
ماهو الجزاء الذي يعود علي المسلم من اجتماع الجمعة وعرفة؟
يجتمع
هذا العام يوم عرفة ويوم جمعة معاً في يوم واحد
وهما
يومان عظيمان وعيدان للمسلمين فالجمعة خير يوم طلعت فيه الشمس وفيه تقوم الساعة
وعرفة
خير يوم طلعت فيه الشمس وهو اليوم المشهود
"ولهذا
كان لوقفة الجمعة يومَ عرفة مزية على سائر الأيام من وجوه متعدّدة:
1- اجتماعُ
اليومين اللذين هما أفضلُ الأيام وخيرهما.
2- أنه
اليومُ الذي فيه ساعة محققة الإِجابة ، وأكثر الأقوال أنها آخر ساعة بعد العصر وأهل
الموقف كلُّهم إذ ذاك واقفون للدعاء والتضرع. عَن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ الله صلي الله عليه وسلم ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: فِيه سَاعَةٌ
لا يُوَافِقها عَبْدٌ مُسلِمٌ، وَهُو قَائِمٌ يُصَلِّي يسأَلُ اللَّه شَيْئًا، إِلاَّ
أَعْطَاهُ إِيَّاه وَأَشَارَ بِيدِهِ يُقَلِّلُهَا"(متفقٌ عليه).
«خيرُ
يومٍ طلَعت فيهِ الشَّمسُ يومُ الجمُعةِ فيهِ خُلِقَ آدمُ وفيهِ أُهْبِطَ وفيهِ تيبَ
عليهِ وفيهِ ماتَ وفيهِ تقومُ السَّاعةُ وما من دابَّةٍ إلَّا وَهيَ مُسيخةٌ يومَ الجمُعةِ
مِن حينَ تُصبحُ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ شفقًا منَ السَّاعةِ إلَّا الجنَّ والإنسَ وفيهِ
ساعةٌ لا يصادفُها عبدٌ مسلمٌ وَهوَ يصلِّي يسألُ اللَّهَ حاجةً إلَّا أعطاهُ إيَّاها
قالَ كعبٌ ذلِكَ في كلِّ سنةٍ يومٌ فقلتُ بل في كلِّ جمعةٍ قالَ فقرأ كعبٌ التَّوراةَ
فقالَ صدقَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ».
قالَ
أبو هُرَيْرةَ ثمَّ لقيتُ عبدَ اللَّهِ بنَ سلامٍ فحدَّثتُهُ بمجلسي مع كعبٍ فقالَ
عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ قد عَلِمْتُ أيَّةَ ساعةٍ هيَ قالَ أبو هُرَيْرةَ فقُلتُ لَه
فأخبِرني بِها فقالَ عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ هيَ آخرُ ساعةٍ من يومِ الجمعةِ فقُلتُ
كيفَ هيَ آخرُ ساعةٍ من يومِ الجمُعةِ وقد قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ
وسلَّمَ لا يصادِفُها عبدٌ مسلِمٌ وَهوَ يصلِّي وتِلكَ السَّاعةُ لا يصلِّي فيها فقالَ
عبدُ اللَّهِ بنُ سلامٍ ألَم يقُلْ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ من جلسَ
مجلِسًا ينتظرُ الصَّلاةَ فَهوَ في صلاةٍ حتَّى يصلِّيَ قالَ فقلتُ بلَى قالَ هوَ ذاكَ"(أبوداود).
ويقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(الترمذي). وفي لفظٍ:"أفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ"( مالك في الموطأ).
3- موافقتُه
ليوم وقفة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم.
4- أن
فيه اجتماعَ الخلائق مِن أقطار الأرض للخطبة وصلاة الجمعة ، ويُوافق ذلك اجتماعَ أهل
عرفة يومَ عرفة بعرفة ، فيحصُل مِن اجتماع المسلمين في مساجدهم وموقفهم من الدعاء والتضرع
ما لا يحصُل في يوم سواه.
٥-أن
يوم الجمعة يومُ عيد ، ويومَ عرفة يومُ عيد لأهل عرفة. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يوم
عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام"(أبو داود).
6- أنه موافق ليوم إكمال اللّه تعالى دينَه لعباده المؤمنين، وإتمامِ نعمته عليهم، كما ثبت في "صحيح البخاري" عن طارق بن شهاب قال: جاء يهوديٌ إلى عمرَ بنِ الخطاب فقال: يَا أَمِيرَ المُؤمِنِين آيَةٌ تَقْرَؤونَهَا في كِتَابِكُمْ لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ وَنَعْلَمُ ذَلِكَ اليَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ ، لاتَّخَذْنَاهُ عِيداً ، قَالَ: أيُ آَيَةٍ؟
قَالَ:"الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً" (المائدة/3). فَقَالَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: إِنِّي لأَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيه
ِ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ ، نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم. بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ ، وَنَحْنُ وَاقِفُونَ مَعَهُ بِعَرَفَةَ.
٧- أنه
موافق ليوم الجمع الأكبر، والموقفِ الأعظم يومِ القيامة، فإن القيامة تقومُ يومَ الجمعة،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ
يَوْمُ الجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ أُخْرِجَ
مِنْهَا، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَفِيهِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ
يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَاً إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ" (مسلم ).
8- أن
الطاعةَ الواقِعَة مِن المسلمين يومَ الجُمعة ، وليلةَ الجمعة ، أكثر منها في سائر
الأيام ، حتى إن أكثرَ أهل الفجور يَحترِمون يوم الجمعة وليلته.
9- أنه
موافق ليوم المزيد في الجنة، وهو اليومُ الذي يُجمَعُ فيه أهلُ الجنة في وادٍ أَفْيحَ
، ويُنْصَبُ لهم مَنَابِرُ مِن لؤلؤ، ومنابِرُ من ذهب ، ومنابرُ من زَبَرْجَدٍ وياقوت
على كُثبَانِ المِسك ، فينظرون إلى ربِّهم تبارك وتعالى، ويتجلى لهم، فيرونه عِياناً.
١٠-
أنه يدنو الرّبُّ تبارك وتعالى عشيةَ يومِ عرفة مِن أهل الموقف ، ثم يُباهي بهم الملائكة
فيقول: "مَا أَرَادَ هؤُلاءِ، أُشْهِدُكُم أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم" وتحصلُ
مع دنوه منهم تبارك وتعالى ساعةُ الإِجابة التي لاَ يَرُدُّ فيها سائل يسأل خيراً فيقربُون
منه بدعائه والتضرع إليه في تلك الساعة، ويقرُب منهم تعالى نوعين من القُرب ، أحدهما:
قربُ الإِجابة المحققة في تلك الساعة، والثاني: قربه الخاص من أهل عرفة ، ومباهاتُه
بهم ملائكته."
(زاد
المعاد لابن القيم بتصرف).
وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم