recent
أخبار عاجلة

أئمة وخطباء المساجد - نقد وتحليل لخطبة الجمعة اليوم



أئمة وخطباء المساجد (الحلقة الثالثة عشر)


تحضير..مهارة..تكرار..إطالة..أخطاء لغوية..أحاديث موضوعة..قصص واهية!!


نقد وتحليل لخطبة الجمعة اليوم

عزيزي  الإمام لازلنا نواصل الحديث حول براعة الإلقاء وكيف تلقي موضوعاً؟

استمعت لخطبة جمعة اليوم ووجدت حال الخطيب كحال الكثير وعرفت لماذا ينصرف

 الجمهور عن الخطيب ورغم أننا تحدثنا كثيراً عن تحضير الخطبة واحترام الخطيب

 لنفسه ولجمهوره وتحدثنا عن طريقة الإلقاء وهي طرق كثيرة يستطيع الخطيب أن

 يجذب جمهوره إليه ويجعلهم ينتظرونه علي شوق ولهفة في الجمعة القادمة  ومن هذه

 الأمور :

الأمر الأول :

إخلاص الملقي لله: 

فلا بد من الإخلاص لله تعالي  فرُبَّ كلمات غير معدة سلفاً من شخص

 مخلص متوكل على الله -عز وجل- يكتب الله بها أثراً عظيماً في نفوس السامعين، ورُبَّ

 موضوع معد ومحضر تحضيراً ممتازاً يشعر السامعون منه بالسآمة والملل، وأن الملقي

 يريد أن يكون أستاذاً عليهم، ويفقد سمة التواضع وهو يلقي الموضوع، ويتسلح

 بالتعالي والكبر على إخوانه وعلى المستمعين، فتكون النتيجة نفوراً ومللاً.

فلا بد لمن يريد أن يلقي خطبة من الإخلاص لله عزوجل، وأن يستحضر النية  أنه سلقي

 الخطبة لله لا ليقال عنه: مجيد، و لا ليقال عنه: مؤثر، و لا ليقال عنه: فصيح،  لله لا

 ليقال عنه: فاهم مفهم.أولديه حضور أو أو..الخ.

وكثير من الذين يلقون المواضيع يعتمدون على تحضيرهم وينسون الله والاتكال على الله

 والاعتماد عليه فيكلهم الله لأنفسهم، وقد يصاب بالتلعثم فجأة، وقد يخطئ أخطاء مضحكة

 ليست بالحسبان، وقد تخونهم أنفسهم في وقت يحتاجون إلى الثبات وهم يلقون

 المواضيع والخطب.


والأمر الثاني :

خطيبنا اليوم كان بعيداً كل البعد عن معرفة شروط الخطبة وأركانها رغم

أننا تحدثنا عن ذلك كثيراً فحمد الله ولم يتشهد أو يأتي بالشهادتين سهواً أوعمداً

العلم عند الله؟


 ولا شك أننا  نفتتح بالحمد والثناء على الله -عز وجل -؛ كما كان النبي صلي الله عليه

 وسلم  يفعل، فكان كثيراً ما يقول الراوي: "فحمد الله وأثنى عليه" ( البخاري، ومسلم).

 يعني النبي صلي الله عليه وسلم  إذا أراد أن يخطب أو يتكلم، يقول: "فحمد الله وأثنى

 عليه"، ثم قال..، فلا بد من الحمد والثناء على الله.


وكان النبيي صلي الله عليه وسلم كثيراً ما يفتتح كلامه بخطبة الحاجة المعروفة.

وكان أيضاً يفتتح بالحمد والثناء في مثل حديث مسلم افتتح بكلمات كانت سبباً في إسلام

 الصحابي الجليل ضماد الأزدي لما قال النبي صلي الله عليه وسلم:" إن الحمد لله، نحمده

 ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله

 وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد "( مسلم). ، أسلم الرجل

 من هذه الكلمات.


وكذلك في الافتتاح لا يمكن أن ينسى المسلم التشهد، كيف والنبي  قد قال: كل خطبة ليس

 فيها تشهد فهي كاليد الجذماء"(أبو داود والترمذي وأحمد).  اليد المشوهة المصابة

 بالجذام، هذا حال من يفتتح بغير تشهد.

وكثير من الناس الذين يلقون الموضوعات والمدرسين الذين يلقون الدروس ينسون أن

 يفتتحوا بالحمد والثناء والتشهد، فيفوتهم أجر عظيم.

ثم بعد ذلك يكون ذكر العنوان جامعاً ومركزاً للأذهان حول ما تريد عرضه على

 السامعين، وتبيان السبب الباعث على عرض الموضوع، وأهمية الموضوع،

 واستعراض فقراته الرئيسية.

ثم يكون الولوج مباشرة؛ لأن من أشد ما يكره الناس للمتكلمين المقدمات الطويلة التي

 تحول بينهم وبين صلب الموضوع، وكثيراً ما تجد الأصوات تتعالى قائلة: أعطنا الزبدة،

 وهات ما عندك بسرعة، وعجل، أوصلنا للمقصود.


ويمكن أن يكون الافتتاح بعد الحمد والثناء بذكر حادثة أو قصة أحياناً تناسب الوضع.

وكان العلماء يهتمون ببراعة الاستهلال، وهو أن يقدم بين يدي موضوعه مقدمة فيها

إشارة لما يريد أن يتكلم عنه، وما سيدخل فيه، ودرج بعض الناس إذا أرادوا الكلام في

موضوعات أن يقولوا اعتذارات باردة ينبغي على الإنسان أن يحرص وينتبه لها، لأنها

أحياناً تعطي شيئاً من التزكية، كأن يقول: لست بخطيب، ولست بكذا، ولست بكذا، ونحو

ذلك، يذم نفسه في الملأ وفيه شيء من المدح، أو أن يقول: ليس لدي ما أقوله ويطنب

في ذكر إفلاسه وفقره، وإذا قلنا: إن بعض الناس سيكتشف ذلك فلا فائدة من الإخبار،

وإذا قلت: إن بعضهم لن يكتشف ذلك فما داعي الإخبار بالحقيقة المرة.


الأمر الثالث :"


خطيب اليوم كان صوته منخفض لدرجة أن الكثير قد نام منه ورفع الصوت من الأمور المطلوبة في الخطبة  يرفع صوته رفعاً يفهم السامعين، ويوصل إليهم الكلام.


ولا شك أن درجة رفع الصوت تختلف بحسب الموضوع، فالذي يلقي خطبة من خطب

 الجمعة مثلاً يختلف في رفعه لصوته عمن يلقي درساً فقهياً فيه بيان لأحكام شرعية

 وأقوال العلماء والأدلة، ونحو ذلك.

أما النبي صلي الله عليه وسلم  فإنه كان إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه، وعلا صوته.

وفي رواية: كان إذا ذكر الساعة احمرت وجنتاه، وعلا صوته، واشتد غضبه صلي الله

 عليه وسلم"(مسلم).

ورفع الصوت أحياناً يكون لإسماع الناس شيئاً له أهمية خاصة، كما جاء في صحيح

 البخاري عن عبد الله بن عمرو: "تخلف النبي صلي الله عليه وسلم عنا في سفرة

 سافرناها فأدركنا وقد أرهقنا العصر" صلاة العصر أدركتهم وغشيتهم، قال: "فجعلنا

 نتوضأ ونمسح على أرجلنا"، فصارت بعض الأجزاء في الأرجل لم يمسها الماء "فنادي

 صلي الله عليه وسلم  بأعلى صوته:  ويل للأعقاب من النار  مرتين أو ثلاثا"( البخاري، ومسلم).


الأمر الرابع :" 

كما تلاحظ علي الخطيب أن موضوعه عن دور مصر في نهضة الحضارة الإنسانية

 موضوع إنشاء خلي من  أمثلة من القرآن والسنة والسيرة :

وفي الحقيقة  الاستشهاد بالأمثلة من الأمور الهامة والمطلوبة في الخطبة  والقرآن مليء

 بالأمثال،

 ضرب الله لنا أمثلة في القرآن كثيرة، وقرب إلى أفهامنا كثيراً من الموضوعات بذكر

 المثال، ألم تر مثلاً أنه قرب التوحيد والشرك بقوله تعالى: "ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ

 شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا"(الزمر: 29).، فأما المشرك

 الذي يعبد عدة آلهة فإنه يكون متوزعاً، مقسم النفس، هائماً على وجهه، لا يدري أي إله

 يرضي، وأي طرف يجيب، أما الذي يرضي الله فقط، ويعبد الله -عز وجل- فقط، فإنه على

 صراط مستقيم، متوحد الوجهة، يعرف إلى أين يسير.

النبي صلي الله عليه وسلم  فإنه كان يضرب أثناء عرضه للمواضيع المختلفة أمثلة

 مختلفة تناسب الأفكار التي يريد إيصالها للناس، فقد ضرب لنا: مثل حامل المسك ونافخ

 الكير في موضوع الجليس الصالح وجليس السوء"(البخاري ومسلم).

وضرب المثل بالنخلة في المؤمن في انتفاعه ونفعه للناس والآخرين بكل وسيلة"

(البخاري،ومسلم).

وضرب لنا مثل المرآة في النصيحة من المؤمن لأخيه: المؤمن مرآة أخيه"(البخاري).

وضرب لنا مثل خرق السفينة في موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لما أراد

 قوم أن يخرقوا السفينة ليأخذوا الماء فلو أن أهل السفينة تركوهم لغرقوا أجمعين"

(البخاري).

وضرب لنا صلي الله عليه وسلم  مثلا بالفتيلة في موضوع الذي يعلم الناس وينسى نفسه

 "مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها"

(البزار صحيح الترغيب والترهيب).

واستعمل صلي الله عليه وسلم أشياء مختلفة، فمثلاً استعمل التمرة، قال: اتقوا النار ولو بشق تمرة "(البخاري، ومسلم).

وكذلك استعمل البعوضة لما قال: إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة، لا يزن عند

 الله جناح بعوضة"(البخاري، ومسلم).

وخاتم الحديد لما قال للرجل الذي يريد أن يتزوج: التمس ولو خاتماً من حديد"(البخاري، ومسلم).

وقضيب الأراك لما قال عليه الصلاة والسلام: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد

 أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة  فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيراً يا رسول الله؟

 قال: وإن قضيباً من أراك "(مسلم).

واستعمل الإبرة في: ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر"( مسلم).

واستعمل الحبة من خردل والشعيرة في حديث الإيمان "(البخاري، ومسلم)وغير ذلك.

المهم أن ضرب الأمثلة في المواضيع الملقاة يكون عاملاً من عوامل التشويق، وسبباً من

 أسباب التفهيم وتقريب الفكرة، وهو تنويع جيد.

الأمر الخامس :"

خطيب الجمعة ألقي الموضوع كله علي وتيرة واحدة ونبرة صوت واحدة ولم ينوع في

إلقائه ..

 و من الأمور المهمة: تنويع الأسلوب، مثل أسلوب التقرير، والاستفهام، والتعجب،

 وضرب الأمثال، وقص القصص.

فأسلوب التقرير يختلف عن أسلوب الاستفهام، يختلف عن أسلوب التعجب، فأسلوب

 الاستفهام مثل حديث: أتدرون من المفلس؟"(مسلم).   أتدرون ما الغيبة؟ "( مسلم).

وأسلوب تعجب: ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى

 يستجاب لذلك؟"(مسلم).


الأمر السادس:"

كما تلاحظ علي الخطيب أنه وجه بصره لناحية من النواحي المسجد طوال خطبته ولم

 يقبل  على الجمهوربوجهه:

 وهولايدري أن  الإقبال على المخاطبين بالوجه مما يسبب الانجذاب في الإلقاء، وقد جاء

 في حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: "صلى بنا رسول الله صلي الله عليه

 وسلم صلاة الصبح ثم أقبل علينا بوجهه فوعظنا موعظة بليغة"(ابن ماجه  حسن).

وهذا النظر في وجوه المستمعين والناس الحاضرين لا شك أنه يوجد صلة مهمة بين

 السامع والمتكلم خلال الإلقاء.

وبعض الناس لا يهتم بالنظر إلى السامعين والحاضرين، فتراه ينظر في السماء ويميناً

 وشمالاً، أو يطلق ببصره طيلة الوقت.


وبعضهم له عذر في تفكيره في الكلام الذي يريد أن يقوله، فهو يركز في التفكير في

 الكلام، ولكن هذا يوجد حاجزاً بينه وبين الحاضرين، ولا بد من تواصل بين المتكلم

 والمستمع حتى يدخل الكلام إلى القلب، ولا بد من استعمال عبارات تجعل المستمعين

 متصلين بالمتكلم، ولذلك لو أن إنساناً مثلاً أثناء إلقائه لموضوع أو عرضه له، قال: وقد

 يتساءل بعضكم فيقول، أو هنا يرتفع إشكال وهو، أو يأتي باعتراض يقول: هنا قد يبرز

 اعتراض، ثم يفند هذا الاعتراض، وهكذا..


والنظر إلى السامعين والحاضرين يبين لك أثر كلامك على الناس، واستعمال الكلمات التي

 فيها إشراك للحاضرين في الموضوع مثل: وقد تتعجبون، أو ربما لا تصدقون، أو تصور

 معي، ونحو ذلك، إن مثل هذه الألفاظ مهمة في ربط السامع بالمتكلم.

والنظر كما أسلفنا مهم، والعين تخاطب كما أن اللسان يخاطب.

والنظر إلى الناس يتبين لك من خلاله إقبالهم أو إدبارهم، يقظتهم وانتباههم أم رقادهم

 وشرودهم، انجذابهم أو مللهم، فتغير الأسلوب أو تستمر، تقصر الكلام أو تستمر تبعاً

 للحالة الموجودة.


ولو كان الإنسان يقرأ من أوراق فلا بد من أن تكون هناك نظرات بين الحين والحين،

 صحيح أن الخطيب إذا نظر إلى الناس وكلهم ينظرون إليه يشعر بالرهبة والهيبة

 والرعشة، ولكن يتجلد ويتصبر، فإذا اعتاد الأمر هان عليه، وقد ورد أن النبي صلي الله

 عليه وسلم  كان ينظر إلى السماء أثناء الكلام، ولكن ليس هذا هو شأنه الدائم لا ينظر

 إلى الناس وينظر إلى السماء، بل قد بينا في الحديث أنه كان يقبل بوجهه على المتكلم،

 ولما أتى شخص من الناس كان فيه فجور وشر أقبل عليه بوجهه إقبالاً عجيباً، حتى

 تعجب الناس من إقباله عليه، تعجب أهل بيته من إقباله على هذا الرجل الذي فيه شر،

 لكن النبي صلي الله عليه وسلم  كان يتألفهم.


كما ورد في صحيح الإمام مسلم: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان  كثيراً ما يرفع بصره

 إلى السماء"(مسلم).   

لكن لو قال إنسان: ما هو الجمع بين حديث النهي عن رفع البصر إلى السماء، والتهديد

 بأن يحول الله رأس هذا الناظر رأس حمار، أو أن يخطف بصره، وبين هذا الحديث الذي

 رواه البخاري ومسلم؟ 

فقد ذكر ابن حجر -رحمه الله- الجواب فقال: "وحاصل طريق الجمع بين الحديثين أن

 النهي خاص بحالة الصلاة"(فتح الباري: 10/596).


الأمر السابع :"

وقدتلاحظ علي خطيبنا اليوم أن هناك الكثير من كلامه لم يكن واضحاً

 وتلك  مصيبة أن يخطب خطيب ولايوضح كلامه كي يفهم المستمع ويعي مايقوله  قالت

 عائشة رضي الله عنها-: "ما كان رسول الله صلي الله عليه وسلم  يسرد سردكم هذا،

 ولكنه كان يتكلم بكلام يبينه، فصل، يحفظه من جلس إليه"(الترمذي).

 فمن العيوب: أن يأكل الإنسان أجزاء من الكلمات، أو حروفاً من الكلمات، أو أنه يسرع

 فيها إسراعاً يهذها هذًا.

فكما أن من عيوب الإلقاء البطء الشديد الذي يسبب الملل، فمن عيوب الإلقاء: الإسراع

 الشديد الذي تضيع بسببه بعض الكلمات فلا تصل إلى المستمع.

 

إعادة الملقي لبعض الجمل وتكرارها:

 ولا بأس عند إلقاء موضوع من إعادة بعض جمله وكلماته وأجزائه لأهميتها؛ كما روى

 عنه صلي الله عليه وسلم : "باب من أعاد الحديث ثلاثاً ليفهم عنه"، عن أنس عن النبي

 صلي الله عليه وسلم  "أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه"(البخاري).

وهذه الكلمات المهمة التي تكون في ثنايا الجمل والفقرات يحسن أن يركز عليها الملقي

حتى تستقر في الأذهان، ولهذا وسائل منها: الضغط على الكلمة أثناء التلفظ بها، ومنها:

تغيير النبرة عند النطق بالكلمة خفضاً أو رفعاً، إسراعاً أو إبطاءً، أو التوقف عندها قبلها

أو بعدها، يتوقف عند الكلمة توفقاً يسيراً قبلها أو بعدها للفت النظر إليها، أو إعادة

الكلمة والعبارة كما سبق ذكره في الحديث.


ولا بد من التذكير بعدم الإكثار من التركيز على كلمات كثيرة لئلا يفقد التركيز أهميته،

 ومن أمثلة السكتات التي كان النبي صلي الله عليه وسلم  يريد من خلالها أن يبين أموراً

 مهمة هذا الحديث: "خطبنا النبي صلي الله عليه وسلم  يوم النحر فقال:  أتدرون أي يوم

 هذا؟  قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس يوم

 النحر؟  قلنا: بلى، قال: أي شهر هذا؟  قلنا: الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه

 سيسميه بغير اسمه، فقال: أليس ذو الحجة؟  قلنا: بلى، قال:  أي بلد هذا؟  قلنا: الله

 ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال: أليس بالبلدة الحرام؟ 

قلنا: بلى، قال:فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في

 بلدكم هذا "(البخاري ومسلم).


استخدام الملقي للإشارة أثناء الكلام: وكان النبي صلي الله عليه وسلم يستخدم الإشارة أثناء الكلام.

الإشارة ملفتة للنظر، طاردة للشرود، فالناظر يرى الإشارة، ويسمع العبارة.

وكلما أشركت المستمعين معك بحواس أكثر كلما كان فهمهم واستيعابهم أكثر.

خذ هذه الأمثلة:"أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين،فأشار بإصبعيه السبابة والوسطى"

(البخاري).

والإشارة بهاتين الأصبعين وردت في أحاديث كثيرة، وقال:"المؤمن للمؤمن

 كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه "(البخاري، ومسلم).

وقال: "التقوى هاهنا  ويشير إلى صدره ثلاث مرات "(مسلم).

وكان أحياناً يغير الجلسة، لما تكلم عن أكبر الكبائر قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين،

 وكان متكئاً فجلس فقال:"ألا وقول الزور،فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت"(البخاري، ومسلم).

ولا بد من مراعاة عدم الإكثار من الحركات والإشارات؛ لأن كثرتها تصرف السامع عن

 الانتباه، وإنما يأتي بها في مواضعها الملائمة، ويجعلها موافقة للكلمة، وأن لا يحجب

 عن الناظرين وجهه بيده أو يديه.


الأمر الثامن :"

وتلاحظ علي خطيبنا أنه فقد  تحضير ا لموضوع؟

 ومن الأمور التي تجعل الإلقاء ناجحاً، عامل مهم جداً من أهم العوامل وهو: جودة

 التحضير للموضوع.

يجب أن لا يفهم مما سبق عندما تكلمنا في قضية التوكل على الله أن نترك الأخذ

 بالأسباب، فإن من أعظم وسائل نجاح إلقاء الموضوع: جودة تحضيره، وحفظ الأدلة

 والشواهد وإعداد القصص والأمثال، ومراعاة المدخل، وطريقة العرض، وتزوير الكلمة

 في النفس سلفاً؛ كما قال عمر -رضي الله عنه- قال: "فلما سكت" يعني خطيب الأنصار

 "أردت أن أتكلم، وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر"

 (البخاري). ، يقول عمر: "زورت" يعني في نفسي أعددت مقالة لهذا الخطب الجسيم،

 أعددت مقالة أردت أن أقولها.


