
أسماء الله الحسني للأطفال
الرَّحْمَنُ جَلَّ جَلَالُهُ "الدرس الثاني "
اِجْتَمَعَتِ الْأُسْرَةُ بَعْدَ صَلَاَةِ الْعِشَاءِ
وَحَضَرِ الْجَمِيعِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ أحدوجلس الْجِدَّ بَيْنَ أَحْفَادِهِ
وَسَأَلَهُمْ عَنْ أَيِّ اِسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنِيِّ سَيَكُونُ
الْحَديثُ اللَّيْلَةَ فَقَالَ:
تالين :" عَنِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَكِنَّ
ياجدي هُمَا اِسْمَانِ وَاِقْرَأْ دَائِمًا أَنَّهُمْ مُتَلَازِمَانِ فِي
الْحَديثِ عَنْهُمَا؟
الْجِدُّ: نَعَمْ يابنيتي لَوْ شِئْتُم تَحَدُّثَنَا
عَنْهُمَا مَعَا وَلَوْ شِئْتُم أَفَرَدَّنَا الرَّحْمَنُ اللَّيْلَةَ
وَالرَّحِيمَ اللَّيْلَةَ الْقَادِمَةَ بِمَشِيئَةِ اللهِ ؟
صفوان :" نُرِيدُ الْحَديثَ عَنْ كُلِّ اِسْمِ
عَلِيِّ حَدَّةٍ كَيْ تُمَتِّعَنَا بِعِلْمِكَ الْغَزِيرِياجدي عَنِ اِسْمِ
الرَّحْمَنِ ثُمَّ الرَّحِيمُ.
تالين :" نَعَمْ ياجدي وَنُرِيدُ أَنَّ نُعَرِّفُ
لَمَّا قَدَمِ اِسْمِ الرَّحْمَنِ عُلِيَ الرَّحِيمُ؟
الْجِدَّ:" يابني حِينَ يَجْتَمِعُ اِسْمَا "
الرَّحْمَنَ وَالرَّحِيمَ " فَلَابِدٌ يَتَقَدَّمُ الرَّحْمَنَ لِأَنَّ
اِسْمَ " الرَّحْمَنَ " اِسْمٌ لِلَذَّاتٍ الأقدس فَلَا يُطْلِقُ
عَلِيُّ غَيْرِهِ, ثُمَّ إِنَّ اِسْمَ " الرَّحْمَنَ " يُمْكِنُ أَنْ
يَقَعُ صِفَةً لِاِسْمِ الْجَلَاَلَةِ " اللهَ " كَمَا يُمْكِنُ أَْنْ
يَوْصُفُ كَذَلِكَ.
وَ"الرَّحْمَنَ" مِنَ الْأَسْمَاءِ
الْحَسَنِيِّ وَالصِّفَاتِ الْعُلْيَا وَقَدْ تُكَرِّرُ هَذَا الْاِسْمِ
الْجَلِيلِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مايقرب مِنْ سِتِّينَ مَرَّةً فَجَاءَ
ذِكْرُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَالْإِسْرَاءِ وطه وَالْأَنْبِيَاءَ
وَالزُّخْرُفَ وَالرَّحْمَنَ وَالْمَلِكَ وَالنَّبَأَ..
أحمد :" حقاًياجدي فَهَذَا الْاِسْمِ مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَهِي رِقَّةُ الْقَلْبِ وَرَأْفَتِهِ وَقَدْ عَلِمَتْنَا هَذَا الرِّفْقُ وَتِلْكَ الرَّحْمَةِ مِنْ سِنَّةِ الرَّسُولِ صِلِي اللهَ عَلَيْهِ وَسُلَّمٌ..
الْجِدُّ:" نَعَمْ ياأبنائي اِسْمَ الرَّحْمَنِ
مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ، والرحمةفي اللُّغَةَ هِي الرِّقَّةُ وَالعَطُّفُ
وَالشَّفَقَةُ, وَتَرَاحَمَ الْقَوْمُ أَيَّ رَحِمِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا
وَالرَّحِمَ الْقَرَابَةَ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَمُعَنَّاِهِ
ذُو الرَّحْمَةِ الَّذِي لَا نَظِيرُ لَهُ فِيهَا، وَهُوَ لَا يُثْنَى وَلَا
يَجْمَعُ وَلَا يُسَمَّى بِهِ أحَدُ غَيْرِهِ.
