recent
أخبار عاجلة

الطابور الخامس وخطورته علي الإسلام | لفضيلة الشيخ عبدالناصر بليح

 


الطابورالخامس وخطورتــــه علي الإسلام


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.أما بعد:

 فإن علم التاريخ من أعظم العلوم قدراً وأجلها مكانة، لأنه سجل حافل بتجارب البشرية على مدار التاريخ، والعلم به وإدراك أبعاده يكسب صاحبه خبرة وحنكة ، وفهماً لأحداث الأمم، يضاف إلى تجارب العالم به، فيكون بمثابة عاقل مشهود له، تجمعت لديه عقول البشرية، فهو يستشيرها ويأخذ بأحسنها سداداً وأصوبها رأياً.

هذا وإن واسطة العقد في علم التاريخ هو علم السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وإن الأحداث تشرق وتتعالى بقدر علو وشرف محدثيها ومن هنا كان شرف وعظمة علم السير والمغازي، لأنه يناط  بأفضل البشرية وأكرمها على خالقها، ألا وهو الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، فلذا يجدر بي أن أنوّه  بشأن هذا الموضوع، والكتابة فيه، وأن أشير إلى أن العناية بالسيرة والكتابة فيها ضرورة لازمة.لأنها تعرف الخلف بمافعله السلف والمخدوع بمافعله المنافق..


ولما كان الإسلام يحارب منذ مولده ومهده من أعداء الإسلام وتحبك له الفتن وتحاك ضده المؤامرات بيد أعداءه وبيد أبناءه ..

فكان لزاماً علينا أن نتتبع سير هؤلاء الأعداء منذ ظهورهم وإعلانهم الشر والمكيدة لرسول الإسلام ومن معه من المسلمين ..


وقد اخترنا لهذا الأمر عنوان "الطابور الخامس"  وهم المنافقين أعداء الدين لأن الإسلام لا يخشي عليه من أعداءه الظاهرين وإنما يخشي عليه من أعداءه الذين أضمروا الكفر وأظهروا الإسلام ونافقوا رسول الله صلي الله عليه وسلم ولكن الله عز وجل الذي يحفظ دينه هو الذي كشفهم وفضح أمرهم في كل موطن دبروا فيه وكادوا وأرادوا القضاء علي الإسلام وقطع شأفته..ولكن :" يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ . هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ"(التوبة/32،33).

ولما انقطع الوحي بموت  رسول الله صلي الله عليه وسلم كان لزاماً علي المسلمين أن يقرءوا سيرته ويتمسكوا بهديه صلي الله عليه وسلم ويعرفوا جيداً ماذا يحاك لهم وللإسلام من مؤامرات وخدع .. حتى يأمنوا شرها وحتى لا تستباح بيضتهم ويستباح عرضهم وأموالهم وأرضهم ..

وكان لزاماً علي كل مسلم أن يعي جيداً أن العدو هو العدو حذرنا الله عز وجل منهم 

بقوله " هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ"(المنافقون/4).

ويقول الله تعالى :"إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا  مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا"(النساء : 142 – 146).

هذه الآيات وغيرها نزلت في المنافقين تبين حالهم في الدنيا وفي الآخرة

قال ابن عطية في هذه الآيات: لما انقضت بدر وشجر أمر بني قينقاع أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتلهم، فقام دونهم عبدا لله بن أبي بن سلول وكان حليفاً لهم، وكان عبادة بن الصامت من حلفهم مثل ما لعبد الله، فلما رأى عبادة منزع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما سلكته اليهود من المشاقة لله ورسوله، جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم فقال:"يا رسول الله. إني أبرأُ إلى الله من حلف يهود وولائهم، ولا أُوالي إلا الله ورسوله، وقال عبدا لله بن أبي: أما أنا فلا أبرأ من ولاء يهود، فإني لابد لي منهم، إني رجل أخاف الدوائر"( المحرر الوجيز لابن عطية (1/477،478) .

إن الفرق واضح بين ابن سلول الذي انغمس في النفاق، ومرد عليه،وقاد الطابور الخامس في المدينة لكي يحارب الإسلام لصالح اليهود .. وبين عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي تربى على المنهاج النبوي، فصفت نفسه، وتطهر قلبه، وقوي إيمانه، وتنور عقله، فتخلص من آثار العصبية الجاهلية، والأهواء،والمصالح الذاتية، وقدم مصلحة الإسلام على كل مصلحة، فكان مثلاً حياً للمسلم الصادق، المخلص لعقيدته.(  السيرة النبوية الصحيحة (1/302).


