الفاتحة بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير .

عن رفاعة بن رافع رضى الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم علم رجلًا الصلاة، فقال : «إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمده وكبره وهلله ثم اركع"(أبوداود والترمذي وغيرهما).

هل يقرأ المأموم الفاتحة ؟

قال بعض  العلماء على أن قراءة الفاتحة تسقط عن المأموم إذا أدرك الإمام حال ركوعه ، أما إذا أدركه قائمًا قبل الركوع، فهل تكفيه قراءة الإمام للفاتحة أم لابد له من قراءتها ؟

(أ) ذهب الشافعي وأحمد إلى وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام، سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية، وأن صلاته لا تصح بدونها، مستدلًا بحديث عبادة بن الصامت السابق: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» .

(ب) وذهب مالك إلى أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام في الصلاة السرية دون الجهرية، وإن تركها في الصلاة السرية فقد أساء ولا شيء عليه، واستدل بالحديث السابق، ويمنع القراءة في الصلاة الجهرية؛ لوجوب الاستماع إلى الإمام وهو يقرأ، لقوله تعالى : "وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"(الأعراف: 204) .

(ج) وذهب أبو حنيفة إلى أن المأموم لا يقرأ شيئًا في الصلاة السرية، ولا في الصلاة الجهرية أخذًا من الآية السابقة، ولحديث جابر: «من كان له إمام فقراءة الإمام قراءة له"(صحيح الجامع) .

ولحديث أبي هريرة : «إنما جُعل الإمام ليؤتم به؛ فإذا كبر كبروا، وإذا قرأ فأنصتوا"( البخاري ومسلم) .

وما عليه الجمهور من أن على المأموم أن يقرأ الفاتحة في الصلاة السرية والجهرية معًا هو الذي يُجمع به بين الأدلة خروجًا من الخلاف .

google-playkhamsatmostaqltradent