recent
أخبار عاجلة

خير الناس للناس أحاسنهم أخلاقاً الدرس الثامن

 



خير الناس للناس أحاسنهم أخلاقاً

الدرس الثامن

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول وبعد فلازلنا نواصل الحديث عن خير الناس

 للناس وخيرهم اليوم  صاحب الأخلاق الفاضلة أحسنهم أخلاقا قال صلي الله عليه

 وسلم:"خِيَارُكُم أحَاسِنُكم أخْلاقَاً"(متفق عليه). 27

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعاً: قال: لم يكن رسول الله

 صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً،وكان يقول:"إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا"

(متفق عليه).

نعم لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم صاحب قول فاحش ولا فعل سيء ولا متعمداً لذلك

 متكلفاً له بل كان ذا خلق عظيم، وأخبر أن أفضل المؤمنين أحسنهم خلقاً لأن حسن

 الخلق يدعو إلى المحاسن وترك المساوئ. 

فخير الناس هو من  ابتعد عن الكلام السيء والفعل القبيح.

لعلمه أنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لم يكُنْ فاحشًا ولا مُتفحِّشًا، فلم يكُنْ ناطقًا بالفُحشِ

 ولا مُتكلِّفًا فيه، فلم يكُنِ الفُحشُ خُلقًا أصيلًا فيه ولا مُكتَسبًا، والفُحشُ: زِيادةُ الشَّيءِ

 على المألوفِ مِن مِقْدارِه. والمُتفحِّشُ: الَّذي يَتكلَّفُ ذلك ويَتعمَّدُه؛ لفَسادِ حالِه، وقد

 يكونُ المُتفحِّشُ الَّذي يَأْتي الفاحشةَ، فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا يَصدُرُ منه الكَلامُ

 القَبيحُ طَبعًا، ولا تَطبُّعًا، ولا مُجاراةً لغَيرِه، فلا يَستفِزُّه السُّفهاءُ فيُجاريَهم في سفَهِهم؛

 لأنَّه أملَكُ النَّاسِ لغَرائزِه وانْفِعالاتِه النَّفْسيَّةِ، فإذا تجرَّأَ عليه سَفيهٌ بالشَّتيمةِ لا يرُدُّ عليه

 بمِثلِها امتِثالًا لأمرِ ربِّه الَّذي أدَّبَه بقَولِه:"وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"(الأعراف: 199).

تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلقه فلم يصدر عنه إلا العمل الصالح والقول

 الطيب.

قال  تعالَى عن نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:"وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظيمٍ"(القلم: 4).

فهو أكمَلُ النَّاسِ أخْلاقًا؛ فقدْ أدَّبَه رَبُّه فأحسَنَ تَأْديبَه.

حسن الخلق ميدان للتنافس بين المؤمنين فمن سبق فيه كان من خيار المؤمنين

 وأكملهم إيماناُ.

وفي رواية:"خيرُكم إسلامًا أحاسنُكم أخلاقًا إذا فقُهوا"(صحيح).

وخير الناس صاحب الخلق الرفيع علم أنه بعلو أخلاقه سيكون قريباً من الرسول صلي

 الله عليه وسلم فقد قال :" إنَّ أحبَّكُمْ إليَّ وأقرَبَكُمْ مِنِّي يومَ القيامةِ أحاسِنُكُمْ أخلاقًا، وإنَّ

 أبغضَكُمْ إليَّ وأبعَدَكُمْ مِنِّي مَسَاوِئُكُمْ أخلاقًا، الثَّرْثارُونَ المُتشدِّقونَ المُتفيهِقونَ"(ابن حبان).

وفي رواية :"إنَّ أحبَّكم إليَّ أحاسنُكم أخلاقًا المُوطَّؤونَ أكنافًا الَّذينَ يألَفونَ ويُؤلَفونَ وإنَّ

 أبغضَكم إليَّ المشَّاؤونَ بالنَّميمةِ المُفرِّقونَ بينَ الأحبَّةِ المُلتَمِسونَ للبُرآءِ العيبَ"(مجمع

 الزوائد).

وكان صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقولُ:"إنَّ مِن خِيارِكم أحسَنَكم أخْلاقًا"، يَعني: أفضَلُكم هو

 أحسَنُكم خُلُقًا. وحُسنُ الخُلقِ هو صِفةُ أنْبياءِ اللهِ تعالَى وأوْليائِه، وحَقيقةُ حُسنِ الخُلقِ

 بَذلُ المَعروفِ وكفُّ الأذى، وطَلاقةُ الوَجهِ، ومُخالَطةُ النَّاسِ بالجَميلِ والبِشرُ، والتَّودُّدُ

 لهم، والإشْفاقُ عليهم، واحتِمالُهم، والحِلمُ عنهم، والصَّبرُ عليهم في المَكارِهِ، وتَركُ

 الكِبرِ والاستِطالةِ عليهم، ومُجانَبةُ الغِلْظةِ، والغَضبِ، والمؤاخَذةِ.