وَالرَّحْمَنُ هُوَ مَنْ عَمَّتْ رَحَمَتَهُ
الْكَائِنَاتِ كُلَّهَا فِي الدُّنْيَا سَوَاءً فِي ذَلِكَ الْمُؤْمِنِ
وَالْكَافِرِ.
وَلِهَذَا يُقْرِنُ اللهُ تُعَالِي اِسْتِوَاءُهُ
عَلِيُّ الْعَرْشِ بِهَذَا الْاِسْمِ كَثِيرَا كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:"
الرَّحْمَنَ عُلِيَ الْعَرْشُ اِسْتَوِي"( طه / 5).
وَكَقَوْلِهِ أَيْضًا:" ثُمَّ اِسْتَوِي عُلِيَ
الْعَرْشُ الرَّحْمَنُ فَاِسْأَلْ بِهِ خَبِيرَا"(الْفَرْقَان/ 59).
فَاِسْتَوِي عُلِيَ عَرْشُهُ بَاسِمُهُ الرَّحْمَنُ
لِأَنَّ الْعَرْشَ مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ وَقَدْ وُسْعَهَا وَالرَّحْمَةَ
مُحِيطَةً بِالْخَلْقِ وَاسِعَةً لَهُمْ عَلِيُّ اِخْتِلَاَفِ أَنْوَاعِهِمْ كَمَا
قَالَ تَعَالَيْ:" وَرَحْمَتَي وَسَعَتْ كُلُّ شَيْءِ"( الْأَعْرَافَ
/ 156).
فَاِسْتَوِي عُلِيَ أوْسَعُ الْمَخْلُوقَاتِ بِأوْسَعِ
الصَّفَّاتِ وَمَنْ ثُمَّ وَسِعَتْ رَحْمَتُهُ كُلَّ شَيْءِ".
صفوان :" قَرَأَتْ فِي مَجَلَّةِ الْمَدْرَسَةِ
" الرَّحْمَنَ " الَّذِي إذا سُئِلَ أُعْطِي وَهُوَ الْمُنَعَّمُ
بِجَمِيعَ النَّعَمِ, مِثْلُ انعامه عَلَيْنَا بِالْوُجُودِ وَبِالْْحَيَاةِ,
وانعامه عَلَيْنَا بِالْإيمَانِ, وانعامه عَلَيْنَا بِسَيِّدِ الرِّسْلِ مُحَمَّدَ
صِلِيَّ اللهِ عَلَيْهِ وَسُلَّمٌ, وانعامه عَلَيْنَا بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ,
بِمَا فِيهِ مِنْ قَصَصٍ وَعَبْرِ وَعِظَاتٍ..
تِلْكَ النَّعَمِ لَيْسَ لِمَخْلُوقٍ فِيهَا فَضْلٌ, ولايجوز لِأَيِّ انسان أَنْ يُطْلِقُ عَلَيْهِ اِسْمَ " الرَّحْمَنَ " لِأَنَّ هَذَا الْاِسْمِ مِنْ خَوَاصِّ الذَّات الْعَلِيَّةَ.
فَاطِمَةٌ:" وَهَلْ يَجُوزُ لِأحَدِ انَّ يتسمي بِاِسْمِ الرَّحْمَنِ؟
الْجِدَّ:" لايابنيتي اِسْمَ الرَّحْمَنِ اِخْتَصَّ
بِهِ اللهُ وَحَدُّهُ لَا يَتَسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ فَقَدْ قَالَ اللهُ( قُلِ
اُدْعُوا اللهَ أَوِ اُدْعُوا الرَّحْمَنَ) فَقَرِنَ بَيْنَ اِسْمِيُّ اللهِ
وَالرَّحْمَنِ الَّذِي فَكَمَا أَنَّ لَفْظَ الْجَلَاَلَةِ( اللهَ) لَا يَتَسَمَّى
بِهِ غَيْرُهُ فَكَذَلِكَ اِسْمِ( الرَّحْمَنَ).أَيَّ لاَيَجُوزُأَنْ يُطْلِقُ
اِسْمَ الرَّحْمَنِ عُلِيَ الْإِنْسَانُ وَلَكِنَّ هَذَا الْاِسْمِ يَفْرِضُ
عَلَيْنَا حُسْنَ مُعَامَلَةِ الآخرين..وَدَفَعَ الضَّيِّقُ وَالشَّرُّ عَنِ
الْمُؤْمِنِينَ..وَمُشَارَكَةُ الْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ الأفراح وَالْأحْزَانَ
وَيَتَرَاحَمُ النَّاسُ جَمِيعًا..