إن النفاق في الاعتقاد مرض قلبي خبيث ومعناه التظاهر بالإسلام ظاهراً وإضمار وإبطان الكفر والضلال، فالمنافقون مخادعون، أصحاب نفوس خبيثة يدعون الانتساب للإسلام ظاهراً وأما بواطنهم وقلوبهم فتعتقد الكفر، وهم متلونون كالحرباء يخادعون الناس ويشككون بالحق، ولكن الله تبارك وتعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، يعلم حقيقتهم لأنه سبحانه لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء، لهذا قال الله تعالى: {إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ"(المنافقون/ 1).

ومع أن المنافقين يتظاهرون بالإسلام من حيث الظاهر فإن لهم علامات يعرفون بها: “تحيتهم لعنه وطعامهم نهبة وغنيمتهم غلول ولا يقربون المساجد إلا هجر ولا يأتون الصلاة إلا دبر مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون خشب بالليل صخب بالنهار"

لذلك بين المولي عز وجل حالهم في الآخرة فقال :"إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " أي : في الطبقة السفلى في قَعر جهنم؛ لأنهم أخبث الكفرة ، حيث ضموا إلى الكفر الاستهزاء بالإسلام وخداع المسلمين . قال ابن مسعود رضي الله عنه:" هم في توابيت من النار مقفلة عليهم في النار ، مطبقة عليهم "  ..

قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لا يطلع عليها الناس".

وقال بعضهم:"كم من معصية في الخفاء منعني منها قوله تعالى:"ولمن خاف مقام ربه جنتان " " إن الحسرة كل الحسرة ، والمصيبة كل المصيبة : أن نجد راحتنا حين نعصى الله تعالى ..

وقد كان هؤلاء المنافقون بالمدينة المنورة،  مصدر خطر داهم وكبير على المسلمين وعلى الدعوة الإسلامية حيث كانوا يتحينون الفرص والمناسبات للتفريق بين وحدة المسلمين المهاجرين والأنصار، وضرب قوتهم في المدينة، وكان على رأس هؤلاء المنافقين رجل خبيث ماكر من الخزرج هو “عبد الله بن أبي بن سلول” يجيد أساليب الخداع والمكر، وكان هذا المنافق مع أصحابه يثير الفتن وينشر الأكاذيب ويدبر المكائد للمسلمين، ولكن الله تعالى فضحه هو وأمثاله في القرءان الكريم وأخبر رسوله الكريم بأحوالهم ليحذرهم، وفي هذا يقول الله عزّ وجلّ:"هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ" (  المنافقون / 4).

في الرحيق المختوم: ولما كان المنافقون هم الطابور الخامس في صفوف المسلمين، ولكونهم سكان المدينة، كان يمكن لهم الاتصال بالمسلمين واستفزاز مشاعرهم كل حين. تحمل فريضة الدعاية هؤلاء المنافقون، وعلى رأسهم ابن أبي بن سلول.

وهذا المؤلف قد حرصنا فيه علي تتبع أفعال وأقوال المنافقين الذين يمثلون الطابور الخامس ويدبرون المكيدة للإسلام منذ هجرة رسول الله صلي الله عليه وسلم .. مروراً بغزوات الرسول التي كانت مسرحاً عملياً لأولئك الأعداء ..وحتى بعد وفاته وما فعلوه ويفعلوه بكل بجاحة حتي اليوم .. وكان لزاماً علي كل مسلم أن يحذر هؤلاء المنافقين الذين يريدون القضاء علي الإسلام وأن يحصن نفسه ويقي وطنه ويتمسك بدينه .. من شرورهم بكل الوسائل وشتي الطرق  ويكون ذلك بمعرفة ألاعيبهم وكشف خططهم لأنه من عرف لغة قوم أمن مكرهم  ..


