
توعية الداعية من القصص الواهية
قصة أبو دجانة واليهودي
أخي الإمام والخطيب :"
أنت من تبلغ عن الله ورسوله صلي الله عليه وسلم ولابد أن أن تكون حريص كل
الحرص علي عدم قول أو كتابة قصة أورواية مكذوبة علي الله ورسول الله صلي الله
عليه وسلم لأن عظم جريمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرة من
الكبائر , كما قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ تَعَمَّدَ عَلَيَّ كَذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ
النَّار " (متفق عليه). وفي رواية " مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار " .
متفق عليه. وفي رواية أخري " مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَده مِنْ النَّار "
(الْبُخَارِيّ).
وقد كثرت انتشار الأحاديث المكذوبة علي مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة في
المنتديات وصفحات البريد الجماعي أو مايسمى بالكروبات فليحذر الداعية أوغيره من
نقل هذه الأحاديث الموضوعة والمكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
. وليحذروا أن يندرجوا تحت وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه الروايات المكذوبة رواية أبي دجانة، ونخلة اليهودي..
وقبل أن نبين هذه القصة من هو صاحب القصة المفتري عليه ؟
أبو دُجانة سِمَاكُ بن خَرَشَة "المتوفى سنة 12 هـ" صحابي من الأنصار من بني ساعدة
من الخزرج، شهد مع النبي صلي الله عليه وسلم غزوات بدر وأحد وخيبر وحنين، ثم
شهد حروب الردة، وقُتل في معركة اليمامة، وكان من شجعان المسلمين، وكانت له
عصابة حمراء يرتديها تُميّزه في المعارك.(الطبقات الكبري لابن سعد).
وأسلم أبو دجانة، وآخى النبي صلي الله عليه وسلم بينه وبين عتبة بن غزوان. (سير
أعلام النبلاء).
في يوم أحد، عرض النبي صلي الله عليه وسلم سيفه على أصحابه، وقال: "من يأخذ
هذا السيف بحقه؟"، فأحجموا، فقال أبو دجانة:"وما حقه يا رسول الله؟" قال: "تقاتل
به في سبيل الله حتى يفتح الله عليك أو تُقتل". فأخذه أبو دجانة رضي الله عنه، فخرج
يومها أبو دجانة مصلّتًا سيفه وهو يتبختر، وعليه عمامة حمراء قد عصب بها رأسه،
وأخذ يرتجز فيقول:
إني امرؤ عاهدني خليلي
إذ نحن بالسفح لدى النخيل
أن لا أقيم الدهر في الكبول
أضرب
بسيف الله والرسول
فقال النبي صلي الله عليه وسلم: "إنها لمشية يبغضها الله ورسوله إلا في مثل هذا
الموطن"( أسد
الغابة في معرفة الصحابة - أبو دجانة سماك بن خرشة).
وثبت يومها مع النبي صلي الله عليه وسلم ، وبايعه على الموت. وقد امتدح النبي
صلي الله عليه وسلم شجاعة أبي دجانة يومًا فقال:"لقد رأيتني يوم أحد، وما في
الأرض قربي مخلوق غير جبريل عن يميني، وطلحة عن يساري. وكان سيف أبي
دجانة غير دميم". وكان أبو دُجانة رضي الله عنه هو من قتل الحارث بن أبي زينب
فارس اليهود يوم خيبر"(مغازي الواقدي - ج2 ص654 ). كما كان ممن ثبتوا مع النبي صلي
الله عليه وسلم يوم حنين. (المرجع السابق).
بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم ، شارك أبو دجانة في حروب الردة، وكان في
جيش خالد بن الوليد رضي الله عنه الذي توجّه إلى اليمامة. ولما اشتد القتال يوم اليمامة،
وكادت الدائرة تدور على المسلمين، رمى أبو دجانة رضي الله عنه بنفسه إلى داخل الحديقة
التي تحصّن فيها أنصار مسيلمة، فانكسرت رجله، فقاتل وهو مكسور الرجل، وكان ممن شارك
في قتل مسيلمة الكذاب، ثم قُتل يومئذ، وكان لأبي دجانة من الولد خالد أمه آمنة بنت
عمرو بن الأجش البهزية السُلمية.
كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: أبو دجانة، فكان إذا صلى الفجر
خرج مستعجلًا، ولا يصبر حتى يسمع دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له يومًا:
أليس لك إلى الله حاجة؟ فقال: بلى، فقال: فلم لا تقف حتى تسمع الدعاء؟ فقال: لي عذر
-يا رسول الله-، قال: وما عذرك؟ فقال: إن داري ملاصقة لدار رجل، وفي داره نخلة،
وهي مشرفة على داري، فإذا هب الهواء ليلًا، يقع من رطبها في داري، فإذا انتبه
أولادي، وقد مسهم الضر من الجوع، فما وجدوه أكلوه، فأعجل قبل انتباههم، وأجمع
ما وقع، وأحمله إلى دار صاحب النخلة، ولقد رأيت ولدي يومًا قد وضع رطبة في فمه،
فأخرجتها بأصبعي من فيه، وقلت له: يا بني، لا تفضح أباك في الآخرة، فبكى لفرط
جوعه.
فقلت له: لو خرجت نفسك لم أدع الحرام يدخل إلى جوفك، وحملتها مع غيرها إلى
صاحبها.
فدمعت عينا النبي صلى الله عليه وسلم، وسأل عن صاحب النخلة، فقيل له: فلان
المنافق، فاستدعاه، وقال له: بعني تلك النخلة التي في دارك بعشرة من النخل: عروقها
من الزبرجد الأخضر، وساقها من الذهب الأحمر، وقضبانها من اللؤلؤ الأبيض، ومعها
من الحور
العين بعدد ما عليها من الرطب.
فقال له المنافق: ما أنا تاجر أبيع بنسيئة، لا أبيع إلا نقدًا لا وعدًا، فوثب أبو بكر
الصديق -رضي الله تعالى عنه- وقال: هي بعشرة من النخيل في الموضع الفلاني،
وليس في المدينة مثل تلك النخيل، ففرح المنافق، وقال: بعتك. قال: قد اشتريت، ثم
وهبها لأبي دجانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد ضمنت لك -يا أبا بكر- عوضها،
ففرح الصديق، وفرح أبو دجانة -رضي الله عنهما-، ومضى المنافق إلى زوجته يقول:
قد ربحت اليوم ربحًا عظيمًا، وأخبرها بالقصة، وقال: قد أخذت عشرة من النخيل،
والنخلة التي بعتها مقيمة عندي في داري أبدًا نأكل منها، ولا نوصل منها شيئًا إلى
صاحبها، فلما نام تلك الليلة وأصبح الصباح، وإذا بالنخلة قد تحولت بالقدرة إلى دار
أبي دجانة، كأنها لم تكن في دار المنافق،
فتعجب غاية العجب. اهـ.
تخريج القصة:"
هذه القصة من القصص الواهية و لم نعثر على ما يفيد إثبات هذه القصة، ولا عزوها
إلى المصادر الموثوقة، ولا نرى إلا أنها موضوعة.
وإنما أوردها البكري في "إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين"، والصفوري في
"نزهة المجالس ومنتخب النفائس" كلاهما بلا إسناد.
وقد صدرها البكري بقوله:"لطيفة"، وصدرها الصفوري بقوله:"حكاية"،
فالحذر الحذر من نشر مثل هذه القصص الواهية