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ:" أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ
عَلِيٌّ أَنَّ الرَّحْمَنَ مُخْتَصٌّ بِاللهِ عزوجل ولايجوز أَنَّ يُسَمِّي بِهِ
غَيْرُهُ أَلَا تَرَاهُ قَالٌ:" قُلِّ اُدْعُوا اللهَ أَوِّ اُدْعُوا
الرَّحْمَ ٰ ن"(الْإِسْرَاءَ/ 110).
وَلَمَّا تُسَمَّى مُسَيْلِمَة الْكَذَّابِ ب(
رَحِّمِنَّ الْيَمَامَةَ) وَاِشْتَهَرَ بِذَلِكَ لَقَبِهِ رَسُولَ اللهِ
بِالْكَذَّابِ وَجُعَلِهِ اللهَ نَكَالًا فلايذكر اُسْمُهُ إِلَّا إِذَا
اِقْتَرَنَ بِالْكَذَّابِ فَصَارَ عِلْمَا لَا يُعَرِّفُ إِلَّا بِهِ.
تالين :"هذا الاسم يدعوا للصلةوالتراحم وهومنهج
الإسلام ؟
الْجِدَّ:" نَعَمْ ياأبنائي دِينَنَا
الْإِسْلَامِيَّ يَحُثُّنَا عَلِيُّ التَّرَاحُمِ والتواصي مِنْ مُنْطَلَقِ اِسْمِ
اللهِ الرَّحْمَنِ كَمَا جَاءَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَعْنِي
الْإحْسَانُ إِلَى الْأقْرَبِينَ وَإيصَالٍ مَا أَمْكُنٍ مِنَ الْخَيْرِ إِلَيْهِمْ
وَدَفَعَ مَا أَمْكُنٍ مِنَ الشَّرِّ عَنْهُمْ.
وَقَدْ عَظَّمَ سُبْحَانَهُ قَدَّرَ الْأَرْحَامُ
فَقَالُ تَعَالَى:" وَاِتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقيبَا"(النِّسَاءَ/1).
وَالْأَحَادِيثُ
الصَّحِيحَةُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رسولُ اللَّه
صلي الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا
فَرَغَ مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ:"هَذَا مقَامُ الْعَائِذِ بِكَ
مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ،
وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قال: فذَلِكَ لَكِ، ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللَّه صلي الله عليه وسلم:" اقرؤوا إِنْ شِئْتُمْ: فَهَلْ
عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى
أَبْصَارَهُمْ "(محمد/22- 23)(متفقٌ عَلَيهِ).
وفي الحديث القدسي
يَقُولُ:قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:"أَنَا الرَّحْمَنُ،وَأَنَا خَلَقْتُ
الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا مِنِ اسْمِي،فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلْتُهُ وَمَنْ
قَطَعَهَا قَطَعْتُهُ وَبَتَتُّهُ "( أحمدوالترمذي).
يَاسِرٌ:" وَلِمَاذَا نَحْنُ نُعَامِلُ أَقَارِبَ
لَنَا بِأدَبٍ وَرَحْمَةٍ وَهُمْ يُعَامِلُونَنَا بِقَسْوَةٍ وَجَفْوَةٍ؟
الْجِدَّ:" يابني كُلَّ إِنْسَانِ مسُؤل عَنْ
نَفْسُهُ وَأَفْعَالَهُ وَأَقْوَالَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ:" كُلَّ نَفْسُ
بماكسبت رَهينَةَ " فَلَا تَعَامُلُهُمْ بِمُعَامَلَاتِهِمْ وَلَكِنَّ
عَامِلَهُمْ بِأخْلَاقِ الْإِسْلَامِ الرِّفْقَ وَالرَّحْمَةَ فَالرَّاحِمُونَ
يرحمهم الرَّحْمَنَ, اُرْحُمُوا مِنْ فِي الْأرْضِ يرحمكم مِنْ فِي السَّمَاءِ,
مَنْ لايرحم لايرحم " هَكَذَا عَلِمَنَا رَسُولُ اللهِ صِلِيِّ اللهِ
عَلَيْهِ وَسُلَّمٌ.