 و حتي نتعرف علي حصان طروادة والطابور الخامس

 الموكل إليه مقاولة الهدم لجميع الحصون :"جيش ـ مخابرات ـ قضاء ـ شرطة - جبهة داخلية"من الداخل وقتل الهوية وقتل الانتماء وإحباط الشعوب والسيطرة عليها وهؤلاء الذين يكونون الطابور الخامس لا يعيرون الشعوب أي اهتمام بل يعتبرونها شعوب مغلوبة على أمرها .. وشعوب ساذجة ولا حيلة لها ولا يعيقهم إلا التخلص من الأجهزة الهامة في الدولة والتخلص من الثوار فرادى واحد تلو الآخر .. إما بالانضمام للقطيع أو تصفيتهم في السجون أو بالقتل..

وعبر حقبة من الظلم والاستبداد إلى الأبد معلنة رافضها القاطع لإعادة فرعون جديد على عرش دولة أتسم شعبها بالكبرياء ورفض الاستبداد والديكتاتورية.

ويسعى هذا التيار إلى تنفيذ مخططه لصالح تنظيم معين  في الدعوة لتظاهرات ظاهرها مطالب ثورية..أما ما خفي هو في الأصل إحداث حالة من الحراك الشعبي باسم الثورة ضد النظام والحكومة، ويتم توجيه "الطابور الخامس" من أجل إثارة الشائعات والبلبلة والتأثير على قيمة وقدر القوات المسلحة لدى المواطنين، فالهدف الأساسي للطابور الخامس هو أبعاد الخطر عن نظام بعينه، تمكين  نظامه الذي يسعى إلى أن تكون مصر ولاية  وليست دولة قائمة منفردة بذاتها.

أن هؤلاء يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من أجل الوصول إلى قطاعات عريضة من الشباب ومحاولة التأثير عليهم من خلال عبارات الدردشة القصيرة والألفاظ المألوفة، حيث إنها حرب خفية لا يمكن التنبؤ بنتائجها، والجهات التي تحركها فى الغالب غير معروفة "الطابور الخامس" يتواجد في المجتمع المصري و تساعده الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا لإفشال الثورة وإحباط الإرادة الشعبية .

فقد تمتع هؤلاء بمواصفات أساسية تجعلهم في قطيع السمع والطاعة، وخارج إطار الوطنية المصرية ولا تمثل مصر أولويتهم الأولى، ينتمون إلى التيار المتأسلم ويدّعون التعقل، وحين الامتحان الحقيقي يظهر وينتصر فورًا جانب النظام  المتنحى لديهم .

وفى هذا السياق فقد نجح التنظيم  بالفعل فى صناعة  ما يسمى "بالطابور الخامس" فى معظم الحركات الثورية والأحزاب السياسية أثناء فترة حكمهم، ولهذا استطاعوا التحكم فى المعارضة و تحويلها إلى معارضه كرتونية ، وبذلك تقل قوى المعارضة بسبب إنهاكها فى معاركها الداخلية فيأتي تمكين النظام  وقد تولى هذه المهمة حقراء الطابور الخامس .

وهو التمكين المخالف للشرع و الدين بكل المقاييس في نفس الوقت الذي يطالب بالشرعية وهم من "حرموها علي غيرهم واستحلوها لأنفسهم"

 إن العداء بين الحق والباطل قديم ، وهو باق إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فمنذ بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ومؤامرات الأعداء ومكرهم وكيدهم لهذا الدين ، ولرسوله وأتباعه يتتابع ، وقد بين الله تعالى موقف الأمم الكافرة من المسلمين فقال عز وجل:"وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا"( البقرة /217).

قال ابن كثير رحمه الله: " أي هم مقيمون على أخبث ذلك وأعظمه ، غير تائبين ولا نازعين " . وقال ابن سعدي - رحمه الله -: " هذا الوصف عام لكل الكفار ، لا يزالون يقاتلون غيرهم حتى يردوهم عن دينهم ، وخصوصًا أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، ألفوا الجمعيات ، ونشروا الدعاة ، وبثوا الأطباء ، وبنوا المدارس لجذب الأمم إلى دينهم ، وإدخالهم عليهم كل ما يمكنهم من الشبه التي تشككهم في دينهم ".


هذا وإن كان من تقصير فمني ومن الشيطان  وماكان من توفيق فمن الله ونسأل الله عزوجل أن يوفقنا إلي مايحبه ويرضاه .. إنه نعم المولي ونعم المصير.

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.

google-playkhamsatmostaqltradent