
حقوق بها يتحقق الأمن الوطني
الحمد رب العالمين وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له،. وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله اللهم صلاة
وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله أمابعد فياجماعة الإسلام يقول الله تعالي:" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا
إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"(الأنعام/82).
عباد الله:" إن أمن الوطن من الأمور التي قد حثنا الله تعالى عليها. حيث يعتبر من أسمى النعم التي قد فرضها الله تعالى على الإنسان، والأنبياء قد طلبوا الأمن في الأوطان. فسيدنا إبراهيم عليه السلام طلب من الله تعالى مقدماً الأمن علي الرزق تارة :"رَبِ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَمَرَاتِ"(البقرة/ 126). ومقدما الأمن علي العقيدة تارة أخري:"رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ"(إبراهيم/35).
كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم متحدثًا عن
وطنه "ما أطيبك من بلد! وما أحبك إلي!. وقال صلى الله عليه وسلم موجهًا كلامه
عن بلده "باسم الله، تربة أرضنا، وريقة بعضنا، يشفى سقيمنا بإذن ربنا".
وديننا الإسلامي قد حث علي ضرورة حب الوطن والتضحية
من أجله، ولعلنا نشعر بأن الإنسان يمتلك جزء في قلبه عن حب الوطن والعمل على أمنه.
نظرًا للفطرة الطبيعية التي خلقنا الله تعالى بها وهي البحث عن أمن الوطن وتقدمه، فأعظم
نعمةٍ من الله للإنسان بعد نعمة الدين هي نعمة الأمن والاستقرار :"الَّذِي أَطْعَمَهُمْ
مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْف"(قُرَيْشٍ: 4).
فإذا عَمَّ الأمنُ البلادَ وألقى بظلّه
على الناس، أَمِنَ الناسُ على دينهم، وعلى أنفسِهم وعقولهم وأمِنُوا على أموالهِم وأعراضِهم
ومحارمهِم... ولو كتبَ اللهُ الأمنَ على أهل بلدٍ من البلادِ سارَ الناسُ ليلاً ونهارًا
لا يخشون إلا الله.
وفي رحابِ الأمنِ وظلّه تعُمّ الطمأنينةُ
النفوسَ، ويسودُها الهدوءُ، وتعمُّها السعادةُ، قال صلى الله عليه وسلم: "من أصبح
آمنًا في سِرْبه معافًى في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حِيزت له الدنيا بحذَافِيرها"(الترمذي).وكذلك
العكسُ فإذا سُلبَ الأمنُ من بلدٍ ما فتصوّر
كيف يكونُ حالُ أهلهِ؟! وكم من البلاد حولَنا الآنَ يعيشُ أهلُها في خوفٍ وذُعرٍ، في
قلقٍ واضطرابٍ، لا يهنئون بطعامٍ، ولا يرتاحونَ بمنامٍ، كلٌّ ينتظرُ حَتْفه بينَ لحظةٍ
وأخرى، عَمَّت بلادَهم الفوضى؛ لأن شرذمة باغية متطرفة أفسدت عليهم،
نعم أيها الأحبة: إذا اختلَّ الأمنُ تبدَّل
الحالُ، ولم يهنأْ أحدٌ براحةِ بال، فيلحقُ الناسَ الفزعُ في عبادتهم، فتُهجَرُ المساجدُ
ويُمْنَعُ المسلمُ من إظهارِ شعائرِ دينه، باختلالِ الأمنِ تُقتَلُ نفوسٌ بريئة، وتُرمَّلُ
نِساءٌ، ويُيتَّم أطفال، ويفشو الجهلُ، ويشيعُ الظلمُ ويحل الخوف،"فَأَذَاقَهَا
اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ"(النَّحْلِ:
112)،
عباد الله:" وأمن الوطن مسؤولية الجميع،لأنه
نعمة على كل مواطن يتواجد فيه. حيث من خلاله يعيش المواطنون في استقرار نفسي واجتماعي
بالإضافة إلى استقرار سياسي دائم. واهتم الإسلام به كثيرًا، حيث قد وضحه في كثير من
الآيات. فقد قال تعالى :"وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرَ وَالتَقْوَى وَلَا تَعَاونُوا
عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ"(المائدة/2).
