recent
أخبار عاجلة

خير الناس أَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ الدرس الرابع

  


خير الناس أَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ

الدرس الرابع

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد

فحديثنا إليكم اليوم عن خير الناس للناس "أنهاهم عن المنكر" وقد تحدثنا من قبل عن الأمر بالمعروف أما النهي عن المنكر هو أمر أصعب من الأمر بالمعروف فقد يأمر العبد بالمعروف وهو كل ماتعارف عليه الشرع ويترك النهي عن المنكر  ويتنصل من أخص وصف لهذه الأمة، ويتشبه بأهل الكتاب الذين ذمهم الله سبحانه وتعالى لتركهم النهي عن المنكرقال تعالي:" كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ"(المائدة/79).

وقدأخبر الرسول عن زمن سيتوقف فيه النهي عن المنكر وتزول فيه الخيرية عن

 الناس فعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"كيف بكم إذا

 طغى نساؤكم وفسق شبابكم وتركتم جهادكم ؟ قالوا : وإن ذلك لكائن يا رسول الله ؟ قال

 : نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه يا رسول الله ؟ قال :

 كيف أنتم إذا لم تأمروا بمعروف ولم تنهوا عن منكر ؟ قالوا : وكائن ذلك يا رسول الله

 ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون ، قالوا : وما أشد منه ؟ قال : كيف

 أنتم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفا ؟ قالوا : وكائن ذلك يا رسول الله ؟ قال :

 نعم والذي نفسي بيده وأشد منه سيكون ، قالوا وما أشد منه ؟ والذي نفسي بيده وأشد

 منه سيكون ، يقول الله تعالى :"بي حلفت لأتيحن لهم فتنة يصير الحليم فيها حيران"

(أبويعلي والطبراني وضعفه العراقي).وإن كان سنده ضعيف فلفظه صحيح ..

وقال صلى الله عليه وسلم:"من رأى منكم منكراً فليُغيِّره بيده، فإلم يستطع فبلسانه، فإلم

 يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"(مسلم).

قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من

 رأى منكم منكرا وهذا خطاب للجميع، يشمل الرجال والنساء، والصغار والكبار، وكل

 من يدخل تحت خطاب: مَن ومنكم، والمنكر ما قبُح لذاته، ويعرف بأمرين: نهي الشرع

 ودلالة العقل، ولكن لا يترتب الإثم عليه إلا بخطاب الشرع، والمعروف بضد ذلك، وليس

 الأمر للهوى والتشهي، ثم بيّن صلى الله عليه وسلم درجات تغيير المنكر بحسب

 إمكانات المغيِّر، فبدأ بالمرتبة الأولى فقال: بيده، والتغيير باليد لمن له سلطة، أو لمن

 له قدرة إذا كان بالحكمة، ولم يترتب على تغييره منكر مثله أو أكبر منه، فإلم يستطع

 أن يغيره بيده فبلسانه، واللسان يكون بالأسلوب المناسب بالطريقة التي لا تثير، ولا

 يترتب عليها منكر أعظم، فإلم يستطع تغييرها بلسانه فليغيرها بقلبه، أي إذا خشي من

 الضرر إذا نطق بالإنكار فينكر بقلبه، ويكره ويبغض ذلك المنكر، ويلزم منه مفارقة

 مكان المنكر إذا استطاع، وذلك أضعف الإيمان، أي أن هذا أقل المراتب لهذه الشعيرة

 من شعائر الإيمان؛ لأن هذا أقل ما يمكن أن يؤدى

أما النهي عن المنكر وهو كل ما أنكره الشرع قال تعالي:"وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ" أى كل

 قول أو فعل قبيح تستنكره الشرائع ويأباه أهل الإيمان القويم، والعقل السليم. قد

 يستصعبه الكثير لما يسبب له ضرر بالغ  فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا

 يكون إلا في حالات خاصة:

ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون سائغاً عندما تكثر المنكرات وتعم، ويكون

 الأمر والنهي وقتها غير نافع، فحينئذ لا يضر ضلال الضالين، كما في سنن الترمذي

 من حديث أبي أمية الشعباني قال: أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له: كيف تصنع في هذه

 الآية؟ قال: أية آية؟ قلت: قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ

 مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ"(المائدة: 105).

 قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

 :"بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً، وهوى متبعاً،

 ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فعليك بخاصة نفسك، ودع العوام، فإن من

 ورائكم أياماً، الصابر فيهن مثل القابض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين

 رجلاً يعملون كعملكم" قال عبد الله بن المبارك: وزاد غير عتبة، قيل: يا رسول الله،

 أجر خمسين رجلاً منا أو منهم؟ قال:"بل أجر خمسين منكم"(الترمذي).

كما سأل رجلٌ ابن مسعود رضي الله عنه عن قول الله :"عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ

 ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ "(المائدة: 105).  فقال: إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة،

 ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها، تأمرون فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال: فلا يقبل منكم،

 فحينئذ عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل"(أبوداود).

وقال القرطبي: يجوز أن يكون أريد به الزمان الذي يتعذر فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فينكر بقلبه، ويشتغل بإصلاح نفسه.

وعن قيس بن أبي حازم قال: سمعت أبا بكر يقول وهو يخطب الناس: يا أيها الناس،

 إنكم تقرءون هذه الآية ولا تدرون ما هي؟ :"يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا

 يضركم من ضلّ إذا اهتديتم"، وإني سمعت رسول صلي الله عليه وسلم  يقول:" إن

 الناس إذا رأوا منكرًا فلم يغيِّروه، عمّهم الله بعقاب.(أصحاب السنن الأربعة).

وإذا أردنا الرد على شبهة عليكم أنفسكم ولم يعد خير في الناس فنقول :

1- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يكون على قدر العلم:

صحيح أنه لابد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من العلم بالمأمور به والمنهي عنه،

 حتى يكون الأمر والنهي على بصيرة، ولكن أي درجة من العلم يحتاجها الآمر

 والناهي؟

لا شك أن الناس متفاوتون فيما عندهم من العلم بالله وبدين الله، وكلما كان الإنسان

 أعلم، كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حقه ألزم. ولا يتصور أن مسلماً ليس

 عنده من العلم بالله وبدين الله ولو الشيء اليسير، فكل يكون الأمر بالمعروف والنهي

 عن المنكر في حقه واجباً على قدر ما عنده من العلم.

والعلم المطلوب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتوقف على نوع المأمور به،

 والمنهي عنه، فهناك أمور من المعروف معلومة من الدين بالضرورة، لا تحتاج إلى

 مزيد من العلم حتى يجادل الإنسان ويحاج بها. يقول الإمام النووي:"إنما يأمر وينهى

 من كان عالماً بما يأمر به وينهى عنه، وذلك يختلف باختلاف الشيء، فإن كان من

 الواجبات الظاهرة، والمحرمات المشهورة، كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها،

 فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال، ومما يتعلق بالاجتهاد،

 لم يكن للعوام مدخل فيه، ولا لهم إنكاره، بل ذلك للعلماء"فعلى سبيل المثال إذا رأيت

 تارك الصلاة، هل يحتاج أمرك له، بأداء الصلاة إلى كثير علم؟ لا، بل يكفي للأمر في

 هذه الحال أن يعرف أن الصلاة من أركان الإسلام، ولا يقوم الإسلام إلا بها.

وكذلك من رأى مسلماً يأكل ويشرب في نهار رمضان من غير عذر، فهذا منكر بين لا

 يحتاج إلى كثير علم، فمن المعلوم لدى كل مسلم أن الصيام من أركان الإسلام، وأن

 الإنسان يجب عليه الإمساك عن الطعام والشراب وجميع المفطرات من طلوع الفجر إلى

 غروب الشمس. وفي هذه الحالة وأمثالها يجب الإنكار ولو لم يكن لديه كثير علم.

وما يحصل في الأسواق من المنكرات من تبرج النساء، والمعاكسات ونحوها، منكر

 ظاهر ومعروف لعامة الناس، فهل إنكار مثل هذه الأمور يحتاج إلى كثير علم؟ معلوم

 أن المرأة المسلمة مأمورة بالتستر والاحتشام، ومخالفة ذلك مخالفة لشرع الله سبحانه

 وتعالى، وارتكاب لمنكر يحتاج إلى إنكار. وغير ذلك الكثير من المنكرات الظاهرة،

 والمعروفة لعامة الناس، فإنكارها واجب على المتعلم وغير المتعلم، وليست قلة العلم

 عذراً في عدم إنكار مثل هذه الأمور.

نعم خير الناس للناس أنهاهم عن المنكر

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم .

google-playkhamsatmostaqltradent