وفي الحَديثِ: الحثُّ على حُسنِ الخُلقِ.

وفيه: بَيانُ كَمالِ خُلقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

وفيه: بَيانُ فَضيلةِ صاحِبِ الخُلقِ الحَسنِ.

الفحش هو ما عظم قبحه من القول والفعل، "لم يكن فاحشاً": يعني لم يكن ذلك سجية

 وخلقاً وعادةً له صلي الله عليه وسلم  حاشاه من ذلك، لم يكن ذلك من أخلاقه وسجاياه

 وما جبل عليه، والمتفحش هو الذي يتكلف التفحش، يعني من الناس من يكون طبعه

 الفحش، يتكلم بالفحش، وهذا الذي يصدر منه، ويُستغرب منه خلاف ذلك، والناس لا

 يستطيعون مقاربته ولا معاملته ولا مخاصمته ولا محاورته؛ لأنه فاحش ما تدري ما

 يأتيك منه، يرسل لسانه في الكلام القبيح ورمي الناس وقذفهم والوقيعة بهم بكبار

 القول من الفحش والمنكر.

"ولا متفحشاً" لم يكن يتصنع ذلك ويتكلفه، فالنبي  صلي الله عليه وسلم لم يكن فاحشاً

 ولا متفحشاً، وكان يقول:" إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً، يعني هذا على سبيل العموم،

 خيار المسلمين أحسنهم أخلاقاً، ولا غرابة، وستأتي الأحاديث التي تدل على أن الإنسان

 يبلغ بحسن الخلق درجة الصائم الذي لا يفطر والقائم الذي لا يفتر، والله أعلم.

و خير الناس صاحب الخلق الحسن علم أنه مامن شيء أثقل في ميزانه من حسن خلق

 لقوله صلي الله عليه وسلم :"مَا مِنْ شَيءٍ أَثْقَلُ في ميزَانِ المُؤمِنِ يَومَ القِيامة مِنْ

 حُسْنِ الخُلُقِ، وإِنَّ اللَّه يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيَّ "(الترمذي).

 و سُئِلَ رسولُ الله صلي الله عليه وسلم عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الجَنَّةَ، قَالَ: تَقْوى اللَّهِ،

 وَحُسْنُ الخُلُق، وَسُئِلَ عَنْ أَكثرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ، فَقَالَ: الفَمُ وَالفَرْجُ "(الترمذي).

قَالَ رسولُ الله صلي الله عليه وسلم : أَكْمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُم خُلُقًا، وخِيارُكُم

 خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهمْ"(الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ).

وعن عائشةَ رضيَ اللَّه عنها قالت: سَمِعتُ رسولَ يقول:"إِنَّ المُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِه

 درَجةَ الصَّائمِ القَائمِ "(أَبُو داود).

فهذه الأحاديث وغيرها كلها تدل على فضل حُسن الخلق، كالتي قبلها، ففيها الدلالة على

 أنه ينبغي للمؤمن أن يُحسن خلقه، وأن يجتهد في ذلك، ويُعالج أمره؛ حتى يكون حَسَن

 الخلق مع إخوانه، طيبَ الكلام، طيبَ البِشْر مع إخوانه.

ولهذا قال في هذا الحديث:"ما من شيءٍ أثقل في الميزان من حُسن الخلق، وإنَّ الله يُبغض الفاحشَ البذي، ويقول  صلي الله عليه وسلم أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا، وخياركم خياركم لنسائهم،

ويقول صلي الله عليه وسلم:" إنَّكم لن تسعوا الناسَ بأموالكم، ولكن يسعهم منكم بسطُ

 الوجه، وحُسن الخلق، ويقول أنَّ الإنسان بخُلقه الحسن يبلغ درجةَ الصَّائم القائم.

وخير الناس علم أن ذلك يحتاج الي مجاهدة  فجاهد نفسه وصبر  وصبرٍ، كما قال

 تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"(العنكبوت:69)، وقال تعالى: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ

 حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ"(محمد:31)،

فالأخلاق الفاضلة والأعمال الصَّالحة كلها تحتاج إلى صبرٍ وجهادٍ وعنايةٍ، كما قال الله

 جلَّ وعلا: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا

 بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"(العصر)، 

وقال جلَّ وعلا:"سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ .. الآية "(الحديد:21)، 

وقال تعالى: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ .. الآية (آل عمران:133).

فالمقام يحتاج إلى عنايةٍ ومسارعةٍ ومسابقةٍ وجهادٍ للنفس: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا

 لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا"(العنكبوت/69)، 

:"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ "(محمد/31).

فحُسن الخلق له منزلةٌ عظيمةٌ، وكفي أن خير الناس حبيب للرسول وقريب من مجلسه

 يوم القيامة :"إنَّ أحبّكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة:أحاسنكم أخلاقًا".

نسأل الله أن يُوفّقنا جميعاً لما يحب ويرضي .

وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه

 

google-playkhamsatmostaqltradent