recent
أخبار عاجلة

الفوز والنجاة في إخراج الزكاة



 الفوز والنجاة في إخراج الزكاة

لفضيلة الشيخ عبدالناصربليح

الحمد لله رب العالمين  وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وعلي آلك وصحبك وسلم تسليماً كثيراً أما بعد فياجماعة الإسلام "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصيرٌ"(البقرة/110).

عباد الله:" حديثنا إليكم اليوم عن الزكاة التي هي سبب للنجاة والفوز  في الدنيا والآخرة.

فتعمل علي تطهير النفس وتخليصها من الكثير من الأخلاق المذمومة ؛كالشُّحِّ، والبخل، وحبِّ الدنيا، وتعمل الزكاة على تزكية النفس من خلال زرع المودَّة فيها، والتعاون، ومساعدة المحتاجين، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، قال تعالى :" خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ  إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "(التوبة/103).

فالزكاة نجاة من البغضاء والشحناء في المجتمع :"

والزَّكاة تقوّي أواصر الألفة والمودَّة والمحبَّة بين أفراد المجتمع؛ فقيرهم وغنيِّهم، وتزيل من قلوب الفقراء  الحسد والحقد والكراهية. وتُدخل السرور على قلب المتصدق؛ بخلاف ما يحصل للبخيل الذي يمتنع عن العطاء للمحتاجين، ولا بُدَّ للعطيَّة أو الصَّدقة أن تخرج عن طيب نفسٍ وطيب خاطرٍ. قال صلي الله عليه وسلم :"مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم ، وتَرَاحُمِهِم ، وتعاطُفِهِمْ . مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى"(البخاري ومسلم).

ويصل المسلم بها إلى درجة كمال الإيمان، ثم إلى الإحسان ، والله تعالى يحبُّ المحسنين، فكما أنّه يحبُّ قضاء حاجة نفسه فهو يساعد الآخرين أيضاً على قضاء حوائج أنفسهم، ويسير على قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم:"لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ،حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ"(البخاري).

والزكاة نجاة من الهم والكرب:" فالزكاة تفرِّج الكرب؛ فمن يفرِّج عن مكروبٍ كُربته فإنّ الله يفرِّج عنه، كما في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم-:"مَن نفَّسَ عن أخيهِ كُربةً من كُرَبِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كُربةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ، ومن سترَ مسلِمًا سترَهُ اللَّهُ في الدُّنيا والآخرةِ، ومن يسَّرَ على مُعسرٍ يسَّرَ اللَّهُ علَيهِ في الدُّنيا والآخرةِ، واللَّهُ في عونِ العبدِ ما كانَ العبدُ في عونِ أخيهِ"(مسلم والترمذي)

والزكاة نجاة من الفقر للمزكي والمتصدق عليه

فهي تعمل علي  خلوُ المجتمع من الفئات الفقيرة بشتَّى أقسامها ، وترفع صاحبها حتى توصله أعلى المنازل ، قال  صلى الله عليه وسلم :"إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ، ويصل فيه رحمه  ،ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل.."(الترمذي) .

قالَ تَعالَى في الحديث القدسي  "يا ابْنَ آدَمَ أنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيك"(مسلم).فما يُنفِقُه الإنسانُ عائِدٌ عليه أضْعافًا مُضاعَفةً في الدُّنيا والآخِرةِ، وأنَّ ما عِندَ اللهِ أبْقَى ممَّا يدَّخِرُه الإنسانُ لِنَفسِه. فتجلب الرِّزق وتحقّق النصر، وتمرِّن المسلم على الكرم ومساعدة الغير، وتزرع في القلب الرحمة تجاه الآخرين، وتخلِّص النفس من البخل والشُّحِّ، وتساعد على حصول البركة في الأموال، والتعويض من الله تعالى :"وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ"(سبأ/39). ثمّ إنّ الله يفتح للمتصدِّق أبواب الخير وييسِّر له أعمال البرِّ.

عباد الله :"وكما أن الزكاة تدفع عن صاحبها المصائب والبلايا،وتنجيه من الكروب والشدائد ، كما قال  صلى الله عليه وسلم :"صَنائِعُ المَعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ، وصَدَقةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غضَبَ الرَّبِّ"(الحاكم) وتطفئ الصدقة غضب الله تعالى وتقي مَصارع السُّوء في الدنيا وفي الآخرة .

عباد الله :"والزكاة نجاة للعبد من الميتة السوء وسوء الخاتمة قال صلى الله عليه وسلم :"إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء"(الترمذي).

والمراد بميتة السوء أو مصارع السوء: ما استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم كالهدم

 والتردي والغرق والحرق، وأن يتخبطه الشيطان عند الموت، وأن يقتل في سبيل الله مدبراً.

