recent
أخبار عاجلة

سبب غلاء الأسعار البعد عن منهج الله وكثرة المعاصي

 


سبب غلاء الأسعار؟ البعد عن منهج الله وكثرة المعاصي 

الداء المستعر اليوم والذي يعاني منه القاصي والداني والفقير والغني  هو غلاء الأسعار يصبح الناس في سعر ويمسون في سعر أخر وفي الحقيقة لذلك أسباب عديدة 

ومنها تصرفات وسلوكيات البشر فنحن في واد والشرع في واد آخر.. فلا ننتفع بموعظة ولا نستمع لصوت الحق :" وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا . وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا . وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا"(النساء/66– 68).

 

ومن يظن ويزعم أن نزول البلاء والمصائب على المؤمن أمر قدري لا علاقة له بأفعال العباد وارتكابهم المظالم والذنوب ولا يرتبط بالسبب الشرعي فهذا مخطئ ومخالف للحقائق الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ومخالف لفهم الصحابة والتابعين  المأمورين بإتباعهم وقد تواردوا على الاعتراف بهذه الحقيقة ولم ينازعوا.

 

فالبعد عن منهج الله هو سبب المعيشة الضنك والمتعسرة في الدنيا وفي الآخرة قال تعالي:" وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى . قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا "(طه /124 ، 125). 

والذنوب والمعاصي مما عملته أيدينا  كما قال الله عز وجل:"وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ"(الشُّورى/30). 

وروي أنه :" ما نزل بلاء إلاّ بذنب وما رفع إلاّ بتوبة"(لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ مَرْفُوعاً بِهَذَا اللَّفْظِ. ونسبه"(الداء والدواء ابنُ القَيِّمِ /157) إلَى عَلِيّ بن أبي طالب ..).

 

فإن شريعة الله تعالى كاملة، حاوية لكل شؤون الحياة، فلا تجد أمراً من أمور الدنيا التي يحتاجها الناس إلا وجدت في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم العلاج الأمثل الناجح الذي يعالج تلك الأمور، قال تعالى:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً"(المائدة/3).

 

لذا وجب على المسلمين رد أمرهم إلى شريعة الله العظيمة التي تبين لهم الحق من الباطل، والصواب من الخطأ، وتدلهم على ما ينفعهم ولا يضرهم، ومن أجلِّ نعم الله تعالى علينا أن جعل ميزانه بينه وبين عباده هو العدل، وما قامت السماوات والأرض إلا به، قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ"(النحل:90). وإذا كان الله تعالى من فوق سبع سماوات يأمر به وجب على الناس أن يطبقوه بينهم، وأن يعملوا على تمكينه في جميع شؤون حياتهم. 

ومن حكمة الله تعالى أن أوجد لعباده طرقاً يسلكونها من أجل تيسير معاملاتهم، وإقامة وجوه الحق بينهم، وعندما خالف البشر أوامره، وعملوا بما يناقض شريعته أوقعوا أنفسهم في حرج عظيم، وظهرت بينهم بوادر الظلم والطغيان، وانتشرت بينهم العداوة والبغضاء. 

قال الله تعالى: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ.(الأنبياء:35). ومن رضي بقضاء الله كان له من الله الرضا، ومن سخط فعليه السخط. فعليك بالصبر؛ فإن في الصبر خيري الدنيا والآخرة، وهو مفتاح تفريج الكربات،وبه تكفر السيئات، وترفع الدرجات..

ونزول البلاء على المؤمن المقصر وكثرة وقوعه عليه وتنوعه من أعظم النعم عليه لأنه تعجيل للعقوبة عليه في الدنيا قبل الآخرة كما روي في مسند أحمد:"إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيام"، وليعلم أن بلاء الدنيا أهون من بلاء الآخرة كما قال تعالى: "كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُون"(القلم:33).  فليستحضر هذا وليصبر وليحتسب وليحمد الله على البلاء.

