recent
أخبار عاجلة

من سنن الله الكونية سنة الخلق والموت والبعث

 


من سنن الله الكونية سنة الخلق والموت والبعث 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وبعد

فياعباد الله :" سنن الله الكونية حتمية النفاذ من سنن الله الكونية حتمية النفاذ أي لا

 اختيار لأحد فيهابل هى طلاقة قدرة لله..


الخلق والموت والبعث

فكل الناس يموتون، لا يوجد شخص يستطيع أن يشذ عن هذه القاعدة.

وقد جاءت هذه الحقائق الثلاث كلها متتابعة في كتاب الله عز وجل، في سورة المؤمنون

 الخلق والموت والبعث حيث يقول ربنا جل وعلا :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ

 طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ  ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا

 الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  ثُمَّ

 إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ  ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ"(المؤمنون/ 12-16) .

َالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ-قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولَ الله صلي الله عليه وسلم  ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: "إِنَّ أَحَدَكُمْ ليُجمع خَلقُه فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُرْسِلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: رِزْقِهِ، وَأَجَلِهِ، وَعَمَلِهِ، وَهَلْ هُوَ شَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ الرَّجُلَ  لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيُخْتَمُ لَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا".

أَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ سليمانَ بْنِ مِهْرَان الْأَعْمَشِ(أحمد والبخاري ومسلم) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَان، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَة قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -يَعْنِي: ابْنَ مَسْعُودٍ-إِنَّ النُّطْفَةَ إِذَا وَقَعَتْ فِي الرَّحِمِ، طَارَتْ فِي كُلِّ شَعْرٍ وَظُفْرٍ، فَتَمْكُثُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَتَحَدَّرُ فِي الرَّحِمِ فَتَكُونُ عَلَقَةً.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو كُدَيْنة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: مَرَّ يَهُودِيٌّ برَسُولَ الله صلي الله عليه وسلم  وَهُوَ يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: يَا يَهُودِيُّ، إِنَّ هَذَا يَزعمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ. فَقَالَ: لَأَسْأَلَنَّهُ عَنْ شَيْءٍ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا نَبِيٌّ. قَالَ: فَجَاءَهُ حَتَّى جَلَسَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مِمَّ يُخْلَقُ الإنسان؟ فقال: "يا يهودي، من كلٍّ يُخْلَقُ، مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ وَمِنْ نُطْفَةِ الْمَرْأَةِ، فَأَمَّا نُطْفَةُ الرَّجُلِ فَنُطْفَةٌ غَلِيظَةٌ مِنْهَا الْعَظْمُ والعَصَب، وَأَمَّا نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ فَنُطْفَةٌ رَقِيقَةٌ مِنْهَا اللَّحْمُ وَالدَّمُ" فَقَامَ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ يَقُولُ مَنْ قَبْلَكَ.(أحمد )

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الطُّفَيْل، حُذَيْفَة بْنِ أُسَيْد الْغِفَارِيِّ قَالَ: سمعتُ رَسُولَ الله صلي الله عليه وسلم  يَقُولُ: "يَدْخُلُ المَلك عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَ مَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، مَاذَا؟ أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ؟ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقُولُ اللَّهُ، فَيَكْتُبَانِ  . فَيَقُولَانِ: مَاذَا؟ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَكْتُبَانِ ويُكْتَبُ عَمَلُهُ، وَأَثَرُهُ، وَمُصِيبَتُهُ، وَرِزْقُهُ، ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ، فَلَا يُزاد عَلَى مَا فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ"(أحمدومسلم).

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "إِنَّ اللَّهَ وَكَّلَ بِالرَّحِمِ مَلكًا فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، نُطْفَةٌ. أيْ رَبِّ، عَلَقَةٌ  أَيْ رَبِّ، مُضْغَةٌ. فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ خَلْقَهَا قَالَ: يَا رب، ذكر أو أنثى؟ شقي أو سعيد؟ فَمَا الرِّزْقُ وَالْأَجَلُ؟ " قَالَ: "فَذَلِكَ يُكْتَبُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ"(البخاري).

أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِهِ .

وَقَوْلُهُ:"فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ" يَعْنِي: حِينَ ذَكَرَ قُدْرَتَهُ وَلُطْفَهُ فِي خَلْقِ هَذِهِ النُّطْفَةِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَشَكْلٍ إِلَى شَكْلٍ، حَتَّى تَصَوَّرَتْ إِلَى مَا صَارَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِنْسَانِ السَّوِيّ الْكَامِلِ الْخَلْقِ، قَالَ: "فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ -يَعْنِي: ابْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: وَافَقْتُ رَبِّي وَوَافَقَنِي فِي أَرْبَعٍ: نَزَلَتْ هذه الآية:"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ" الْآيَةَ، قُلْتُ  أَنَا: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. فَنَزَلَتْ:"فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ"

وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَان، عَنْ جَابِرٍ الجُعْفِي، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: أَمْلَى عليَّ رسولُ اللَّهِ هَذِهِ الآية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ إِلَى قَوْلِهِ:"خَلْقًا آخَرَ"، فَقَالَ مُعَاذٌ: ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ ، فَضَحِكَ رَسُولُالله صلي الله عليه وسلم . فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: مِمَّ ضَحِكْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "بِهَا خُتِمَتْ ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾(الطبراني) .

جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الجُعْفِي ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي خَبَرِهِ هَذَا نَكَارة شَديدة، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّمَا كَتَبَ الْوَحْيَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَذَلِكَ  إِسْلَامُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَيْضًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾ يَعْنِي: بَعْدَ هَذِهِ النَّشْأَةِ الْأُولَى مِنَ الْعَدَمِ تَصيرون إِلَى الْمَوْتِ، "ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ" يَعْنِي: النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ، ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ"(الْعَنْكَبُوتِ:٢٠) يَعْنِي: يَوْمَ الْمَعَادِ، وَقِيَامَ الْأَرْوَاحِ وَالْأَجْسَادِ، فَيُحَاسِبُ الْخَلَائِقَ، وَيُوَفِّي كُلَّ عَامِلٍ عَمَلَهُ، إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ، وَإِنَّ شَرًّا فَشَرٌّ.


هذه الحقائق هي:"


أولاً: حقيقة الخلق

خلق الله لك أيها الإنسان :"أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ"(الاعراف/54).

 الحقيقة الأولى:" نحن الآن نعيشها وهي الخلق.

سبحان الله! لماذا يخلقك الله هذا الخلق العجيب ثم تموت؟ لابد من وجود حكمة، هل يعقل

 أن الله يخلقك هذا الخلق، وتتعب أمك في حملك ووضعك وتربيتك، ثم أنت تتعب في

 معاناة الحياة ومصارعة الدنيا لكسب العيش، ومقابلة المشاكل، والصبر على الأمراض

 والمصائب من أجل أن تموت؟! لا.

لاشك أن هناك حكمة، لا بد أن الله خلقك لشيء، ما هو هذا الشيء؟ هو الذي أخبر الله

 به في كتابه، وهو العبادة:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"(الذاريات:56).


ثانياً: حقيقة الموت

نحن الآن قد حجزنا لها، وأكدنا الحجز؛ لأن الناس ثلاثة أصناف: - صنف سافروا. -

 وصنف حجزوا.- وصنف في الانتظار.

فالذين سافروا هم الذين ماتوا، والذين حجزوا هم الأحياء، وكل شخص رحلته معلومة،

 والذين في الانتظار هم الذين لم يأتوا بعد، فإذا وصلوا حجز لهم.

فمنذ أن كان الإنسان في بطن أمه حجز له متى يسافر إلى الآخرة.

قال عز وجل:"ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ"(المؤمنون/15).

 بعد حقيقة الخلق جاءت مباشرة حقيقة الموت، وهذه لا مراء فيها ولا جدالاً، ولا يوجد

 أحد يماري فيها؛ لأن الذي يماري نقول له: إذاً اصبر قليلاً، فأنت الآن لا تصدق

 بالموت، ولكن اصبر وستموت كما مات أبوك، وجدك، والبشر من قبلك، مذ آدم عليه

 السلام، يقول الشاعر:

سر إن استطعت في السماء رويداً *** لا اختيالاً على رفات العباد

خفف الوطء ما أظن أديم الأرض إلا ***مــــــــن هـذه الأجســــاد

صاح هذي قبورنا تملأ الرحب فأين القبور من عهد عاد؟

اعلم أن كل باك سوف يبكى، وكل ناع سوف يُنعى، كل موجود فسيفنى، وكل مذكور

 فسينسى، ليس غير الله يبقى، من علا فالله أعلى.

قال تعالى:"قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ

 وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ"(الجمعة:8).

فحقيقة الموت مرة نعيشها ونستقبلها، ولكن ليس الموت هو المهم، يقول خبيب بن عدي:

وما بي حذار الموت إني لميتٌ ولكن حذاري جحم نار تلفع

والآخر يقول:

ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت راحة كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا ونسأل بعــده عن كل شيء

والآخر يقول:

الإنسان يتعب طيلة حياته ويجمع ويبني، فإذا تزينت له من كل جانب، فكثرت الأموال،

 وزادت العمارات، وكثر الأولاد، وأصبح منعماً، جاءه الموت فأفسد عليه تلك الحال.

لذلك يجب علي الإنسان أن يستعد لهذا اليوم  فقد روي عن أبي ذر الغفاري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ, قال: "أوصاني خليلي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأربع كلمات هن إليّ أحب من الدنيا وما فيها .... قال لي: يا أباذر:"أحكم السفينة فإنّ البحر عميق , واستكثر الزاد فإنّ السفر طويل , وخفف ظهرك فإنّ العقبة كؤود , وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير "(رواه الإمام المقدسي).

 وفي رواية  يا أبا ذر:"جدد السفينة فإنّ البحر عميق، وخَفِّف الحمل فإنّ السفر بعيد، واحمل الزاد فإنّ العقبة طويلة، وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير"(الفردوس: الديلمي 5/ 339 (8368)،


ثالثاً: حقيقة البعث.

ومادام أن قاعدة الخلق جرت على الناس كلهم، وهى من سنن الله وقاعدة الموت جرت

 على الموتى كلهم، وهى أيضا من سنن الله في كل حي إذن تبقى الثالثة، وهي قاعدة

 البعث، ستجري على الناس كلهم، قال الْقُسَّ بْنَ سَاعِدَةَ الْإِيَادِيَّ لتموتن كما تنامون

 ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء

 سوءا ، وإنها لَلْجَنة أبدا أو النار أبدا ".

جاءت الحقيقة الثالثة، وهي الأخيرة من حقائق هذه الحياة، والتي بعدها ينقسم الناس

 إلى فريقين فريق في الجنة وفريق في السعير، قال عز وجل:" ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

 تُبْعَثُونَ"(المؤمنون/16). 

 الخلق تم، ثم حصل الموت، ثم جاء البعث، وبعد البعث يأتي  الحساب، حساب ونقاش

 ومؤاخذات وسؤال، ومن ينجح فاز، ومن يسقط خسر، والمنهج واضح، وهو الكتاب

 والسنة، والمصدق له الجنة، والمكذب والمتساهل والكافر والفاجر -والعياذ بالله- له

 النار قال تعالى: "وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (الشعراء/227).

هذه السنن تجري على الناس من غير اختيار قال تعالي :"سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ

 رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا"(الاسراء/77).

هل هناك أحد أُخذ رأيه حينما خلق فقيل له: أتريد أن تخلق أم لا؟ لا.

تخلق من غير أن يؤخذ برأيك، وهل من أحد يؤخذ برأيه عند الموت أتريد أن تموت أم

 لا؟ لا.

وهل من أحد سيؤخذ رأيه عند البعث: أتريد أن تبعث أم لا؟ لا.

فهي سنن ربانية كونية جارية ولو أن شخصاً استطاع أن يخرج عن هذه السنن، وأراد

 الله له الخلق، فقال: أنا لا أريد أن أخلق، أو أراد الله له خلقاً فخلقه، ولما أراد الله له أن

 يموت قال: أنا لا أريد أن أموت، كيف أموت وأنا ملك، وكل شيء عندي؟ هل صنع أحد

 هذا من نبي أو قوي، أو تاجر وثري؟ لا.


يا صاحب العضلات! يا صاحب العقل! كنت يوماً من الأيام هذه النطفة.


ولهذا لما مر المهلب بن أبي صفرة على الحسن البصري، وكان يمشي متبختراً متكبراً،

 وهو قائد من قواد الجيوش، فقال له الحسن:"إن هذه مشية يبغضها الله، قال: أما

 تدري من أنا؟ -تقول لي هذا الكلام وما تدري من أنا؟


 قال: بلى أعرفك، أنت الطين، أنت الماء المهين، أنت من خرجت من موضع البول

 مرتين، الأولى من ذكر أبيك، والثانية من رحم أمك، أولك نطفة مذرة، ونهايتك جيفة

 قذرة، وفي بطنك وثناياك تحمل االعذرة!".

google-playkhamsatmostaqltradent