
هل يجوز لأحد كائن من كان أن يقسم على الله ؟
معني الإقسام؟
والإقسام على الله نوعان
أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله
النوع الثاني :من الإقسام على الله الحامل الغروروالتكبر
الحمد لله
والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فهل يجوز لأحد أن يقسم علي الله ؟
معني الإقسام؟
ونقول :" الأقسام على الله أن يقول الإنسان والله لا يكون كذا، كذا ، أو والله لا يفعل الله
كذا وكذا ..
والإقسام
على الله نوعان :
أحدهما : أن يكون الحامل عليه قوة ثقة المقسم بالله – عز وجل- وقوة إيمانه به مع
اعترافه بضعفه وعدم إلزامه الله بشيء فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم :
":"رُبَّ أَشْعَثَ أغبرَ مَدْفُوعٍ بالأبواب لو أَقسم على الله لَأَبَرَّهُ "(مسلم).
ودليل آخر واقعي وهو حديث أنس بن النضر حينما كسرت أخته الربيع سنّا لجارية من
الأنصار عن أنس : أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ ، وَطَلَبُوا العَفْوَ ، فَأَبَوْا ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ : أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ ، لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا ، فَقَالَ : "يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ " ، فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ"(البخاري ومسلم).
فهذا النوع من الأقسام لا بأس به .
النوع الثاني : من الإقسام على الله
ما كان الحامل عليه الغرور والإعجاب بالنفس وأنه يستحق على الله كذا وكذا ، فهذا
والعياذ بالله محرم ، وقد يكون محبطاً للعمل ،
ودليل ذلك :"أن رجلاً كان عابداً وكان يمر بشخص عاص لله ، وكلما مر به نهاه فلم
ينته، فقال ذات يوم والله لا يغفر الله لفلان – نسأل الله العافية – فهذا تحجر رحمه الله ؛
لأنه مغرور بنفسه فقال الله – عز وجل " من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد
غفرت له وأحبطت عملك " قال أبو هريرة : "تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته"
(أبوداود).
ومن هذا نأخذ أن من أضر ما يكون على الإنسان اللسان
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل – رضي الله عنه:قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أخبِرْني بعملٍ يُدخِلُني الجنَّةَ، ويباعدني منَ النَّارِ، قال: لقد سألتَ عن عظيمٍ، وإنَّهُ ليسيرٌ علَى من يسَّرَه اللهُ عليه، تعبدُ اللهَ ولا تشرِكُ بِه شيئًا، وتقيمُ الصَّلاةَ، وتؤتي الزَّكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحجُّ البيتَ، ثمَّ قالَ: ألا أدلُّكَ علَى أبوابِ الخيرِ؟ الصَّومُ جُنَّةٌ، والصَّدَقةُ تطفئُ الخطيئةَ، كَما يطفئُ الماءُ النَّارَ،وصلاةُ الرَّجلِ في جوفِ اللَّيلِ، ثمَّ تلا:"تَتَجَافَى جُنُوبُهُم عَنِ الْمَضَاجِعِ" حتَّى بَلغَ: يَعمَلونَ" ثمَّ قال: ألا أُخبِرُك بِرأسِ الأمرِ ، وعمودِه، وذِروَةِ سَنامِه؟ قلت: بلَى، يا رسولَ اللهِ، قال: رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصَّلاةُ، وذِروةُ سَنامِهِ الجِهادُ، ثمَّ قال: ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟ قلتُ: بلَى، يا نبيَّ اللهِ، فأخذَ بلسانِهِ، وقال: كُفَّ عليكَ هذا، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِعلَى وجوهِهِم، أوعلَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم"(الترمذي).
وعليه :" لا يجوز الإقسام على الله تعالى بقوله : أقسمت عليك يا رب أن تنزل
المطر، أو تهزم اليهود ، أو تغني فلانا ، أو تعطيه كذا ، أو تحقق لي ما أطلبه في هذا المكان ،
ونحو ذلك ، فإن معناها أن العبد يلزم ربه ويفرض عليه ، والله تعالى هو الذي يتصرف
في العباد ، وليس العبد أهلا أن يأمر ربه بأمر على وجه الإلزام ، بل إن ذلك منقص
للتوحيد ، او مما ينافي كماله أو أصله حسب النية ، وأما ما روي عن بعض السلف
من الإقسام على الله فلعل ذلك من باب الدعاء ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " إن
من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره "(البخاري).
فهذا على وجه الفرض ، يعني أن الله تعالى يجيب دعوته مع العلم أنه لا يجرأ أن يقسم
على ربه.
والخلاصة :" فإن كان المرء يعرف من نفسه الصلاح والاستقامة، فلا مانع من أن
يقسم على الله في أمور الخير، لا في أمور الشر، وقد عرف مثل ذلك عن البراء بن
مالك رضي الله عنه. روى الحاكم في المستدرك من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله علي وسلم قال: كم من ضعيف متضعف ذي طمرين لو أقسم
على الله لأبر قسمه، منهم البراء بن مالك. فإن البراء لقي زحفًا من المشركين، وقد
أوجع المشركون في المسلمين، فقالوا: يا براء إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إنك لو أقسمت على الله لأبرك، فأقسم على ربك. فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا
أكتافهم. ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين، فقالوا له: يا براء أقسم
على ربك. فقال: أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم، وألحقنا بنبيك صلى الله عليه
وسلم، فمنحوا
أكتافهم وقتل البراء شهيد. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
وأما أمور الشر فلا يجوز القسم على الله أن يفعلها، فقد حبط عمل رجل سابق لأنه
أقسم أن لا يغفر الله لآخر؛ كما جاء في الحديث. أخرج الإمام مسلم من حديث جندب
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: حدث أن رجلاً قال: والله لا يغفر
الله لفلان، وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت
لفلان وأحبطت عملك.
والله أعلم.