ولا شك أن درجة الإعداد تختلف بحسب الموضوع، أو بحسب الحالة، فإعداد خطبة

 الجمعة غير إعداد الموعظة، أو إعداد الكلمة التي بعد الصلاة غير إعداد خطبة العيد،

 غير الخطبة التي أمر صلاح الدين أو عين شيخاً معيناً أن يخطبها ويلقيها في المسجد

 الأقصى أول جمعة بعد تحريره من أيدي النصارى، هذا أمر يسهر له الليل لتحضيره.

والذي يلقي من غير تحضير قد يكون شخصاً موهوباً يستطيع أن يحضر في ذات الوقت،

 وأن يرتب الكلمة، وأن ينسقها في ذهنه، فهذا شيء ممتاز.


لكن كثيراً من الناس قد لا يستطيعون ذلك، قد لا يكون طالب علم، ولا حافظاً مستحضراً

 للأدلة، أو جريئاً سريع البديهة، يحتاج أكثر الناس عند الإلقاء إلى تحضير، لا بد من

 الإعداد الجيد، الذي يلقي من غير إعداد كالذي يخوض معركة بعدة فاسدة أو بلا عدة

 أصلاً.

والتحضير رغم اننا قد تحدثنا عنه كثيراً ولكن قد  يحتاج إلى موضوعات : كيف تحضر

موضوعاً؟ لعلها تكون في وقت آخر إن شاء الله، لكن المختصر لا بد من جودة

التحضير، جمع النقاط، انتقاء النقاط الجيدة، وطرح النقاط الرديئة، أو غير المهمة.


وإن كان الإنسان لا يحسن أن يتكلم ارتجالاً فيكتب النقاط ليذكر نفسه بها أثناء الكلام،

 وإن كان لا يستطيع هذا يكتب الكلام كله، اكتب ما ستقوله وما تريد أن تقوله، فتنفي عن

 نفسك كثيراً من الكلمات الرديئة أو غير المهمة.

ومن الملاحظات التي تلاحظ علي خطيب اليوم والكثير من الخطباء كثرة اللحن بسبب

عدم التحضير الجيد  وكما قيل   اللحن في الكلام والخطأ أقبح من الجدري في  الوجه.

لأن  من عنده إلمام ومعرفة باللغة يتضايق  من الخطيب  الذي يرفع المنصوب، وينصب

 المجرور، ويجر المجزوم، وهي أبسط قواعد اللغة 

  قال بعض السلف: "رحم الله امرأ أصلح من لسانه"، وقيل: إن عبد الله بن عمر كان

 يضرب ولده على اللحن، اللحن يعني الخطأ في اللغة.

وقال بعضهم:

رأيت لسان المرء رائد عقله *** وعنوانه فانظر بماذا تعنون

ولا تعد إصلاح اللسان فإنه *** يخبر عما عنده ويبين

ويعجبني زي الفتى وجماله *** فيسقط من عيني ساعة يلحن

رأى أبو الأسود الدؤلي أحمالاً للتجار، بضاعة، مكتوب عليها: لأبو فلان، مكتوب على

 هذه البضاعة: لأبو فلان، ما هو الصحيح؟ لأبي فلان، فقال:سبحان الله يلحنون

 ويربحون(أدب المجالسة، ص: 62].

وفي رواية: أن أعرابياً سليم اللسان جاء من البادية فدخل السوق فسمعهم يلحنون،

 فقال: سبحان الله يلحنون ويربحون، ونحن لا نلحن ولا نربح.

#واختلف أهلُ العلمِ في اشتراطِ اللغةِ العربيةِ لخطبةِ الجمعةِ على قولين:

القول الأول: يُشترَطُ أنْ تَكونَ الخُطبةُ باللُّغةِ العربيَّةِ (وللأعاجم يخطب بالعربية ويترجم

 لهم معاني بلغتهم) ، وهو مذهبُ الجمهور: المالِكيَّة   ، والشافعيَّة على الأصحِّ

 (المجموع للنووي) ، والحَنابِلَة   ، وبه قال أبو يُوسُفَ ومحمَّدُ بنُ الحسنِ من الحَنَفيَّة

 (حاشية ابن عابدين) .

الأدلَّة:

أولًا: من السُّنَّة

 قولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:"صلُّوا كما رأيتُمونِي أُصلِّي"(البخاري) ، وقد كانَ صلَّى اللهُ

 عليه وسلَّم يَخطُبُ بالعربيَّة (المجموع) .

ثانيًا: أنَّه ذِكرٌ مفروضٌ فشُرِطَ فيه العربيَّةُ، كالتشهُّدِ وتَكبيرةِ الإحرامِ 


القول الثاني: لا يُشترطُ أن تكونَ الخطبةُ باللغةِ العربيةِ   ، وهذا مذهبُ الحَنَفيَّة  ، وصدر

 به قرارُ مجمعِ الفقهِ الإسلاميِّ

 اشتراط كون خُطبة الجمعة باللغة العربية قال عنه أبو حنيفة : تجوز بغير اللغة العربية.

 حتى لو كان قادرًا عليها سواء كان السامعون عَربًا أو غيرهم، أما أحمد فاشترط اللغة

 العربية إن كان الخطيب قادرًا عليها، فإن عَجَزَ عن الإتيان بها أتى بغيرها مما يُحْسنه

 سواء كان القوم عَربًا أو غيرهم، لكن الآية التي هي ركن من أركان الخُطبتين لا يجوز

 أن ينطق بها وبغير العربية. فيأتي بدلها بأي ذِكْرٍ شَاءَ باللغة العربية، فإن عَجَزَ سكت

 بقدر قراءة الآية.

والشافعي اشترط أن تكون أركان الخُطْبتين باللغة العربية إن أمكن تعلمها. فإن لم يُمكن

 خَطَبَ بغيرها، هذا إذا كان السامعون عَرَبًا، أما إن كانوا غير عَرَب فإنه لا يُشْترط أداء

 الأركان بالعربية مُطْلقًا ولو أمكنه تعلمها. ما عدا الآية. فلابد أن ينطق بها بالعربية، إلا

 إذا عَجَزَ فيأتي بدلها بذِكْر أو دُعاء عربي، فإن عَجَزَ عن هذا أيضًا وقف بقدر قراءة

 الآية ولا يترجم، أما غير أركان الخطبة فلا يشترط لها اللغة العربية، باللغة العربية .

 ولو كان السامعون لا يعرفونها، فإن لم يوجد خطيب يخطب بالعربية سقطت عنهم

 الجمعة.

هذا ما قاله الأئمة، وإذا كان أكثرهم حريصًا على اشتراط اللغة العربية؛ لأن فيه تشجيعًا 

 على تعلمها ونشرها وتيسيرًا في فهم القرآن والحديث، فإن بعضهم وهو الإمام مالك

 بلغ  الذروة في الحرص حتى أسقط الجمعة عمن لا يوجد فيهم من يخطب بالعربية. وأنا

 أختار التوسط في هذه الآراء الاجتهادية، فأميل إلى مَذْهب الشافعي في تمسُّكه باللغة

 العربية، في الأركان فقط، أما باقي الخُطْبَة فتؤدَّى بأية لغة، ولو تعذَّرت العربية في

 الأركان خَطَبَ بغيرها للعرب أما غيرها فيخطب بلغتهم حتى لو أَمْكَنته الخُطبة بالعربية.

هذا وبالله التوفيق وإلي لقاء أخر مع نقد وتحليل لخطبة جمعة أخري..


 ويعلم الله أننا:"

 ماقصدنا سوي التقويم والإصلاح ونسأل الله عزوجل أن يرشد الأئمة والخطباء إلي مافيه

 نفع هذه الأمة وصلاح أمرهم بمنهج الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم ..


والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل 

 

google-playkhamsatmostaqltradent