
الإسراء والمعراج دروس وعظات وعبر
الاعتبار بالأحداث وأخذ العبرة من القصص
الاسراء والمعراج معجزة حسية لامعنوية
ما هو الاسراء والمعراج ؟
لماذا الاسراء والمعراج ومتي وقعت هذه المعجزة؟
الحمد لله رب العالمين الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى المبارك ليريه من آياته الكبرى . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في سلطانه ولي الصالحين .وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله .. اللهم صلاة وسلاما عليك يا سيدي يا رسول الله وعلي آلك وصحبك وسلم .. أما بعد فيا جماعة الإسلام :
إن المؤمن العاقل اللبيب هو من يأخذ من الأحداث التي تقع له أو لغيره عبراً وعظات
يجني من ورائها الكثير من الخيرات , ويقطف العديد من الثمرات ..والسعيد من اتعظ
بغيره والشقي من وعظ به غيره ..والقرآن الكريم حافل بذكر أحداث كثيرة في ذلك
..ليأخذ الناس منها العبرة تعينهم علي إصلاح حالهم ومستقبلهم .. فالله عز وجل يقص
في القرآن أحداثاً وقعت ثم يعقب عليه بمثل قوله تعالي :"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي
الأَبْصَارِ" (آل عمران /13)، "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الأَلْبَابِ"(يوسف /111)، وقال
تعالي :"إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى"(النازعات /26).
الإسراء والمعراج معجزة حسية :
إخوة الإيمان : كانت معجزة الإسراء والمعراج من أجل المعجزات وأعظم الآيات التي تفضل بها المولى سبحانه على نبيه ومصطفاه محمد صلي الله عليه وسلم , ولأهمية هذه المعجزة فقد ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم في موضوعين
الأول : في سورة سميت باسم هذه المعجزة وهي سورة الإسراء ويعرف عند العلماء
بأن الإسراء: الرحلة من المسجد الحرام بمكة إلى المسجد الأقصى بالقدس،والتي بدأها
سبحانه بقوله:" سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى
الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" (الإسراء /1) .
والثاني في سورة النجم وهو ما يعرف بالمعراج وهو الصعود إلى السماوات السبع وما
فوقهاقال تعالى:" وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا
فَتَدَلَّي فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى"
(النجم/1-18).
أيها الأحباب : لقد كانت رحلة الإسراء والمعراج معجزة حسية من معجزات النبي صلي الله عليه وسلم حارت فيها بعض العقول، فزعمت أنها كانت بالروح فقط ، أو كانت مناما، لكن الذي عليه جمهور المسلمين من السلف والخلف أنها كانت بالجسد والروح، قال الإمام ابن حجر في شرحه لصحيح البخاري : إن الإسراء والمعراج وقعا في ليلة واحدة، في اليقظة بجسده وروحه صلي الله عليه وسلم وإلى هذا ذهب جمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين، وتواردت عليه ظواهر الأخبار الصحيحة، ولا ينبغي العدول عن ذلك، إذ ليس في العقل ما يحيله، حتى يحتاج إلى تأويل .. وكذلك قال النووي ـ رحمه الله ـ في شرحه لصحيح مسلم . . ومن الأدلة كذلك على أن الإسراء والمعراج بالجسد والروح استعظام كفار قريش لذلك، فلو كانت المسألة مناما لما استنكرته قريش، ولما كان فيه شيء من الإعجاز . .
ما هو الاسراء والمعراج ؟
الاسراء في اللغة: مصدر من سرى أو أسرى، وهو السير ليلًا، وفي الاصطلاح: رحلة النبي صلي الله عليه وسلم مع جبريل عليه السلام على دابّة البراق، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ورجوعه منه في ذات الليلة.
تاريخ الاسراء والمعراج
حدثت معجزة الإسراء والمعراج قبل الهجرة بثلاث سنوات وبعد البعثة بعشر سنوات في عام (620م – العام 10من البعثة)،
" عام الحزن " : اشتهر عند الناس إطلاقه على العام الذي توفيت فيه خديجة رضي الله عنها ، وأبو طالب ، وذلك لما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الحزن والهمّ بموتهما ، ولما تعرض له من أذى السفهاء ،.