وقال بعضهم: هي موت الفجاءة. وقيل ميتة الشهرة كالمصلوب. ومثل ذلك: الحوادث

 والكوارث التي تشاهد اليوم في كل زمان ومكان . والذي يقي من ذلك: هو صنائع

 المعروف ـ من الصدقة، وبر الوالدين، وصلة الرحم، وإغاثة الملهوف، والإحسان إلى

 الناس، وعمل الخير بصفة عامة.

وقد لخصت السيدة خديجة صنائع المعروف  التي تقي مصارع السوء بقولها لنبينا صلى الله عليه وسلم :"أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث،وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق.(متفق عليه).

 فالصَّدقة أهمّ الأسباب التي تُنجي صاحبها من سوء الخاتمة وتحميه من غضب الله تعالى

 فتدفع المصائب والبلاء.

عباد الله :" والزكاة نجاة من الفساد :" لأنها تحد من انتشار الفساد الأخلاقي والاجتماعي، ذلك أنها توزَّع على الأصناف الثمانية المذكورة في القرآن الكريم؛ وهي مصارف الزكاة، وتأديتها تُشعر المسلم بالمسؤولية تجاه المجتمع الذي يعيش فيه، وتجعله يستشعر قول الله -تعالى:" وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ"(المعارج/24).

عباد الله:" والزكاة نجاة من الأمراض والعلل:"

وفيها شفاءٌ للمريض. عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه

وسلم يقول:"دَاوُوا مَرضاكُمْ بِالصَّدقةِ"(البيهقي والطبراني وحسنه ..).

الزكاة والصدقة تُزكي النفوس وتطهرها من أدران الشح والبخل والطمع والانكباب على

 الماديات، فينعكس ذلك على راحة البال وطمأنينة النفس وانشراح الصدر، ولهذا علاقة

 قوية وثيقة بكثير من الأمراض التي معظمها ناتجة عن اضطرابات نفسية كالقرحة

 وعسر الهضم والتهاب القولون، بل كثير من الأمراض تتأثر بشكل كبير بالحالة النفسية

 كارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين والتهاب المفاصل وغيرها.

وهي نجاة من عذاب القبر قال صلي الله عليه وسلم :" إن الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا؛ كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ, وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ, وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ, وَكَانَ فعل الخيرات ـ من الصدقة, والصلة, والمعروف, والإحسان إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ, فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ :مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ فَتَقُولُ الزَّكَاةُ : مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ, ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ فَتَقُولُ فَعَلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ , وَالصِّلَةِ, وَالْمَعْرُوفِ, وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ"(الترمذي).

عباد الله أقول ماتسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين أما بعد فياعباد الله لازلنا نواصل الحديث حول الفوز والنجاة بسبب إخراج الزكاة وكذلك تُذهب الصدقة عن صاحبها الخوف والحزن في الدنيا وفي الآخرة،قال تعالى:"الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"(البقرة/274). فتكفِّر الصَّدقة الخطايا والذنوب، مما يؤدِّي إلى دخول الجنَّة والنجاة من النار، قال صلي  اله عليه وسلم:"والصدقةُ تُطفِئُ الخطيئةَ كما يُطفِئُ الماءُ النارَ"(صحيح الترغيب)،

  وهي تسدّ ما وقع من النقص في الصلاة وتجبرها، يقول صلَّى الله عليه وسلَّم-:" أوَّلُ ما يُحاسَبُ بِهِ العبْدُ يومَ القيامَةِ صلاتُهُ، فإِنْ كان أتَمَّها، كُتِبَتْ له تامَّةً، وإِنْ لم يكن أتَمَّها ، قال اللهُ لملائِكَتِه:"انظروا هل تجدونَ لعبدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فتُكْمِلونَ بها فريضتَهُ؟ ثُمَّ الزكاةُ كذلِكَ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الأعمالُ علَى حَسَبِ ذلكَ"(الترمذي).

عباد الله :" والزكاة نجاة من حرارة الشَّمس يوم القيامة، فالمتصدِّق أحد السبعة الذين يظلُّهم الله بظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه، لقوله صلى الله عليه وسلم-: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ تَعَالَى في ظِلِّهِ يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ.."،وذكر منهم :"ورَجُلٌ تَصَدَّقَ بصَدَقَةٍ فأخْفَاهَا حتَّى لا تَعْلَمَ شِمَالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِينُهُ"(البخاري ومسلم).

والزكاة تقي  من عذاب النارقال صلي الله عليه وسلم :"اتقوا النار ولو بشق تمرة"(البخاري(.اللهم اجعلنا للزكاة مؤدين وانفعنا بها يوم الدين يارب العالمين .عباد الله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم..وأقم الصلاة.

google-playkhamsatmostaqltradent