عباد الله:"متي يتحقق الأمن
الوطني ؟ الْأَمْنَ لَهُ مَفْهُومٌ شَامِلٌ وَأَبْعَادٌ تُشَكِّلُ الْعَدِيدَ مِنَ
الْجَوَانِبِ، فَهُنَاكَ الْأَمْنُ الاجْتِمَاعِيُّ، وَالْأَمْنُ الْفِكْرِيُّ، وَالْأَمْنُ
السِّيَاسِيُّ، وَالْأَمْنُ الاقْتِصَادِيُّ، والأمن العسكري والأمن الإعلامي
والأمن الثقافي وَجَمِيعُهَا كُلٌّ لَا يَتَجَزَّأُ مِنَ الْأَمْنِ الشَّامِلِ: فَالْأَمْنُ
الْفَرْدِيُّ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَحَقَّقَ دُونَ الْأَمْنِ الْعَامِّ؛ وَمَسْؤُولِيَّةُ
الْأَمْنِ مَهَمَّةٌ مَنُوطَةٌ بِجَمِيعِ شَرَائِحِ الْمُجْتَمَعِ؛ مُواطِنًا وَمُقِيمًا؛
مِنْ أَجْلِ بِنَاءِ سِيَاجٍ أَمْنِيٍّ قَوِيٍّ يَكْبَحُ جُمُوحَ أَصْحَابِ الْمَنَاهِجِ
الْفِكْرِيَّةِ الْمُنْحَرِفَةِ.
ويتحقق الأمن الوطني بالأمن الصحي والأمن الغذائي فأمن الوطن لا يتوقف
على أمن البلاد من الحروب والصراعات فقط. بل يتحكم أيضا في الأمن الفكري وهو أن لا
يكون الفرد ذات أفكار سيئة. ومنحرفة تؤثر على باقي الأفراد في الوطن. ولكن يجب أن يكون
ذات أفكار سليمة تطور المجتمع وإذا لم تطور الوطن أو تأخذ بيده فعلى الأقل لا تدمره.
عباد الله :" ويتحقق الأمن الوطني
بالأمن السياسي وهو أمن يدور حول استقرار البلاد مقارنة بالبلاد الأخرى. حيث لا تدور
صراعات مع بلد أخرى، بل ينتشر الأمن والأمان حول المنطقة الجغرافية التي تحيط بالوطن.
بالإضافة إلى التخلص من مخاطر القمع السياسي التي تهدد البلاد. فالسياسة المعتدلة
الرشيدة تحقق الأمن الوطني ..
و يتحقق الأمن الوطني بالأمن الاقتصادي
وهو أمن البلاد اقتصاديًا من خلال وجود قائمة تصدير واستيراد ثابتة لباقي البلدان.
حيث إن الأمن الاقتصادي بحاجة إلى التفكير مرة أخرى في تطويره والترسيخ في عقول المواطنين
بأنه لن يطور دون تحقيق الأمن الإنساني.
ويتحقق الأمن الوطني بإقامة العدل بين الناس في الحُكْم والمعاملة؛ فبالعدل
تدوم الدول، وغيابُه سببٌ لزوالها!! ومن ذلك إقامة الحدود الشرعية:"وَلَكُمْ فِي
الْقِصَاصِ حَيَاةٌ"(الْبَقَرَةِ/179).
ويتحقق الأمن الوطني :بالأمن الثقافي
علي أن نُوجِد تعليمًا يدركُ أهميةَ الواقع
والمنافسة، والثقافةُ يتبناها مثقفون مُخلصون لدينِهم وأمتهِم وملتزمون بأخلاقهِم،
وبمشاريعَ تنشرُ الخيرَ وتبذلُ النفعَ العامَّ للناس في حياتِهم وتعليمِهم وأخلاقِهم
وعلاقتِهم فيما بينهم.
ويتحقق الأمن الوطني :" بإعلامٍ يتجنَّب
فسادَ الأخلاق وحفظ كيان الأسر التي هي منبع التربية والحفظ من الخطر، أما عرض الفساد
والإفساد في الأخلاق والعقول وضياع الهوية وتأكيد التبعية للغير وتشويه جهات الدِّين
والحسبة ينافي الانتماء للوطن ولا يحمي الدين ولا الأمن.
عباد الله:" ويتحقق الأمن
الوطني:" بتقدير قيمة و أهمية رجال الأمن الذين يقومون بحماية البلاد، وأن نعترف
بجهودهم وننوِّه بها، وننظر للآثار الكبرى لهذه الجهات في حماية أمننا وحفظ بلادنا
وقِيَمِهَا في هذا السبيل العظيم والمصلحة
الكبرى، ولم نكن نتصور أبداً أن يخرجَ من شبابنا
من يفسدُ الأمنَ بقتل نفسه والتعدّي على رجال أمن وتكفير وتطرُّف جعلهم ينفِّذون خططَ
أعدائنا، علموا أم لم يعلموا، شبابٌ ولاؤُهم لغير بلادهم لا يُحقِّقون إلا مصلحةَ الأعداء
وقد حذَّرَ صلى الله عليه وسلم من فعالهم وصفاتهم، و ننصح
هؤلاء لا تقف مع "ميليشيا" ضد وطنك ، حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على
رصيفه ليلاً.
عباد الله :" ويتحقق الأمن الوطني
بجميع أفراد الوطن وقد يعتقد الكثير من الناس أن مهمة أمن الوطن واستقراره مسؤولية
الضباط والسياسيين فقط. ولكن ذلك الاعتقاد خاطئ، فمسئولية الوطن مهمة على جميع المواطنين
من الأطفال حتى الكبار. فيمتلك الآباء دورًا كبيرًا في ترسيخ فكرة أمن الوطن والتضحية
به في نفوس أطفالهم منذ الصغر. حيث تعتبر تلك مسؤولية الوالدين في نشر الوطنية عند
أبنائهم. بعد ذلك يأتي دور المدرسة والمعلمون في التحدث أمام الأطفال عن ما هو الوطن
وضرورة أن نقوم بحمايته من أي مطامع خارجية ونعتز به. وللعلماء دور فعال في التحدث
عن أمن الوطن واستقراره.
عباد الله :"أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ،
وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ لِلَّهِ والصلاة والسلام علي رسول الله أمَّا بَعْدُ..عِبَادِ اللهِ إِنَّ
"الْأَمْنَ" مَطْلَبٌ عَظِيمٌ، وَغَايَةٌ جَلِيلَةٌ،
وَمِنْ أَهَمِّ أَسْبَابِ حُصُولِه وَاسْتِقْرَارِه
الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ؛ وَهِيَ: حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ،
وَالْعَقْلِ، وَالنَّسْلِ، وَالْمَالِ.
عباد الله ويتحقق الأمن الوطني
بالنصيحة و الأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر لمنَع الشرورُ والآفاتُ عن المجتمعات،
والحفاظ على أمن الوطن ومقدراته وبذل النصيحة
والمناصحة مع الولاة والقادة هو الوطنية الحقة، وهو احترام للوطن ومبادئ الدين؛ فالوطن
ليس شعارات تُرفع ولا يُعرف معناها
عباد الله :" ويتحقق الأمن الوطني
بالدعاء والاستغفار فمن عْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلَى الْإِنْسَانِ"الَّذِي أَطْعَمَهُمْ
مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ "(قريش: 4)، فَالدُّعَاءُ بِحُصُولِ وَاسْتِتْبَابِ
الْأَمْنِ مِنْ أَعْظَمِ مَزَايَا أَهْلِ السُّنِّةِ؛ وَحَقٌّ مِنْ حُقُوقِ الْأَوْطَانِ،
وَأَدَبٌ مِنْ آدَابِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ.
اللهم أمنا في أوطاننا وأدم الأمن والاستقرار في ربوعنا اللهم من أرادنا واراد عقيدتنا وبلادنا وقيادتنا
بسوء فاجعل كيده في نحره واصرف عنا الفتن ماظهر منها وما بطن يارب العالمين .
عباد الله أقول قولي هذا وأقم الصلاة