recent
أخبار عاجلة

من هو الكَنود؟

 


من هو الكَنود؟

قال تعالي:"  إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ  وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ لَشَهِيدٌ   وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (العاديات/6-8).

قال تعالي : " إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ"(العاديات/6). شديد الجحود لنعم الله، كفور بها"

 كنود :"

الكنود :" من يَعُدُّ المصائبَ وينسى النِّعمَ فيلومُ ربَّه لأنه يتوقع الشر دائماً ولايثق في ربه وأنه لايقدر له الخير..  

وهي الكلمة التي أثارت الكثير من التساؤلات حول المعنى التي تحمله، وهي ما فسرها الكثير من المفسرين وأهل العلم وفقاً لما جاءت فيه في سياق الآية الكريمة التي ذكرناها من سورة العاديات، فالإنسان الكنود قال عنه الحسن البصري:" أنه الشخص الذي يحصي المصائب التي تحل به وينسى النعم التي يتنعم بها في الحياة"

 فهو جاحدُ لما منحه الله سبحانه وتعالى ويتذكر فقط ما سلبه الله من أمور لو أظهرها الله له وكشف الغيب لاختارها كما منحت له، فالحياة لا تستوي ولا تستقر على حال فهي تتقلب ما بين خير وشر سعة وضيق، لهذا يجب أن نكن من الشاكرين في كل الأحوال لكي نكون ممن عبد الله حقاً في الضيق والسعة،

فالكنود الذي  ينكر نعم الله عليه ويتذكر فقط ما حل به من مصائب أو حرمان أو ضيق،هو شخص لا يؤمن بالله ويعبده حق عبادته لأنه لو كان كذلك لصبر واحتسب حتى يحدث الله أمراً كان مفعولاً، 

فالمسلم يجب أن يكون على الدوام صابراً محتسباً فلا ييأس من روح الله إلا الكافر  والعياذ بالله،:"يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ  إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"(يوسف/87).

وقيل الكنود:" هواللوام لرَبه تَعَالَى يذكر المصيبات وينسى النعم  فهو لِنعم ربه لَجحود، وإنه بجحوده ذلك كافر النعمة جاحد بها. عاص، متمرد. يعد المصائب وينسى النعم فيلوم ربه. بخيل. وأرض كنود": لا تنبت شيئا.

وقال الفضيل بن عياض : " الكنود " الذي أنسته الخصلة ، الواحدة من الإساءة الخصال الكثيرة من الإحسان ، و " الشكور " : الذي أنسته الخصلة الواحدة من الإحسان الخصال الكثيرة من الإساءة .  قال صلى الله عليه وسلم - : " الكنود ، هو الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده " . وعن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :" ألا أنبئكم بشراركم " ؟ قالوا بلى يا رسول الله . قال : " من نزل وحده ، ومنع رفده ، وجلد عبده " . ( الترمذي ).   

. وقال ابن عباس : الإنسان هنا الكافر ; يقول إنه لكفور ; ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئا . وقال الضحاك : نزلت في الوليد بن المغيرة .  

وقال أبو بكر الواسطي : الكنود : الذي ينفق نعم الله في معاصي الله . وقال أبو بكر الوراق : الكنود : الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه .

 وقال الترمذي : "الذي يرى النعمة ولا يرى المنعم" . 

وقال ذو النون المصري : الهلوع والكنود :" هو الذي إذا مسه الشر جزوع ، وإذا مسه الخير منوع .

 وقيل : هو الحقود الحسود . وقيل : هو الجهول لقدره . وفي الحكمة : من جهل قدره : هتك ستره.

الإنسان الذي أنعم الله عز وجل عليه بكافة النعم من بصر وسمع ورؤية، ولكنه يجحد النعم التي أنعم الله عليه بها من أبناء ووالدين وكل ما لديه، ولكن الإنسان ينساها وينكرها، بسبب الشيطان أو بسبب الاعتياد عليها، ولذلك ينبغي العمل على كتابة نعم الله التي أنعمها الله على الإنسان. 