فَاطِمَةٌ:" كَيْفَ نَتَخَلَّقُ بِخَلْقِ
الرَّحْمَةِ؟
صفوان :" وَلِمَاذَا نَحْنُ نُعَامِلُ أَقَارِبَ
لَنَا بِأدَبٍ وَرَحْمَةٍ وَهُمْ يُعَامِلُونَنَا بِقَسْوَةٍ وَجَفْوَةٍ؟
الْجِدَّ:" يابنيتي إِنَّ مَنْزِلَةَ الرَّحْمَةِ
هِي أَعُلِيَ الْمُنَازِلُ وَهِي خَلْقُ رَفيعُ فَالرَّحْمَةُ فَوْقَ الْعَدْلِ
وَقَدْ تَخَلَّقَ بِهَا الْمَبْعُوثُ رَحْمَةً لِلْعَالَمَيْنِ حَيْثُ وَصْفِهِ
المولي عزوجل بِقَوْلِهِ:"وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً
لِّلْعَالَمِينَ" (الأنبياء/107).وقال تعالي:" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ
اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ
حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ"(آل عمران/159).
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسِلْمَ عَنْ نَفْسِهِ:"إِنَّمَاأَنَارَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ"(الدارمي).
فَلَنَتَخَلَّقُ بِأخْلَاقِ الْحَبيبِ وَنَقْتَدِي بِأَفْعَالِهِ ونتأسي بِهِ فَنِعْمَ الْقُدْوَةُ وَالْأُسْوَةُ كَمَا اُمْرُنَا اللهَ عِزِّ وَجَلٍّ:" لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"(الأحزاب/21).
تالين : "قَرَأَتُ فِي سُورَةِ الفُرْقَان عَنْ صَفَّاتِ عُبَّادِ الرَّحْمَنِ وَهِيَ صَفَّاتُ حَمِيدَة نَسْأَلُ اللهَ أَنَّ يَجْعَلُنَا مِنْهُمْ?.
الْجِدُّ:" نَعَمْ يَا بِنْيَتُي وَرَدَّتْ صَفَّاتُ كَثِيرَةُ لِعِبَادِ الرَّحْمَنِ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَمِنْهَا قَالَ تَعَالَيْ: "وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَٰلِكَ قَوَامًا" (الفَرْقَانِ / 63-67).
إلخ هَذِهِ الصَّفَّاتِ الَّتِي اِتَّصَفُوا بِهَا وَمِنْهَا الْحِلْمَ وَالعَفْوَ وَالصَّفْحَ وَطَاعَةَ اللهِ وَالْخَوْفِ مِنَ النَّارِ وَالْاِعْتِدَالِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ حُتِّي الإِنْفَاقَ وَالتَّوْبَةَ الصَّادِقَةَ اِلِي اللهِ وَالصِّدْقِ مِنْهَجَهُمِ الْبُعْدَ عَنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْكَذِبِ, وَذِكْرَ اللهِ عزوجل أَنِيسَهُمْ وَالْأَزْوَاجَ وَالْوِلَادُ قَرَّةً عَيْنَهُمْ, وَالشُّكْرَ زَيَّنَتْهُمْ, وَالْحَقَّ حَارِسَهُمْ, وَمَعَ اللهِ تِجَارَتِهِمْ..
أحمد : "يَا جِدُّي مِنَ الْمُلَاحِظِ أَنَّ الرَّحْمَنَ عِزَّ وَجَلِ طَلَبٍ مِنَ النَّبِيِّ أَنْ يَبْلُغَ بِاسْمِي مِنْ أَسْمَائِهِ هُمِ اللهُ وَالرَّحْمَنُ فَلِمَاذَا الدُّعَاءِ بِهُمَا؟ ومِنِ الْمُخَاطِبِينَ بِذَلِكَ?.
الْجِدُّ:" فَتْحُ اللهِ عَلَيْكَ يامحمد وَزَادَكَ أَنْتَ وَأُخُوَّتَكَ عِلْمًا وَفَهْمًا..
فَمِنِ الْمُلَاحِظِ هُنَا أَنَّ الرَّحْمَنَ طَلَبَ مِنْ نَبِيِّهِ أَنْ يَبْلُغَ الْمُشْرِكَيْنِ الْمُنْكِرَيْنِ صَفَّةَ الرَّحْمَةِ لِلهِ - عِزَّ وَجَلٍ - الْمَانِعِينَ مِنْ تَسَمِّيَتِهِ بِالرَّحْمَنِ فَقَالِ تَعَالَيْ:"قُلِ اُدْعُوا اللَّهَ أَوِ اُدْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَاِبْتَغِ بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا" (الإِسْرَاءُ / 110). أَيٌّ: لَا فِرَقُ بَيْنِ دُعَائِكُمْ لَهُ بَاسِمُ "اللهَ" أَوْ بَاسِمَ "الرَّحْمَنُ", فَإِنَّهُ ذُو الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى, كَمَا قَالَ تَعَالَى: "هُوَ اللهُ الَّذِي لَا إِلَهٌ إِلَّا هُوَ عَالَمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" إِلَى أَنَّ قَالَ: "الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَافِي السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُالْحَكِيمُ" (الْحَشْرَ / 23 - 24).
صفوان :
"وَهَلْ مَعْنِيٌّ ذَلِكَ أَنَّ اِسْمَ الرَّحْمَنِ يَذْكُرْ فِي الرَّحْمَةِ
وَالدُّعَاءِ وَ لَمْ يَذْكُرْ فِي مَقَامِ الوَعِيدِ?. الجِدُّ:" اِسْمُ
الرَّحْمَنِ بِاِعْتِبَارِهِ الاِسْمِ المُسَاوِي لِأُسَمَّ الجَلَالَةَ مَعَ
إِشْعَارِهِ بالرحمانية إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَذْكُرُ فِي مَقَامِ الوَعِيدِ
وَالعِقَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالِي: "إِنَّي أَخَافُ أَنْ يُمْسِكَ
عَذَابَ مِنْ الرَّحْمَنِ فَتَكُونُ لِلشَّيْطَانِ وَ"لِيَّا (مَرْيَمُ /
45)..وَيَذْكُرُ فِي مَقَامِ الهَيْبَةِ وَالجَلَالِ:" رَّبِّ السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الرَّحْمَٰنِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا
يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا
مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا"(النبأ/37- 38).
. وَفِي مَقَامِ التَّرْهِيبِ:" قُلْ مَن
يَكْلَؤُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَٰنِ ۗ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ
رَبِّهِم مُّعْرِضُونَ"(الأنبياء/42).
وَفِي مَقَامِ التَّوْبِيخِ:" وَهُمْ يَكْفُرُونَ
بِالرَّحْمَٰنِ ۚ قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَٰهَ إِلَّا
هُوَ.."(الرعد/30).
تالين :" وَمَا حَظِّ الْعِبَادِ مِنْ وَصْفِهِ
تُعَالِي بِالرَّحْمَانِيَّةِ وَالرَّحْمَةِ؟
الْجِدَّ:" عَلَيْهُمْ أَنْ يَتَرَاحَمُوا وَأَنْ
يَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ وَعَلَيْهُمِ انَّ يُعَرِّفُوا أَنَّ الرَّحْمَةَ
كَمَالٍ فِي الطَّبْعِ لاتنزع إِلَّا مِنْ شِقِّيٍّ وَعَلَيْهُمِ انَّ يَبْذُلُوا
الرَّحْمَةَ لِمُسْتَحِقِّيهَا إِنْسَانَ او حَيَوَانٌ فَقَدْ نَعِي الرَّسُولَ
عُلِيَ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ يُقْبِلْ أَوْلَاَدُهُ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
"جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أَوْ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللهُ مِنْ قَلْبِكَ
الرَّحْمَةِ?" (البُخَارِيُّ).
وَكَفِي هَذِهِ
اللَّيْلَةِ يَا أَبْنَائي وَسَوْفَ نُكْمِلُ غَدًا لِأَنَّ اِسْمَ الرَّحِيمِ
يَتَعَلَّقُ بِالرَّحْمَةِ أَيْضًا.
وَحَظُّ العَبْدِ مِنْ اِسْمٍ (الرَّحْمَنُ) أَنْ
يَرْحَمَ عِبَّادَ اللهِ الغَافِلِينَ, فَيَصْرِفُهُمْ عَنْ طَرِيقِ الغَفْلَةِ
إِلَى اللهِ بِالوَعْظِ وَالنُّصْحِ بِطَرِيقِ اللُّطْفِ دُونَ العُنْفِ, وَأَنْ
يَنْظُرَ إِلَى العُصَاةِ بِعَيْنِ الرَّحْمَةِ, لَا بِعَيْنِ الإِيذَاءِ, وَأَنْ
يَرَى كُلُّ مَعْصِيَةٍ تَجْرِي فِي العَالَمِ كَمَعْصِيَةٍ لَهُ فِي نَفْسِهُ,
فَلَا يَأْلُو جُهْدًا فِي إِزَالَتِهَا بِقَدْرِ وُسْعِهِ; رَحْمَةٌ لِذَلِكَ
العَاصِي مِنْ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِسَخَطٍ اللّه تَعَالَى, أَوْ يَسْتَحِقُّ
البُعْدُ عَنْ جِوَارِهِ.
و:"سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"(الصافات/180-182).