ومن المؤكد شرعاً أن البلاء إذا اجتمع على العبد مع صبره ولزومه الطاعة ويقينه بوعد الله كان ذلك علامة ظاهرة على محبة الله لذلك العبد واختياره واستعماله في طاعته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"(الترمذي وحسنه).

 والحاصل ينبغي على كل مؤمن أن يبادر بالتوبة وإصلاح الأعمال والبعد عن أسباب الفتن والتمسك بالتوحيد والسنة والمشاركة في أبواب الخير..

 ومن أسباب غلاء الأسعار كذلك تصرفات وسلوكيات رجال الأعمال من تجار ومصنعين ووسطاء المخالفة لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية مثل : الاحتكار , والتكتلات المغرضة ، والغش ، والتطفيف ، وانخفاض الجودة ، ونحو ذلك ، ولقد نهى الإسلام عن هذه السلوكيات الاقتصادية السيئة ، فعلى سبيل المثال حرَّم الرسول  صلى الله عليه وسلم الاحتكار ، فقال  :" لا يحتكر إلا خاطئ "(مسلم). 

وقال :" من احتكر طعامًا أربعين ليلةً فقد بَرِئ من اللهِ تعالَى وبرِئ اللهُ تعالَى منه (أحمد)، وفى نفس الوقت حث الرسول  صلى الله عليه وسلم على خفض الأسعار للتيسير على الناس لما فى ذلك من مرضاة الله والفوز بثوابه ، بل رفع الإسلام الجالب لإرخاص الأسعار إلى مرتبة المجاهد فى سبيل الله ، فيقول  صلى الله عليه وسلم :"أبشروا فإن الجالب إلى سوقنا كالمجاهد فى سبيل الله ..."(الحاكم)، وبَشَّرالرسول  صلى الله عليه وسلم الجالب بالبركة وزيادة الكسب ، فقال :"الجالب مرزوق والمحتكر ملعون"(مسلم).

كثرة الذنوب والمعاصي وبعد الناس عن دينهم 

    وهي من أشد الأسباب التي أظهرت هذا الوباء العظيم، ومعلوم أن الذنوب تسبب هلاك الحرث والنسل، وتسبب انتشار الفساد في البر والبحر، قال تعالى:"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"(الروم:41)،

وقوله:"وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ"(الشورى:30)،

والله تعالى يبتلي عباده ببعض ما كسبت أيديهم لكي ينتبهوا ويراجعوا أنفسهم، وقال صلى الله عليه وسلم: "يا معشر المهاجرين خصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم، 

ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم" (البيهقي والحاكم).  فهل نظر الناس لهذا الحديث العظيم الذي أوضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أثر هذه الذنوب العظيمة التي تعود على أمة الإسلام بغير ما ترجوه.

 ومن أعظم أسباب البلاء الذنوب والمعاصي، فقد يكون ما أصاب الإنسان  من مصائب بسبب ذنب يأتيه،

يقول ابن القيم في الجواب الكافي :ومن عقوبات الذنوب إنها تزيل النعم وتحل النقم فما زالت عن العبد نعمة الا لسبب ذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا رفع بلاء إلا بتوبة..

وقد قال تعالى:"وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ"(الشورى:30). وقال تعالى: "ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ"(الأنفال/53).

فأخبر الله تعالى إنه لايغير نعمته التي أنعم بها على أحد حتى يكون هو الذي يغير ما بنفسه فيغير طاعة الله بمعصيته وشكره بكفره وأسباب رضاه بأسباب سخطه فإذا غير غير عليه جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد فإن غير المعصية بالطاعة غير الله عليه العقوبة بالعافية والذل بالعز كما قال تعالى:"إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ"(الرعد/11).

 فبالتوبة والاستغفار يكشف البلاء بإذن رب الأرض والسماء، فإنه: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة.

google-playkhamsatmostaqltradent