وبالتالي فإن الإنسان سيرى النعم كافة وينسى السلبيات في حياته، كما ينبغي حمد الله عز وجل على هذه النعم التي أعطاها الله إياها، مثل نعمة العافية، التي يتمناها الكثيرون في هذا الكون، وبالتالي لا ينبغي على المرء أن يكون كنودًا، وإنما أن يشكر الله وأن يدعوه بأن يثبته على تلك الأمور.

الصحابي عروة بن الزبير قطعت رجله لمرض اصابه وفي نفس اليوم توفي اعز ابنائه السبعة على قلبه بعد أن رفسه فرس ومات..

فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون, أعطاني سبعة ابناء وأخذ واحداً, وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً, إن ابتلى فطالما عافا, وإن أخذ فطالما أعطى, وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنّة.

ومرت الأيام ، وذات مرة دخل مجلس الخليفة, فوجد شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر, فقال الخليفة:

يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته؟

قال عروة : ما قصتك يا شيخ؟ قال الشيخ:

يا عروة إعلم أني بِتّ ذات ليلة في وادٍ , وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً, فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي, وطلعت الشمس

وأنا لا أملك إلا طفل صغير وبعير واحد, فهرب البعير فأردت اللحاق به, فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه, فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي, فهشم وجهي وأعمى بصري..

قال عروة : وما تقول يا شيخ بعد هذا ؟

فقال الشيخ:

أقول اللهم لك الحمد ترك لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً.

هذا هو الصبر هؤلاء الذين بشّرهم الله بقوله:

انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب

ماهي مصائبنا لكي نحزن ونتضايق

هل تقاس بمصائبهم ؟!

هم صبروا فبشّرهم الله ونحن جزعنا فماذا لنا؟؟

ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ...

سئل الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله عن أجمل حكمة قراها في حياته فقال:

لقد قرأت لأكثر من سبعين عاما فما وجدت حكمة أجمل من تلك التي رواها ابن الجوزي رحمه الله في كتابه

(صيد الخاطر)حيث يقول :

«أن مشقة الطاعة تذهب ويبقى ثوابها وان لذة المعاصي تذهب ويبقى عقابها»

مهما أختفت من حياتك أمور ظننت أنها سبب سعادتك!

تأكد أن الله صرفها عنك قبل أن تكون سبباً في تعاستك

 

ونقول:"هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود . وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - معنى الكنود بخصال مذمومة ، وأحوال غير محمودة ; فإن صح فهو أعلى ما يقال ، ولا يبقى لأحد معه مقال .

سيأتي على قلبك أيام أثقل من الجبال! ليس لِتكتَئِب، بل لتقترب.

 كن أنت السعادة.. لا تنتظرها. 

كنت أتفنن في سرد شكواي بأسلوب يعجز الأدباء عن محاكاته كلما سألني أحدهم عن حالي! ولم أدرِ أنني بذلك كنت أشتكي الخالق لخلقه! 

فقدنا حاسة الصبر وفقدنا معها أحلامنا. 

نتمنى.. لكن إن كان الطريق لما نتمناه صعب، تركناه لنبحث عن وصفات سريعة تأتي لنا بما نريد دون السير له، فتعود لنا تلك الوصفات بخيبة الأمل بدلًا من الأمل. 

يوم أصبحت في صحة وعافية فاعلم أنك في هذا اليوم قد رُزقت ما كنت قد تنفقه على المرض وغير العافية. 

يُعطيك حين يمنعك أكثر مما يُعطيك حين يُعطيك. ليس من الحكمة أبدًا أن تحاول إنجاز عشرات الأمور في يومك، وتُلبي جميع الدعوات، فتظل تلهث هنا وهناك فيُصيبك شيء من عدم الرضا في نهاية كل يوم. أنت طاقة، وإن لم تستغل طاقتك في القليل المهم فستُهدر تلقائيًّا في الكثير الفارغ!

وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم ..


google-playkhamsatmostaqltradent