قال ابن إسحاق رحمه الله :
" فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ ، نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ الْأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَطْمَعُ بِهِ فِي حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ "(سيرة ابن هشام" (2/ 46) .
وبعد عام الحزن الذي فقد فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم عمه ونصيره أبو طالب، الذي كان يحميه من أذى قريش، وبعد وفاة أول المؤمنين والمؤمنات رفيقة دربه خديجة بنت خويلد رضي الله عنها،ففقد رسول الله صلي الله عليه وسلم بموتها الشيء الكثير، وحمل بعدها وحده مسئولية البنات التي تركتهن خديجة رضي الله عنها وراءها، إضافة إلى حِمْل الدعوة الثقيل، ومات كذلك أبو طالب عمُّ الرسول صلي الله عليه وسلم الذِي كَفَلَهُ واحتَضَنَهُ وهُوَ صَغِيرٌ، ثُمَّ دَافَعَ عَنْهُ حِينَ نُبِّئَ وأُرسِلَ، وحزن الرسول صلي الله عليه وسلم كثيرًا لموته، ليس لفقدان الدعم السياسي والاجتماعي فقط؛ ولكن لكونه مات كافرًا؛ بل نهى اللهُ تعالى رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يستغفر له؛ قال تعالى: "مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"(التوبة/ 113).
فكان ألمه صلي الله عليه وسلم لذلك كبيرًا، وتعرَّض رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد ذلك لآلام شديدة في مكة عندما تطاول أهلها عليه بعد وفاة عمِّه؛ مما وصل به إلى الدعاء عليهم للمرَّة الأولى في حياته..
بعد ذلك يحدث حادث عظيم في حياة النبي صلي الله عليه وسلم ، ألا وهو حادثة الإسراء والمعراج.
لماذا الاسراء والمعراج؟
الإسراء والمعراج معجزة وآية من آيات الله سبحانه وتعالى، خصّ بها نبيه صلي الله
عليه وسلم إكرامًا له وتثبيتًا لقلبه الشريف، انطلقت رحلته صحبة روح القدس جبريل
عليه السلام، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فصلى إمامًا بالأنبياء
والمرسلين، ثم عرج به إلى السماوات السبع فالتقى فيها بالأنبياء، ورى عجائب خلق
الله سبحانه، ورفع إلى أعلى مقام وكلمه الله سبحانه بلا حجاب، وفي هذه الرحلة
فرضت الصلاة تعظيمًا لشأنها وتقديرًا.
فبعد كل محنة منحة:
فبعد أن سدّت قريش الطريق في وجه الدعوة في مكة، واقترب الخطر من النبي صلي
الله عليه وسلم بعد وفاة عمه وأكبر حُماته، بقي رسول الله صلي الله عليه وسلم ماض
في طريقه صابر لأمر ربه، فجاءته المنحة العظيمة.
كانت حادثة الإسراء والمعراج اختبار وتمحيص قبل بدء المرحلة الجديدة من الدعوة
الإسلامية في المدينة المنورة وبناء الدولة، فظهر راسخوا الإيمان ممن في قلوبهم
مرض..
تكريم الله لنبيه صلي الله عليه وسلم
وأراد الله سبحانه وتعالى أنْ يكرم نبيه صلي الله عليه وسلم ويخفف من آلامه ويواسيه ويثبت قلبه، فكانت هذه الحادثة التي أشار بها إلى عظمة القدس والمسجد الأقصى، فلم يرد الله تعالى أن يكون المعراج مباشرة من مكة إلى السماء، وإنما اختار أن يكون من صخرة بيت المقدس، حتى يعرف المسلمون والناس أجمعون أن القدس بلد عظيم مقدس عند المسلمين.
فحادثة الإسراء والمعراج أعظم ما مرّ في تاريخ القدس، وفيها نزلت الآيات
الكريمات:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي
بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"، فغدت سببًا من أسباب تقديسنا
وتعظيمنا للقدس والمسجد الأقصى، فهي أرض باركها الله تعالى وبارك ما حولها.
عباد الله :" ماذا بعد من أحداث الإسراء والمعراج هذا ماسنعرفه إن شاء الله في الحلقات القادمة
انتظرونا
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم